شارع الشمقمق

توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 3579 - 2011 / 12 / 17 - 21:49
المحور: كتابات ساخرة
    

أنابيش (9)
بعد أن احتلت صور السلطان كل المكاتب والجدران، والأبنية والأعمدة والحيطان، أصدر السلطان تعميما جديدا، يقضي بمحو أسماء كل الشوارع الكبيرة في الوطن، وإعادة تسميتها وفق ما يلي :
يُسمى شارع الحرير، شارع السلطان، وشارع البستان، يتغير إلى 12 من حزيران(عيد زواج السلطان) !
أما شارع الحبايب، فليصبح شارع الشهيد أبي السلطان!
أما أكبر شوارع السلطنة، وهو شارع الشمقمق، يصبح اسمه منذ تاريخ صدور الأمر السلطاني شارع معركة الرمان، وهي المعركة التي دحر فيها السلطان فلول الطغيان من منافسيه وأولاد عمومته من نسل الشيطان !
وحيثُ أن أسماء الشوارع السابقة، كانت محفوظة، وليست مكتوبة على الشوارع، فقد سُهلَ الأمرُ على موظفي وزارة الثقافة والشؤون الاجتماعية والاقتصاد والتجارة والثقافة والإعلام، في وضع اليافطات الكبيرة على مداخل ومخارج الشوارع التي تُشير إلى أسمائها الجديدة، وشرع المذيعون والإعلاميون والصحفيون في بلاط السلطان في تكرار البيان ليحفظ الناس أسماء الشوارع الجديدة . فنشطت تجارة الإعلان، وازدهرت كتابة أسماء الشوارع بالألوان!
وبعد أسبوع أصدر السلطان الأمر السامي الثاني:
إلحاقا بأمرنا السامي الأول بتغيير أسماء الشوارع في سلطنتنا، فإننا نأمر بما هو آت:
يُلغى اسم ( المّبَرَّة) وهو اسم أكبر مستشفيات السلطنة، ويسمى باسمه الجديد (مبرة السلطان) ، ويُلغى اسم مجمع المدارس الكبير الذي كان يسمى في السابق(مدارس الحنان) ليصبح الاسم الجديد (مدارس سلطان الزمان) أما عن الجسور، فيسمى الجسر الكبير باسم (جسر ولي عهد السلطان) ابن محظيته وزوجته حنان!
ومن ملحقات الأمر السامي :
يُحظر على الجمهور إطلاق اسم السلطان، على المؤسسات الصغيرة، أو الشوارع الفرعية ومن يرغب في إطلاق اسم السلطان، على مؤسسته الكبيرة، عليه أن يتقدم بطلب خطي إلى رئاسة الديوان في قصر السلطان، وكل من يخالف هذا القرار يعاقب بالحبس مدة تتراوح بين سنة ونصف وعشر سنوات ونصف !
تُزال كل الأسماء السابقة من جميع الأوراق السابقة، ويُعاد طبعها في المطابع الأميرية ، لمالكها حفيد السلطان، وتعدل لتصبح بأسمائها الجديدة حسب الجدول المرفق مع الأمر السامي!
وعندما أَطْلَعه كبيرُ خادمي بلاط السلطان على الأمرين الصادرين، ضحك السلطان وقال:
أنت حكيمٌ كلقمان، فقد أممنا الوطن، وأعلنا ملكيته بشعبه بطرقه بمؤسساته بوزاراته، وألحقناه بقصرنا المنيف، فصار الوطن كله، هو القصر، والقصر ، هو الوطن !
وعلق خبير خبايا القصر، ورئيس مخابرته:
نحن جادون في العثور على طريقة نظهركم أمام النيام في عز المنام ، فالشعب يا سيدي السلطان،يخاف ويخشى السطوة والقوة، وما أن يُحس بالحرية والاحترام، حتى يتحول إلى ضرغام، يأكل السلطان، وأعوان السلطان!
وبعد خمسة أعوامٍ بالتمام والكمال من تغيير أسماء الشوارع والمؤسسات والمستشفيات والجسور، قرر السلطان افتتاح مجمع السلطان في شارع معركة الرمان،
فسأل الطفلة الجميلة التي قدَّمتْ له باقة ورد ترحيبا بقدومه:
أين تسكنين؟
فردَّتْ الطفلة الجميلة :
بيتُنا يقع في أول شارع الشمقمق ؟!!

#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات