أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى ملو - الشجرة التي حاولتم اغتيالها لم تمت,فلا تفرحوا














المزيد.....

الشجرة التي حاولتم اغتيالها لم تمت,فلا تفرحوا


مصطفى ملو

الحوار المتمدن-العدد: 3724 - 2012 / 5 / 11 - 04:41
المحور: الادب والفن
    


جلست الشجرة,عفوا فالأشجار لا تعرف الجلوس,بل وقفت تتأمل وتفكر سارحة بخيالها عما حولها,ثم خاطبت نفسها قائلة"أنا بنت هذه الأرض لم آتيها لا من الشرق و لا من الغرب,الذين غرسوني,فعلوا منذ قرون خلت,غرسوني و سقوني بدمائهم,فإذا بي أشق تربة هذه الأرض,أبي لم يغتصب أما لتلدني,أنا لست بنت زنا,أنا بنت الأصل و الفصل,ولن أسمح لأحد بأن يفتض بكارتي,أو يمزق أحشائي أو يجهض ما أنا به حالمة و ما به حاملة من أزهار و ثمار حان قطافها".
ذات يوم قررت مجموعة من المتوحشين بتواطؤ و مساعدة من حارس الغابة الخائن,العديم الضمير و الاعتبار الذاتي,الهجوم على الشجرة لافتضاض بكارتها و اقتلاعها من الجذور و محو أثرها من الوجود.أقبلوا على جريمتهم تلك بذريعة أن"السيدة الشجرة",التي أرادوا منها أن تتحول إلى دمية بأيديهم يلعبون و يتلاعبون بها كما شاؤوا, مجرد عاهرة,فاسقة,عميلة,خائنة,مهددة لرونق الغابة و تناغم ألوانها,و السبب حسب زعمهم أنها تختلف عن شجرتهم التي يحاولون غرسها و سقيها بماء حرام يمنعونه على أمنا الشجرة,ليطعموه سما قاتلا لشجرتهم,التي يعتقدون أنها أفضل الأشجار,ووحدها من تستحق الحياة,أما غيرها فلا يستحق إلا أن يصير حطبا.
إنهم أعداء الحياة,أعداء الطبيعة,الذين كلما سقوه شجرتهم بالماء الحرام كلما زادت ذبولا و اضمحلالا,وفي المقابل كلما أزهرت و أينعت شجرتنا.
الحسد أعمى قلوبهم و الغيرة غشيت عقولهم و أبصارهم و تدمير الطبيعة عقيدتهم,فلم يتبق لهم سوى حمل الفؤوس,حتى من طرف الذين لم يسبق لهم أن حملوا فأسا,أو جربوا مواجهة,لاستئصال هذه الجرثومة الخبيثة في رأيهم و إراحة شجرتهم و فصيلتها منها,كل ذلك و حارس الغابة جالس لا يحرك ساكنا,ويا ليته يفعل,بل إنه لا يتواني في تقديم كل المساعدة و الدعم لهم حتى و إن لم يطلبوا منه ذلك,فكيف إذا طلبوا؟
وهم على ذلك النحو,وفي اللحظة التي شرعوا في توجيه ضربات فؤوسهم إلى جذع الشجرة الصلد,الذي لم تكن ضرباتهم تنال منه قيد بعوضة أو أقل,هب أبناء الشجرة التي كانوا يعتقدون أنها وحيدة غريبة لا عائلة و لا أقارب لها في هذه الغابة التي تحولوا فيها إلى وحوش مفترسة,الغابة لهم لا لغيرهم.
هب أعمامها و أخوالها إخوتها و أخواتها,كل عائلتها من أشجار أركان و الأرز و كل أشجار الأطلس و سوس و الريف,حتى أشجار الطلح و نباتات الحلفاء القادمة من الجنوب الشرقي و الصحراء,لم يمنعها العطش من الزحف على المفترسين,لنجدة الشجرة و رد ضربات المفترسين,الغاصبين.
حمي الوطيس و تعالى الصراخ,فجأة انسحب المهاجمون مهرولين,فابتلعتهم الغابة و غاب أثرهم بين أدغالها و غياهبها.
شاخت أمنا الشجرة,حيث السنون لعبت فيها ألاعيبها,فطفقت أوراقها تتساقط الواحدة تلو الأخرى,وبدأت أغصانها تذبل,إنه حكم الحياة في الخلق جار,إذ لا محالة أنها شرعت في توديع الحياة صوب مثواها الأخير,ولكن ليس قبل أن تفرخ الملايين من أبنائها و بناتها,ستخلفهم ليس ليترحموا عليها أو أن يبكوها,ولكن ليأخذوا الدروس من صمودها و مقاومتها,وليغرسوا المئات و الآلاف و الملايين منها.
كانت المرحومة تؤمن قيد حياتها أن وفاتها لن يؤثر بشيء في الغابة إذا توحدت و اتحدت أشجارها و تشابكت أغصانها وجمع أبناؤها و حفدتها لكمتهم و شمروا على سواعدهم لصد ضربات الأعداء,الذين لا شك سيعاودون الهجوم مرات و مرات.
ماتت الشجرة أو هكذا اعتقدوا,ماتت شامخة واقفة,فكذلك تموت الأشجار,ماتت موتة العز والكرامة,ماتت موتا عضويا بيولوجيا,أو هكذا خيل لهم,لكنها مازالت حية في القلوب و العقول,أو الأصح أنها لم تمت,إنما انتقلت فقط من عالم إلى عالم آخر,لأخذ قسط من الراحة,بعد أن اطمئنت على أن أبناءها قادرين على حمل المشعل,وزرع شتائل من فصيلتها في كل ربوع هذه الأرض,وبذلك يضمنوا لها الاستمرارية والخلود,فهل ماتت الشجرة؟
بينما شرع المفترسون مبتهجين مغتبطين في إعداد الكفن لدفنها,وفي ذهول منهم,خاطبتهم"عذرا أيها المفترسون,كنت أمزح وحسب,فلا تفرحوا,الشجرة لم تمت ولن تموت,كنت أمزح و أجس نبضكم لعل أنفسكم تسول لكم الهجوم مرة أخرى,فأريكم ربيعا في عز الصيف,أنا هاهنا باقية,ها هنا باقية".
أعداؤها منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر,في حين أن الشجرة هاهنا باقية هاهنا باقية,فلا تفرحوا,هكذا قالت ثم أضافت مخاطبة أبناءها:"تحية لأبنائي الأحرار ممن لم يخونوا الحليب الذي رضعوه من ثديي,تحية لكم ألف تحية,أنا بدوري أعيدكم بأني هاهنا باقية,صامدة,مقاومة,أصلي ثابت و فروعي في كل شمال إفريقيا,كلما قلموا غصنا من أغصاني,نمت وترعرعت أغضان أخرى,أكثر نضارة و أكثر تشبثا و أملا في المستقبل,وكلما رموني بروثهم كلما منحوني المواد العضوية الضرورية للاخضرار و الازدهار,وإن قرروا إحراقي ببترولهم,فسأقاوم بأظافري و سيحترقون بنار حطبي,المهم أني لن أستسلم,هاهنا باقية,هاهنا باقية,رغم الأعداء الداء الذي أصيبت بهذه الأرض,وكلما فرحوا معتقدين أني على سكرة الموت,كلما استعددت أكثر فأكثر لربيع صيفي,سيحرقهم و ينعشكم,فدمتم أوفياء".



