أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - نبيل عبد الأمير الربيعي - من مشاهير أشقياء الديوانية ...محمود ناصر حياته ومصرعه















المزيد.....

من مشاهير أشقياء الديوانية ...محمود ناصر حياته ومصرعه


نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)


الحوار المتمدن-العدد: 3674 - 2012 / 3 / 21 - 18:58
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    



لتأريخ الشعوب تجارب خاصة من الموروث الشعبي الذي بقى لصيق ذاكرتنا ومنها شخصية الأشقياء عند العراقيين والفتوة عند المصريين والابضاي عند أبناء بلاد الشام ,إذ كانت هذه الظاهرة هي عادات وتقاليد الظروف الاجتماعية السائدة ذلك الوقت , إذ كان الأشقياء يحمون الأحياء المحلات ,وفي العصر العباسي يطلق على الأشقياء بالشطار والعياريين , وفي العهد العثماني قد حكموا المدن وطردوا الوالي العثماني من مدينة بغداد.
وقد أطلقت هذه الصفة من قبل المجتمع على الرجل القوي حامي المحلة ومحلاتها في أيام زمان الذي كان فيها القانون ضعيف, فقد كان لكل محلة شقاوة يدافع عن فقرائها والضعفاء من أبناء المحلة , وقد توارث الأشقياء المعارك الدموية بين المحلات, و كان الأشقياء صنفان , صنف(شقاوات الإجرام) وهم الذي يسخّر قوته للنهب والقتل والسرقة والقسم الآخر (شقاوات النخوة) وهو الذي يسخّر قوته وإمكانياته لنصرة المظلوم والفقير والضعيف على من ظلمهم , فقد كان يأخذ من أموال الأغنياء بعنوان الخاوة وتأديبهم ليرسلها للفقراء , كان أغلب الأشقياء عنوان النخوة والشجاعة والشهامة , ولكنهم في نفس الوقت متمردين على النظام ولا يهابون الحكومات في ذلك الوقت ,من صفاتهم الانتصاف من الحكام الظالمين والانحياز التام لطموح وآمال الشعب , إضافة لتمتعهم بروح التضحية والغيرة والكرم والنخوة والعدل والإحسان وإشاعة روح الطمأنينة في المحلة , وكان من هؤلاء في مدينة بغداد خليل أبو الهوب وعبد المجيد كنه وموسى أبوطبر وعبد الأمير عجمي وعبد الأمير الأسود وابن شاهيه وجوامير لنكه وجبار الكردي وابن عبدكه وحسن الشيخلي وعباس السبع , أما من النساء الشقيات الفنانة صبيحة كسرى أم إكرام وخديجة بيدي وفطومة أم خنجر , كذلك ظهرت في الديانة اليهودية في بغداد أشقياء يهود مشهورين منهم , خضوري سويكا الذي يعمل (مكوجي) في باب جامع الحيدر خانة وشلومو أبو السوتلي الذي كتب عنهُ الراحل سمير النقاش رواية بعنوان (شلومو الكردي و أنا والزمن) , أما في مدينتي الديوانية فكان من الأشقياء محمود ناصر وحمزة فيروز ومنصور فيروز ومحمد الصمياني وحمزة مرتضى ومحمد علي الباججي وجمعة البغدادي وجاسم عبد الهادي وأحمد حبه علي وصالح القرمزي وسيد علاوي أبو عميمة وجبار منسية وغانم جودة وعلي راهي.
ذاكرتي عن مدينة الديوانية هي ذاكرة مواطن أحب مدينتهُ بأزقتها وأشقيئها , وعاش لحظة الذكرى وتلك اللبَنّات التي عاصرتها في هذه المدينة التي تقع على فرع صغير من نهر الحلة , مدينتي أتفاخر بحكاياتها وكل من كُتبَ عن أحيائها وشخصياتها منهم القاضي زهير كاظم عبود والمغترب عبد الكريم قطان والروائي سلام إبراهيم والشاعر والناقد ثامر الحاج أمين والكثير من شعرائها وكتابها , شخصياتها الشعبية التي ما زالت في الذاكرة من العبدو وعلي طبعن وعمي جوعان وسلمان الحمال وسيد محمود والكثير الكثير , ومنها الشقي اليساري الشهيد محمود ناصر , ذلك الفتى ذو القامة الطويلة والقوة الجسمانية الرهيبة والشارب المفتول, الذي حمل أفكار جيفارا الثائر.
ولد محمود ناصر لعائلة فقيرة تسكن في محلة السراي خلف مدرسة الجمهورية الابتدائية , كان والدهُ يعمل في محل بيع الكرزات (المكسرات) قرب سينما الثورة في الصوب الصغير ,يؤكد القاضي زهير كاظم عبود في كتابه أوراق من ذاكرة الديوانية الذي زامل محمود ناصر في المرحلة الابتدائية " محمود ناصر كان في الصف السادس أو الخامس حين كنت في الصفوف الأولى , كان طيب الأخلاق ملتزم التصرفات ولم يصدر عنهُ أي مشين , ولم يخل بأعراف المدينة , أكثر من اشتهر به هو اعتداءه على أحد ضباط الشرطة داخل مركز الشرطة , ثم خروجهُ منتصراً دون أن يجرأ أحد على إيقافه " كان من أشقياء المدينة , فقد أحب الفقراء والمظلومين ولتصرفاته ضد رجال الشرطة كانت تخلق القصص والحكايات البطولية عن سيرته وقدراته الجسدية.يذكر القاضي زهير كاظم عبود في أوراق من ذاكرة الديوانية ص80" طولهُ وقوتهُ الجسمانية الطبيعية التي منحها الله لهُ , مما طلب بقائد الفرقة الأولى في الديوانية أن يعرض عليه رتبة رئيس عرفاء في الجيش العراقي مقابل أن يلعب مع فريق الفرقة الأولى لكرة الطائرة , وفعلاً وافق أن يكون بهذه الرتبة وحقق نجاحات في لعبة كرة الطائرة لفريق الفرقة الأولى , غير إن الالتزام العسكري لم يرق لهُ أو لم ينسجم مع طبيعتهُ , وهرب مره أخرى وبقي عنيداً يتصدى للسلطة, لا يستقر في مكان ولا يعرف لهُ حال , غير أنهُ بعد أن نجح انقلاب تموز 1968 , عاد يشاكس السلطة وينتصر للقوى اليسارية ", أصبح محمود ناصر يشاكس الأثرياء ويأخذ المال لمساعدة الفقراء, في أواخر الستينات انخرط في تنظيمات القيادة المركزية للحزب الشيوعي العراقي, ولكن حينما القي القبض على قائد الحركة عزيز الحاج وكشف أسماء أعضاء التنظيم , قتل من قتل وهرب من هرب ومنهم رحيم العكيلي الذي عمل في المقاومة الفلسطينية , وقد وصف حال تنظيم الحركة الروائي السوري حيدر حيدر بروايته( وليمة أعشاب البحر) وصفاً دقيقاً لحركة تأثرت بأفكار الثوار لتحرير هذا البلد من أيدي الحكام الظلمة , أما محمود ناصر فقد تخفى في ريف الديوانية , ولكن كان يدخل المدينة من وقت لآخر لأخذ الأموال من الأثرياء ويوزعها على الفقراء , كان تصرفهُ هذا أسطورة يتناولها الأطفال والشباب في تلك الأيام, يصفهُ الروائي سلام إبراهيم في مقالة لهُ على النت " ذلك الفتى المرهوب الجانب , محترماً حين يحل نزيلاً بالسجن .. ومع وصول البعث إلى السلطة , كانت محاولة توظيف كل شقي في أجهزتها القمعية , ومن لم يتعاون قتل في ظروف غامضة , أما محمود ناصر الديواني فقد اصطف على يسار اليسار وانخرط أواخر الستينات في تنظيمات القيادة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ".
أصبح محمود ناصر يهدد الأثرياء ويأخذ المال لمساعدة الحركة, لكن هذا التصرف لم يعجب السلطة فتم ترتيب كمين بدعوة لبعض شرطة وأمن بغداد , وكان ذلك نهاية شهر مايس 1971 , عندَ معرفته بهذا الكمين هرب يسوق عربة(الربل) متجهاً نحو محلة الحي العصري أو ما تسمى سابقاً( الخصيمة لخصمة نهر الديوانية) , حامل معهُ سلاحه الكلاشنكوف والقنابل اليدوية , يرمي على سيارة الشرطة الملاحقة لهُ وعند نفاذ عتاده استخدم القنابل اليدوية , ثم الاختباء في قصبة في نهر الديوانية, وقد ساعدهُ حلول المساء , ولكن أحد أبناء المحلة قد أشار إلى الشرطة لمكان مخبئه فتم صليهُ برصاص سلاحهم فطرزت جسدهُ, كان استشهاده على يد عناصر السلطة وهو يهتف ( الموت للفاشست , الموت للبعثية), تلك الكلمات كانت هنّاتهُ الأخيرة , وحين نقل إلى المستشفى كانوا عناصر السلطة لا يجرؤ أحدهم الاقتراب من جثمانه, وفي مشرحة الطب العدلي في الديوانية كان يهابهُ أعوان النظام.
بهذه النهاية المؤلمة انتهت حكايات الأشقياء في مدينتي الديوانية وبقينا نتذكرها ونحن تلاميذ مقاعد الدراسة , وقد بدأت الحكايات وقصص الأشقياء يتناقلها الأطفال وأبناء المدينة ونسائها .



#نبيل_عبد_الأمير_الربيعي (هاشتاغ)       Nabeel_Abd_Al-_Ameer_Alrubaiy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخامس والعشرون من شباط يوم إنطلاق صوت الاحتجاج العراقي
- الشهيدة الأنصارية عميدة عذيب الخميسي
- كامل الجادرجي... نقطة تحول في قيّم الحركة الوطنية
- سامي ميخائيل الروائي العراقي الذي مزج بين الواقعية والرواية ...
- حجم السلبيات وخطورتها في مشروع قانون الأحزاب في العراق
- فلم إنس بغداد .. أعادَ لَنا الذاكرة شبه المفقودة
- داوود كبّاي الطبيب العراقي الذي رَفعَ مشعلّ الإنسانية
- مير بصري ...الباحث والاقتصادي والأديب العراقي
- سمير النقاش الروائي العراقي الحالم بالعودة
- رحلة فنية في إيطاليا
- صدور كتاب(يهود العراق..موسوعة شاملة لتأريخ يهود العراق) للكا ...
- ماذا فعل الغزاة بالشأن الثقافي والمكتبات العامة
- المثقف في زمن الأنظمة الشمولية
- هل يغلبونا هؤلاء الأجلاف
- بدون الكتاب يصمت الضمير وتنام العدالة
- إذا لم يضع المواطن نهاية للحرب ..ستضع الحرب نهاية للمواطن ال ...
- طارق معروف الفنان الذي غرس يداه في غرين الفرات الممتد في مدي ...
- أهمية المكتبة العامة والمكتبة المدرسية في وعي الفرد العراقي
- نصب اللاعنف....( المسدس المعقوف )للفنان السويدي كارل فريدريك ...
- الفنان التشكيلي سعد الطائي.. دمج أكثر من أسلوب فني في أسلوب ...


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - نبيل عبد الأمير الربيعي - من مشاهير أشقياء الديوانية ...محمود ناصر حياته ومصرعه