أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد المثلوثي - من حق الشغيلة الخوف من الاشتراكية...من واجبنا التوضيح (الجزء الأخير)















المزيد.....

من حق الشغيلة الخوف من الاشتراكية...من واجبنا التوضيح (الجزء الأخير)


محمد المثلوثي

الحوار المتمدن-العدد: 3671 - 2012 / 3 / 18 - 22:51
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


وهذا الأسلوب الجديد في الإنتاج ليس شيئا سيبتدعه حزب أو طبقة من العدم، بل هو أسلوب انتاج ينمو ويتطور في أحشاء الرأسمالية ذاتها. والحركة الثورية للجماهير المسحوقة تجد نفسها مدفوعة لإبراز هذا الأسلوب الاشتراكي وتخليصه من العباءة الرأسمالية التي تكبحه وتكتم أنفاسه. وليس غريبا أن كل انتفاضة عميقة كالتي تحدث الآن في عديد الدول تنتج تلقائيا، وبدون أوامر من أحد، حركة مجالسية، حتى وان لم تحقق انتصارات كبيرة، فإنها تضع المشروع الاشتراكي في جدول ممارستها التاريخية، ذلك أن الحركة المجالسية (كحركة واقعية تلقائية وليس كحركة إيديولوجية) هي المعبر الفعلي عن الجوهر التاريخي للاشتراكية وأساسها الواقعي. فالمبادرات العظيمة التي قامت بها الجماهير في تونس ومصر وشمال العراق وسوريا من خلال إنشاء اللجان والمجالس والتنسيقيات، برغم محدوديتها وعدم تحولها إلى ظاهرة عامة تشمل المجتمع كله، وبرغم انحصارها في ميادين اجتماعية دون أخرى وعدم اقتحامها الفعلي لدائرة الإنتاج والتوزيع، وبرغم ما تعانيه من اختراق الأحزاب السياسية لها وتحويل وجهتها إلى أدوات حزبية تخدم المصالح الفئوية الضيقة لبعض المجموعات السياسية، وبرغم عدم نضجها الكافي لتتحول إلى مشروع اجتماعي موحد بأفق تغيير اجتماعي جذري للنظام الاقتصادي والاجتماعي السائد، ورغم عدم مبادرتها بفرض نفسها كبديل عن أجهزة الدولة البيروقراطية، ورغم وقوعها في شرك المحاصصات السياسية للأحزاب وعدم اتجاهها نحو أسلوب الانتخاب الشعبي المباشر، ورغم عدم انخراط قطاعات اجتماعية مهمة مثل العمال في هذه الحركة، رغم كل هذه النقائص الفادحة فان قيمتها التاريخية في كونها قد أبرزت وبشكل عملي الآفاق الممكنة لبسط أسلوب كوموني مجالسي والاستعاضة به عن أسلوب الإدارة البيروقراطي للدولة. وهذا ما ينبئ بكون الفصول القادمة من الثورة سوف تذهب أبعد مما ذهبت إليه إلى حد الآن في هذه الحركة المجالسية.
قد يكون هذا نذير شؤم لكم أيها السادة،
لكنه بارقة أمل بالنسبة لنا، بريق، مهما كان خاطفا وسريعا، وبقدر ما يرعبكم، أيها السادة، فانه يبشرنا بقرب هبوب العاصفة التي ستكنس نظامكم.

خاتمة:
لم يتعرض أي مشروع اجتماعي للتشويه بقدر ما تعرضت له الاشتراكية. وذلك سواء من أعدائها أو حتى من الذين يعلنون انتصارهم لها. فأما بالنسبة لأعدائها، فإنهم وبعد أن تجلى إفلاس نظامهم الرأسمالي، وبعد أن تآكلت أسلحتهم الإيديولوجية مع غرق الرأسمالية في تناقضاتها وأزماتها، فقد لجئوا إلى أسلوب بسيط لكنه فعال، ألا وهو مماثلة الاشتراكية مع أنظمة رأسمالية الدولة التي قامت في الاتحاد السوفييتي وما يسمى بالكتلة الشرقية. وبمجرد انهيار تلك الأنظمة تحت سياط أزماتها الاقتصادية وخسارتها لحرب المنافسة العالمية مع الأقطاب الرأسمالية الأخرى، وتحت ضربات نضالات الشغيلة ضدها، فإنهم سارعوا، بكل ما أوتوا من وسائل الدعاية، إلى الإعلان عن فشل الاشتراكية وسقوطها. وهكذا انتصب الفلاسفة والمنظرون ليعلنوا عن نهاية التاريخ بالانتصار الأخير للرأسمالية ونظامها الديمقراطي الليبرالي. وفي الحقيقة، فان دعايتهم تلك التي تزامنت مع فترة ازدهار اقتصادي نسبي واستبعاد شبح الأزمات بظهور قطاعات إنتاجية جديدة وصعود أقطاب رأسمالية ناشئة، قد أعطت أكلها، وساهمت بشكل كبير في انحسار موجة النضالات العمالية، وبات العالم لعقود وكأنما هو قد استقر نهائيا ووجد في الرأسمالية غايته الأخيرة. غير أن الأزمات الاقتصادية ما لبثت أن عادت لتظهر من جديد بأكثر ضراوة ووحشية، وما لبث وضع الاستقرار والازدهار أن تحول إلى كساد وانهيارات متعاقبة، وعادت كوابيس البطالة وانهيار القدرة الشرائية للأجراء والتفقير والتهميش لتقض مضجع الرأسماليين، ولتعيد طرح نفس الأسئلة الحارقة التي اعتقد النظام الرأسمالي أنه قد تخلص منها. وبظهور موجات احتجاجية جديدة أخذت في كثير من الأحيان أشكالا انتفاضية مزلزلة، سقط المفعول التخديري لتلك الدعاية الإيديولوجية حول سقوط الاشتراكية ومشروعها في التخلص من النظام الرأسمالي. وفي الوقت الذي يشهد فيه الفكر البورجوازي بكل تلويناته تفسخا عاما، فقد عادت الآمال الثورية بالنهوض، وعادت أصوات النقد تظهر بأكثر عمق وأكثر تجذر. في حين صارت كل المحاولات الإصلاحية والترقيعية تفقد جدواها أمام الكوارث الاجتماعية المستفحلة.
وأما بالنسبة "لأصدقاء" الاشتراكية فإنهم في الواقع يدعمون أسطورة سقوط الاشتراكية من خلال تمجيدهم الأسطوري للنظام السوفييتي وتصويرهم له كنظام اشتراكي. فالديكتاتورية السياسية للحزب البلشفي هي بالنسبة لهم "ديكتاتورية البروليتاريا". والمجازر التي قام بها هذا النظام في مواجهة الانتفاضات العمالية في كرونشتاد وأوكرانيا وحتى بطرسبوغ هي بالنسبة لهم صراع ضد "الفوضويين" و"المخربين". والنظام التايلوري في العمل، والذي هو في الواقع أكثر أشكال الاستعباد الرأسمالي، هو بالنسبة لهم تطوير الاقتصاد الاشتراكي. والتجنيد الإجباري لأبناء الفلاحين والعمال على يد تروتسكي، زعيم الجيش الأحمر، والحفاظ على التراتبية العسكرية على أنقاض الميليشيات الشعبية التي قامت من خلال سوفياتات الجنود على مبدأ التجنيد الاختياري وإنهاء النظام التراتبي، هي بالنسبة لهم انجاز اشتراكي عظيم. كذلك جر الشغيلة في الحرب العالمية بين الأقطاب الرأسمالية، هو بالنسبة لهم حرب مقدسة ضد النازية. وقمع الفلاحين وتهجير الآلاف منهم على يد ستالين، باسم مقاومة الكولاك، هو بالنسبة لهم إقامة الاشتراكية في مجال الزراعة. وبناء أعظم الأجهزة الاستخبارتية وقمع المعارضين وخنق حرية التعبير والإعدامات العشوائية، هو بالنسبة لهم قمة "الديمقراطية السوفييتية". وحتى الدخول في تقسيم النفوذ بين أقطاب رأس المال العالمي، هو بالنسبة لهم انتصار الاشتراكية. والتدخل العسكري لقمع الانتفاضات الشعبية في عديد الدول من طرف النظام السوفييتي هو بالنسبة لهم نشر الاشتراكية. وفي الأخير فالقضاء على سوفياتات العمال والفلاحين والجنود وإلحاقها بأجهزة الدولة والحزب، هو بالنسبة لهم بداية عهد الاشتراكية السعيد. بل إن المحافظة على نظام عبودية الأجر وإقامة اقتصاد المنافسة العالمية وتحويل البلاد إلى ورشة عظيمة لصناعة الأسلحة ومختبرا للتجارب النووية والكيميائية، كله بالنسبة لهم تطوير للاشتراكية.
نعم، من حق الشغيلة أن ترفض هذه الاشتراكية.
لكن من واجبنا أن نوضح لكم أن ما يمجده هؤلاء، ويعتبرونه اشتراكية، لا يعدو كونه النظام الرأسمالي نفسه وقد لبس لبوس الاشتراكية. من واجبنا أن نقول لكم بأن النظام البلشفي لم يمثل سوى الثورة المضادة التي أعقبت ثورة حقيقية قام بها أسلافكم من العمال والفلاحين والجنود ضد النظام الرأسمالي في روسيا وفي كل العالم تقريبا. تلك الثورة الحقيقية بادرت بالقيام، بما تحاولون القيام به الآن، أي بتشكيل مجالس عمالية لإدارة جماعية للإنتاج، وبتعاونيات استهلاكية لتنظيم توزيع الإنتاج، وبميليشيات شعبية لحماية المجالس العمالية تكونت جلها من الجنود الذين رفضوا مواصلة الحرب الرأسمالية، وبكومونات فلاحية لتنظيم الاستيلاءات على أراضي الملاكين العقاريين الكبار وإعادة تنظيم الإنتاج الزراعي وفق خطط يساهم فيها كل أفراد الكومونة. ولقد أنشأت الثورة الحقيقية منذ شهر مارس 1917، أي قبل شهور من تسلم البلاشفة للسلطة السياسية سوفياتات (أو مجالس باللغة العربية) وطنية من مندوبي السوفياتات المحلية، وقد مثلت هذه السوفياتات قوة اجتماعية لم تصمد أمامها كل الحكومات البورجوازية المتعاقبة. وما كان ممكنا وقف تطور هذا الجسم الاجتماعي الجديد ومنع تحوله إلى نموذج أممي لتحرر الكادحين، إلا بقيام حكومة تلبس لباس الثورة ولباس السوفياتات، حكومة استطاعت في ظرف شهور قليلة القضاء على هذه السوفياتات بتحويلها إلى أجهزة تابعة للدولة والحزب البلشفي.
نعم، لقد باءت تلك المحاولة الثورية الرائعة بالهزيمة على يد حزب جمهوري يعشق السلطة على الطريقة الجاكوبينية البورجوازية. لقد انهزمت قبل أن تكتمل تجربتها وتستقر كنظام اشتراكي فعلي، كنظام لإدارة المجتمع لنفسه من خلال الكومونات والمجالس الشعبية، كأسلوب جديد في الإنتاج والتوزيع لا يقوم على الربح والمنافسة بل على تحقيق متوازن لحاجات الأفراد ومواجهتهم المتضامنة لمشاكلهم.
لكن ما تقومون به الآن من مبادرات رائعة لتشكيل المجالس واللجان، بكل الأخطاء الطبيعية والضرورية، ليس سوى إحياء لذاكرة الحركة المجالسية التي نهضت في روسيا وقبلها في كومونة باريس وغيرها من التجارب التاريخية لنضال الشغيلة.
أما اشتراكية القمع الستاليني الأحمر، اشتراكية الحروب الدموية، اشتراكية البؤس وتحميل الشغيلة عبء المنافسة مع الأقطاب الرأسمالية المنافسة، هذه الاشتراكية من حقكم، بل من واجبكم، أن ترفضوها وألا تعتبرونها نموذجا لمشروع تحرركم من ربقة رأس المال ونظامه البربري.
لقد ماتت "الاشتراكية"، عاشت الاشتراكية
انتهى في 25 جانفي 2012
للاطلاع على الأجزاء السابقة: http://www.ahewar.org/m.asp?i=2824



#محمد_المثلوثي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من حق الشغيلة الخوف من الاشتراكية...من واجبنا التوضيح (جزء ر ...
- من حق الشغيلة الخوف من الاشتراكية...من واجبنا التوضيح (جزء ث ...
- تعقيب على حدث...أو الديمقراطية في بوسالم
- من حق الشغيلة الخوف من الاشتراكية...من واجبنا التوضيح
- ضد ثنائية النهضة/المعارضة
- النضالات الاجتماعية في تونس: الواقع والآفاق
- إفلاس الرأسمالية ومهمات الثوريين
- من ثنائية: يمين أم يسار...الى خيار: رأسمالية أم اشتراكية
- السيرك الانتخابي في تونس..-اليسار يريد انقاذ النظام-
- هل ستسلم الثورة نفسها للسياسيين (جزء ثالث)
- بيان 1ماي لنواصل رفع مشعل الثورة
- هل ستسلم الثورة نفسها للسياسيين (الجزء الثاني)
- هل ستسلم الثورة نفسها للسياسيين (الجزء الأول)
- مشروع من اجل جبهة الفقراء
- انتفاضة تونس بين التحرر الفعلي وخطابات الساسة
- حول اللجان الشعبية
- تنظيم حزبي أم تنظيم كوموني؟
- حول الشيوعية وبرنامجها التاريخي
- التاريخ بين العلم والديالكتيك
- نقد العلمانية (3)


المزيد.....




- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...
- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...
- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...
- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد المثلوثي - من حق الشغيلة الخوف من الاشتراكية...من واجبنا التوضيح (الجزء الأخير)