أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عزيز الهلالي - حوار مع الأستاذ الأشهب محمد بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة















المزيد.....

حوار مع الأستاذ الأشهب محمد بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة


عزيز الهلالي

الحوار المتمدن-العدد: 3638 - 2012 / 2 / 14 - 09:23
المحور: مقابلات و حوارات
    



حوار مع محمد عبد السلام الأشهب باحث في الفلسفة المعاصرة وأستاذ الفلسفة بجامعة بن زهر- أكادير، صدر له كتاب تحت عنوان " الفلسفة والسياسة عند هابرماس:جدل الحداثة والمشروعية والتواصل في فضاء الديمقراطية". كما صدر له عمل هام مؤخرا يحمل عنوان " أخلاقيات المناقشة ".مساهمته متعددة بمجلات فلسفية متخصصة ، وكذلك حضوره المكثف على المستوى العربي والدولي في إطار المشاركة في أعمال تخص مبحث الفلسفة السياسية المعاصرة.

- ماذا يعني لكم الاحتفال باليوم العالمي للفلسفة؟
- الاحتفال باليوم العالمي للفلسفة هو احتفال بالعقل و بالقيم الإنسانية التي ناضل الفلاسفة من أجل تكريسها في الواقع اليومي، و من أهم هذه القيم التي على أساسها قررت منظمة اليونسكو الاحتفال بهذا اليوم نذكر قيمة التسامح التي احتلت دائما حيزا مهما في الخطاب الفلسفي سواء الحديث أو المعاصر.الاحتفال اليوم في ظل ما يسمى بالربيع العربي هو احتفال بثقافة الاعتراف بالآخر و تضمنه بدل احتوائه و إقصائه،هو احتفال بثقافة المواطنة و الموطن الجديد الذي يؤمن بمصيره بيده بدل ثقافة الخضوع و الخنوع للراعي الذي يدعي المسؤولية عن رعيته إلى أجل غير مسمى.الاحتفال اليوم أيضا يجب أن يكون احتفال بثقافة الحق في العدالة و المشاركة الفعالة و الكرامة و الإنصاف.إنها مناسبة للاحتفال بميلاد الإنسان العربي الجديد الذي سيتذكره التاريخ، الأمر يتعلق بالربيع العربي الذي قرر القطع مع الاستبداد و التسلط و الطغيان بكل أشكاله و تحرير الفضاء العمومي من هيمنة الأنظمة السياسية الفاسدة التي لطالما تعاملت مع المواطن باعتباره رعية لا زال يحتاج إلى الوصاية على ماله و أفكاره و قراراته أي انه مجرد احتياط انتخابي تزين به واجهة الديمقراطية المزيفة لإضفاء الشرعية على أنظمة لاشرعية لها.
وبالمناسبة شاركت مؤخرا في ندوة دولية بتونس من تنظيم كرسي اليونسكو الذي يترأسه الباحث التونسي الجاد فتحي التركي وكانت محاور الندوة تتعلق بالهوية الثقافية و حقوق الإنسان والتعددية الثقافية... وقد لاحظت أن المواطن التونسي تحرر بصفة نهائية في خطابه من لغة الخوف و أصبح يعبر بطريقة حرة وبجرأة غير معهودة في زمن الاستبداد أثناء حكم الهارب بن علي.فأصبح عاديا بتونس أن ترى كتبا تتحدث عن بن علي الفاسق و المستبد.إن القطع مع ثقافة الخوف هو المدخل الوحيد لتحرير الإنسان. وبالمناسبة ذاتها أشير أن المشروع الذي يرعاه كرسي اليونسكو بتونس بإشراف فتحي تريكي خصص العديد من لقاءاته لتعزيز فكرة التسامح و الحوار بين الثقافات والتعددية الثقافية و العبر ثقافية. لكن بالمغرب لازال الاحتفال بهذا اليوم لايرقى إلى المستوى المطلوب للمكانة التي يحتلها الفكر الفلسفي بوطننا وذلك راجع لغياب جمعيات قوية تهتم بالشأن الفلسفي .
- 2- هل يمكن الحديث عن تراجع الخطاب الفلسفي في المغرب؟
