أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - نضال نعيسة - يوم سوري حزين: لا للدساتير الفاشية














المزيد.....

يوم سوري حزين: لا للدساتير الفاشية


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 3650 - 2012 / 2 / 26 - 10:52
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


باستفتاء اليوم، المزمع، ومع هذا الحشد الرسمي الحكومي والإعلامي له، تـُكرّس سوريا، كشقيقاتها العربيات، كدولة فاشية دستورياً، وذلك مع عدم اعترافها بحقوق دستورية لمواطنين سوريين، كانوا في الحقيقة أصحاب هذه الأرض الأصليين، وهم السباقين في الوجود على الأرض السورية من غيرهم. وسيكون يوم 26 شباط فبراير 2011، علامة فارقة، ونقطة تحول بارزة في سعي سوريا الدؤوب والحثيث، ومنذ وصول البعث، نحو عملية التعريب والأسلمة الممنهجة، التي طبعت الحياة العامة في سوريا لعدة عقود خلت. وكان من الأفضل أن يعكس الدستور الجديد، كي يعتبر عصرياً وحديثاً، الحالة الحقوقية الأممية السائدة في العالم المتحضر، ويجسد ذاك الثراء والتنوع والتسامح والبعد الحضاري التعددي المدني العريق الذي اشتهرت به سوريا عبر التاريخ، حين كانت مولدة للحضارات قبل أن تلجمها وتئدها ثقافة الصحراء، لا أن يكرس ما هو قديم ومجتر ومكرر وفاشل ومهزوم. فسوريا، اليوم، وبكل أسف، وعبر هذا الاستفتاء المريب، ترتدي الجلباب إياه، وتجدد إنكارها وتنصلها من المواثيق والأعراف الدولية وشريعة حقوق الإنسان التي تقول بأن الناس متساوون جميعاً في الحقوق والواجبات وأمام القانون، إذ تمنع شرعة الأمم المتحضرة أي شكل من أشكال التمييز العرقي، والقومي، والديني، والجنسي. والفاشية بكل بساطة هي فلسفة أو فكر يقضي بإعلاء شأن قوم أو عرق أو دين على ما عداه، واعتباره الأفضل والأحسن والأنسب، ويعطيه ما لا يعطي لغيره من حقوق وامتيازات واعتبارات وهذا بالضبط ما يفعله الدستور السوري المقترح "العصري" جداً.

فناهيك، يا صاح، عن التمييز الديني الفاقع والمرفوض في هذا الدستور، والمتجسد في المادة الثالثة التي تخجل منها دساتير العالم المتحضر، هناك تمييز جنسي فاشي، أيضاً، أشد خطورة ووقعاً وهو التمييز ضد المرأة عبر حجب ومنع المرأة، هي الأخرى، وإنكارها حق تبوء منصب رئاسة الجمهورية توافقاً مع التشريع الإسلامي الذي نستمد منه قوانينا، والذي لا يعترف بولاية المرأة، وينظر لها بدونية، ويعتبرها ناقصة عقل ودين..إلخ هذه المصفوفة المفاهيمية، وتعامل بتمييز واضح في الميراث والزواج والعمل والحياة بشكل عام. إذ قالت المادة الثالثة، صراحة، دين الرئيس ولم تشر البتة إلى دين الرئيسة. هنا لا وجود ولا حتى مجرد اعتراف بالمرأة في هذا المكان، أو في هذا الحق.

سأعتبر هذا اليوم، كما أيامي الكثيرة، يوماً حزيناً وسوداوياً في تاريخ الشعب السوري العظيم ونضالاته التاريخية وإنجازاته الحضارية وإسهاماته المدنية على مر التاريخ. إنه يوم ذبح المدنية السورية على مذبح المواد الفاشية الطنانة الرنانة التي تلعلع وتتربع على عرش الدستور "العصري". سأنكس راياتي، وأكبت آهاتي، وأعلن الحداد، وألبس السواد، وأطأطئ هامتي حجلاً معتصماً على روح سوريا، لا أبارح مكاني المظلم البارد القصيّ الكئيب.