#مصطفى_ملو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسيرة بالآلاف و قصة صاحب سيارة-كونكو-
- نماذج من الفهم الخاطيء للإسلام(تتمة)
- نماذج من الفهم الخاطيء للإسلام
- -إميضريسطين-
- متى -تفيقون- بأن الشعب-عاق أو فاق-؟
- جميعا من أجل إلغاء الاحتفال بما يسمى-ذكرى تقديم وثيقة المطال ...
- ردا على العثماني بخصوص -المرجعية الإسلامية-
- من أجل الأرض والإنسان الأمازيغيين
- توضيحات هامة عن الأقلية والأغلبية
- ردا على -إنهم يبايعون ويصلون للعلم الأمازيغي بدل العلم الوطن ...
- لهذه الأسباب سيفوز الخليفة على عصيد
- القذافي من مجرم ضد الإنسانية إلى بطل من وجهة نظر إنسانية.
- ما مدى مصداقية استطلاعات الرأي -الإليكترونية-؟
- تناقضات حزب العدالة والتنمية الإسلاموي
- دمشقيو المغرب
- عندما تصبح مهمة الصحافة هي التحريض وإثارة الفتنة؛-
- غرائب واستفهامات حول الثورة الليبية
- العلمانية أولا والديمقراطية ثانيا


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى ملو - الشجرة التي حاولتم اغتيالها لم تمت,فلا تفرحوا