الحديث عن تراجع يفترض أنه كان هناك تقدما من قبل و الحال أنه يصعب الحديث عن فلسفة بالمغرب بصفتها تقليدا يجعلنا نتحدث عن فلسفة مغربية كما هو الأمر في الفلسفة الألمانية أو الفرنسية و الانجليزية. في مثل هذه التقاليد الكبرى و العريقة في التفكير الفلسفي نتحدث عن ظهور نظريات واختفاء أخرى و عن سجالات فلسفية كبرى بين رواد مختلف هذه النظريات.كما تجد تقاليد فلسفية عريقة بهذه الجامعة أو تلك. ومن منطلق متابعة التحولات التي يمكن أن يعرفها الخطاب الفلسفي بين فترة و أخرى يمكنك أن تقارن لتجزم القول بالتراجع أو التقدم.والسبب في غياب هذه التقاليد هو غياب مأسسة البحث الفلسفي في أفق خلق مشاريع فلسفية قد يواصل فيها الجيل اللاحق ما أنجزه الجيل السابق.صحيح أن الجابري رحمه الله أسس مشروعا فلسفيا مهما ينطلق فيه من التراث العربي الإسلامي الذي مارس عليه منهجا نقديا جعل النقاد يعتبرون المرحوم كانط العرب،لكن قل لي هل هناك من سيواصل المهمة الفلسفية التي شرع فيها المرحوم.أعتقد أن الأمر صعب التحقيق في غياب جيل من الفلاسفة الشباب الذين تكونوا في المدرسة الجابرية.في المقابل أعطيك مثال،خذ مثلا النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت التي تأسست سنة1923 بجامعة فرانكفورت و بحكم اشتغالها بمنطق المؤسسة الفلسفية التي قامت على فكرة مأسسة البحث الفلسفي في إطار مشاريع بحثية كبرى تمكنت من الصمود و الاستمرارية إلى يومنا هذا بحيث أن تاريخ الفكر الفلسفي المعاصر يتحدث عن أجيال داخل النظرية النقدية.الجيل الأول مع هوركهايمر،أدورنو،ماكوزه،و إريتش فروم و الجيل الثاني مع هابرماس و الجيل الثالث لازال يواصل الطريق مع أكسيل هونث و كلاوس هوف والبرت فيلمر.... و هو الجيل الذي لازال يشتغل بنفس منطق الجيل الأول في ما يتعلق بالمشاريع البحثية الكبرى. و هذا لابد أن يساهم في تطوير التقليد الفلسفي المتعلق بالنظرية النقدية عموما التي أصبح الحديث عنها يتم بصيغة الجمع.و نفس الأمر ينطبق على الفلسفة التأويلية و النظرية النسقية في العلوم الاجتماعية مع نيكلاس لومان ....أعتقد حينما نصل إلى مثل هذه التقاليد آنذاك يمكننا الحديث عن تراجع و تقدم . بل و الأكثر من ذلك ففكرة التقدم و التراجع في الفلسفة و الفكر عموما فيها نظر.المهم بالنسبة لي بعد وفاة المرحوم الذي يعد رمزا للفلسفة المغربية إلى جانب كل من المفكر عبد الله العروي وطه عبد الرحمان يمكن القول أن الفلسفة بالمغرب ستؤسس لمرحلة مابعد الجابري من حيث القضايا التي تتناولها وهذا عمل نلمسه لدى الباحثين الشباب اليوم في الفلسفة التي لم تعد منشغلة فقط بقضايا التراث في علاقته بالحداثة،بل الأكثر من ذلك هذا الأمر بدأنا نلمسه حتى عند بعض الباحثين الذين كرسوا جزءا كبيرا من أبحاثهم للفلسفة الإسلامية و قضايا التراث.فالأستاذ المصباحي على سبل المثال أصبح يكتب كتبا في غاية الأهمية حول فلسفة الحق و الفلسفة الانثبولوجية و الحداثة السياسية و الأخلاقية انطلاقا من مساءلته للنصوص فلاسفة كبار مثل هابرماس و ليواستروس و أمارتيا صن. و كتابه الأخير الصادر عن دار الطليعة تحت عنوان"من أجل حداثة متعددة الأصوات" خير دليل على ما أقول.
خلاصة القول أن الفلسفة في المغرب يمكن لها أن تساير القضايا التي يدور حولها النقاش الفلسفي و هذا من شانه أن يعطينا أعلام جدد يقدمون أجوبة عن أسئلة المرحلة التي تختلف عن أسئلة الجيل السابق.
