أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - البهائية وموقفها من الفتنة والفساد















المزيد.....

البهائية وموقفها من الفتنة والفساد


راندا شوقى الحمامصى

الحوار المتمدن-العدد: 3569 - 2011 / 12 / 7 - 22:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يوصي حضرة بهاءالله أتباعه بالقيام لخدمة أمره، محذرًا إياهم بأن نصرة أمر الله لا تعتمد على حد السيف أو تتأتى به. بل إن رفعة هذا الأمر وعلوه يتحققان بالأعمال الطاهرة، والانقطاع عن كل الشؤون الدنيوية، والثبات في حبه. وبهذا الصدد أمر حضرة بهاءالله أصحابه باتقاء هجمات المنكرين بنفوذ كلمته لا باللجوء إلى العنف والقوة.
إن أحد أهم أحكام حضرة بهاءالله هو اجتناب زرع الفتنة والفساد. يشكّل هذا الحكم الأساس الذي تقوم عليها الحياة البهائية وتخص الفرد كما تخص المجتمع. فهو يحمي النفس من الشرور، والمجتمع من الفساد. يتفضل حضرة بهاءالله في أحد ألواحه(1) أن على المؤمنين أن يمتنعوا عن المشاركة في أي عمل قد يشتمّ منه رائحة الفتنة أو الخلاف. بل عليهم أن يهربوا بعيدًا عن ذلك كما يهربون من الثعبان.
ويصرح في لوح آخر:

"يا أهل العالم إن فضل هذا الظهور الأعظم هو أننا محونا من الكتاب كل ما هو سبب الاختلاف والفساد والنفاق وأبقينا كل ما هو علة الألفة والاتحاد والاتفاق نعيمًا للعاملين.
كنا وما زلنا نكرر وصيتنا للأحباء وهي أن يتجنبوا كل ما يُستشم منه رائحة الفساد بل يفروا منه فرارًا. إن العالم منقلب وإن أفكار العباد مختلفة. نسأل الله أن يزينهم بنور عدله ويعرّفهم ما ينفعهم في كل الأحوال إنه هو الغني المتعال."(2)

كلما ازدادت عتمة الفتن والفساد في العالم في هذا اليوم والإنسانية مدفوعة استسلامًا نحو هاوية الظلام، كلما تزداد صعوبة إيجاد أي أمر، سواء ديني، أم سياسي أم اجتماعي، يمكن أن يكون خاليًا من "رائحة الفساد". من جهة أخرى فإن أمر حضرة بهاءالله، الذي ينادي بالاتحاد والألفة بين أمم العالم، يرفض تلقائيًا أية محاولة من قبل أفراد أو جماعات لإفساد نظمه البديع بالتأثير الضار للاختلافات والتفرقة والمشاحنة. فيما يلي كلمات حضرة بهاءالله من لوح موجّه لمؤمن ولكنه متكبر مغرور:

"يشهد الحق أن لا أشد ضررًا يصيب الأمر في هذا اليوم أعظم من الفساد والنزاع والجدال والكدورة والبرودة ما بين الأحباء. اجتنبوا بقدرة الله وسلطانه ثم ألّفوا بين القلوب باسمه المؤلّف العليم الحكيم."(3)

إن الذين اعتنقوا دين حضرة بهاءالله، بينما يعاشرون أهل الأديان الأخرى بالمحبة والوفاق، لن يساندوا أو يشاركوا في أي نشاط يتنافى وروح هذا المبدأ من مبادئ دينهم. وخير مثال على ذلك عدم اشتراكهم، قولاً أو فعلاً، في الشؤون السياسية. قد يصح القول بأن ليس هناك اليوم بين المؤسسات ما هو فاسد كفساد المؤسسات السياسية. ففيها تجد أشر خصائص الإنسان تعبيرًا لها. ذلك لأن المبدأ المحض الذي يتحكّم في السياسة في هذا اليوم هو المصلحة والمنفعة الذاتية الشخصية، والأدوات والوسائل المستخدمة لتحقيق ذلك، في معظم الحالات، هي الكيد والتنازل عن المبدأ والخداع، والأثمار التي تنتج عنها هي الخلاف والفتن والدمار. فأنّى لأتباع حضرة بهاءالله العمل داخل إطار كهذا؟ وكيف يمكنهم المساهمة في السياسة مع الحفاظ والولاء لما أتى به حضرته من مبادئ عليا، مبادئ عالمية الجنس البشري ووحدته، الصدق والأمانة، الاستقامة والنزاهة والمحبة والألفة؟ كل هذه تتعارض مع ما تسير عليه النظم السياسية اليوم.
وعيًا منهم بالطبيعة الهدامة لنظم المجتمع الإنساني المعاصر، وإفلاس مؤسساته السياسية والدينية والاجتماعية، وعجزها عن توحيد الجنس البشري،ينصرف البهائيون على نطاق عالمي لتشييد هيكل نظم عالمي جديد يقوم على أسس تعاليم حضرة بهاءالله.
من جملة ما كتبه حضرة شوقي أفندي –ولي أمر الدين البهائي- في وصف الجامعة البهائية العالمية ودورها في خلق نظم جديد للمجتمع البشري، ما يلي:

وبينما يشعرون بسمو دعوتهم ويطمئنون للقوة الإنسانية المختمرة في دينهم يتقدّمون بمجهوداتهم إلى الأمام غير وجلين ولا ممنوعين لتكوين وإحكام الأداة الضرورية التي فيها تنمو وتنضج بذرة نظام بهاءالله العالمي. هذا هو العامل الإنشائي الذي يلتصق به أهل البهاء في أنحاء العالم، وهو الرجاء الوحيد لهيئة اجتماعية مهدمة، لأنه انبعث عن قوة ونفوذ غاية إلهية واحدة لا يعتريها تغيير، وأنه لذلك يتشكل في قالب نظام دينه البديع. وفي عالم قد تصدع هيكل نُظُمه السياسية والاجتماعية، واستوحشت إحساساته، وتطرّق الجمود إلى نُظُمه الدينية بحيث فقدت خصائصها وكمالاتها نرى أداة الشفاء هذه والقدرة النافخة بروح النهضة والحياة، وقوة التماسك الشديدة تأخذ طريقها إلى التشكل في قالب أنظمة تحشد الآن قواها للتمهيد لنصر روحاني وخلاص للبشر خلاصًا تامًا كاملاً. ومع أن المجتمع الذي تتجسد فيه هذه الحقائق صغير، وأثمارها المباشرة المحسوسة لم تبلغ مقام الاعتبار بعد، إلاّ أن القوى التي تجلّت بها والتي من شأنها أن تجدد الفرد وتعيد بناء العالم المتهدم هي في ذاتها فوق الحصر...
ومع ما يغمرهم من عاطفة الولاء لحكوماتهم، وأنهم يسرّون بكل عمل يحقق طمأنينتها ويشتاقون للمساهمة فيما يروج مصالحها، فإنهم يعتقدون بأن دين بهاءالله الذي يقومون شهودًا له هو دين قد رفعه الله فوق العواصف والانقسامات والجدل المثار في ميدان السياسة فهو بعيد عن السياسة، وخاصيته فوق حدود القومية، ومبرأ عن الحزبية، ومنفصل تمامًا عن مطامع القومية وأساليبها ومقاصدها. فهو دين لا يعرف الانقسام ولا الحزبية، وإنه بغير تردد أو تضليل، يضع المصلحة الخاصة سواء أكانت شخصية أو إقليمية أو قومية، معلّقة بالمصالح الرئيسة للإنسانية، ويؤكد بأن في عالم ترتبط جميع شعوبه وأممه وتتماسك أجزاؤه أحرى بأن تتحقق منفعة الجزء عن طريق مصلحة الكل، وإنه لا يمكن تحقيق منفعة الفرع بإغفال مصالح الأصل...
إن البهائيين يعتقدون اعتقادًا راسخًا بأن دينهم فوق هذا ليس طائفيًا ولا هو شيعة من الشيع، بل منفصل تمامًا عن كل نظام طائفي أيا كان نوعه وأصله ومطلبه. لأنه، كما هو الحال في النظم السياسية القائمة وأحزابها وبرامجها، لا يمكن أن يقال عن أي تنظيم طائفي بطقوسه وتقاليده وحدوده ومظهره الخارجي أنه يتفق في مجموع مظاهره ونواحيه مع العقيدة البهائية المتينة. على أنه يمكن لكل مؤمن مخلص لدين حضرة بهاءالله أن يظهر بغير شك استعداده للمساهمة في بعض المبادئ التي تنفخ بروح الحياة في هيكل النظم السياسية والدينية، ولكن مثل هذا الاستعداد لا يمكن أن يعني الاندماج في تلك العقائد والمبادئ والبرامج التي تقوم عليها.
ولا يجوز أن يغرب عن الأذهان أن دينًا تأسست نظمه الإلهية في قلب ما لا يقل عن 40 مملكة مختلفة تتصادم سياسة حكوماتها وتتعارض مصالحها باستمرار، ويزداد ارتباكها يومًا بعد آخر، وإنه إذا جاز لأتباعه سواء أكانوا أفرادًا أو هيئات منظمة استشارية أن يتدخلوا في المسائل السياسية، كيف يمكنه الاحتفاظ بسلامة تعاليمه وحماية وحدة أتباعه، وكيف يمكن له ضمان تقدّم نظمه المترامية بمثل هذا التقدم السلمي الثابت القوي؟ كيف يمكن لدين امتدت فروعه بحيث وضعته موضع الاحتكاك بالنظم الدينية المتعارضة باستمرار، واحتكاك بالفرق والعقائد، وإنه إذا كان يسمح لأتباعه بالاندماج في الطقوس والمبادئ العتيقة، كيف يستطيع الاحتفاظ بحيويته في دعوته الصريحة للولاء والصفاء، والتي يوجهها للذين قد يضمهم إلى حظيرته ونظامه المقدس؟ ثم كيف يمكنه تفادي الاحتكاك المتواصل وسوء الفهم والتعارض الذي يحدثه بالتأكيد مبدأ الانتماء إلى بيئة خاصة وهو المبدأ الذي يتعارض مع عمومية الهيئة الاجتماعية؟(4)

