أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جمال عبد الفتاح - الثورة وسلطة الديموقراطية الشعبية















المزيد.....


الثورة وسلطة الديموقراطية الشعبية


جمال عبد الفتاح

الحوار المتمدن-العدد: 3728 - 2012 / 5 / 15 - 08:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما هي طبيعة السلطة الثورية حال إسقاط النظام وانتصار الثورة ؟ وما هي طبيعة الثورة الراهنة ؟ سؤال كبير مسكوت عنه ، بقصد او بغير قصد . بسبب عدم الفهم او الانخراط في النضال العملي والمعارك اليومية التي لم تنقطع من قبل القوى الثورية . او بقصد الايهام والتضليل العمد لوقف الثورة عند هذا الحد من قبل اعدائها ، وادخالها في نفق النظام القديم من تعديلاتd دستوريه وانتخابات برلمانيه ورئاسيه ودستور لاعادة انتاج النظام السابق ، وعفا الله عما سبق من جرائم لا حصر لها ارتكبها النظام والعسكر في حق الشعب والثورة .. فطريق الدم والشهداء مازال مفتوحاً على مصراعيه طالما لن تصل الثورة إلى نهايتها , وهناك ميادين واضرابات واعتصامات دفاعاً عن الثورة واهدافها في الطريق ايضاً.
خلال الثمانيه عشر يوما الاولى من الثوره طرح آلاف الثوار في ميدان التحرير والميادين المختلفة قضية السلطة بعد رحيل " مبارك " وكان الاتجاه الغالب مع مجلس رئاسي مدني من شخصيات عامة أو قضاة . وفي حقيقة الامر ان كل الاسماء المطروحة حينها وحتى في نوفمبر الماضي عندما عاد هذا الشعار يطل برأسه من جديد تقف على أرض النظام وسياسته الاقتصادية والاجتماعية ، وكل معارضتهم لمبارك تنصب على شكل الحكم الفردي مطلق السلطات وقانون الطوارئ وغياب الحريات . ان هذا الطرح الضيق لقضية الثورة والسلطة وحصرها في " رحيل الرئيس الطاغية " تعكس عددا من القضايا المهمة والتي تحتاج إلى مناقشة ونقد .1- الفهم الخاطئ لشعار " الشعب يريد اسقاط النظام "لدى قطاعات واسعه من القوى الثورية اذ طابقت بين إسقاط النظام والاطاحة بالديكتاتور في ظل موازين قوى مكنت العسكر من انقلاب قصر ازاحوا به " الملك " والوريث ، وحمت النظام من السقوط .
وما ان انصرفت الملايين الثائرة من الميادين والشوارع بعد الاحتفال بالإطاحة برأس النظام حتى تنفست القوى المعادية للثورة الصعداء وتجمعت حول المجلس العسكري – الحاكم الجديد– لترجمة خارطة الطريق التي اعتمدها مبارك في خطاب 1 فبراير إلى خطوات عملية التعديلات الدستورية ، والانتخابات البرلمانية والرئاسية ودستور جديد لقطع الطريق على استمرار الثورة بأسبابها ومضمونها الاجتماعي وحشرها في زاوية تعديل شكل الحكم الاستبدادي الفردي ليس اكثر . بعيداً عن الانقلاب الثوري الذي يطيح بطبقة رجال الاعمال المتضخمة ثرواتها
بالسرقة والنهب على حساب إفقار الشعب , ويطيح بأجهزة الدولة وقياداتها الفاسدة وكل السياسات الرجعية التي كانت سبباً رئيسياً في الثورة واستمرارها
ان القراءة الفاحصة للتركيبة الاجتماعية للموجة الاولى للثورة والقوى المنظمة فيها تظهر الاسباب العميقة لها، الغنى الفاحش للأقلية المسيطرة والافقار والبطالة للاغلبية الساحقة ، والتبعية لامريكا واسرائيل ، والاستبداد والقمع الذي يعم الوطن .
كما نظهر ارتباك الرؤية والاهداف ، وانخداع الملايين في شعار " الجيش والشعب ايد واحدة " مما مكن العسكر من الاستيلاء على الحكم وقيادة الثورة المضادة حتى الآن برغم زلزال الثورة العنيف وتوابعه الذي اصاب النظام السياسي والدولة بتشققات واسعه يصعب التئامها مع مرور الوقت ويفتح الطريق امام انتصار الثورة .

الثورة بادر بها قطاعات واسعه من شباب الشرائح الدنيا من الطبقة الوسطى والطلاب والحرفيين والعاطلين عن العمل والمهمشين ، وقطاعات من العمال وصغار الموظفين تزايدت مشاركتهم حتى ضمت اغلب الطبقة العاملة في اضرابات عمت كافة المرافق والصناعات الرئيسية فى الايام الثلاثة الاخيرة لتكون العامل الحاسم في الاطاحة بمبارك يوم 11 فبراير .
وقد انضم إلى اعتصامات الميادين الاخوان المسلمين ومجموعات من رجال الاعمال ورجال الدولة والقضاة بعد الهزيمة المدوية لجهاز الشرطة في معارك 28 يناير على أيدي ثوار الاحياء الشعبية ، وكان انضمامهم للثورة في الغالب لتصفية حسابات قديمة مع نظام ينتمون إليه اجتماعياً ، اذ كان يستبعدهم عن المراكز المهمة في مؤسسات الدولة ويضيق عليهم الحركة في العمل السياسي . وجاء انضمامهم للثورة بآثار سلبية تعاني منها حتى الآن .. فهم أول من غادر سفينة الثورة والالتحاق بالمجلس العسكري لاتفاق مصالحهم في مواجهة قوى الثورة الحقيقية على طول الخط مع وجود تناقضات فعلية نتيجة لسعي كل منهما للاستحواذ على الجزء الاكبر من السلطة وكيفية معالجة مشاكل المرحلة الانتقالية المزعومة 3
مع الممارسات القمعية للمجلس العسكري في اعتصامي 25 فبراير ، 8 مارس 2011 انفضحت سريعاً حقيقته وعدائه للثورة فسقط شعار " الجيش والشعب ايد واحدة " كما انفضحت حقيقة الاخوان والليبراليين بتحالفهم مع العسكر لتصفية الثورة وذهابهم للتعديلات الدستورية سعياً وراء السلطة هدفهم الرئيس .
وقد اكسبت هذه المعارك قوى الثورة وقطاعاً من الشعب وعياً جديداً حول استمرار النظام القديم بمؤسساته وسياسته القديمة ، وعياً ثورياً عن حقيقة اعدائها الاجرامية والطبيعة الطبقية لهم وعلاقتهم بأمريكا وإسرائيل والرجعية النفطية ..
ثم جاء الصراع بين اطراف القوى المعادية للثورة حول الدستور أولا أم الانتخابات البرلمانية أولا ليكشف حقيقة الجميع . عسكر واخوان وليبراليين في سعيهم لخلق شرعية جديدة للنظام القديم يحمي بالأساس مصالح الاغنياء ويستبعد كل الاهداف الاجتماعية للطبقات الكادحة من استعادة كل الثروات المنهوبة في الداخل والخارج . والحد الادنى والاقصى للأجور ، وحل مشكلة البطالة وفرص ضرائب تصاعدية على الاغنياء .. إلخ
ان التجربة الخاصة لقوى الثورة وقطاعات واسعه من الشعب في تلك اللحظة الثورية اكسبتها وعياً جديداً في ظل تزايد الاستقطاب الاجتماعي ساعد على انبعاث الموجة الثانية للثورة تحت شعار الثورة أولاً ، والفقراء أولاً . فتراجع الحوار المفتعل حول الدستور أولا او الانتخابات اولا ليعلن اعتصام 8-7 بدء مرحلة جديدة من الثورة افترق فيها الطريقان بشكل حاسم . طريق الثورة الاجتماعية تحت راية العدالة الاجتماعية . وطريق اعداء الثورة من عسكر ورجال الاعمال واخوان مسلمين يحاصرون الثورة بألاعيبهم السياسية والدم في كثير من الاحيان ليغرسوا علم انتصارهم على جثة الثورة .
ان قراءة التركيب الطبقي لاعتصام 8-7 ومعارك محمد محمود ومجلس الوزراء والالتراس ببورسعيد وقائمة الشهداء والمصابين ومستوى الانفاق بين المعتصمين تقول بأن اغنياء الموجة الاولى والاخوان المسلمين والسلفيين يمتنعون . وان مقدمة الصفوف للقوى الثورية والتضحيات الكثيرة كانت للعاطلين عن العمل والحرفيين والطلاب وفقراء المدن عموماً وشباب الشرائح الدنيا من الطبقى الوسطى وقطاعات محدودة من العمال والمثقفين الثوريين .
وقد ميز الموجة الثانية للثورة والمستمرة حتى الآن أمرين :
الاول : تجذر الثورة اجتماعياً وانخراط قطاعات وفئات من الطبقات الشعبية اكثر من السابق ، وانصراف كثير من مثقفي الطبقة الوسطى والسياسيين الليبراليين ، وانضمامهم في العملية السياسية التي يقودها العسكر لاجراء تعديلات على شكل الحكم ليس اكثر بإنشاء احزاب وحركات سياسية اصلاحية وانتخابات برلمانية في اطار النظام الرأسمالي القائم .
الامر الثاني : تصاعد واتساع الوعي الثوري بمضمونه الاجتماعي المعادي للرأسمالية لدى قوى الموجة الثانية من خلال التجربة الخاصة للبشر وامتلاك وعي جديد في زمن ثوري تتضاعف فيه الخبرة والوعي عشرات المرات عن الزمن العادي . وبتأثير محدود مازال في اوله من قبل القوى الاشتراكية الثورية . ولكن مازال ينقص هذا الوعي حتى الآن رؤية استراتيجية ثورية واضحة . وهي قيد التشكل ببطئ عبر العملية الثورية لضعف التنظيم والامكانيات . ومازل هناك تشوش واضح في التكنيكات والاهداف تنعكس على الخطوات العملية في كل لحظة والتحالفات بين الحركات الثورية التي سرعان ما تقام ثم تنفض ويستفيد منها اعداء الثورة اكثر من غيرهم .
ويبقى غياب الرؤية الاستراتيجية اى فهم طبيعة السلطة الثورية بعد اسقاط النظام ، وغياب تنظيم القوى الثورية بشكل واسع هو المعضله الرئيسية امام تطوير هذه الحالة الثورية وانتصار الثورة فى النهاية.
يحدد طبيعة السلطة الثورية لثورتنا الراهنة حال انتصارها طبيعة النظام الاقتصادي – الاجتماعي الرأسمالي القائم والطبقات السائدة فيه المستحوزة على الثروة ، والسلطة الحاكمة الآن ، كتعبير عن مصالح وهيمنة البيروقراطية العسكرية وحلفائها من الاخوان والليبراليين ومجمل الطبقة الرأسمالية بأجنحتها المختلفة . ومن جهة أخرى تتحدد طبيعة السلطة الثورية بالطبقات والقوى الثورية صاحبة المصلحة في الانقلاب الثوري على النظام القائم واهدافها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في المجتمع الثوري الجديد حال اسقاط النظام .
لذلك فإن ثورتنا الراهنة ليست ثورة كل الشعب كما يزعم المضللون من الليبراليين ومثقفوا الطبقة الوسطى والاخوان المسلمون ومن لف لفهم الذين يحاولون توظيف الثورة لتحسين شروط صراعهم مع العسكر على السلطة الجديدة . انها ثورة الطبقات الشعبية والعاطلين عن العمل والمهمشين في مواجهة سلطة رأس المال والمتحالفين معها .
وحقيقة هذا العصر الرأسمالي التي لا تخطئها العين أنه ليس هناك من شعب واحد داخل أي بلد كما في بلادنا . دائماً هناك شعبين رغم الوطن الواحد واللفة الواحدة . شعب الطبقة الرأسمالية الغنية المسيطرة على الثروة والسلطة والدولة . وشعب الطبقات الكادحة من العمال والفلاحين وصغار الموظفين والشرائح الدنيا من الطبقة الوسطى والحرفيين والعاطلين عن العمل والمهمشين . كل منهما له طريقة حياته المادية والثقافية وسلوكه وقيمه . وشعب الطبقة الرأسمالية بفرض سيطرته على المجتمع من خلال القانون والبرلمان واجهزة القمع واللعبة الديموقراطية واجهزة الاعلام بعد ان تحول العمل والابداع والعلم الى سلعة والانسان إلى مجرد مستهلك حتى لا تتوقف عجلة الارباح عن الدوران . لذا نرى توحد الطبقات الرأسمالية عبر العالم برغم الحدود والاوطان ورغم تناقض المصالح بين الغنى والاغنى منه . فالصراعات بينهم ليست تناحريه كما كانت فى السابق ايام الحربين العالميتين الاولى والثانيه..
فالآن تواجه الرأسماليه أزمه هيكليه ممتده منذ سنوات طويله تحولت فى عام 2008 الى كارثه محدقه بكل شعوب العالم وبآله الرأسماليه نفسها . وجاء الخروج الواسع والمستمر للملايين فى اليونان واسبانيا والبرتغال وبلدان أوربيه اخرى وامريكا مؤشرات قويه على استنفاذ النظام الرأسمالى العالمى لدوره التاريخى فى تطور البشريه وان استمراره يعود بالدرجه الاولى لغياب التنظيم الثورى الاشتراكى للطبقات العامله والكادحين وغياب وعيه ورؤيته الاستراتيجيه الثوريه لقيادة الشعوب على طريق الثوره الاشتراكيه.
ومع اندلاع الثورة المصريه - والثورات العربيه - واطاحتها برأس النظام ، واستمرار معاركها الداميه ، وانخراط الطبقه العامله وقطاعات واسعه من السكان فى احتجاجات اجتماعيه واسعه على مدى أكثر من عام ، تجذرت حركتها ووعيها الثورى أكثر فأكثر فى صراعها المستمر ضد الرأسماليين المحليين والعالميين. فانفتح بذلك عصر جديد للثورات الشعبيه والعماليه ضد النظام الرأسمالى العالمى وهو ما طرح قضيه السلطه على محك النقاش العملى وبشكل ملموس على الواقع الملموس فى بلادنا..
تؤكد الدراسات الاقتصاديه والواقع المعاش على مدى العقود الاربعه الماضيه على تركز الثروه بالمليارات بيد القله من رجال الاعمال ورجال الدوله والأفقار الكامل للغالبيه الساحقه من الشعب. وأن الازمه الاقتصاديه الممتده ادت لبطاله أكثر من عشره ملاين انسان، وتراجع القيمه الحقيقيه للاجور ، والارتفاع الجنونى المستمر للاسعار، وتدهور أوضاع الفلاحين الى حد مزرى، وانهيار الطبقه الوسطى واتساع اعداد المهمشين فقراء المدن. وجاءت ثورة 25 يناير لتبرهن على حقيقه افلاس المشروع الرأسمالى وتراجع الاقتصاد الحقيقي - الصناعه والزراعه - لصالح اقتصاد الريع القائم على استخراج الثروات الطبيعيه ودخل قناه السويس والسياحه والخدمات، و الاقتصاد الهامشى. وتصاعد الطابع الطفيلى الغير منتج والتابع للرأسماليه العالميه وتدهور الاستقلال الوطنى أكثر منذ اتفاقيه كامب ديفيد عام 79..وقد عكست هذه الاوضاع الاقتصاديه المختلفه نفسها على تطور قوى الانتاج وفى مقدمتها الطبقه العامله وغياب تنظيماتها النقابيه والسياسيه تحت تأثير القمع المباشر والمستمر لآله الدوله البوليسيه على مدى سته عقود فانحصر نضالها فى الأغلب فى النضال الاقتصادى وتحسين شروط العمل هذا باستثناء بعض العناصر والمجموعات المحدودة التى شاركت فى النضال الديموقراطى خلال السنوات العشر الماضيه.
لذلك وبرغم نضج الأزمه الثوريه فى مجتمعنا وانفجارها فى 25 يناير فالطبقه العامله المصريه لم تتقدم المشهد الثورى وتقدمته الشرائح الدنيا من الطبقه الوسطى والعاطلين عن العمل وشرائح من البرجوازية الصغيره.
وما ان حسمت القوى الثوريه معارك يوم 28 يناير العظيمه و2 فبراير حتى تقدمت واتسعت اضرابات الطبقه العامله فى الصناعات والقطاعات الاستراتيجيه وحسمت المعركه برمتها يوم 11 فبراير . ثم تركت مسرح الاحداث مشغولا بالحكم الجديد والفتره الانتقاليه ، دون ان يجول بخاطرها قضيه السلطه العماليه أو الاشتراكيه لمجتمع للعداله الاجتماعيه حيث أن مستوى وعيها وحركتها النضاليه وغياب تنظيمها الثورى لا يرقى لمستوى هذه المهام ومن ثم قيادتها لهذه الثورة..
اذا الثوره الاجتماعيه والسياسيه الراهنه ليست ثورة اشتراكيه وانما هى حلقه على طريق الثوره الاشتراكيه، وانها تستمد طبيعتها من المكونات الطبقية التى شاركت فيها ومصالحها المعاديه للنظام الرأسمالى القائم ودولته القمعيه والمعاديه لأبسط الحقوق والحريات الديموقراطيه والعدالة الاجتماعيه.
ان انتصار هذه الثوره يقوم على التطويح النهائى بحكم العسكر وكل النظام القائم بأجهزته وسياسته ورجاله، واستعاده سلطه الثوره لكل المؤسسات والشركات الاقتصاديه التابعه للمؤسسه العسكريه والثروات الخاصه للقيادات العسكريه سواء داخل المؤسسه أو خارجها وهذا يمثل ضربه لأهم أجنحه الطبقه الرأسماليه المصريه. ومصادره ثروات كل رجال الاعمال الذين اثروا على حساب الشعب امثال احمد عز وبهجت، وابو العنين وحسين سالم وهشام طلعت وامثالهم بالآلاف. واستعادة كل شركات قطاع الاعمال المخصخصه وأراضى الدوله المنهوبه على أن تؤول ملكيه كل الثروات المصادره لملكيه الشعب وليس الدوله واداراتها من قبل المنتجين.
وفى هذه الحاله سينشأ بالضروره نمطان من الانتاج. الأكبر يقوم على الملكيه الاجتماعيه، والاصغر رأسمالى ويجمع بينهما هدف اقتصادى اجتماعى واضح ـــ ضرب دولة الاستغلال ـ من خلال تخطيط عقلانى يلبى الاحتياجات الانسانيه لكل المواطنين فى العمل والتعليم والصحه والغذاء والسكن والثقافه. وتحقيق الاستقلال السياسي والاقتصادى الوطنى عن الاستعمار الامريكي "واسرائيل" والغاء اتفاقيه كامب ديفيد وكل الديون الخارجه سواء للحكومات العربيه أو الاجنبيه والبنك الدولى أو الصندوق. ودعم الثورات العربيه ونضالات شعوب العالم من أجل التحرر الانسانى والاشتراكيه.
ان الطبقات الشعبيه المنتصره فى حال ثورتنا ستبنى السلطه الثوريه والدوله الديموقراطيه الشعبيه الجديده. وستكون السلطه تعبيرا عنها وعن مصالحها وتحقيق اهداف الثوره. ويكون شكل الحكم الديموقراطى الشعبى الذى تدير به الدوله والمجتمع تعبير عن سلطه الطبقات الشعبيه من العمال والفلاحين والشرائح الدنيا من الطبقه الوسطى وصغار الموظفين والعاطلين عن العمل والمهمشين. فليس هناك ديموقراطيه لكل الطبقات كما يزعمون فى الأنظمه الرأسماليه الراهنه. فالدوله الديموقراطيه فى امريكا والبلدان الاوربيه القائمه على التمثيل البرلمانى والانتخابات وما يطلقون عليه الفصل بين السلطات الثلاث. التنفيذيه والتشريعيه والقضائيه ما هو الاوهم.. وحقيقه الأمر أن ادارة الحكم كما فى امريكا " مهد الديموقراطيه " بيد ثلاثة قوى - الشركات الاحتكاريهالعملاقه، واداره الدوله، والقوى الصلبه - الجيش والشرطه - التى تدير وتصنع كل شئ حتى الانتخابات الرئاسيه والبرلمانيه وتتخذ كل القرارات. أما البرلمان فليس اكثر من نادى للثرثره بصدر التشريعات التى تعبر عن مصالح الطبقه الرأسماليه. والوضع فى البلدان الأوربيه لا يختلف عن ذلك الا فى التفاصيل . فالسلطه اذا تعبير عن القوى الثلاث من خلال ما يطلقون عليه - الاداره فى امريكيا ، أو الوزاره فيما يسمونه البلدان البرلمانيه كما فى بريطانيا مثلا ، أو الرئيس ومؤسسه الرئاسه بالاشتراك مع الوزاره كما فى فرنسا . ويختلف الامر فى الحكم الديكتاتورى الفردى كما هو الحال فى بلادنا منذ عام 52 اذ تتركز السلطه فى شخص الرئيس تعاونه مؤسسه الرئاسه ، اما الوزاره والبرلمان والقضاء فكلها ادوات تنفيذيه لما يراه الحاكم الفرد - مبارك ومن قبله - فى كافه المجالات سواء فى السياسه الداخليه او الخارجيه . ويروج مفكروا الرأسماليه أن االديموقراطيه حل لكل الشرور والكوارث الطبيعيه والبشريه حتى ينسى البشر أن اصل كل الامراض الاجتماعيه والحروب والدمار هو الملكيه الخاصه والاستغلال والتفاوت المرعب فى الثوره بين الاغنياء - القله - وفقراء العالم اغلبيه البشر.