- 3- باعتباركم تزاولون مهمة تدريس الفلسفة بالجامعة، كيف تقيمون أفق التفكير الفلسفي؟
كما تعلم أنني لم ألتحق بالجامعة إلا مؤخرا لكن متابعتي لما يجري في الحقل الفلسفي تسمح لي بالقول أن تدريس الفلسفة قد تطور كميا بشكل مهم، إذ فتحت العديد من الشعب لمادة الفلسفة بالعديد من الجامعات المغربية و قد صاحب هذا الإصلاح ظهور العديد من مسالك للفلسفة في سلك الإجازة و ووحدات للماستر و الدكتوراه. و الملاحظ أن العديد من هذه المسالك و الوحدات البحثية بدأت تنحي منحى الاهتمام بقضايا الفلسفية العملية أكثر من الاهتمام بالقضايا الميتافزيقية أو حتى الاهتمام بالفلسفة الإسلامية لم يعد هو المسيطر في الجامعة كما كان عليه الأمر حينما كانت الفلسفة متمركزة بفاس و الرباط، و هذا مؤشر على المسار الجديد الذي بدأ يسلكه الباحثون الجدد في المجال الفلسفي,فأصبح الاهتمام منصبا على الفلسفة السياسية وفلسفة الدين و الحق و الأخلاق و الفلسفة التأويلية وقضايا التواصل و الحوار و هذا طبعا يتماشى مع التحولات التي يعرفها الفكر الفلسفي العالمي الذي أعاد الاعتبار لهذه القضايا العملية التي هي أقرب لانتظارات الإنسان المعاصر لمواجهة التحديات التي تواجهه.والفلسفة اليوم إذا لم تنخرط في ما يمس الإنسان بشكل مباشر لن يكون لها صدى في المجتمع الذي تسيطر عليه النظرة التقنقراطية التي تختزل كل شيئ في عمليات حسابية و تقنية ضيقة.
- 4- صدرت مؤخرا مذكرة وزارية تحت اسم " المواد المتآخية" أو المتقاربة، بحيث يسمح بموجب هذه المذكرة إسناد تدريس الفلسفة لتخصصات من خارج الفلسفة، أي يمكن لحامل دبلوم في أصول الدين، التربية الإسلامية، القانون أو اللغة العربية...أن يقوم بمهمة تدريس الفلسفة بالثانوي التأهيلي.هل هذا الفعل ممكن فلسفيا ؟
بحكم تجربتي كمدرس لمادة الفلسفة بالتعليم الثانوي لمدة تزيد عن عقد من الزمن و التي أفتخر بها لأنني استفدت منها الشيء الكثير في كيفية تحويل و نقل الأفكار الفلسفية المعقدة لتلاميذ لا يعرفون حتى كلمة الفلسفة ، بل أكثر من ذلك يحملون تصورات عدائية للفلسفة،أكاد أقول أنه من أصعب المواد للتدريس بالتعليم الثانوي هي مادة الفلسفة. بل و بحكم تجربتي السابقة بالتعليم الخصوصي أيضا كنت دائما أسمع من مديري المؤسسات الخصوصية أن اختيارهم لمدرس الفلسفة للتلاميذ بمؤسساتهم يؤرقهم أكثر من اختيار الأساتذة الآخرين.فأنا أجزم بأنه يستحيل لمدير مدرسة خصوصية أن يسند تدريس هذه المادة لغير المتخصص فيها الذي هو الأستاذ الذي يمارس داخل القسم. لكن استهتار المسؤولون بالتعليم العمومي عودونا على مثل هذه القرارات الارتجالية. فإذا كان ذلك باسم الخصاص فأنا أقول يمكن حذف المادة من الجذع المشترك مرحليا بدل هذا القرار البليد الذي يسند مادة من أصعب المواد إلى غير أهلها، اللهم إذا كانت النية المبينة هي ضرب مصداقية الفلسفة لدى التلميذ من الأساس. إن مثل هذا القرار لا يمكن لعاقل أن يقبله. و بالمناسبة أناشد النقابيين و على رأسهم الأستاذ بلعربي الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم التابعة للكنفدرالة الديمقراطية للشغل الذي هو أستاذ الفلسفة أن يكون من أكبر المناهضين لهذا القرار الذي يضرب مصلحة التلميذ و يعطي صورة سيئة عن الفلسفة.

5- لقد تزامن اليوم العالمي للفلسفة مع حدث شهده المغرب، الأمر يتعلق بالانتخابات التشريعية، ألا ترى أن المشهد السياسي في حاجة إلى فلسفة السياسية كخطاب يغني ممارسة الفعل السياسي؟
الزعيم السياسي نفسه لايعرف الفلسفة السياسية و حتى المثقف الذي يمكن أن يزود ه بذلك و ينظر داخل الحزب السياسي و يسمع صوته لا وجود له،و حتى إن وجد بعض المثقفين الفلاسفة فوجودهم مرتبط بانتظار دورهم في الاستوزار.لقد كان المرحوم الجابري يدعو دائما إلى وضع المسافة بين المثقف الفيلسوف و السلطة و قد ظل متشبثا برأيه دون أن يعرف طريقا لوزارة الثقافة التي كان بإمكانه أن يتقلدها،لكن في ظل الأمية التي يتمتع بها الزعيم السياسي في الفلسفة السياسية لا يمكن لخطاب الفلسفة السياسية أن يعرف طريقه إلى الحقل السياسي.فمن مظاهر الأزمة التي يعرفها الخطاب السياسي هو غياب تصور فلسفي ينطلق منه السياسي .
7- كيف يمكن للفلسفة أن تنخرط في الشأن العمومي ؟
إن اهتمامات الفلسفة اليوم بالمباحث العملية المتمثلة في الفلسفة السياسية و الأخلاقية و الثقافية و الحوار و التواصل يمكن لها أن تساهم في مناقشة الشأن العام بدون مركب نقص.أعطيك مثالا. فالفيلسوف يورغن هابرماس في ألمانيا يعد مستشارا للسياسيين بطريقة غير مباشرة لأنه يتدخل بصفة دائمة في مناقشة القضايا العمومية و هو يعتبر نفسه كمثقف من الواجب عليه مناقشة هذه القضايا عملا بفكرة كنت الداعية إلى التمييز بين الاستعمال العمومي و الخصوصي للعقل. و هابرماس إلى جانب كتاباته الفلسفية الأكاديمية التي تعدت الأربعين كتابا ينشر بصفة دائمة سلسلة كتابات سياسية kleine politische Schriften هي حصيلة تدخل الفيلسوف في قضايا الشأن العام التي ليست حكرا على السياسي أو عالم السياسة . و القارئ لفلسفة هابرماس يلمس العمق الفلسفي لهذه المداخلات أكثر من القارئ العادي.
8- نلاحظ، حاليا، أن موجة من الشباب الأكاديمي، وضع الاهتمام الفلسفي بين مفترق الطرق، بين الفلسفة القارية والفلسفة الانجلوسكسونية. ماذا يعني انفتاحكم على القارة الانجلوسكسونية؟
الاهتمام بالفكر الأنجلوسكسوني و الألماني و لما لا الإسباني و الإيطالي و الأسيوي هو الذي من شانه أن يساهم في تطوير الخطاب الفلسفي بالمغرب و ليس الارتكان إلى رؤية فرنسية أحادية و التحرر من هذه المرجعية اعتبره مدخلا من مداخل الاستقلال الفلسفي على غرار الاستقلال السياسي. وقد سبق لي أن قلت في حوار آخر بضرورة فك الارتباط بالمرجعية الفرانكفونية لأنها عائق أمام الإبداع الفلسفي بالنسبة لنا نحن المغاربة، المرجعية الفرنسية الأحادية خطر على الفكر الفلسفي المغربي في زمن التنوع الفلسفي و تداخل الثقافات. والأكثر من ذلك فالتقليد الفلسفي الفرنسي فقد بريقه مع رحيل الفلاسفة الكبار أمثال فوكو و دريداو دولوز وسارتر . إن أسماء مثل هنري برنار ليفي فيلسوف الصهيونية علامة على انحطاط الخطاب الفلسفي الفرنسي المعاصر.أمام هذه الوضعية لا يسعنا سوى أن نقول بصوت مرتفع التفلسف بالنسبة لنا يمكن أن يجد منطلقاته في مرجعيات و تقاليد أخرى على رأسها التقليدين الألماني و الأنجلوسكسوني الواعدين. و أنا شخصيا اختياري لهذا الانفتاح ليس إعلان الحرب على التقليد الفرنسي، بل رغبة مني في المساهمة من موقع آخر أرى أن حضوره لا زال باهتا.و بالرغم من المشاكل اللغوية التي لازالت تعترضنا كشباب باحثين فإننا متفائلون بالمستقبل. و قد و جدت في التقليد الألماني و الأنجلوسكسوني اهتماما بالجانب الفلسفي العملي الأقرب إلى قضايا الشأن العام. و هو تقليد من شانه أن يساهم في بناء المجتمع الحداثي و الديمقراطي الذي ننشده دون الحديث عن التفكيك و مابعد الحداثة وهلم جرا من القضايا التي لا تلائم مجتمعات ما قبل الحداثة.
9- في الختام نود منكم كلمة أخيرة من أجل المأمول الفلسفي بالمغرب؟
المطلوب اليوم من الباحثين في الفلسفة بالمغرب الاهتمام بالبحث عن ما يجمعنا بثقافة الآخرين و تمتين العلاقات بالباحثين الأجانب من مختلف المشارب الثقافية لإبراز القضايا التي تشتغل عليها الفلسفة ببلدنا و ذلك قصد إبراز الشخصية المغربية.فبالرغم من أن الحديث عن فلسفة مغربية بالمعنى الكامل للكلمة سابق لأوانه إلا أن هناك مجهودات تبذل بالمغرب و تجد صدى لها خاصة في المشرق العربي.كما أن المأمول أيضا من الفلاسفة الشباب حاليا بوطننا الاهتمام بالقضايا التي لها راهنية و ارتباط بالشأن العام على اعتبار أن هذا الشأن لا يجب أن يترك للسياسي و التكنوقراطي وحده، بل المقاربة الفلسفية يجب أن تحضر. لقد ولى زمن الفيلسوف الذي يتامل في القضايا الميتافزيقية والترنسدنتالية البعيدة عن الواقع اليومي للناس.إننا في حاجة إلى فلسفة اليومي وذلك لمحاربة الفكر السطحي الذي تساهم فيه وسائل الإعلام المختلفة المشارب.الفلسفة وبحكم ارتباطها بالمجالات المعرفية الأخرى خاصة العلوم الإنسانية لديها من الوسائل ما يجعلها تكون في واجهة الأحداث.فالفيلسوف اليوم ليس مجرد منتج للأفكار داخل أسوار الجامعة كما قال فيلسوف الفضاء العمومي يورغن هابرماس،بل الفيلسوف هو فاعل باستمرار في هذا الفضاء العمومي من خلال تدخلاته الدائمة بناء على رؤية فلسفية و ليس استجابة لنداء السياسي.ولهذا لايجب أن يفهم من كلامي أن تتحول مهمة الفيلسوف إلى صحافي يومي، بل الخلفية الفلسفية التي ينطلق منها الفيلسوف هي التي تجعل خطابه متميزا عن خطابات السياسي و الصحفي وعالم السياسة.فالالتزام الفيلسوف بقضايا الساعة أمر أصبحت له أهميته اليوم قبل أي وقت مضى.كما أننا لانريد من الفيلسوف أن يكون مثل "الفيلسوف"الفرنسي برنار ليفي الذي يظل اليوم كله يتنقل بين وسائل الإعلام يروج لسياسة ساركوزي ،إذ تجده ضد الاستبداد في ليبيا و كأنه زعيم حزب تقدمي في فرنسا زمن الاستعمار الفرنسي و لكن حينما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية لا يستطيع أن يفتح فمه كما وقع أثناء حرب الإبادة التي خاضها الكيان الصهيوني ضد غزة.وهي الحرب التي كان يبررها بكل ما أوتي من مغالطات من أجل إرضاء الصهاينة. أعتقد أن مهمة الباحثين في الفلسفة في المغرب يجب أن تنصب بدورها على كشف مظاهر الاستبداد في النظم السياسية و الاجتماعية و الثقافية حتى يتسنى لنا تحرير المواطن من ثقافة الخوف.إن المهمة الأساسية للفلسفة و الفيلسوف اليوم بالمغرب هي المساهمة في نشر ثقافة التنوير بدل الجري وراء مناصب وزارية تافهة والاصطفاف وراء السياسي لتحرير خطبه المتكررة و الفارغة.فالخطاب الفلسفي يجب أن يساهم في التأسيس للمواطنة الفاعلة و الإيجابية التي تجعل المواطن في صلب العملية السياسية باعتباره مصدر السيادة الشعبية التي تجعله قادرا على تقرير مصيره بيده في ظل مجتمع يكون الحكم فيه خاضع لمؤسسات عقلانية و دمقراطية.فإذا كانت السياسة هي خدمة عمومية فالفلسفة بدورها يجب أن تساهم في تأهيل المواطن و توعيته وتسليحه بالفكر النقدي و العقلاني حتى يكون في مستوى المسؤولية لتقديم هذه الخدمة وذلك بالابتعاد عن ثقافة الأنانية و المصلحة الخاصة والارتقاء بسلوكه إلى ثقافة الواجب و الضمير الأخلاقيين.



#عزيز_الهلالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهوية اليسارية لحزب الاتحاد الاشتراكي بين الاستعادة المأمول ...
- من أجل الفلسفة وضد مغتصبيها
- الأضرحة السياسية وتمرد الهامش
- بؤس المشهد الإعلامي بالمغرب
- يحكى أن حركة لكل الديمقراطيين...
- الرسالة إلى التاريخ- التصنيف والتصنيف المضاد
- على هامش اقتراع 7 شتنبر 2007 - لحظة تاريخية أخطأها اليسار
- ذ. مصطفى صوليح يكشف تفاصيل انتهاكات السلطات الأمريكية لمقتضي ...
- تطوان: المشاركة السياسية للمرأة بمنظار الإطارات النسائية
- اليسار الموحد تحاور د. المهدي المنجرة
- الحزب الاشتراكي الموحد: قراءة في تجربة التأسيس والمسار
- في نقد الخطاب السياسي لحزب العدالة والتنمية
- أيادي نظيفة تتصدى لبؤر الفساد بمحكمة الاستئناف بتطوان
- معركة مفتوحة لحملة الشهادات المعطلين بتطوان
- إشكالية الهوية لدى الفكر اليساري
- حوار مع رمز الأغنية الملتزمة الفنان سعيد المغربي
- السكرتارية العامة للتنسيق بين النقابات بتطوان تدعو الإعلام إ ...
- وضع النساء من خلال تقرير 50 سنة من التنمية وآفاق 2025
- اليسار وتخليق الحياة العامة
- لقاء بين تجمع اليسار الديمقراطي واليسار الموحد بتطوان


المزيد.....




- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة
- سيناريو هوليودي.. سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح ...
- مصر.. تفاصيل جديدة في واقعة اتهام قاصر لرجل أعمال باستغلالها ...
- بعد نفي حصولها على جواز دبلوماسي.. القضاء العراقي يحكم بسجن ...
- قلق أمريكي من تكرار هجوم -كروكوس- الإرهابي في الولايات المتح ...
- البنتاغون: بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة سيبدأ قريبا جدا
- البنتاغون يؤكد عدم وجود مؤشرات على اجتياح رفح


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عزيز الهلالي - حوار مع الأستاذ الأشهب محمد بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة