الثورة التعليمية في الانترنيت مدارس مفتوحة وجامعات بلا ابواب

سمير عبد الرحيم أغا

الحوار المتمدن-العدد: 3566 - 2011 / 12 / 4 - 12:34
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    

في أماكن عديدة من العالم ومنها بلداننا العربية تجري إعادة تنظيم للعملية التعليمية او ما يمكن ان ندعوه ( التوجه التعليمي الجديد ) ضمن إطار فلسفة تعليم غير محدود بالزمان والمكان والمحرك الأساسي لكل ذلك هو الانترنيت .
دخلت شبكة الانترنيت في البلدان المتقدمة معظم المدارس والجامعات على أكثر من صعيد وتحولت إلى وسيلة إيضاح تعليمية تتضمن كل ما ينشده المدرس والطالب في قاعة الدرس الحقيقية من صور وتجارب ، كأن يراقب طلبة كلية الطب مثلا : عملية جراحية تتم في الزمن الحقيقي ( نقل مباشر ) أو أن يستخدم طلاب الكيمياء او غيرهم مختبرا افتراضيا ، يحاكون من خلاله التجربة المختبرة الحقيقية ويتطلب الأمر هذا ، تأهيل المدرسين والمدربين على استخدام الشبكة وطرق الاستفادة من مواردها ، ويستخدم الانترنيت من جانب آخر في عملية التدريس كشكل من إشكال الدراسة عن بعد وكاستمرار لظاهرة انتشرت في العقود الثلاثة أو الأربعة الأخيرة ، واتخذت إشكالا تعددت وتطورت مع تطور التقنيات المتاحة إمام طرفي العملية التعليمية : الجامعة والطالب .
وبدا هذا الشكل من الدراسة من خلال المراسلة الورقية مع الجامعة ثم المراسلة الصوتية باستخدام أشرطة الكاسيت ثم المرئية باستخدام أشرطة الفيديو وأخيرا عبر الانترنيت ، ويعتبر التواصل مع المدرسة / الجامعة عبر الشبكة شاملا لكل الإشكال السابقة علاوة على كونه يتجلى بميزة أساسية وهي عملية التفاعل بين الطالب والمدرس أو بين الطالب وزملائه عبر وسائل تقنية مختلفة .
من ناحية أخرى تسعى الكثير من الجهات لتقريب ذلك اليوم التي تصبح فيه المدارس متصلة فيما بعضها لتكون الإدارة الفورية لبياناتها متاحة وسهلة عبر ما يصطلح البعض تـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــسميته / intra-school collaboration/
ثمة توجه كبير لدى الشركات المختصة بصناعة تقنية المعلومات والاتصالات , نحو تقديم يد العون للمؤسسات التعليمية بغية تطوير أنظمتها وطرائقها التدريسية تتضمن استخداما متزايدا ومتعدد الإشكال للشبكة . وفي ما يتعلق بشركة مايكروسوفت مثلا : أنها شركة مستعدة لتأهيل وتدريب الكوادر المختلفة وفي مختلف القطاعات عبر الشبكة فإننا نرى شركات عديدة أخرى من بينها ( صن ) تشجع الناشئة وتحثهم على اكتساب المهارات التقنية من خلال الانترنيت ،
ويحضى هذا النمط من الدراسة أيضا باهتمام وتأييد الجهات الدولية المختصة ونشير هنا الى مشروع منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة والموجه أساسا إلى بلدان العالم الثالث ومنها بلداننا العربية التي دخلت هذا التوجه التعليمي الجديد من أوسع أبوابه ، عن طريق الانترنيت باعتبارها طريقا تختصر التكاليف الدراسية إلى الثلث بالمقارنة مع طرق الدراسة التقليدية لتشكل حافزا لطلبة هذه البلدان في متابعة تحصيلهم العلمي ما قبل الجامعي والجامعي . والعالي ، وسنركز هنا في هذا المقال على ما ورد من مسائل يتطلب شرحها وهي
- قاعة الدرس الافتراضي
- المدارس المفتوحة
- جامعات عبر الشبكة
قاعة الدرس الافتراضية : virtual classroom
يعتقد المنظرون لقاعات الدرس الافتراضية أنها تتفوق في التفاعل على قاعات الدرس التقليدية وصفوف المدارس .ويركز اعتقادهم على عدة نقاط أهمها
1- الكم الهائم من الأسس المعرفية المسخرة للقاعات الافتراضية .
