أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فيوليت داغر - الثورة المغدورة















المزيد.....



الثورة المغدورة


فيوليت داغر

الحوار المتمدن-العدد: 3727 - 2012 / 5 / 14 - 10:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



ليس بالامكان الحديث عن "ربيع عربي" كما يسمي ذلك البعض. لكن إذا لم يُترك لهذا الربيع أن تُزهر براعمه وفقاً للمأمول منه، لأسباب سأفصلها لاحقاً، ذلك لا يعني أنه لم تحصل في المنطقة العربية خلال السنة الفائتة تغييرات هامة ونوعية، وبما يتقاطع بجزء منها مع الثورات بمفهومها المتعارف عليه. والثورات ليست إلا تتابع مراحل تشهد مداً وجزراً قبل أن تستكمل سيرورتها.
بدايات مشرّفة وجوانب واعدة
عاشت المنطقة العربية إذن أحداثاً جمة وانقطاعاً في سيرورة كانت سائدة لعقود طويلة. وأهم ما فيها الصحوة ضد ما ومن ضاقت بهم ذرعاً شعوبها وأرادت تغييرهم مهما بلغت كلفة الخلاص منهم. جرت تحولات باتجاه قطع مع ماضي من العسف، بكسر حاجز الخوف ونشدان الحرية والكرامة والعدالة ودك مداميك الاستبداد والفساد.
بانت عند الجموع المحتشدة رغبة عارمة في التعبير عن انتصار قوة الحياة على قوة الموت في صراعهما الأزلي، حسب المفهوم الفرويدي. وكان في صيحة "كفى" رمزية هائلة للقطيعة مع قوى التدمير بما فيها الذاتية. لقد أرادت الشعوب، وخصوصاً قواها الشبابية، تغيير الأشخاص كما المؤسسات والقوانين التي تحكمها والقواعد المتعارف عليها.
سجّل خروج الجيل الشاب، بنسائه ورجاله، للشارع منعطفاً هاماً كسر الصورة النمطية المتعارف عليها، بعدما كان يعزى لهذه الشرائح العمرية عدم اكتراثها بالسياسة وانصرافها لأمورها الشخصية وأحياناً التافهة. وهؤلاء هم من دفعوا أغلى الأثمان عندما خرجوا بصدور عارية لمواجهة القوى النظامية المدججة بكل الأسلحة. وهم من بقوا في الساحات بعدما هجرها الكبار، وجازفوا بحياتهم ليوصلوا للعالم مشاهد القتل والدمار عندما منعت الأنظمة المتهاوية الصحافة الحرة من ممارسة دورها. وإن اعتبرتهم بعض قوى الثورة مطية لتحقيق مصالحها، فافتقارهم لرموز مؤهلة تمثلهم في المفاوضات حمل جانباً ايجابياً، في منطقة من العالم تطغى فيها صورة الأب المثال والقائد الملهم والرمز الكاريزمي والزعيم التاريخي ومخلص الشعب. هذه الحالة الثورية حملت، من منظور علم النفس، رمزية هامة: ألا وهي العلاقة بالأب، وجدلية الصراع معه ليعبر الإبن على جسده ويشق طريقه في الحياة بحرية، بعيداً عن لازمة "الكبير يرشد والصغير يستمع وينتصح"، عندما تتكلس وتصبح "لا مكان لك بوجودي".
بدورهن، الفتيات والنساء كسرن الصورة النمطية عن المرأة العربية، عندما خرجن بأعداد مهولة (خاصة في اليمن) إلى جميع الميادين وشاركن بقوة في كل البلدان التي شهدت حراكاً ثورياً قد يفضي لتغيير حاسم في اوضاع بلدانهن. لكن من غير المؤكد بعد أن ينعكس هذا التغيير ايجاباً على أوضاعهن، كنساء يعانين من التمييز في مجتمعات ما زالت لم تدرك فيها صفة المواطنة لتدرك منزلة المرأة.
كذلك خلافاً لما قيل، وعلى الرغم من صفحة "كلنا خالد سعيد" في مصر أو ما شابهها من صفحات في أماكن أخرى، لم يكن للفيسبوك وللتقنيات المعلوماتية الفضل الكبير في تحريك المنتفضين على الوضع القائم. فالمعلومة انتقلت، في كثير من الأحيان، بوسيلة بدائية على طريقة "الهاتف العربي". والشباب الثائر لم يعتمد، على الأقل في البداية، على هذه الوسائل، كونه كان يحرص على السرية وعنصر المفاجأة. إلى جانب أن ذلك لم يكن دوماً متاحاً، بالنظر لمحاولات تطويق الأنظمة القمعية لهذه الوسائل أو قطعها أحياناً جملة وتفصيلاً. قبل سقوطه، لجأ نظام مبارك لقطع خطوط الانترنت والهاتف المحمول، من باب الضغط على التحركات الشبابية وبعثرتها. كذلك فعل القذافي والأسد وغيرهما، بما أعطى الحراك دفعاً تصعيدياً بدل تطويقه.
هذه التقنيات لا تلغي بالمقابل تسهيل التواصل بين مختلف الفئات، وتسريع إيصال الصورة للعالم، والتعريف بما يجري عندما يتمكن العنصر البشري من تصوير المشاهد لحظة وقوع الحدث ونقلها للفضائيات. خاصة مع تغيب أو تغييب الصحافة والإعلاميين من طرف الأنظمة القمعية ومنعها من متابعة ما يجري. لكن الإقرار هذا بدور هذه التقنيات الهام شيء، واعتبارها محرك الثورات شيء آخر..
كان لما جرى في ساحات التحرير أن لوى بدوره عنق عدة مقولات واعتقادات عن الشعوب العربية، ولم ينجح عامل التخويف من الحرب الأهلية والفوضى بلجم صحوة الجماهير. لقد رأينا على سبيل المثال كيف أنه في بلد مثل اليمن ينتشر السلاح في كل بيت، لم يمسك أحد بسلاحه طوال أشهر عديدة خرجت فيها الجماهير للشارع وضربت المثل بانتظامها وسلميتها. وذلك رغم مراوغات ومكائد الرئيس اليمني المخلوع لتوريط الثوار واستفزازات نظامه لجرهم لمعارك مسلحة في بلد قبلي يسهل إشعال النيران في حراكه الشعبي. كذلك كان الأمر في سوريا، حيث كان السلاح يلقى منذ الساعات الأولى للحراك في درعا في اماكن عامة. لكن الشبيبة كانت تعي أن الخضوع لاغراءاته سيضرب لحمتها، فقاومت ذلك لشهور قبل أن تلجأ بعض الأطراف المتحمسة، و/ أو ذات النوايا المبيتة والمأجورة، لاستعماله بحجة الدفاع عن النفس والعرض. مع ذلك، أكثرية ما زالت ترفض هذا الخيار وتصر على سلمية التحركات ولا طائفيتها وتقاوم تدويل القضية عسكرياً وتدفع الأثمان الباهظة بعد مرور أكثر من سنة على بدء الحراك.
النقطة الأساسية هي أولاً وأخيراً هذه النقلة عند الإنسان العربي الذي زامن الحدث من مجرد مفعول به إلى فاعل، يمسك بزمام قدره عبر إرادة التغيير وكسر المنطق السائد. فحتى ولو لم تكن السياسة مجالاً معروفاً لكل البشر، هناك حس شعبي قد استيقظ بضرورة وقف استمرار الظلم والمهانة بكل ما أمكن من وسائل وإسقاط من كانوا سببها. وهذا وحده يكفي. فالشعوب العربية تمتلك ما تتحلى به شعوب العالم من امكانات خلاقة وحب للحياة وشعور بالكرامة وتوق للانتصار للحق والعدل. ذلك لا يحتاج للاثبات، بل يدحض نظريات عنصرية واستعلائية عند مستشرقين ومن يسمون بباحثين في مراكز دراسات، لم تنل أطروحاتهم هذه من موضوع أبحاثهم بقدر ما طعنت في علميتهم ومهنيتهم وبموضوعية عملهم.
في أسباب ودوافع الحالة الثورية
وصلت الأمور قبل سنة ونيف، وبعد تراكمات نضالية عديدة في عدة بلدان عربية، لطريق لا رجعة فيه، حيث نشدان الديمقراطية ومطالب العدالة ودولة القانون تستحق التضحية بالحياة. وتباً لها من حياة إن كانت ذليلة يتحكم فيها ذئاب الثروة والسلطة برقاب العباد، وكأن هؤلاء أملاك لهم في مزارع تسمى أوطان. بهذه القطيعة مع الواقع المعاش، لن تعد عقارب الساعة للخلف ولم يعد الزمن هو الزمن الذي كان معهوداً. بات الأمل مجسداً في بعض انجازات يمكن لمسها والبناء عليها لمزيد من تقدم وتسارع في الخطوات.
من هذه الأنظمة المتداعية من أتى بعد انقلابات وثورات على الاستعمار وركب موجة الاستقلال الوطني. من أوهم الشعوب بتحقيق الانجازات في البناء والتنمية، وبسط السيادة الوطنية على كامل التراب وداخل المؤسسات الجديدة. من سعى لتوريث السلطة بعد مماته أو خلال عهدته لابنائه وكأنها ملكيات تنتقل برابط الدم.. لكنهم فشلوا فشلا ذريعاً في إدامة تمرير ما اعتقدوا أنه بضاعة رابحة لتنويم الشعوب. وما سقوط بعض القابضين على زمام الحكم في الدول العربية إلا ارسال لبعض من أولياء نعمتهم ومن وقفوا خلفهم من ممسكين بالقرار في دول عظمى أو أقل عظمة للجحيم. فالشعوب تدرك أنه لولا دعم هؤلاء لما استمر حكامهم طوال هذه الفترات المديدة بالتحكم بقدرهم وارتكاب المعاصي بحقهم.
هذه القوى الدولية لجأت في كل مرة لشعارات واستراتيجيات جديدة للهيمنة. آخرها كانت حملات وحروب شنت باسم محاربة الارهاب – وهنا المقصود دين بعينه يعتبر ليس كباقي الأديان. أي أنه بطبيعته ارهابي ويختصر لفكر سلفي حيث أبرز من تمثله القاعدة. بما برر ايقاف عمل جمعيات انسانية بقرارات عشوائية تستغبي البشر وتهين عقلهم وعواطفهم. كذلك كان المبرر استئصال اسلحة الدمار الشامل من بلدان بعينها - دون غيرها ومن يمتلكها حقيقة-، وغيره من شعوذات ومس جنوني لحكام اعتقدوا انهم ظل الله في الارض يأمرون فيطاعون. لقد أتاح لهم هذا الاستئساد الباتولوجي التلاعب بمصائر البشر والقفز فوق القوانين الدولية حيث سادوا ومادوا حتى الثمالة.
نبعت الثورة إذن من تراكمات ومنها هذا الشعور بالمهانة من الارتهان للغرب واضاعة الحقوق لصالح طغاة ارتضوا أن يكونوا مجرد عملاء لقوى إمبريالية وضعت الخرائط وقسمت المنطقة فيما بينها لوضع يدها على ثرواتها. ثم ثابرت على تفتيتها بالمكائد والمؤامرات، لمصلحة كيان صهيوني استيطاني ذرع كالسرطان في خاصرتها مقابل تشريد الفلسطينيين، شعب الأرض الأصليين. وقد عاظمت الإمبريالية من غيها بتشكيل مؤسسات دولية سياسية وقانونية واقتصادية لتفرض من خلالها ما أسمته إرادة المجتمع الدولي وبما يتلاقى مع مصالحها. كما لجأت لازدواجية المعايير لرفع من تريد لمرتبة عليا ولو ضربت بعرض الحائط المواثيق والقوانين والأعراف الدولية. وكانت التدخلات في سيادة الدول عبر أبواب المشاريع التنموية والهيكلة البنيوية وسياسات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية، وما إلى ذلك من وسائل أمعنت في تهميش وإفقار الشعوب لصالح أقليات تحكمت بالعالم واقتصاداته. وليس من قبيل الصدفة أن يكون الشباب المتعلم العاطل عن العمل أو سكان المناطق الاكثر فقراً وتهميشاً في طليعة الذين خرجوا للساحات ورفعوا شعار إسقاط الأنظمة.
وإن كان تجبّر القطبية الواحدة قد ساهم في تورعها بارتكاب الموبقات ومضاعفة احتقان المرجل، فالسياسات الأوروبية، التي امعنت في الحاق جنوب البحر المتوسط بها من منطق التبعية وليس السيادة او تقاسم الأدوار والثروات بالعدل، هي أيضاً مسؤولة عما آلت إليه الأوضاع في المنطقة العربية. ومن أبرز سياسات التعاون والمساعدات التنموية اتفاقية برشلونة التي كشفت الوجه القبيح لهذه العلاقات، وجاءت تحت ذرائع محمودة لتكرس علاقات الهيمنة ومضاعفة الغنائم والتحكم بسياسات الدول العربية، مثلما كان عليه الوضع في زمن الهيمنة الاستعمارية، لكن بأشكال أقل عنفية ظاهرياً.
زمن الانتكاسات وقوى الردة
إذا كانت الأسباب هي تقريباً نفسها وراء هذه الثورات، وإن اختلفت بعض مظاهرها من بلد لآخر، فالنتائج التي أسفرت عنها حتى اليوم هي إدامة عمر الأنظمة البائدة بإطالة الصراع، وتهديد وحدة المجتمع بالتدخل الخارجي أو التفتيت الداخلي، كما وصول الأحزاب الاسلامية للسلطة وتحييد من عداها ممن كانوا في أصل هذه الثورات.
يعتقد بعض المحللين أن وصول الإسلاميين للحكم في أكثر من بلد، بعد أن كانوا الفزاعة التي أطالت لعقود حكم الأنظمة المتهاوية، هو من طبيعة التشكيلة المجتمعية. لست ممن يسلم بهذه الأطروحة، وإن كان من الصحيح أن التيارات الإسلامية تبدو متجذرة في المجتمعات العربية أكثر من قوى اليسار والعلمانية. لكن ألم يكن وبالاً على هذه الأخيرة ما عاثته في الأرض فساداً أنظمة حكم دعيت زوراً وبهتاناً بالوطنية والعلمانية والتقدمية، ثم لم تتوان عن توجيه ضرباتها شمالاً ويميناً دون فرق حيث ما يهمها هو فقط بقاءها في السلطة؟ وحيث لا يستطيع أحد أن يحتكر لنفسه نياشين التعرض لتجارب القمع والسجن والتهميش والنفي ولا يجوز أن يقايض بها وصوله للسلطة، يجب أن لا يغب عن أذهاننا حقيقة الدعم المالي الكبير للقوى الاسلامية على حساب من عداها من طرف أنظمة الرجعية العربية وخصوصاً الخليجية. مما أتاح لها الوصول للبرلمان والاستئثار بمفاتيح السلطة التنفيذية، دون أن يعكس ذلك بالضرورة حقيقة الحس الشعبي أو يكافئ من كانوا فعلاً في مقدمة الاحتجاجات أو أصل الحراك.
في الحالة المصرية، لم تدعو حركة الاخوان المسلمين للنزول للشارع في بدء الاحتجاجات، لكنها لم تلبث أن تبعت ركب القوى اليسارية والقومية والليبرالية والعمالية ونزلت للساحات بعدما تيقنت من أن شبابها لن يمتثلون لأوامر قيادييهم. وهي لم تجارِ فيما بعد حراك الشارع في مجمل الأوقات، بل اتهمت بمسايرة المجلس العسكري، مثلما كانت من قبل قد اتهمت بمجاراة نظام مبارك من خلال تفاهمات عقدت في بعض الاحيان في الخفاء.
لقد اتخذت قوى الثورة في مصر مسارين مختلفين يتعلقان بأولوية الدستور أم الانتخابات. ورجحت كفة الاسلاميين على التجمعات العلمانية والليبرالية عندما انصرفوا لانجاز الإعلان دستوري والتصويت عليه وصولاً لانتخابات برلمانية كانت فيها قواهم، بما فيها من هم على يمينها، الفائز الأكبر. بدا ذلك تنكراً لتضحيات من كانوا رأس الحربة في انطلاقة الثورة، إلى أن انقلب مؤخراً الاسلاميون على من هادنوه، أي المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بعد استبعاد ترشيح خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية. فنزلوا للميدان في مليونية 20 أبريل/نيسان 2012، وهم الذين كانوا سابقاً يضعون شرعية البرلمان بمواجهة شرعية الميدان. كذلك انتهى الاسلاميون لمعارضة اللجنة المشرفة على انتخابات الرئاسة والاعلان الدستوري والمادة 28 منه، بعد أن كانوا قد دافعوا عن هذه المادة التي منعت الطعن بقرارات اللجنة المشرفة على الانتخابات من منطلق تحصين موقع الرئاسة.
ليس الهدف من هذا الكلام فتح النار على أي طرف بل التحليل الموضوعي للمشهد. لقد كنت من بين القلة القليلة التي تجشمت عناء التواجد عديد المرات في القاهرة للدفاع عن الشاطر واخوانه ضد انتهاك حقوقهم في محاكم عسكرية. لكن وجهات النظر النقدية مطلوبة بمواجهة هيمنة طرف على من عداه، أو بروز اتجاهات دوغمائية متصلبة في مواقفها تحارب من يخالفها الرأي، بحيث يدفع الجميع ثمناً باهظاً في نهاية المطاف. فأي جماعة مغلقة تتشكل على أساس إيديولوجي وخصوصاً ديني لا تسمح، حسب ما يذهب إليه محمد نبيل جامع، بالانضمام لها إلا لمن هو مثلها أو يقبل بإيديولوجيتها والتي على أساسها تتشكل مؤسساتها. هذه الجماعة المغلقة، التي يسود فيها مبدأ الاختيار بناء على "أهل الثقة" وليس الكفاءة، وتمارس التحيز والمحسوبية لصالح أعضائها بالنظر للرابطة القوية التي تجمعهم، لا يمكن أن يتحملها اي مجتمع متعدد الأعراق والثقافات والانتماءات. أما اللعب على وتر الثنائيات المتعارضة فيجرّ لعواقب لا تحمد عقباها، أكان ذلك باسم المذهبية أم الطائفية أم القومية أو لمجرد الاختلاف الأيديولوجي، كما هو الحال مع المواجهة بين العلمانيين والإسلامييين في المجتمع التونسي المتجانس عرقياً وطائفياً.
التغييب الكبير قبل الثورة التونسية للقوى الإسلامية لم يكن يشي بوصولها من خلال عمليات الاقتراع لمقدمة الصفوف. وهي لم تكن حتى في أصل حركات الاحتجاج. لكن المال السياسي كان له دوراً كبيراً في إيصالهم. والخطر الماثل اليوم هو في وقوف الأصولية الاسلامية بالمرصاد ليس فقط للعلمانيين، بل للأحزاب الإسلامية التي توصف بالوسطية. ففي حين يرى حزب النهضة أنه يجب بث القيم الإسلامية تدريجيّاً، ومن خلال المؤسسات الديمقراطية، يرى سلفيون أن الديمقراطية هي تعدٍّ على سيادة الله عبر تنصيب بشر في موقع المشترع. هذا السجال بين الإسلاميين قد يصبح ساحة معركة حقيقية في المرحلة الانتقالية التي تشهدها تونس. وادراكاً منها للمخاطر التي ستترتّب عن السماح لهم بالعمل بحرّية، مضت حركة النهضة خطوات في محاولة كبح تأثير السلفيين في الخطاب العام. لكن الحركات العلمانية تأخذ عليها سياسة مدّ اليد للسلفيين، وازدواجية الخطاب المحافظ في السرّ والمعتدل في العلن، خصوصاً بعد صعود خطاب ونشاط نضالي سلفي مع بروز مجموعة مسلّحة في صفاقس دعت لإنشاء "إمارة إسلامية".
هكذا إذن، فالدكتاتورية السابقة لم تخرج من باب الثورة إلا وهناك ما يمكن تسميته بالدكتاتورية السلفية التي قد تحتل مكاناً واسع التأثير بفضل الآليات الديمقراطية. والانتخابات من هذه الآليات التي كان كبيراً فيها فضل المال السياسي القطري والسعودي، وحسن التنظيم واستثمار المعتقد، لا بل أحياناً ابتزاز الحالة الايمانية لشريحة كبيرة من الناس لاكتساح المقاعد البرلمانية وتجيير السلطة التنفيذية للاسلام السياسي. والقلق الآن هو من أن يصبح الاسلام الأفغاني أكثر حضوراً في العالم العربي على حساب الاسلام الوسطي والمنفتح الذي يقبل بالتعددية واحترام حق الآخر بالاختلاف والتعبير عن نفسه.
من ستصنفه امريكا وحلفاؤها- ممن امتلك الخبرة الطويلة في تسويق عملائه وتطويق حراك من يقف بوجه امتداداته الأخطبوطية- بالمعتدل أو المتشدد سيُحكم عليه بالخصوص من خلال السياسات الاقتصادية التي سيطبقها، كما الصمت عن اتفاقيات الذل التي ابرمها أسلافه مع الكيان الصهيوني. هذه هي الأجندة التي تم وسيتم فرز الشرائح الحاكمة الجديدة على أساسها لمساندتها أو محاربتها. وما التصريحات التي جاهرت بها هذه القوى (في تونس ومصر وليبيا، كما في سوريا عبر المجلس الوطني السوري) من إسرائيل إلا تأكيداً على أن المطلوب منها للتعامل معها أن تقدم أوراق اعتمادها بناء على المواقف التي تتخذها من هذه الإشكالية.
من هنا يكمن الخوف من أن يتطاول الذين وصلوا للسلطة على ظهر الثورة والمال السياسي بإقامة صفقات بالخفية عن الشعب للتمكن من الحكم. والنتيجة هي التضحية بجزء من تطلعات ومطالب الجماهير والقوى الوطنية والتقدمية لصالح استقرار وأمن لا يختلف كثيراً عما عرف سابقاً. وكلنا يعلم أن القوى الانتهازية والرجعية، بغض النظر عن تصنيفها الايديولوجي، يسهل عليها تغيير جلدها للتماهي مع ما ومن كانت تحاربه، من أجل تحقيق مكاسب شخصية أولاً، ولوضع حد لحراك قوى التغيير والتقدم ثانياً. كذلك، لا ننسى هنا بالطبع من نكثوا بالتعهدات وباعوا ضمائرهم وشيئاً من تاريخهم النضالي وتاجروا بالثورة وبقيم حقوق الانسان والديمقراطية ليتسلموا زمام السلطة. فالديمقراطية هي ممارسة قبل كل شئ وتربية في الأساس وليس فقط خطابات وكتابات.
دول الغرب تحتضن الوصوليين والمتاجرين بالقيم والسيادة، لقاء استمرار هيمنتها السياسية والاقتصادية واقامة مشاريعها الاستثمارية التي تبقي موطئ قدم لشركاتها الآخذة في التمدد على حساب السيادة الوطنية وبناء الدولة وتطوير العلاقات التجارية العربية البينية. أما المتاجرة بشعارات حقوق الانسان وإقامة الديمقراطية فكان لها أن تبدو فاضحة في السياسات الغربية المتبعة تجاه العالم العربي، خاصة عندما وصلت لحد الإيحاء بأن الثورات العربية ما كان لها أن تتم لولا مساهماتها.
وعليه، فإن هذه التحولات التي بدأت قبل عام ونيف، باتت مصدر قلق شديد ليس فقط لفلول الأنظمة المتهالكة، بل للانظمة المهيمنة على السياسات والموارد العربية، بحيث رأيناها في كل مكان تبحث عن سبل التدخل لتغيير مجراها. فكان منها السيناريوهات العسكرية كما في ليبيا، أو الدعم بالسلاح لأطراف داخلية من طرف وسطاء اقليميين وعرب كما في المثل السوري وغيره. وللأسف كان لهذه المعارضات أن اعتقدت أنها بهذا الدعم ستتمكن من الخلاص من أنظمة الطغيان ومن تصفية حساباتها معها عبر من رأت فيه حليفها الظرفي أو الثابت. لكن لا يخفى على أحد خوف بعض هؤلاء الحلفاء من الديمقراطية على امارات وممالك بترودولار ترتعش جزعاً من أي تغيير.
لقد رأينا كيف حرّكت دول حلف الناتو، وعلى رأسها فرنسا، مجلس الأمن للتصويت على قرار يبيح التدخل في ليبيا، بعد أن كان للانتفاضة الليبيّة منطلقات مشروعة على أساس طغيان القذافي المتواصل لشعبه منذ 1969. لكنها سرعان ما تحوّلت إلى أداة في يد القوى الغربيّة التي تحججت بالمسؤولية في حماية سكانها من قصف طائرات القذافي، لوضع رجلها في هذا البلد واقتسام نفطه وثرواته وتوزيع الحصص من المشاريع الاستثمارية في إعادة إعمار بنيته التحتية فيما بينها. واليوم من غير الممكن الجزم بأن الأمور تسير في الاتجاه الذي أمله شعب هذا البلد بعد التخلص من طاغيته والأثمان المرتفعة التي دفعها خلال أربعة عقود وأبان معركة الخلاص منه. نذر حرب أهلية تلوح في الأفق وفوضى أمنية غير عادية تقض مضاجع القريب والبعيد. وليس من المستبعد أبداً أن تتعمق الأزمة التي تعصف بهذا البلد مع تشكيل مجلس اعلى لثوار ليبيا كجسم عسكري في موازاة الجيش الليبي.
لقد أعلن في خطوة مريبة مؤخراً، في 3/4/2012، عن تأسيس "مجلس إقليم برقة الانتقالي" في المنطقة الشرقية، برئاسة أحمد الزبير السنوسي، على أساس دستور عام 1951. وذلك كخطوة باتجاه إعلان الفيدرالية – التي ألغاها الملك إدريس السنوسي، مُوحِّد ليبيا - والتي وصفها رئيس الحكومة الانتقالية، "أمر طبيعي في الدول الديمقراطية؛ كتقسيم إداري"! بما قد يخلق، حسب رانية عبد الرحيم المدهون، بيئة حاضنة لنمو الجماعات الإسلامية المُتشدِّدة، وانتشار عمليات تهريب السلاح وتجارة المخدرات، كما الإضرار بإمدادات الطاقة. فقد لمّح أحد زعماء الانفصال لشرق ليبيا (الذي يضم حقول النفط الكبرى) لإمكانية منع بنغازي تدفُّق النفط إن لم تنفذ الحكومة في طرابلس مطالب مجلس الشرق. ذلك عدا الدور القوي داخل السلطة الجديدة لقوى ذات ارتباط سابق بتنظيم القاعدة، وتشريع تعدد الزوجات وإرجاع أوضاع المرأة لعهود ماضية.
ما حصل في ليبيا كان له تأثير مباشر على موقف دول كبرى وقوى قطبية بازغة (روسيا والصين والهند والبرازيل وافريقيا الجنوبية) في عدم تمرير هذه السيناريوهات والوقوع بالمطب مجدداً خلال التداول في الحالة السورية. ومن هذه المحاولات المطالب التي قدمتها دول إقليمية ودولية وجزء من المعارضة لإنشاء ممرات آمنة ومناطق عازلة لحماية المدنيين على الحدود السورية التركية. ذلك رغم أن باريس ولندن وواشنطن ومن معها يعلم علم اليقين أنه لا يمكن فرض هذه الشروط من دون الاعتماد على قوات وامكانيات عسكرية لردع تحليق الطيران السوري فوق مناطق يتواجد بها من يصنفهم نظام بلدهم كمتمردين وارهابيين، بالاعتماد على القانون الدولي وضمن منطق السيادة على الأرض.
وعليه، بدت الابتزازات بتسليح طرف من المعارضة بديلاً للتدخل العسكري المباشر. لكنه بديل من شأنه أن اختطف صفة السلمية عن هذا الحراك المدني الحضاري، وبرر عند البعض استهداف المعارضة بمن فيها التي لم تحمل سلاحاً او تطلق رصاصة. بهذا المستجد مُنح النظام السوري، من حيث لا يدري أو يأمل، شرعية كانت قد تآكلت كثيرا مع سياسته الأمنية الإجرامية بمواجهة الانتفاضة السورية. وأحداث بابا عمرو مثال صارخ لتشريع القمع واعتماد سياسة القبضة الحديدية بمواجهة ارهاب الجماعات المسلحة، التي هي من منظار آخر دفاعاً مشروعاً عن النفس وحماية للمدنيين من العسف.. الأمر الذي أطال بعمر هذا النظام الذي كانت قد تداعت مداميكه وربما انهار لو قيض للانتفاضة أن تستمر سلمية.
لقد أصابت العقوبات الاقتصادية الاوروبية والامريكية لارغام النظام السوري على التنحي جانباً الشعب السوري بشظاياها، الذي هو ضحية مرتين، أكثر مما أضرت المتنفذين الذين لا يخشون الكثير وهم الذين يحظون باحتياطيات اقتصادية جمة. أما الحرب الأهلية التي تتهدد هذا البلد، فهي لن تبقي ولن تذر لو فشلت مبادرة الفرصة الأخيرة لانقاذ الوضع، من خلال مهمة كوفي عنان بتفويض من الامم المتحدة والجامعة العربية. جيران سوريا في لبنان والعراق وحتى الاردن وتركيا لن يكونوا مطلقاً بمنأى عن ارتدادات الكارثة إن حلت بهذا البلد. في حين سيبقى الكيان الصهيوني الرابح الأكبر من نشر الفوضى- التي سميت يوماً "خلاقة"-، ومهما قيل من أنه شديد التخوف من التحولات التي ستطرأ ما بعد حدوده مع الجنوب السوري والجولان المحتل.
هذه التحولات في المنطقة العربية تبقى برمتها مدعاة اهتمام وقلق كبيرين لجزء كبير من دول وشعوب هذه البسيطة، وليس فقط للمعنيين المباشرين، مع مشهد حالي شديد التعقيد والارتباط محلياً وإقليمياً ودولياً. الأمر الذي حفز الكثيرين للدلو بدلوهم ودخول حلبة الرهانات ومعركة لي الذراع، خاصة وأن الغرب يرى بالثورات الحالية تهديداً للنظام الدولي إن خرجت عن رقابته. لكن مع صعود قوى جديدة تتعقد الصراعات ومآلاتها، كما أن المصالح المتناقضة لاطراف اللاعبين تبقى خاضعة لحسابات تتعدى مصلحة الشعوب المنكوبة، متجاوزة أحياناً كثيرة الاعتبارات الاخلاقية والنواظم الحقوقية في العلاقات الدولية. مع ذلك، يبقى الأمل معقوداً على الأهمية القصوى للربط بين تغيير الأنظمة ووقف التبعية السياسيّة والاقتصاديّة والأمنيّة والعسكريّة التي كانت سائدة على عهد من قامت الثورات ضدهم للدول الغربيّة وحليفتها دولة الكيان الصهيوني.
يبقى السؤال مفتوحاً في نهاية المطاف عن علاقة الاحتجاجات الشعبية العربية بالسلم الاقليمي والاستقرار الدولي، كما بالمشاريع التفتيتية المنطقة؟ عن دور وتأثير القيم العالمية المشتركة، ومنها منظومة حقوق الإنسان، في صياغة البدائل للأنظمة المتهاوية؟ هل من ايجابية لتحركات الشعوب العربية بحصول تحول في العلاقات بين الشمال والجنوب، بين قوى الامبريالية والدول المستضعفة، باتجاه علاقات أكثر انسانية تحكمها رؤى بعيدة المدى وحكمة في رسم السياسات والتحالفات؟ أم أن الامعان في نشر الفوضى وزعزعة السيادة، عبر القوة الناعمة أيضاً التي تعتمد على دغدغة المشاعر وتسفيه العقول من خلال اعلام مأجور ومرتهن لهذه الدول المهيمنة وسياساتها، سيبقى سيد الموقف؟ ماذا عن السياسة الدولية المتبعة حيال القضية الفلسطينية التي تبقى قضية القضايا، أو بخصوص ملف التسلح النووي الإيراني الذي أريد له أن يزيح الأنظار عن الكيان الصهيوني وترسانته الضخمة؟ ثم ماذا عن الامعان في الاعتماد على ازدواجية المعايير المتبعة من طرف مؤسسات دولية يفترض أنها تحمي السلم الدولي، أو عن تبديد الأموال على الصراعات والتآمر والتسلح، على حساب الحق في التعليم والعمل والصحة والحق في الحياة التي تمت التضحية بها لحد كبير، رغم كل ما يقال عن الجهود الجبارة المبذولة دولياً لانقاذ هذا العالم من الدمار المحقق؟
إنها معركة إرادات وحرب وجود. وفي هذه المبارزة لم يلق بعد أي طرف سلاحه.



#فيوليت_داغر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاعلام والثورة المضادة
- الثورات العربية وحقوق الإنسان
- زمن الغربة
- فلسطينيو 48 بمواجهة تحديات جديدة وخطيرة
- ماذا بعد النقاب ؟
- المحكمة الخاصة بلبنان وعولمة قضاء التعليمات
- اشكالية السجون والعدالة العقابية
- جنوحات العنصرية في أوروبا
- لايكفي الصلاة من أجل القدس
- مجتمع متحرر من تديين السياسة وتسييس الدين
- غربان تنعق في سماء لبنان
- أخلاقنا وأخلاقهم
- يجب فرض تعريف دولي لا يعتبر المقاومة ارهابا


المزيد.....




- الرد الإسرائيلي على إيران: غانتس وغالانت... من هم أعضاء مجلس ...
- بعد الأمطار الغزيرة في الإمارات.. وسيم يوسف يرد على -أهل الح ...
- لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا ...
- ما حجم الأضرار في قاعدة جوية بإيران استهدفها هجوم إسرائيلي م ...
- باحث إسرائيلي: تل أبيب حاولت شن هجوم كبير على إيران لكنها فش ...
- ستولتنبيرغ: دول الناتو وافقت على تزويد أوكرانيا بالمزيد من أ ...
- أوربان يحذر الاتحاد الأوروبي من لعب بالنار قد يقود أوروبا إل ...
- فضيحة صحية في بريطانيا: استخدام أطفال كـ-فئران تجارب- عبر تع ...
- ماذا نعرف عن منشأة نطنز النووية التي أكد مسؤولون إيرانيون سل ...
- المخابرات الأمريكية: أوكرانيا قد تخسر الحرب بحلول نهاية عام ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فيوليت داغر - الثورة المغدورة