ان جوهر أى ديموقراطيه حقيقيه تقوم على المساواه وجوهر المساواه اقتصادى اجتماعى قبل أن يكون سياسي أو قانونى أو ثقافى . وهذا ضد وجود الرأسماليه .
ولذلك ليس هناك من ديموقراطيه فى ظل النظام الرأسمالى تعبر عن جميع طبقات المجتمع أو عن مصالح الجميع والمساواه بين الجميع . فهذا تضليل متعمد ووهم تطنطن بة اجهزة الاعلام الرأسماليه الضخمه ومراكز الابحاث والجامعات فى كل دول العالم لفرض هيمنه الطبقه الرأسماليه وديكتاتوريتها فى الحكم على المجتمعات بكافه طبقاتها وافرادها وارضها وثرواتها.
فمن الطبيعى ان تكون السلطه الجديده فى ثورتنا الراهنه هى تعبير عن الطبقات والفئات الثوريه التى قامت بالثوره، وتحقيقا لمصالح هذه الطبقات وأهدافها الاجتماعيه والسياسيه. وان تكون ديموقراطيتها الثوريه تعبير عن الطبقات الشعبيه التى استولت على السلطه والدوله وهى الطبقه العامله والفلاحين والشرائح الدنيا من الطبقه الوسطى والعاطلين عن العمل وصغار الموظفين والتجار والحرفيين والذين يعملون فى الاقتصاد الهامشى كالباعه الجائلين وعمال النظافه و خدمه المنازل وحرس المبانى.
فالثوره المصريه تطرح ديموقراطيه ثوريه جديده تقوم على حكم الطبقات الشعبيه التى ينتمى اليها الغالبيه الساحقه من السكان، آى ديموقراطيه الأكثريه وليست ديموقراطيه الأقليه الغنيه فى المجتمع الرأسمالى التى يطلقون عليها الدوله الديموقراطيه المدنيه والتى استنفذت عمرها الافتراضى دون ان تحقق مساواه او اخاء أو حريه حقيقيه فى اى مجتمع من المجتمعات الرأسماليه فى العالم كله.
ان سلطه الديموقراطيه الشعبيه التى تطرحها الثورة المصريه شعارا لها تفتح الباب واسعا فى عصر ثورات الشعوب الراهن على طريق المساواه والحريه والعداله الاجتماعيه لتقيم مجتمعا جديدا يتحرر فيه البشر من الاستغلال والقهر والقمع والعنصريه والحروب.

- نشير الى أن للمقاله بقيه فى العدد القادم حول كيف نبنى سلطه الديموقراطيه الشعبيه الثوريه فى ظل موازين القوى الراهنه من استمرار الثوره



#جمال_عبد_الفتاح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وطنيه الجيش على محك الثوره
- انتخاب رئيس قبل اسقاط النظام خيانة للثورة
- هل كل ما ينقص الشعب الفلسطينى دويلة بشرعية استعمارية ؟
- صفقه الاسرى ومأزق النضال الفلسطينى
- أنتخابات مجلس الشعب عار وخيانه للثوره
- المجد للشهداء
- الأخوان المسلمون والثوره
- عصر الأنحطاط ما بين أضمحلال الدوله والطبقات


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جمال عبد الفتاح - الثورة وسلطة الديموقراطية الشعبية