أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - جمال الهنداوي - أرغفة خبز طازجة لبثينة شعبان














المزيد.....

أرغفة خبز طازجة لبثينة شعبان


جمال الهنداوي

الحوار المتمدن-العدد: 3533 - 2011 / 11 / 1 - 21:04
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


مغامرة غير محسوبة النتائج..ومحفوفة بالضجر اصبحت ممارسة الابحار في فوضى الاعلام الرسمي العربي ..فليس هناك من مأمن ان تدوس على نص ملغم..او مادة مفخخة..ولن تكون الغفلة او حسن النية عذرا لك اذا تشظت في طريقك الاكاذيب غيرالمتقنة ..
لم تحسن السيدة بثينة شعبان تمويه مقاصدها وهي تستدر عطف-او تعاطف- الاعلام الغربي مع معاناتها الشخصية في مكابدة ان تمر عليها ذكرى عزيز راحل ولا زهور توضع برفق على قبره البعيد..ولم يكن من الحكمة ان تختار الاعلام الانجليزي البارد لتحاول من خلاله ان تبعث بعض الدفء لعلاقات نظامها الواهن مع القارة العجوز العنود..
لسنتين..تقول السيدة شعبان:" ونحن نرغب في الذهاب إلى مقبرة العائلة"ومغالبة دموعها تضيف"لكنني لا استطيع الذهاب لأني أخشى أن اقتل في حمص"..ومع منديلها المبلل بما جادت به عيناها الحزينة تستل من حقيبتها الورقة الاقرب الى قلب كل مسؤول عربي في لقاءاته مع الاعلام الغربي..فتعرض حقيبة تسوقها فارغة من الخبز لأن"صاحبة المخبز اخبرتها بقدوم رجال ملتحين وتهديدهم لها بحجة أنها مسيحية وأنها تضع الويسكي في الخبز".
يؤخذ علينا دائما كممتهنين للكلمة باننا نشط كثيرا فيما نكتب ونقول.. واننا نضيع البوصلة احيانا في المنطقة الشائكة المعتمة ما بين التكهن والاقرار..وقد تدفعنا بعض العزة الزائفة بالنفس الى تجاهل الحقائق والذهاب بالامور الى ما لا تحتمل من استطراد وتفلسف..ولكني اشك انه يوجد هناك من يستطيع –او يجرؤ-على ان يولج شهورا طوال بايامها المجمرة من معاناة شعب وأمة وارض وكرامة..وارقام تجاوزها العد من الشهداء والدماء والاشلاء المقطعة او المستلبة.. في سلة خبز فارغة..
كعراقيين..قد نكون كابدنا في سنين عجاف خلت الحاكم الاله وهو ينتحل الشكوى من فقدانه لبطاقته التموينية..ولكن يبقى من المؤلم..بل ومن البائس ان نرى سيدة في اواخر العمر في كل هذا الهوان وهي تسوق ذكرى رحيل والدتها لتمنح سيدها بعض الوهج المفقود على صفحات الجرائد التي ملت ترديد ارقام الضحايا على واجهة اخبارها..والاكثر تمزيقا للقلب هو ان نكابد مرأى نفس السيدة وهي تحاول اخفاء آثار صفعات الاسد الآخر على وجهها المبتسم قسرا كجزء من متطلبات المهنة..
نتفهم ان يكون للمنصب الرسمي المهم والمكتب الفخم ووميض الكاميرات ما يمنع السيدة شعبان ان تبر والدتها وتستمطر الرحمة على روحها بأن تكفكف بكلماتها اعين الامهات الثكالى..وقد يكون لكثافة ستائر مركبتها الرسمية ما يجعلها في منأى عن النظر الى المقابر التي تناثرت على طول وعرض ووجع الوطن..وقد يكون طول التعشق والعهد بعبارات المدح والنفاق والتلميع والترقيع لخطايا النظام لم يبق في جعبتها ما يمكن ان يكتب في صحيفة اعمالها امام شعب جريح..ولكننا كنا ننتظر من سيدة تتحلى بالدال المفخمة التي تسبق اسمها ان تعرف ان من اضعف ايمان النخاسة الاعلامية هو ان تعرض ما يمكن ان يتقبله الآخر ولو على مضض..او ان يكون في حاجة اليه على الاقل..وان صورة سيدها الموشاة بالدم والقمع والدموع لا يمكن ان تمرر للعالم الحرفي ظل وسائل الاتصال المعاصرة باستخدام تقنيات الصفق بالاسواق وان كان بطلاقة انجليزية لافتة..
كما انه من المفترض بالعقلية التي انتجت كل هذه الكتب التي تملأ رفوف الكتب في الولايات المتحدة-كما تقول السيدة- ان تعي ان الغرب لا يبدل مواقفه من خلال العبارات المنمقة ولا غضبا لدموع بائعة خبز في احدى مدن الشرق المنسية..بل عن طريق المصالح التي جعلته لا يرى الزبيبة في جبين القاضي مصطفى عبد الجليل ولا اللحى المموهة بالبدلات العسكرية المرقطة..المصالح نفسها التي دفعت الروس والصينيين لاستخدام الفيتو وهي نفسها من قد تطيح بسيدك الى حفرة ما ان عزت عليه مجارير الصرف الصحي .
كان على السيدة ان تدرأ عن نفسها الشبهات وتتمترس بما تجيده اكثر من اي شئ آخر من عبارات التعظيم الزائف المحنطة التي توفر لها الامن من غضب السيد والطمع فيما يده دون ان تدخل ذكرى والدتها في الامر..وكان عليها ان تمارس عملها بما يرضي السلطان من خلال ترديد الكلمات التي ترمم خراب الحكم وتجمل افعاله وتبدل الحقائق بما يليق بهيبة الرئيس ويبشر بالاصلاح الذي ياتي ولا يأتي..فليس من السهل ان يتقبل الشعب ان السيدة التي تنطق باسم النظام قد ضاقت بها الحيل لكي تتاجر بعظيمات امها الراحلة لتسول بعض الضوء على العتمة الكالحة لوجه ولي امرها العتيد..وليس من اليسير ان يصدق الناس ان السيدة التي تخشى زيارة قبر امها قد تقف معه في الدور لشراء الخبز من الاسواق..



#جمال_الهنداوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الامن الاستباقي..وحقوق المواطن
- تعدد سياسي..ام تعدد زوجات
- مسدس ذهبي.. وشعر مستعار.. وشعب جاحد ملول
- الاعلام المسيس والوحدة الوطنية
- رحمة الله لا تسع ستيف جوبز..
- الحماية الدولية..حق وواجب
- ولاية امر يمنية حسب اشتراطات ياسين بقوش !!
- المشاركة السياسية للمرأة السعودية..قرار صعب.. واسئلة اصعب
- فتوى الشيخ البراك..ارتهان الدين بارادة السلطان
- الدولة مطالبة..
- مستبد عادل على عربة اطفاء مسروقة..
- الموقف الايراني..والتعاطي العربي المطلوب
- نهاية حلم خلجنة الممالك العربية..قد يكون في جدة
- لا تضحك كثيرا سيدي الجاسر..
- لم تقاوم طرابلس..كما بغداد..وكما ستكون البقية..
- هنيئا لكم الحرية..
- ميناء مبارك..قد لا يكون كبيرا بما يكفي..
- مصداقية الغرب على محك الثورة السورية
- البيان السعودي..وضوح الخطاب وارتباك النوايا
- احداث لندن..ونحن


المزيد.....




- بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب ...
- نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو ...
- ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا ...
- الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ ...
- أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق ...
- وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي ...
- السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما ...
- وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - جمال الهنداوي - أرغفة خبز طازجة لبثينة شعبان