المراجع

1- بهاءالله، "مائدة آسماني"، المجلد 4، الصفحة 18.
2- "مجموعة من ألواح حضرة بهاءالله"، الصفحة 111.
3- "منتخبات من آثار حضرة بهاءالله"، رقم 5.
4- "الكشف عن المدنية الإلهية"، الصفحات 55، 60، 61-62.



#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليست ردة ولكن يقين إلى الامام !
- مؤمنون يتبيَّنون المقصود وآخرون يتبعون الظاهر وخاتم النبيين
- حوار بين زعماء الدين وأتباعهم وكتاب خاتم النبيين
- الوصايا العشر لصنع السلام في العالم
- الحياة فتنة وامتحان
- ذكرى مولد مظهر إلهي(مُرسل من الحضرة الإلهية) بدين جديد-بهاءا ...
- كيف تم تقسيم العالم بواسطة الدين ولماذا؟2-2
- كيف تم تقسيم العالم بواسطة الدين ولماذا؟1-2
- ومازلنا مع كتاب خاتم النبيين: الفضائل التي يتحلى بها قلب الإ ...
- ومع خاتم النبيين و إمتيازات الكلمة الإلهية وخلاقيتها
- وما زلنا مع كتاب خاتم النبيين والغاية الأولى لرسل الله أومهم ...
- ومن خاتم النبيين نتابع-الانتقال من لقب نبي في سورة 33 إلى رس ...
- استكمالاً مع خاتم النبيين و الفرق بين النبي والرسول
- الميراث في العقيدة البهائية- أحكام الميراث
- البشرية تتجه نحو السلام رغماً عنها
- القضاء والقدر
- نهج سياسي فاشل ونَظْم إلهي منقذ
- صوت السافور-زرين تاج-قرة العين-الطاهرة أعظم امرأة إيرانية (1 ...
- صوت السافور-زرين تاج-قرة العين-الطاهرة أعظم امرأة إيرانية (9 ...
- صوت السافور-زرين تاج-قرة العين-الطاهرة أعظم امرأة إيرانية (8 ...


المزيد.....




- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - البهائية وموقفها من الفتنة والفساد