أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زيني محمد الأمين عبّاس - وقعت فأس الإسلام السياسي في رأس الجميع















المزيد.....

وقعت فأس الإسلام السياسي في رأس الجميع


زيني محمد الأمين عبّاس

الحوار المتمدن-العدد: 3530 - 2011 / 10 / 29 - 18:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عند الحديث عن الإسلام السياسي في هذا المقال وفي غيره من كتاباتي المقصود هو التوجه أو التيار الإسلاموي أي أولئك الذين يصرون على أن ما يقدمون ويطرحون من "أفكار" و"برامج" يفترض أن تكون سياسية نابعة من الدين الإسلامي الحنيف أو هي ذات خلفية إسلامية ونيتهم جميعا –إن سلمنا لهم بصدق النوايا- أن تلك الأفكار والأطروحات هي أفضل ما يمكن أن يستشف من الإسلام إن لم نقل إن الكثيرين منهم يرون فيها الإسلام ذاته دون أن تصل بهم الموضوعية وبنيوية التفكير لحد تبصر مخاطر أن الطرح يثير التساؤل عن ماهية الإسلام الصحيح من الإسلام الخطأ.
وبذرة الإسلام السياسي تاريخيا قديمة قدم بعض محاولات الإصلاح قادها متنورون استشعروا الضرورة للإصلاح مع إرهاصات انفتاح المجتمعات العربية والإسلامية على الحضارات والشعوب الأخرى غير أن الفكرة والبذرة ظلتا في الحقل الفكري ولم تغرس في التربة السياسية إلا مع منتصف القرن العشرين وغالب ظن الكثيرين –وقد لا يخرج ذلك في اعتقادي عن نظرية المؤامرة التي لا يكاد يستقيم دونها فكر أو تفكير في الوعي واللاوعي العربي المسلم تقريبا- أن ذلك كان بفعل أجهزة المخابرات الأمريكية لزرع الفرقة والشقاق حول عامل وحدة هذه الأمة ولحمة كل المنضوين تحت ظلال هذه القيم وتلك الحضارة خاصة أن الدروس التي يستقيها الغرب ومنظريه عادة من مجريات أحداث العالم في القرن العشرين ودور الإسلام وقدرته على الجمع والتوحيد كما حدث في العهد العثماني يمكن أن تكون موضوعيا حافزا على التخطيط لتجنب مخاطر استمرار مثل ذلك.
والأهم في نظري من البحث والتحليل في التاريخ وادعاءات كل طرف ومساعيه لتأويله –وما يعلم تأويله إلا الله- هو محاولة فهم هذه الظاهرة على حقيقتها بمنهج التجرد من كل معيقات الموضوعية كالعواطف والمشاعر وقيود الانتماء وما شابه:
وفهمه يبدأ بفهم مكانة الإسلام وطبيعته كديانة سماوية خاتمة للرسالات ومفارقة التغافل في الفكر وفي المعتقد عن مقصد الختام في هذا المجال، أي عن السر الذي بموجبه قرّر صاحب القرار وحده دون غيره (الله) وضع حد لتوجيه بني البشر بأنبياء ورسل يعدّون ويلهمون ويبعثون لقرى ومدن وأقوام في البداية ثم للبشرية جمعاء في الختام. إن لم ينفذ العقل العربي الإسلامي في القرن الواحد والعشرين وما يحمل من دلالات التراكم إلى أن في المسألة سرّ يرجى ويطلب وينتفع من وراء طلبه بمنفعة وفائدة فأقرب الظن أن الرسالة لم تصل بعد وقد لا تصل مستقبلا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
الله خلق البشر واصطفاهم بقدرات وملكات خفية تتطور مع الزمن وحرص على رعاية نمو تلك الملكات وتوجيه بني البشر طالما علم أن ملكاتهم ما تزال دون مستوى النجاعة والتطور الموجب لتحمل المسؤولية المترتب عليها الحساب وما بعده إن بالثواب أو بالعقاب وجفف المنابع بعد ذلك وأخبر على لسان خاتم أنبيائه ومرسليه محمد بن عبد الله (ص) بقوله "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا".
إن لم ينفذ بني البشر عامة والعربي المسلم بصفة خاصة من قراءة النصوص المحفوظة بالإعجاز والمذكور فيها بصريح القول في باب القص القرآني وفي أكثر من قصة ومكان أن حساب المنذرين جلهم كان حاضرا بالصيحة أو الرجفة أو الغرق والطوفان..... وكان حسابا جماعيا في معظم الأحيان، وحساب من بعد الختام مؤجل ومنصوص على أنه فردي "كل نفس بما كسبت رهينة" فما الرجاء من الطمع في أن تكون أساليب المزايدة والخداع التي يتبعها البعض ومظاهر التقوى والورع والخشوع لدى البعض الآخر مؤدية للمصالح؟ أو دالة على أهلية تبصرها وطلبها؟
الدين في جانبه المتعلق بالعلاقة بين الخالق والمخلوق البشري علاقة نفعية يرجو الخالق من ورائها تجسيد ربوبيته ونص على ذلك صراحة بالقول "ما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون" ودلالة ذكره في غير مكان بأن كل المخلوقات الأخرى من طير وجماد وجبال تعبده وتسبحه "كل قد علم صلاته وتسبيحه" تشير إلى أن العبادة في حد ذاتها ليست الهدف بقدر ما الهدف التقاء العبادة بالإقرار والإقرار لا يتم إلا بحضور ملكات فوق المستوى المحسوس فضل بها الله بني البشر على غيره وبموجبها سخّر له كل ما في الكون تقريبا. ونفع المخلوق بالطاعة والإيمان والاعتقاد والتسليم توازن نفسي قبل كل شيء وانصراف من بعد التوازن لطلب المنافع والمصالح الحاضرة دون التغافل عن أن استحضار المؤجل من الحساب حافز على ترسيخ سلوكيات وقيم تجلياتها (الأخلاق) مساعدة على توفير أفضل ظروف التعايش بين بني البشر في الإطار الزمكاني الوحيد الجامع المتمثل في الدنيا وما عليه حالها من تعقيد يستوجب حسن التخطيط والتنظيم في دول وممالك ومجتمعات أداة إدارتها الأولى والأخيرة هي السياسة.
الإسلام السياسي والقومية العربية وجهان لعملة واحدة اسمها الانغلاق أو التقوقع على الذات من منطلق فهم أن الإحساس بالانتماء للعروبة أو للإسلام دعامتا الهوية خصوصية والخصوصية عنوان للأنانية والنفور من الآخرين، هذه العملة رائجة بلا منازع في مجتمعاتنا العربية والإسلامية بدليل رضوخنا في بعض البلدان ولعشرات السنين المتتالية لقومجيين سذج زنادقة ومبتذلين وتكالب جماهيرنا العريضة اليوم بعد الربيع العربي على صناديق الاقتراع التي لم تألف شفافيتها قط لتفويض الإسلامويين بالطمع في أن ادعاءهم خوف الله أو أن الخزّ البادي على وجوه من ندى السجون وبريق الراحة الذي تشع به أخرى من المنافي مظنة أهلية طلب المصالح الدنيوية الموصوفة بالتنمية والتقدم والرخاء لا بترويج منقلبات الخلد وجنات النعيم.
الآن وقد أفضت أول انتخابات ربيع عربي يرجى أن تتفتح أزهاره في الشتاء السرمدي القارس إلى تفويض حزب حركة أو حركة حزب - لست أدري - يوصفان بأنهما إسلامويان (حركة النهضة أو حزبها) في تونس فإن الأنظار تتجه إلى ما ستؤول إليه الأمور وكل الدلائل تؤكد أن الضبابية ما تزال تلف المشهد:
النهضة التي فوضها الشعب التونسي أمره وبأريحية كبيرة وفي انتخابات يشهد الكثير من المراقبين أنها تمت في ظروف غير مخلة بمصداقية نتائجها تسعى على ما يبدو إلى أن تنصب رئيسا للبلاد غير نهضاوي وتشكل حكومة وحدة وطنية متعددة الأطياف في خطوة تذكّر جل التونسيين بما كان يقدم عليه المخلوع من الفوز في كل الانتخابات بنسبة عريضة وواسعة (99.99°/°) ويعطي المعارضة عشرين في المائة من مقاعد البرلمان.
وترى النهضة في ذلك التزاما بما قد قطعته على نفسها من عدم الترشح للرئاسة في هذه المرحلة وتريد أن تخفي –حسب ما أرى- تخوفها من انكشاف عورة الفشل المحتمل لكل من لم يؤسس فوزه في الانتخابات على أهلية حقيقة لتحقيق طموحات وآمال الجماهير العريضة التي توسمت فيه الأهلية لذلك ورفع تحديات الوضع الشائك الذي خلفته أشهر تسعة من الفوضى وتفكك أجهزة الدولة ومؤسساتها.
المخلوع كان يقوم بذلك ويسوق الفكرة على أنها انفتاح وديمقراطية ومسعى لفتح الباب أمام المشاركة في الحكم والنهضة لا ألمس لها فلسفة من وراء مثل هذه الخطوة اللهم ما لزم من شك في أن قادتها ومنظريها يسعون لأكل الأشواك بأفواه الآخرين:
فإن نجحت الطبخة المراد إعدادها وأبرزت نجاعة في معالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للبلد ولسكانه المتطلعين للأفضل يكون النجاح نجاحا للنهضة والتفويض الشعبي الواسع دليل إثبات ذلك وإن فشلت فإن إمكانية تسويق الفشل على أنه فشل الآخرين وتهمة أن أمريكا فرضتهم على الحركة قائمة ورائجة ومدخل لخداع الجماهير في الاستحقاقات القادمة بعد انتهاء مرحلة انتقال التأسيس هذه.
فأس النهضة إذا وقعت في رأس المجتمع التونسي وورطة انهيار الدولة التونسية بـ"ثورتها" وأوضاع مجتمعها المتأزمة على مختلف المستويات وفي كل الأقاليم والجهات فأسا ذهبية صدئة في يد النهضة وقادتها تسعى لأن تجش بها رؤوس كل المنافسين والخصوم.
والوضع على ضبابيته وتعقيده كما وصف في تونس يكاد يكون وضع جميع المجتمعات العربية والإسلامية الأخرى في سلسلة من ناسخ ومنسوخ وحده الله يعلم متى وكيف سينتهي تدحرجها في منحدرات ومنزلقات الزمن والتاريخ.

زيني محمد الأمين عبّاس
29 أكتوبر 2011



#زيني_محمد_الأمين_عبّاس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ردا على دعوة الحوار المتمدن للإسهام في الحوار أقول:
- عدد اليهود في فلسطين حسب تقدير العرب
- إلى أين تأخذنا يا زمن؟
- -العالم العربي- بين الأمس واليوم
- الإرهاب في خليّة طبّية وماذا بعد؟؟
- الاستعمار كان ولا يزال خير من يحمل الأوزار
- نزاع الصحراء الغربية: مشروع الحل
- المجتمعات الثائرة وسبل استيعاب الإسلام السياسي
- الأمم المتحدة : مشروع الإصلاح
- ثمن الرضوخ للدكتاتورية
- القضية الفلسطينية: مقترح عملي لإقامة الدولة الفلسطينية المست ...
- تونس الثورة : من دكتاتورية إلى أخرى
- الدّين والسياسة : زواج بعقد طلاق
- العلمانية : ما لها وما عليها


المزيد.....




- “ضحك أطفالك” نزل تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ج ...
- قائد الثورة الإسلامية يدلى بصوته في الجولة الثانية للانتخابا ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف 6 أهداف حيوية إسرائيلية بص ...
- -أهداف حيوية وموقع عسكري-..-المقاومة الإسلامية بالعراق- تنفذ ...
- “بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- المقاومة الإسلامية بالعراق تستهدف قاعدة -عوبدا- الجوية الاسر ...
- “وفري الفرحة والتسلية لأطفالك مع طيور الجنة” تردد قناة طيور ...
- “أهلا أهلا بالعيد” كم يوم باقي على عيد الاضحى 2024 .. أهم ال ...
- المفكر الفرنسي أوليفييه روا: علمانية فرنسا سيئة وأوروبا لم ت ...
- المقاومة الإسلامية بالعراق تستهدف ميناء عسقلان المحتل


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زيني محمد الأمين عبّاس - وقعت فأس الإسلام السياسي في رأس الجميع