أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرح البقاعي - الأسديّة بلا أسد















المزيد.....

الأسديّة بلا أسد


مرح البقاعي

الحوار المتمدن-العدد: 3597 - 2012 / 1 / 4 - 10:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أهلاً بكم في مملكة الصمت: سوريا ـ البلد الأوحد في العالم الذي يحكمه رجل من قبره: حافظ الأسد!

ليست هذه بمقدمة قصة خرافية من قصص الرعب المشوّق تُروى للأطفال، ولا هي فانتازيا درامية على طريقة سلسلة الجوارح و الكواسر و البواسل التي أقعدت شعوباً عربية قاطبة، لساعات طويلة، خلف شاشات التلفزيون؛ بل هي حقيقة دامغة أكّدتها عشر سنوات قضاها الأسد ـ الابن الوريث ـ في حكم سوريا لم يفعل خلالها سوى تدوير الكؤوس بين أطراف شبكة التحالفات الإقليمية التي نسج خيوطها المتشعّبة الأسد الأب، والتي رأس الأفعى منها "الحلف" السوري الإيراني، أحد أبرز المقدّمات الجيوسياسية لمشروع إيران الإقليمي المترامي الأطراف.

فبواسطة هذا الحلف العقائدي المبطّن، تمكّن المشروع الإيراني، ومنذ الثمانينات، من تمديد نفوذه الإقليمي المتفاقم بالتوازي مع تقلّب الظروف السياسية في المنطقة، في سلسة من الجغرافيا المتّصلة ابتداء من غرب إيران، مروراً بالعراق، واهتداء بسوريا التي يسّرت هذه الاستطالات السرطانية وصولاَ بالمشروع إلى بعده التاريخي العقائدي في جبل عامل لبنان وبعده الحيوي المؤجّل في منافذ غزة.

أما حافظ الأسد فقد كانت إيران بالنسبة له رأس الحربة التي توجّهت إلى صدر توأمه البعثي اللدود صدام حسين ولاسيما بعد فشل المحاولة الانقلابية التي قادتها سوريا على الرئيس العراقي في العام 1979؛ ووجد الأسد الأب في التقارب الإيراني عمقاً استراتيجيا لحكمه بإمكانه أن يعزّز من علاقاته العربية جنوباً مع دول الخليج المتخوفة من خروج العراق منتصراً من الحرب التي شنها في العام 1980 على إيران، وكذاغرباً باتجاه تعزيز مواقعه السياسية النافذة في لبنان "الشقيقة" حيث الهوى الشيعي الإيراني والنوستالجيا العقائدية التي تعود إلى العام 1501 حين أعلن الشاه اسماعيل الصفوي مذهب الشيعة الإثني عشرية مذهباً رسمياً للدولة الصفوية واستقطب علماء وأئمة المذهب من جبل عامل من أجل تكريس ونشر المذهبية الشيعية.

لقد كان حافظ الأسد متحكمّاً بمفاصل هذا الحلف ولعب دور المايسترو الناظم لحراكه السياسي من خلال تقديمه الدعم العسكري واللوجستي لإيران بالسلاح والخبراء، وكذا دعمه في العام 1982 لتأسيس حزب الله ـ "البروكسي العسكري الإيراني" ـ في لبنان، فكان سيد اللعبة بلا منازع، على خلاف حال هذا الحلف في عهد ابنه بشار الذي تحوّلت فيه سوريا من دور الفاعل المؤثر إلى المفعول به التابع، وذلك من خلال التغلغل العسكري والمخابراتي للحرس الثوري، وتوسع النشاطات التبشيرية في سوريا واندلاع حركة تشيّع واسعة في صفوف الطبقات الفقيرة، وكذا التدخّل الإيراني في السياسات السورية في أدق تفاصيلها إثر اغتيال رفيق الحريري وطرد القوات السورية من لبنان، فتحولت سوريا إلى حلقة تدور في الفلك الإيراني الإقليمي الذي تُوّج ملكوته في العراق بحكومة طائفية بامتياز خلفت سقوط صدام حسين عام 2003، وهذه المرة بأيادٍ أميركية!

اليد المخابراتية الطولى لإيران تجلّت بأبشع صورها في مشاركة قوات حرس الثورة إلى جانب عصابات الأمن السورية المدعوة " الشبّثيحة" بالقمع العنفي المفرط والمتّصل للمتظاهرين السوريين العزل منذ اندلاع الثورة السورية الماجدة في منصف شهر آذار الفائت. وقد زوّدت الباسيج عصابات النظام الأسدي الأمنية بالعتاد والأدوات والخبرات المخابراتية والعسكرية لقمع هذه الانتفاضة الشعبية التي إذا ما أودت بالنظام السوري تكون قد أخرجت إيران من العمق المناطقي والسياسي والمذهبي الذي يهيء لها التربة الخصبة لتمديد مشروعها التوسعي الصفوي الذي كثيراً ما يقارب السياسات الاسرائيلية فيما يخص النزاع العربي الاسرائيلي على الأماكن المقدّسة لدى المسلمين من المذهب السنّي.

هكذا كانت العقائدية "الأسديّة" التي أسس لها حافظ الأسد الحليف والظهير لدولة الملالي الإيرانية منذ اندلاع الثورة الخمينية في العام 1979، والدولة العربية الوحيدة التي وقفت إلى جانبها في حربها مع العراق التي انتهت عام 1988، وذلك تناقضاً مع شعاراتها المعلنة في الوحدة والقومية العربية. وكذا لعبت دور الممر الآمن لعبور الأسلحة لحزب الله في لبنان من أجل تعزيز نفوذها وتأصيل دورها المحوري في نزاع القوى الإقليمية والدولية التي مسرحها الأرض اللبنانية، إلى أن وصلت ترسانة حزب الله على الحدود المتاخمة لاسرائيل إلى 40 ألف صاروخاً وقذيفة مدفعية.

إن انهيار المنظومة الأسدية في سوريا سيؤجج، على مستوى الداخل الإيراني، وبصورة مباشرة، حراك الحركة الخضراء، وسيدفع بها مجددا إلى الشارع لاستعادة ما فقدته من حراك ثوري طامح إلى إطاحة بولاية الفقيه واستعادة مظاهر الحياة المدنية، كما أنه سيعيد إيران، إقليمياُ، إلى حدود نفوذها الأولى ما قبل الحرب العراقية الإيرانية، وسيقطع ذراعاً مستطيلاً لدولة الملالي وصل إلى البؤر الساخنة في غزّة حيث دعمها غير المشروط لحركة حماس يسير موازياً لدعمها لحزب الله ـ ودائماُ عن طريق المعبر السوري المؤتمن على المشروع الصفوي ـ في تموضع جغرافي نافذ سيشكّل خط الدفاع الإيراني الأول في مواجهات مستقبلية محتملة مع اسرائيل والولايات المتحدة.

وإذا كانت نظرية الحزام الأخضر التي صاغها مستشار الأمن الوطني للرئيس الأسبق جيمي كارتر، زييغنيو بريجنسكي، والتي مفادها أن نشوء أنظمة إسلامية في منطقة الشرق الأوسط، مدعومة أميركياً، سيكون بإمكانها أن تشكل بدائل حقيقية للنظم الاستبدادية، إذا كانت سارية المفعول حين اندلاع الثورة الخمينية، إلا أنها فقدت صلاحيتها اليوم إثر تساقط المستبدّين على يد الشعوب العربية في ربيعها الثوري. وهكذا لم يتبقى لإيران، في ميزانها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، إلا التخلّي عن الأسد الابن قرباناً للجغرافيا ومنظومتها الأسدية التي هي دينامو تلك الجغرافيا وعمقها الدفاعي وقد أعذ له حزب الله في لبنان ما شاء له الفقيه الإيراني من عِدّة لحماية الأسدبة الحليفة في سوريا أوـ في أسوأ الأحوال ـ الانقلاب على الحكم في لبنان والانقضاض على السلطة لتأمين البديل الحيوي عن سقوط الأسد وأسديّته في آن .



#مرح_البقاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصمت الأبيض
- زوكربيرغ @ تونس
- الرصاصة السياسية !
- أطوار بهجت والملك
- كلينتون تشنّ السلام على الصين
- باتْ مانْ مسِْلماً
- أنا الموت.. إنّي مدمِّر العالم
- الطريق إلى القدس يمرّ عبر بغداد-
- حزب الشاي
- فن تدوير العنف
- مرح البقاعي تحاور زبينغو بريجنسكي في قضايا الأمن الإقليمي وا ...
- ريحانيّات واشنطن
- نساء ضد المرأة!
- وماذا عن سجينات سوريا يا سيّدة كلينتون!
- البرادعي لرئاسة الولايات المتّحدة
- جرائم الياقة البيضاء
- عزيزي فوكوياما
- وصايا عشر إلى -الإدارة- السوريّة
- Iranophobia
- -الحُرّة- الأميركية تبثّ بالألوان!


المزيد.....




- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟
- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرح البقاعي - الأسديّة بلا أسد