فالتصويت بنعم يعني الإقرار والاعتراف، ضمناً، وربما، وكي لا نظلم أحداً، من غير قصد من البعض، بهضم الحقوق الدستورية لغير المسلمين، ولغير العرب، وللمرأة السورية على وجه التحديد، التي كنا نطمح أن نراها في يوم من أيام التاريخ السوري، القريب أو البعيد، في المنصب الأول، نتباهى بذلك أمام الأمم كما تباهينا بمنصب أول نائبة لرئيس الجمهورية، في المنطقة، وأول وزيرة، وأول قاضية، وأول ضابط في الجيش، لكن دستور اليوم يحرمها من حق مبين وبنص دستوري وقانوني.

لا شك، هناك، اليوم، وفي عموم المنطقة المسماة بالوطن العربي المستهدف حضارياً، وسوريا ليست منها استثناء، تيار طاغ فاشستي عروبي اسلاموي يفرض إيقاعه وشروطه، ويصعد ويتقدم لاحتلال المواقع والخنادق التي هجرتها القوى اليسارية والتنويرية والعلمانية. ومن يتابع بعض مجريات جلسات مجلس "الشغب" المصري (لا يوجد خطأ إملائي هاهنا)، يعي مدى الدرك والحضيض الحضاري المريع وحجم الهزائم القيمية والأخلاقية والمعنوية والثقافية والفكرية المنحطة التي بلغتها شعوب المنطقة. وبالمناسبة هذا التيار يحوز على رضا واشنطن وتل أبيب وعواصم الارتداد الحضاري، ويتجلى بالدعم اللا محدودو لهذه القوى الفاشية والإسلاموية الإخوانية وتنصيبها على مقدرات هذه البلاد ورقاب هذه العباد. وكل رموز الربيع الإخواني، ويا كبدي عليهم، خرجوا من تحت عباءات أوباما وساركوزي وبرنار هنري وتنورات كلينتون وميركل وطرابيش بني عثمان في "الأستانة" ودشاديش عربان النفط وجنرالات الناتو. وبذا يمكن القول أن ما يسمى بالربيع العربي قد فرض إيقاعه وشروطه، ودستورياً، على الأقل، في سوريا، ونجح رمزياً في إعطاء هويته للدستور السوري الجديد.

لاااااااا كبيرة للدساتير الفاشية، ولا للدستور السوري الجديد، سأقولها من قلب كسير، مجروح، ومكلوم، وحزين. وسأردد مع محمود درويش ما قاله ذات يوم:
سأقول لا
ويدي، تحيات الزهور وقنبلة،
مرفوعة كالواجب اليومي ضد المرحلة.
سأقول لا، سأقول لا، سأقول لا.
اشهدُوا، يا قوم، أني قد بلـّغت.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لا يكون دستور سوريا علمانياً؟
- سوريا: هزيمة المشروع المدني والحضاري
- -العهدة- الدستورية والذمّيون الجدد في سوريا
- لصوص الإعلام السوري
- السيناريو السوري
- رسائل موسكو القوية
- سقوط الفاشية الوهابية في سوريا
- أبعد من الفيتو الروسي الصيني
- ماذا عن ولاية المرأة في الدستور السوريِ الجديد؟
- الثورة السورية المخصية
- المادة الثالثة: وجعلناكم بعضكم فوق بعض درجات
- إفلاس العرب
- سوريا: المسلم قائداً للدولة والمجتمع
- المادة الثالثة في الدستور السوري: عودة الخلافة الإسلامية
- رسالة إلى معارض سوري
- غزو سوريا
- قطر بين عجز التعريب وفشل التدويل
- نعم ثوار ولا نخجل
- احذروا الدب الروسي
- الأسد: خطاب التحدي والانتصار


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - نضال نعيسة - يوم سوري حزين: لا للدساتير الفاشية