2- إمكانية فتح محاور عديدة في منتديات النقاش ضمن القاعة الافتراضية .
3- إن عملية التعليم لم تعد محصورة في توقيت او مكان محددين .
ويؤكد هؤلاء المنظرون ، إن إدارة القاعات الدراسية الافتراضية لم تعد تتطلب معارف او مهارات تقنية عالية ، مما يعفي المدرس من هذه الأعباء ويتيح له التفرغ لمهامه التعليمية المباشرة وتحسين أدائه والارتقاء بمستوى أبحاثه . ونرى إن التصميم الجيد والمحكم للقاعات الدراسية الافتراضية يمكنه اليوم مع التقدم المستمر في التقنيات التفاعلية ان يبرز القاعات الفيزياوية وان يشجع الطلاب كي يتجاوزا حالة التلقي السلبي للمعلومات وينطلقوا في التعلم نحو المشاركة الفاعلة . وقد ظهرت ملامح منافسة حادة في مجال تقديم الحلول التقنية لعملية التدريس عبر الشبكة وتطرح العديد من الجهات حلولها الخاصة التي تستخدمها بمفردها . تتناول هذه الحلول التقنية خصوصا عملية تصميم قاعة الدرس الافتراضية ونعرض فيما يلي بعض هذه الحلول بالتفصيل ،
حلول مايكوروسوفت : http://www. Microsoft.com
تطرح مايكروسوفت حلولها التقنية ، الخاصة بالقاعات الافتراضية وتروج لها باعتبارها الطريقة المثلى لتنفيذ المهام الملقاة على عاتق تلك القاعات وتستند هذه الحلول على تشكيلة من برامج مايكروسوفت ، التي تؤدي بتكاملها مهمة إعداد المدرس والتواصل بين المتدربين أنفسهم وبينهم وبين المدرسين على النحو التالي :1
1- إنشاء موقع على الشبكة خاص بالدورة . تقترح الشركة لذلك برنامج نشر صفحات ويب ،( والذي يتضمن قالبا خاصا لقاعة الدرس الافتراضية ) الى جانب برامج (مايكروسوفت اوفس ) ، لا عداد المحتويات وخطط الدروس والعروض التقديرية فيها علاوة على المخططات البيانية بدون الحاجة إلى استخدام لغة html .
2- تحويل المحتويات إلى هيئة إعلامية يمكن بثها تدفقيا عبر الشبكة : streaming media :,وتقترح الشركة لذلك استخدام برنامج :Microsoft netshow :وهو احد البرامج المرفقة مع إكسبلورر والذي يمكن من خلاله تقديم محاضرات حيوية وعروض مرئية عبر الانترنيت وكذلك نشر الدروس على الطلبة .
3- توفير المشاركة في الوقت الحقيقي : وهو برنامج Microsoft net meeting : . و هو المناسب لعقد المؤتمرات الفديوية وحلقات النقاش المدرسية وتنظيم الطلبة إلى فئات علمية ،
المدارس المفتوحة
بدأ الانترنيت يلعب دورا محوريا في المدارس كمساعد في العملية التعليمية باعتبارها موسوعة علمية لا مثيل لها وأداة متفوقة لشرح وإيضاح التجارب والأفكار ووسيلة للتفاعل مع العالم الخارجي وساحة للعب التعليمي الهادف ، ودفعت هذه الأسباب حكومات البلدان المتقدة إلى تسريع عملية ربط المدارس بشبكة الانترنيت ، فتجاوزت نسبة المدارس المرتبطة بها في أمريكا 80% وقد أصبحت ألان 100% .
فوائد وصل المدارس بشبكة الانترنيت
يمكننا تلخيص هذه الفوائد بما يلي :
1- الوصول الى مصادر المعلومات والحصول على احدث الإخبار وأوراق البحث والإحصائيات والصور والأصوات ولقطات الفيديو ، واستخدامها كوسائل تساعد على شرح وإيضاح المادة التعليمية مع إمكانية نسخها في الكومبيوتر وطباعتها للاستفادة منها في الأبحاث :
2- المساعدة في كتابة الواجبات من خلال المراجع الغزيرة المتوفرة في الشبكة وإمكانية استشارة الخبراء في المسائل المعقدة .
3- توفر للطالب وسيلة سهلة لمتابعة برامج الحصص والنشاطات اليومية ونتائج الامتحانات والنظام المدرسي للمدرسة ،
4- تحسن مهارات مطالعة المواد التعليمية والأدبية بفضل غزارة المواقع التي تتضمن محتويات ممتعة
5- التعلم والاستمتاع المشترك عبر تبادل الخبرات والأفكار مع الطلاب الآخرين في المدرسة ذاتها او مدارس أخرى .
6- الاتصال مع طلاب من بلدان أخرى والتحاور معهم في المواد الدراسية والثقافية والعمل معا على بعض المواضيع المشتركة واكتساب معارف عن حضارات أخرى .
7- تسهل عملية الحوار بين الإباء والمدرسين فيما يتصل بشؤون أبنائهم مما يعزز العملية التعليمية التربوية . وعلى الرغم من إجماع التربويين على أهمية الانترنيت كمساعد في العملية التربوية وكعامل أساسي في التطور التكنولوجي العربي مستقبلا ، لا نجد في البلدان العربية سوى القليل من المدارس المرتبطة بالشبكة . ولا توجد ايضا خطط حكومية عربية واضحة لربط بعض المدارس النموذجية على الأقل بشبكة الانترنيت في التعليم , ومن المؤكد ان يشكل هذا الغياب ( التعلم في الانترنيت ) عائقا جديا امام تطور القوى العاملة العربية .
جامعات بلا أبواب : الجامعات عبر الشبكة
تكتسي الدراسة الجامعية وما بعد الجامعية أهمية خاصة لقطاع واسع من جمهور المتعلمين وأولياء أمورهم لما لها من تأثير كبير على مستقبل الفرد من ناحية إعداده إعداد علميا سليما يحقق له طموحاته ومأربه الشخصية من ناحية ويكسبه موقعا منا سبا في المجتمع ولا يظن احد ان الانترنيت ... مجرد مسرح يلعب فيه المستخدم دور المتلقي غير الفاعل للمعلومات او معرض لخدمات هذه الشركة .. او تلك بل هو إضافة إلى ذلك نافذة في بيتك أو مكتبك تتفاعل من خلالها لتقوم بمختلف أنواع النشاط الإنساني الواقعي وإذا كانت التجارة عبر الشبكة وعقد الصفقات التجارية والمضاربة بالأسهم وما إلى ذلك هي شكل لهذا النشاط الواقعي( فأن الدراسة عبر الشبكة شكل واقعي آخر شرع ينمو ويتسع ليأخذ مساحته التي يستحقها في فضاء الويب .)3
نموذج لجامعات عبر الشبكة
جامعة( فونيكس ) 2: http//www.uophx.edu/online
هذه الجامعة معترف بها من قبل مفوضية المعاهد والتعليم العالي التابعة للهيئة المركزية الشمالية للجامعات والمدارس NCAالتي تأسست عام 1895التي تسعى لتطوير وتحسين المقاييس التعليمية . وهي توفر لك الفرصة المناسبة من اجل حضور الدروس مستخدما كومبيوترك الشخصي .
لهذه الجامعة 28 فرعا في مختلف إرجاء أمريكا بلاضافة إلى موقعها على الشبكة ، وهي إحدى اكبر الجامعات الخاصة المعترف بها وتتم الدراسة فيها بعدة طرق :
الدوام بالشكل العادي الذي يعني الحضور فعليا إلى قاعة حقيقية وتلقي الدرس من المحاضر والدخول الى مختبر حقيقي ،
بالانتساب حيث يمكن دراسة بعض المناهج عن بعد ثم تقديم الامتحان إلى جانب طلاب الفئة الاولى
بالمراسلة , وتختلف عن السابقة بطريقة الامتحان حيث يتم الامتحان هنا بالمراسلة عن بعد
عبر الانترنيت .. فقد انشات الجامعة عم 1989ما أسمته بالحرم الجامعي على الشبكة تطور على نطاق واسع في السنوات الاخيرة وهو حاليا يضم طلابا يدرسون دراستهم الجامعية الأولى او العليا من مختلف إرجاء أمريكا والعالم .
أقسام الدراسة عبر الانترنيت
تنقسم الدراسة عبر الشبكة في جامعة فونيكس الى قسمين رئيسيين
1- الدراسة الجامعية الأولية : ويسعى طلابها للحصول على إحدى الشهادات التالية
الدراسات العامة : بكالوريوس إدارة إعمال او أنظمة المعلومات او الإدارة أو التسويق وغيرها
2- الدراسات العليا ويسعى طلابها للحصول على ماجستير في الإدارة التنظيمية او إدارة الإعمال او الإدارة التقنية ، وغيرها من الاختصاصات . لنيل إحدى الدرجات العلمية ينبغي على الطالب ان يحصل عددا من النقاط يحصدها عبر دراسة عدد من الدورات والنجاح في امتحاناتها فمثلا تتطلب شهادة الماجستير في إدارة الإعمال والادارة التقنية تجميع 51 نقطة من 17 دورة تختارها من بين 18دورة متاحة وستبلغ الرسوم 9900دولار .
الطلاب غير الأمريكيين
يجري تقييم عام للمتقدمين بطلبات انتسابهم إلى الجامعة من غير الأمريكيين من قبل لجنة خاصة تختارها الجامعة وتصادق على الطلبات ، ينبغي على الطلبة إن يجيدوا الانجليزية بطلاقة كي يستطيعوا التواصل في حلقات النقاش وان ينفذا واجباتهم وتشترط الجامعة لذلك على الطلاب غير الناطقين بالانجليزية ان يكونوا حاصلين على شهادة توفل toefl بمعدل لا يقل عن 580 نقطة .
كيف تجري الجامعات امتحاناتها ؟
تتبع الجامعات أساليب متشابهة في أدارة العملية الامتحانية عبر الشبكة ضمان نزاهة الامتحان وتوافقه مع الأنظمة والقوانين المرعية لديها وثمة ثلاث طرق أساسية في الامتحانات :
1- الامتحان في فرع الجامعة . قريب جغرافيا من منطقة إقامتك كالامتحان في فرع بيروت
2- الامتحان في مكتب تمثيلي للجامعة . مخول بمراقبة الامتحانات
3- الامتحان في مراكز مرتبطة بسفارات وقنصليات الدولة التي تنتمي إليها الجامعة .
وهناك العديد من الجامعات العالمية والعربية التي يمكن الاطلاع عليها عبر الشبكة توفر لك نفس الفرصة .
لقد تصاعد الدور الخطير الذي يلعبه أسلوب التعليم عن بعد المدعوم بانترنيت بعد تحقيقه نتائج ايجابية على المستوى العالمي وظهور أثره الايجابي في دعم ورفع كفاءة العملية التعليمية وتحقيق مبدأ التعليم المستمر مدى الحياة .
.......................................................................................................
1- مجلة انترنيت العالم العربي
2- موقع جامعة فونيكس عبر الشبكة
3- من مقال منشور في( المركزالوطني للتعليم الالكتروني والتعلم عن بعد) عبر الشبكة

#سمير_عبد_الرحيم_أغا (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات