أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - طريق الثورة - لنكمل الطريق الذي عبدته منظمة -إلى الأمام- نحو تهيئ شروط تأسيس الحزب الشيوعي الثوري المغربي















المزيد.....



لنكمل الطريق الذي عبدته منظمة -إلى الأمام- نحو تهيئ شروط تأسيس الحزب الشيوعي الثوري المغربي


طريق الثورة

الحوار المتمدن-العدد: 3516 - 2011 / 10 / 14 - 19:00
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


«إن واجب الشيوعيين ليس السكوت عن نقاط الضعف في حركتهم بل نقدها من أجل التخلص منها بشكل سريع و جذري»(من مقررات الأممية الثالثة:المهام الرئيسية للأممية الشيوعية)".
" إن واجب البلشفيين لا يكون في إخفاء أخطائهم و في تجنب مناقشتها مناقشة صريحة ، كما يحدث غالبا عندنا ، و لكن بالاعتراف بكل شرف و صراحة بأخطائهم، و بمواجهة التدابير الضرورية لإصلاح أخطائهم بكل شرف و صراحة، و بإصلاح أخطائهم بكل شرف و صراحة . لن أقول أن كثيرا من رفاقنا يقبلون هذا العمل عن طيب خاطر، و لكن البلشفيين، إذا أرادوا في أنفسهم الشجاعة الكافية للاعتراف بأخطائهم و الكشف عن أسبابها و لذكر وسيلة الإصلاح و مساعدة الحزب بذلك لإعطاء الملاكات التعليم الحقيقي و التربية السياسية الحقيقية " (ستالين)




تشكل اليوم مهمة بناء الحزب الشيوعي الثوري المغربي أهم الواجبات الكفاحية للشيوعيات والشيوعيين المغاربة. إننا لن نبالغ إذا ما قلنا أن الحد الفاصل اليوم بالمغرب ، بين الثوري و اللاثوري ليس هو الحديث عن ضرورة بناء الحزب الثوري و إنما الانتقال الى النشاط العملي ، و ما يعنيه ذلك من اخضاع جميع المهام بدون استثناء لهذه المهمة العظيمة و التقدم في طرح وتدقيق قضايا الثورة و قضايا الخط الفكري و السياسي و المسائل التنظيمية و العمل على توحيد الشيوعيات والشيوعيين على أرضيتها .

إننا هنا نميز بين بناء الحزب وتأسيسه، فبناؤه هو صيرورة تاريخية طويلة و مستمرة بلا توقف، إن النضال الحالي الذي تعرفه الحركة الشيوعية بالمغرب (حشم) هو نفسه يشكل تراكما حقيقيا في هذه الصيرورة.أما تأسيسه فهو ذاك العمل الذي يخلق الإطار التنظيمي على أساس خط فكري و سياسي ثوري يوحد الشيوعيات و الشيوعيين و ينظم الصراع وسطهم و يسمح بتطوير خطهم الفكري و السياسي، إن تأسيس الحزب الثوري هو انتقال (قفزة ) نوعي في صيرورة بناء الحزب.

إذن كيف نتقدم في تأسيس الحزب و كيف نبنيه ؟ إنه السؤال الذي خيضت على أرضيته صراعات قوية على طول التجربة التاريخية للحركة الماركسية اللينينية المغربية (الحملم) ، و اليوم ايضا يشكل مركز صراع كل الفرق و المجموعات الثورية في بلادنا.

إن هذا السؤال يحيلنا بشكل مباشر الى سؤال بناء الخط الفكري و السياسي و سؤال القضايا التنظيمية المرتبطة به. إن مسألة البناء ليست مسألة تنظيمية بحتة ، بل إن المسألة التنظيمية ذاتها هي مسألة فكرية ، سياسية كما كان يردد دائما الرفيق لينين.

إن سؤال بناء الحزب الشيوعي الثوري ليس وليد اليوم. فلماذا إذن لم يتمكن الشيوعيين والشيوعيات المغاربة من تأسيسه على طول مرحلة تمتد الى حوالي الأربعة عقود من النضال والتضحيات ؟ هل المسالة مرتبطة بقلة التجربة ؟ أم أنها مرتبطة بالقمع الدموي و إرهاب الدولة ؟ أم أن المسألة هي مظهر من مظاهر الخلل في الخط الفكري و السياسي ؟ طبعا إن كل هذه الأسئلة ليست بالجديدة، فهناك من قدم " الإجابة "عليها (و هم كثيرون). فمنها من نحت نحو تبرير الانتهازية و الانهزامية، و منها من حاولت تبرير الانتظارية والتقاعس عن النضال الثوري. و على كل حال فإننا نعتقد أن كل تلك الأسئلة لازالت الى اليوم تطرح نفسها بإلحاح و بقوة أكبر من الماضي .لذلك تشكل عملية تقييم تجربة الحملم خطة جريئة و أساسية في الاتجاه الصحيح لاستخلاص الدروس وتفادي الأخطاء لتقدم بخطى اكثر وضوحا نحو تأسيس وبناء الحزب الشيوعي الثوري .

إننا لا نسعى من خلال هذه الورقة تقديم تقييم شامل لتلك التجربة، بل سوف نحاول تناولها من زاوية نظرتها و عملها لبناء الحزب الثوري. و هنا نود أن ننبه الرفاق الى أن مسألة التقييم، تقييم أية تجربة ثورية تاريخية ، لا يمكن أبدا أن يتم بشكل سليم و صحيح إذا ما انفصل عن الممارسة العملية الثورية. نحن لا نسعى إلى إصدار الأحكام على هذه التجربة أو تلك بل ما يهمنا بالدرجة الأولى و الأخيرة هي استخلاص الدروس من أجل توجيه ممارستنا العملية الراهنة. هذا هو الهدف من أي تقييم في اعتقادنا.

إذن ، كيف كانت تنظر فصائل الحملم الى الحزب ؟ ما هو الوعي الذي كانت تحمله الحملم اتجاه الحزب الثوري ؟ و كيف كانت تنظر الى علاقته بالطبقة العاملة ؟ و كيف كانت تتصور عملية تأسيسه و بنائه؟

إن هذه الأسئلة في اعتقادنا تشكل مدخلا جيدا لتناول المسألة ، فكل خلل في هذا التأطير النظري لمسألة الحزب سوف ينعكس بكل تأكيد على الممارسة الهادفة الى بنائه .

إن تاريخ الحركة الشيوعية العالمية يقدم الدليل على ما قلناه. فباستحضارنا لتجربة الحركة الشيوعية الروسية والألمانية ( و هو ما سنعود إليه لاحقا ) يمكننا القول أن إحدى الأسباب الهامة في نجاح البلاشفة هو أنهم أطروا هذه المسالة بشكل سليم و كان لهم وعي واضح بمسألة الحزب ، في حين أن الألمان افتقدوا الوضوح الكافي و كانت نتائج ذلك كارثية على مجمل الحركة.

إن محاولة الإجابة على الأسئلة أعلاه ، تفترض أيضا التوفر على المادة الوثائقية التي تؤرخ لتجربة الحملم و هو الشيء الغير متوفر بالشكل الكافي بالنسبة لمنظمة " 23 مارس" أو " لنخدم الشعب " لذلك سوف نحاول التركيز على تجربة "الى الامام " و على اعتبارأنها أيضا المنظمة الأكثر مراكمة في النضال الثوري إبان السبعينات .

لقد تمكنت منظمة "إلى الأمام" بكل تأكيد من تطوير النقاش حول مسألة الحزب الثوري، واضعتا قضايا الخط الفكري و السياسي على رأس المهمات الثورية، و هو ما عبرت عنه بالأساس و على وجه الخصوص وثيقة "من أجل خط ماركسي لينيني لحزب البروليتاريا المغربي" (http://voieliberte.olympe-network.com/spip.php?article105) التي تناولت بالنقاش و التحليل الأدوات الثلاثة للثورة أي مسألة الحزب و الجبهة و الجيش. إن ذلك التطور الفكري و السياسي في خط المنظمة قد جاء عبر صيرورة طويلة من الصراع بين الخطين، حيث تمكن الخط الثوري على طول تلك المرحلة من كشف الخط الانتهازي و عزله داخل المنظمة، سواء الخط الإصلاحي الذي انتقدته وثيقة "عشرة أشهر من كفاح التنظيم ...." أو الخطوط التصفوية التي برزت تحث تأثير الضربات القوية التي وجهها النظام للحملم ككل: الخط الداعي لحل المنظمة و الالتحاق بالأحزاب الإصلاحية "لما لها من نفوذ جماهيري" أو الخط التصفوي الداعي لحل التنظيمات الثورية و الالتحاق كمناضلين بالعمال و الفلاحين.

ففي قلب ذلك الصراع الداخلى نمى و تطور الخط الثوري، لكن هزيمة هذا الأخير و انتصار الخط الانتهازي لم يمنع من تطوير الخط الفكري و السياسي للمنظمة و حسب بل أدى إلى مراجعات يمينية حادة لكل التجربة و تحويل المنظمة إلى تنظيم تحريفي منشفي، لذلك سوف نحاول من خلال هذه القراءة نقد بعض المواقف و الأفكار التي عبرت عنها منظمة "إلى الأمام" إبان السبعينات و التي سقط فيها الخط الثوري ذاته، و لم يتمكن من نقدها و تجاوزها بعد ذالك.


علاقة الحزب بالطبقة، و المضمون الطبقي للتنظيمات الثورية

تشكل وثيقة "10 أشهر من كفاح التنظيم نقد ونقد ذاتي" الصادرة في 20 نونبر 1972 ( أي بعد سنتان من النضال الثوري) بداية مرحلة جديدة في تشكل و تطور الوعي الثوري لدى منظمة الى الامام . ففي تحليلها لإشكالية بناء الحزب على قاعدة النقد والنقد الذاتي لتجربتها الخاصة ، تناولت منظمة " الى الامام " الأزمة التي كانت تخترقها آنذاك محددة أسبابها :

- "نتيجة لانعدام خط سياسي سديد يفتح آفاق رحبة واضحة و سيطرة العفوية و التجريبية بكل أشكالها ".

- " نتيجة لبنية التنظيم البرجوازية الصغيرة وتسلط القمع على رفاقنا في مراكش في يونيو 1971" ( التسطير لنا ).

و قد أقرت بعد ذلك ب "عجز القيادة عن مواجهة أزمة التنظيم في مختلف مظاهره" و هو ما أرجعته " الى الامام " أيضا بوصفه " نتيجة لبنية التنظيم السائدة، و لبنية القيادة التي كانت ، بسبب تركيبها الطبقي و التناقضات السائدة داخلها .." ( التسطير لنا ).

و لم يكن بمقدور هذه القيادة لمواجهة هذا الواقع إلا بتنظيم ندوة وطنية ( لها صلاحية مؤتمر )،" ...و كان على الندوة الوطنية أن تحسم في الأزمة و أن تجابه بصفة خاصة معضلة التركيب البرجوازي الصغير للتنظيم " ( التسطير لنا).

" و هكذا فإن السؤال الرئيسي في جدول أعمال الندوة الوطنية كان كما يلي : كيف يمكن لمنظمة برجوازية صغيرة أن تتجذر داخل الطبقة العاملة ، طليعة الثورة ، من أجل بناء الأداة الثورية للبروليتاريا ؟ ( التسطير أصلي ).

تلك بإيجاز شديد رؤية المنظمة للأزمة التنظيمية التي عاشتها خلال تلك الفترة و هي توضح لنا بشكل جلي موقف المنظمة من ذاتها ، باعتبارها منظمة برجوازية صغيرة تسعى الى الرقي نحو تجاوز هذه المعضلة .

الشيء الذي أعادت التأكيد عليه بعد ذلك في وثيقة " الوضع الراهن والمهام العاجلة للحركة الماركسية اللينينية" الصادرة بعد 5 أشهر ( 6 أبريل 1973) و هي الوثيقة التي يمكن اعتبارها آنذاك بمثابة برنامج منظمة " الى الامام " حيث جاء فيها :

" لقد أوضحنا أن قصور الحركة الماركسية اللينينية عامل أساسي في تأخر تبلور الحركة الجماهيرية و انبثاق الأداة البروليتارية. و ترجع بعض الأسباب العميقة لهذا القصور الى الأساس الطبقي البرجوازي الصغير للحركة الماركسية اللينينية ، و غياب تجذر الماركسيين اللينينيين داخل الطبقة العاملة طليعة الثورة بصفة خاصة " ( التسطير لنا ).

إذن ، هل هذا النقد الذاتي الجريء و هذه المحاكمة التي أخضعت منظمة " الى الامام " نفسها لها كانت سليمة ؟ هل النظرة التي كانت تحملها المنظمة حول هذا الجانب من القضايا التنظيمية كانت صحيحة ؟هل من الصحيح و من العلمي أن نرجع عجز القيادة الى بنيتها الطبقية البرجوازية الصغيرة "؟

لقد توفقت منظمة "إلى الأمام" بكل تأكيد عندما أرجعت أحد أسباب الأزمة التي كانت تعاني منها إلى " إنعدام خط سياسي سديد يفتح آفاق رحبة واضحة و سيطرة العفوية و التجريبية بكل أشكالها"، "فالخط السياسي خاطئا أم صحيحا يحدد كل شيء " لكن هل يمكن إرجاع سلامة الخط السياسي الى التركيب الطبقي للمنظمة و للقيادة ؟

إن التجربة التاريخية للحركة الشيوعية العالمية تقدم إجابة مختلفة تمام عن ما حددته " الى الأمام ". لننظر الى القاعدة الطبقية لمجموعة تحرير العمل ، و لننظر الى قيادة " اتحاد النضال ".لننظر الى القاعدة الطبقية لقيادة الحزب الشيوعي الصيني عند تأسيسه سنة 1921 . لننظر الى قيادة حزب العمل الألباني إبان التأسيس . ماذا يمكن أن نقول عن عصبة الشيوعيين التي كان يرأسها ماركس و انجلز؟ ألم تكن بنيتها الطبقية برجوازية صغيرة و برجوازية ؟

إن النظرة التي عبرت عنها منظمة " الى الامام" حول هذه المسألة هي أقرب الى نظرة روزا و تروتسكي منها الى نظرة لينين .و هنا كنه القضية . و هو ما شكل آنذاك و فيما بعد حاجزا أمام تقدم الحملم ككل في تأسيس الحزب الثوري .

إن الخلل الأول الذي يمكن أن نسجله في خط منظمة " الى الأمام " هو حول مسالة بناء الحزب و مفهوم الطليعة . فالسؤال الذي شكل أرضية الندوة الوطنية سنة 1972 كان سؤالا غير صحيح. إن طرح السؤال على شاكلة " كيف يمكن لمنظمة برجوازية صغيرة أن تتجذر داخل الطبقة العاملة ، طليعة الثورة ، من اجل بناء الأداة الثورية للبروليتاريا؟". يوضح عدم الانتباه الى الاستقلالية النسبية للبناء الفوقي عن البناء التحتي و عدم القدرة على تحديد المضمون الطبقي للمنظمة . فالمضمون الطبقي البرجوازي الصغير لمنظمة ما لا علاقة له بالتركيب الطبقي لقيادتها. إن المضمون الطبقي لمنظمة ما يستمد من خطها الفكري و السياسي و نشاطها العملي.

إن لينين عندما يتحدث عن أعضاء منظمة المحترفين الثوريين لا يرجع المسألة الى الأصل الطبقي بل يرجعها الى مدى استيعاب مهام البروليتاريا و فكرها و للانضباط التنظيمي . فبالنسبة للينين لا يهم أن يكون المحترف الثوري عاملا أو فلاحا أو طالبا ...إلخ.

و إذا رجعنا الى مقررات الأممية الثالثة التي قادها لينين نجدها واضحة في هذه المسألة . ففي الموضوعات و الإضافات حول المسألتين الوطنية و الكولونيالية ، موضوعات مكملة نقرأ ما يلي : إن " ... تلك الأحزاب أو تلك المجموعات ( التسطير لنا )... تشكل طليعة البروليتاريا ( التسطير لنا) فإذا كانت ضعيفة الآن فإنها مع ذلك تمثل إرادة الجماهير ، و الجماهير سوف تتبعها في الطريق الثوري " (ص216).

نعم ،إن حزبا ، أو منظمة أو " مجموعة" ماركسية حقا ، تشكل طليعة البروليتاريا ، والمعبر عنها في البناء الفوقي أي المعبر عن مصالحها و أهدافها و ممثلها الفكري و السياسي.

إن منظمة ما ،لكي تكون طليعة البروليتاريا حقا ، لا يرجعه الماركسيون أساسا الى البنية الطبقية لقيادتها ، بل لكي تكون بالفعل طليعة البروليتاريا يجب عليها أن تقدم الجواب حول قضايا الثورة و التحرر انطلاقا من وجهة نظر البروليتاريا أي انطلاقا من فكر الطبقة العاملة و أن تقيم كل وضع أو حدث انطلاقا من المصالح الآنية و الاستراتيجية للطبقة العاملة في مجموعها وطنيا و أمميا . بمعنى امتلاكها لخط فكري و سياسي سليم يتطور عبر الممارسة العملية داخل الصراع الطبقي.

" غالبا ما يتحدث النقابيون الثوريون عن الدور العظيم الذي يجب أن تلعبه أقلية ثورية مصممة على ذلك ، فالواقع أن تلك الأقلية المصممة من الطبقة العاملة التي يطلبونها ، الأقلية الشيوعية التي تمتلك برنامجا و تريد تنظيم نضال الجماهير ، إنما هي الحزب الشيوعي بالذات " [1]*.

إن الحزب الشيوعي و المنظمات الشيوعية الحقيقية تشكل بغض النظر عن البنية الطبقية لقيادتها طليعة البروليتاريا.

إن لينين و ماركس و انجلز وستالين و ماو لم يكونوا أجراء لكنهم كانوا " عمالا واعين" ممثلين فكريين و سياسيين عن الطبقة العاملة . إن نضالات الطبقة العاملة هي الأساس المادي الذي أنتج ماركس و لينين و ماو و غيرهم من قادة الطبقة العاملة .

إن كل منظمة ثورية حقا يجب أن تسعى الى توسيع صفوفها و الى استقطاب أكبر عدد ممكن من العمال و العاملات و كافة الجماهير و ان تتجذر في صفوف الجماهير ، و أن توجهها و تقود نضالاتها لأن الجماهير هي من يصنع التاريخ و ليس المنظمة." فـ"الجماهير تصنع التاريخ والحزب يقودها".

صحيح أن الطبقة العاملة هي، في أخر التحليل، من يشكل الأساس المادي لظهور الحزب البروليتاري، غير أن ذلك لا يعني أن العمال هم و لا غيرهم من يجب أن يؤسس الحزب ، إن ظهور الحزب هو نتاج تاريخي لنضال الطبقات و لنضال الطبقة العاملة و الجماهير الكادحة أساسا. لكن ظهوره/تأسيسه هو أيضا نتاج عمل الشيوعيات و الشيوعيين و مدى استيعابهم ووعيهم السليم بهذه المهمة، و لمدى نضالهم من أجل خلقه. إن فكر الطبقة العاملة أي الماركسية لم ينتجه العمال.

في مؤلفه "ما العمل؟" و في خضم الصراع ضد الخط الانتهازي الذي مثلته آنذاك "الاقتصادوية" كتب لينين عن حق "صحيح أن الاشتراكية، بوصفها مذهبا، تستمد جذورها من العلاقات الإقتصادية الراهنة كشأن النضال الطبقي البروليتاري سواء بسواء، وأنها كالنضال الطبقي البروليتاري تنبثق من النضال ضد ما تسببه الرأسمالية للجماهير من فقر وبؤس. غير أن الاشتراكية والنضال الطبقي ينبثقان أحدهما إلى جانب الآخر، لا أحدهما من الآخر. إنهما ينبثقان من مقدمات مختلفة. فالوعي الإشتراكي الراهن لا يمكنه أن ينبثق إلا على أساس معارف علمية عميقة. وبالفعل أن العلم الإقتصادي الحديث هو شرط من شروط الإنتاج الإشتراكي، شأنه، مثلا، شأن التكنيك الحديث سواء بسواء. والحال أن البروليتاريا، بالرغم من كل رغبتها، لا تستطيع أن تخلق لا هذا ولا ذاك، فكلاهما ينشأ عن التطور الإجتماعي الحديث. هذا وان العلم ليس بيد البروليتاريا، بل بيد المثقفين البرجوازيين (حرف التأكيد لكاوتسكي): فالاشتراكية الحديثة نفسها قد انبثقت هي أيضا في رؤوس بعض أعضاء هذه الفئة، وقد نقلها هؤلاء إلى أكثر البروليتاريين تطورا من الناحية الفكرية، الذين أخذوا بعد ذلك يدخلونها في نضال البروليتاريا الطبقي حيث تسمح الظروف. وعلى ذلك كان الوعي الاشتراكي عنصرا يؤخذ من الخارج (von auben Hineigetragenes) وينقل إلى نضال البروليتاريا الطبقي، لا شيئا ينبثق منه بصورة عفوية (urwûchsig). ولهذا قيل في برنامج هينفيلد القديم، بحق تماما، أن مهمة الاشتراكية-الديموقراطية هي أن تحمل إلى البروليتاريا (حرفيا: تملأ البروليتاريا) وعي وضعها ووعي رسالتها."(ما العمل؟)

إن العامل يمكنه أن ينتج النظريات و يعبر نظريا و فكريا عن الطبقة العاملة لكنه يفعل ذلك ليس بوصفه عاملا أجيرا بل بوصفه مفكرا و منظرا، هذا ما شدد عليه لينين في كتابه " ما العمل ؟" و هو يصارع الاقتصادويين .

إن الطبقة العاملة هي طليعة الثورة، هذه مسألة لا يختلف عليها أي ماركسي (ة)، لكن قيادة الطبقة العاملة لنضال الجماهير و للثورة تتم ليس بواسطة نضال الحركة العمالية و إنما بواسطة الحزب الشيوعي، أي بواسطة المعبر الفكري و السياسي عن الطبقة العاملة. إن الحزب هو أرقى الأشكال التنظيمية للطبقة العاملة

لنتذكر جدال لينين ضد الشيوعيين " اليساريين " في ألمانيا حول الزعماء، الحزب، الطبقة، الجماهير. لقد سخر لينين

بحدة من السؤال الذي وضعته " المعارضة المبدئية" في وثيقة "انشقاق الحزب الشيوعي الألماني (اتحاد السبارتاكيين)"، حيث كتبت "...يواجهنا هذا السؤال : من ذا الذي يجب أن يضطلع بالديكتاتورية ، الحزب الشيوعي أم الطبقة العاملة ؟ ...هل ينبغي مبدئيا أن نسعى الى ديكتاتورية الحزب الشيوعي أم لديكتاتورية الطبقة البروليتارية؟ ".

إن أول ما انتقده لينين هنا هو طرح المسألة على هذه الشاكلة، الحزب أم الطبقة ؟ لكن ما هو الحزب، إنه ممثل الطبقة فكريا و سياسيا و تنظيميا، إنه المعبر عنها في البناء الفوقي." ...إن الطبقات في العادة و في أكثر الحالات ، و على أقل تقدير في البلدان المتمدنة المعاصرة ، تقودها الأحزاب السياسية ، و أن الأحزاب السياسية كقاعدة عامة ، تدار من قبل جماعات ثابتة الى حد ما من الأشخاص الأكثر سمعة و نفوذا و تجربة ، ممن انتخبوا للمناصب الأكثر مسؤولية ..."( لينين ، مرض الشيوعية الطفولي ، ص32). هكذا قارب لينين المسألة إبان التهييء الفكري والسياسي للمؤتمر الثاني للأممية الثالثة .

إن حزبا أو منظمة تعبر عن البروليتاريا فكريا و سياسيا بشكل مخلص و واع و تعمل من أجل النفوذ داخلها و داخل الجماهير تشكل طليعة البروليتاريا ، هذا هو المعيار الأول و المحدد لتقييم الموقع الطبقي لمنظمة ما . إن الخط الفكري و السياسي و النشاط العملي هو ما يحدد الهوية الطبقية للأحزاب والمنظمات السياسية. و هذا ما حدت عنه " إلى الامام" في تلك المرحلة.

صحيح أن منظمة "إلى الأمام " كانت تمتاز بخصلة ثورية راقية :إخضاع خطها الفكري و السياسي و ممارستها العملية للنقد و النقد الذاتي ( و هو ما أصبح شبه منعدم لدى أغلب المجموعات الماركسية اليوم ببلادنا ). و كانت مع كل تقييم إلا و تنضج أفكارها أكثر و تتضح رؤيتها بشكل أوسع. إن الوقوع في الأخطاء بما فيها الفكرية هو ملازم لكل حركة فتية ، فأن يتصور المرء إمكانية إيجاد خط فكري و سياسي سليم مائة بالمائة منذ الوهلة الأولى، منذ لحظة الانطلاق، إن هذا المرء لم يتخلص بعد من أوهام المثالية و لن يقدم أصلا على بناء هذا الخط .

إن لينين الذي اعتبر منظمة "اتحاد النضال " بمثابة " جنين لحزب ثوري" لم يطرح السؤال بالشكل الذي طرحته منظمة "الى الامام" و كان الهدف واضحا تحديد السبيل و الطريق وتأسيس الحزب و العمل فيما بعد على بنائه و تصليبه. و هو ما حدده في الإجابة على سؤال "بما نبدأ ؟" أي كيف نبدأ العمل و نقوي التنظيم و نتجذر وسط الجماهير...الخ.

لقد حدد لينين المرحلة التي كتب فيها مقال "بم نبدأ؟" باعتبارها المرحلة الثالثة من حياة الحركة الشيوعية الروسية ، المرحلة التي تستدعي الإجابة عن سؤال ما هو " منهج و خطة النشاط العملي " لقد حدد لينين تلك المرحلة بقوله :"ليس المقصود اختيار السبيل ( كما كان الحال في أواخر العقد التاسع و أوائل العقد العاشر ) بل المقصود أن نعرف أي خطوات عملية يتعين علينا أن نخطوها في السبيل المعروف وبأي طريقة على وجه الضبط. إن المقصود هو منهج و خطة النشاط العملي" ( بم نبدأ؟).

صراع الخطين مضمونه الطبقي و محتواه الفكري و السياسي

إن بروز الخط اليميني في قيادة منظمة "إلى الأمام" الذي انتقدته وثيقة "عشرة أشهر من كفاح التنظيم..." قد طرح أمام الثوريين أسئلة جوهرية وملموسة: لماذا برز هذا الخط؟ ماهي أسباب ذلك؟ و كيف برز في القيادة؟ ..الخ، و قد حاولت المنظمة آنذاك تقديم الإجابة عن تلك الأسئلة و تقديم تفسير علمي لتلك الظاهرة السياسية أي بروز خط انتهازي، سواء من خلال نفس الوثيقة أو الوثائق التي تلت ذلك التاريخ. فهي من جانب، كانت على حق عندما أرجعت أسباب ذلك "نتيجة لانعدام خط سياسي سديد يفتح آفاق رحبة واضحة وسيطرت العفوية و التجريبية بكل أشكالها". لكن، و كما أوضحنا ذلك سابقا، قد أخطأت سواء عندما أرجعت ذلك "نتيجة لبنية التنظيم السائدة، و لبنية القيادة التي كانت ، بسبب تركيبها الطبقي و التناقضات السائدة داخلها .." أو عند تحديد التوجيه النظري و السياسي لندوتها الوطنية و بالتالي لعملها المستقبلي، والذي صاغته على شاكلة:" كيف يمكن لمنظمة برجوازية صغيرة أن تتجذر داخل الطبقة العاملة ، طليعة الثورة ، من أجل بناء الأداة الثورية للبروليتاريا ؟ ( التسطير أصلي ).

إن بروز الخطوط الانتهازية داخل أية منظمة ثورية وداخل أي حزب ثوري، هي مسألة موضوعية تعكس صراع الطبقات داخل التنظيم، و تعكس الصراع بين القديم و الجديد. ففي تاريخ الحركة الشيوعية العالمية، غالبا ما كان الخط الانتهازي لا يستوعب الجديد الذي يظهر بشكل مستمر. لكن بروز الخط الانتهازي يبقى، في أخر التحليل، نتيجة للتأثير الذي تمارسه البرجوازية و الطبقات المستغلة على البروليتاريا. فيمكن أن تكون الأصول الطبقية لقيادة منظمة ما عمالية صرفة دون أن يمنع ذلك من أن تكون منظمة مغرقة في الانتهازية بل و حتى في الرجعية.

إن موضوعية صراع الخطين، باعتباره قانونا موضوعيا يتحكم في صيرورة تطور الحزب الثوري لم تكن واضحة بما فيه الكفاية آنذاك لدى الخط الثوري داخل منظمة "إلى الأمام"، كما كان الحال آنذاك لدى العديد من المنظمات و الأحزاب الثورية في العديد من البلدان.

إن بروز الخطوط الانتهازية داخل المنظمات الشيوعية الثورية هي حقيقة موضوعية، سواء أعجبنا ذلك أم لا، فلا علاقة للأمر بالرغبات و بالنيات الحسنة أو الشريرة. المهم هو معرفة كيفية قيادة هذا الصراع و تطويره و التحول من وحدة أولية إلى وحدة أسمى وأرفع حيث يتطور الخط الفكري والسياسي ليصحح خط الحزب و يجيب على الحاجات الجديدة للصراع الطبقي.

إن تأكيدنا على موضوعية صراع الخطيين هو:

أولا لنبد كل الأوهام المثالية حول وجود وتطور منظمة أو حزب خالي من الأفكار و المواقف الخاطئة، إن من يبحث عن منظمة بهذا الشكل لن يجدها سوى في السماء و في "فكره الخالص"، إنه البحث عن "الصفاء و النقاء الثوري" الذي لا يمكن أن نجده إلا في مجتمع يخلو من صراع الطبقات.

ثانيا، من أجل قيادة هذا الصراع بشكل سليم، أي معرفة كيفية التعامل و النضال ضد الخطوط الانتهازية و رفع وعي الشيوعيات و الشيوعيين من أجل خوض النضال الفكري و السياسي ضد هذه الخطوط و عدم السقوط في فخ الدعوات حول "الوفاق الرفاقي" و "الوحدة الرفاقية" اللامبدئية.

إن الاعتراف بموضوعية صراع الخطين، لا يعني القبول بالتكتلات و التيارات داخل الحزب، كما هو حال التروتسكية و الاشتراكية-الديمقراطية. إن مسألة وحدة الحزب هي التعبير السياسي عن وحدة الطبقة العاملة، و هي مسألة مبدئية بالنسبة لكل الماركسيين الحقيقيين، لا تنازل عليها.

إن صراع الخطين داخل أي تنظيم ثوري هو بمثابة الشكل الخاص لقانون التناقض داخل صيرورة تطور التنظيمات الثورية. إنه التعبير الملموس للقانون "العام" للتناقض أي: "الواحد ينقسم إلى إثنان".

إن تاريخ منظمة "إلى الأمام" يقدم لنا مثالا حيا حول كيفية "عمل" هذا القانون.

فبعد تأسيس منظمة "إلى الأمام" عملت هذه الأخيرة في إطار وحدة إرادية و حرة لجميع أعضائها، من أجل تطوير خطها الفكري و السياسي و المساهمة في النضال الثوري بالمغرب. في أقل من سنتين بعد الانطلاق سوف يبرز خط انتهازي داخل المنظمة. إن صراع الخطين كما أشرنا إلى ذلك سابقا هو أيضا صراع بين القديم و الجديد، فالخط الانتهازي الذي برز أنذاك كان خطا يعبر عن "القديم": الأشكال التنظيمية التي ورتثها المنظمة من حزب التحرر و الاشتراكية، العديد من المواقف ة الافكار و الممارسات الموروثة أيضا عن ذلك الحزب، في حين أن الخط الثوري قد أدرك أن تطور المنظمة و تطور نضالها الثوري يستدعي نبذ كل ماهو "قديم" و التشبت بالجديد و تطويره :المواقف السياسية و الفكرية و الوسائل التنظيمية. وسوف يستطيع الخط الثوري من كسب هذه المعركة، ليقودها في الاتجاه الصحيح.

بعد ذلك سوف تخوض منظمة "إلى الأمام" و هي تحت قيادة الخط الثوري المنتصر صراعا قويا ضد الخط الانتهازي الذي برز في قيادة منظمة "23 مارس"، لقد كان الصراع آنذاك حول مهام الحملم في تلك المرحلة، و حول نظرية الأطر، و حول بناء الحزب: هل في السلم أم تحت نيران العدو ...الخ

غير أن ذاك الصراع لم يكن صراعا داخل التنظيم، بل صراعا بين منظمتين، و هو الشيء الذي يختلف كثيرا عن صراع الخطين المنظم داخل منظمة واحدة. فصراع الخطين داخل الحزب أو المنظمة يقوده الخط الثوري بهدف الوصول إلى وحدة أمثن بين أعضائها، إي بهدف الانتقال و التحول و النضج النوعي في الخط الفكري و السياسي للمنظمة ككل (تثبيت موضوعات معينة أو مواقف معينة، أو تصحيح الخط بنقد و نبد هذه أو تلك من الموضوعات التي باتت أو تأكد خطأها). إن ما يميز صراع الخطين داخل المنظمة أو الحزب الواحد هو أنه صراع منظم أو بتعبير أدق صراع داخل و بواسطة الأجهزة و الأدوات و الضوابط التنظيمية. فالنضال الذي يقوده الخط الثوري ضد الخط الإنتهازي يسعى إلى رفع وعي أعضاء المنظمة و يكشف لهم عن المضمون الطبقي للخط الانتهازي و أن يكسب الأغلبية داخل المنظمة ليفعل بعد ذلك القوانين التنظيمية ( انضباط الأقلية للأغلبية، خضوع الهيئات الدنيا للهيئات العليا ...الخ) لعزل الخط الخاطئ و قيادة المنظمة أو الحزب. في حين أن الصراع بين الخطين بين منظمتين و إن كان له نفس المضمون و نفس الجذور، فإنه يفتقد إلى هذا الضابط التنظيمي الذي يعكس و يرسخ عمليا نتائج الصراع بين الخطين داخل التنظيم. و هكذا فالصراع الذي خاضته منظمة "إلى الأمام"ضد قيادة "23 مارس" انظلاقا من 1973 قد فضح بكل تأكيد الخط الانتهازي داخل "23 مارس" خصوصا بالنسبة للثوريين (ات) من "23 مارس" نفسها، لكنه لم يستطع عزله من قيادة المنظمة، لأن الصراع كان يفتقد إلى الضابط التنظيمي.

و هذا اعتبار آخر يجعلنا نأكد على ضرورة بدل الجهود و توجيهها نحو توفير شروط خلق حزب شيوعي ثوري يوحد الشيوعيات و الشيوعيين ببلادنا، و يخلق الإطار الموحد لقيادة صراع الخطيين بشكل أكثر فعالية.

إن ذلك الصراع الذي خاضته منظمة "إلى الأمام" داخليا و ضد قيادة "23 مارس" الانتهازية سوف يطور بكل تأكيد خط المنظمة و يرقى بوحدة أعضائها إلى درجات أمتن و أوضح. لكن بعد سنوات 74/76 سوف "ينقسم هذا الواحد إلى إثنان" و يظهر من جديد خط انتهازي أخر له طابع تصفوي، و سوف يعلن الخط الثوري النضال ضد هذا الخط و طرد كل المتشبثين به من صفوف المنظمة، لكن سوف يخاض هذا الصراع في ظل شروط ملموسة جد صعبة، فأغلب المناضليين الثوريين في المعتقل او استشهدوا، في ظل هذه الشروط الملموسة سوف ينحصر النشاط العملي لمنظمة "إلى الأمام" بشكل كبير، و سوف تطرح مسألة "إعادة البناء"، وسوف ينقسم "الرفاق" إلى معسكرين، هناك من دافع على "إعادة البناء" دون تقييم التجربة السابقة، و هناك من ربط ضرورة "إعادة البناء" بتقييم التجربة، و سوف ينطلق مسلسل "إعادة البناء" في تواز مع بروز تقييمات يمينية، منها من ربط ما وصلت إليه المنظمة من أزمة بموقفها "العدمي" و "العدائي" من الأحزاب الإصلاحية التي أصبحت منذ ذلك الحين في أدبيات منظمة "إلى الأمام" "أحزاب ديمقراطية وطنية تقدمية"، في الوقت الذي عجز فيه الخط الثوري من طرح وفرض تقييم ثوري للتجربة لمجابهة تقييمات الخط الانتهازي الذي سيطر على المنظمة منذ ذلك التاريخ.

تلك بإيجاز بعض المحطات من تاريخ صراع الخطين داخل منظمة "إلى الأمام"، تاريخ "إنقسام الواحد إلى إثنان" إبان السبعينات. لكن على طول تلك المرحلة (و حتى فيما بعد طبعا) لم يكن وعي المنظمة بهذا القانون ناضجا بما فيه الكفاية الشيء الذي جعلها مثلا تنظر إلى بروز هذه الخطوط كنتيجة للطابع البرجوازي الصغير للمنظمة أو لقيادتها أو ...الخ.

إن لينين و ماو أساسا قد تناولا هذه المسألة، و قد عالجها الرفيق خالد المهدي في دراسته حول الماركسية اللينينية الماوية (http://voieliberte.olympe-network.com/spip.php?article187) وسوف نورد هنا بعض المقتطفات من ما قدمه :

" لقد امد ماو الشيوعيين والشيوعيات بتحليله لقانون التناقض سلاحا جبارا يمكنهم من قيادة كل صيرورة ، قيادة الثورة ، قيادة بناء و تطوير الحزب ، قيادة بناء الوحدة بين الشيوعيين ...الخ . لكن ماو لن يقف عند هذه الحدود في تعميقه و تطويره للديالكتيك المادي بل سوف يحقق وصية لينين حول مبدأ “الواحد ينقسم الى اثنان” . ان اكتشاف هذا القانون و دراسته و تطبيقه يعد من المآثر الكبرى للرفيق ماوتسي تونغ . فماذا كان يعني هذا القانون ؟ و ما هي الشروط التي سمحت باكتشافه؟ و ما هي أهميته بالنسبة للشيوعيين اليوم ؟ لقد سبق و ان اوضحنا ان كل واقع و كل صيرورة ( أي كل حركة و تطور ) هي محكومة بقوانين الديالكتيك ، و اوضحنا ايضا كيف يعتبر قانون التناقض هو القانون الجوهري للديالكتيك المادي . ان لينين يتحدث عن التطور “بوصفه وحدة الاضداد ( ازدواج ما هو واحد الى ضدين ينفي احدهما الآخر و علاقات بين الضدين )” . ان التطور يحدده نضال المتناقضات و هذا النضال و الصراع بين طرفي التناقض هو الذي يعطي الحياة للشيء و هو الذي يشكل مضمون و جوهر حركة الواقع . الصراع بين طرفي التناقض له عدة خصائص احداها هو انتقال كل طرف الى نقيضه و العكس بالعكس و خلال هذا الصراع تأتي لحظة يتم فيها الانتقال الفجائي او ما نسميه بالقفزة النوعية و هي ما تعني الانتقال الى شيء جديد ، الى نوع جديد ، ان ما يحدد هذا الجديد انما هو التناقض الجديد الذي يولد او لنقل الشكل الخاص الجديد للتناقض الذي يولد بعد القفزة . كيف اذن تتم هذه العملية ؟ من اين يأتي هذا التناقض الجديد ؟ ما هما طرفاه المتصارعان ؟

ان الماركسية لم تجب على هذا السؤال إلا مع ماوتسي تونغ ، بعدما راكمت البشرية من الخبرات و التجارب ما يسمح بالاجابة على هذا السؤال .

ان الصراع بين طرفا التناقض يؤدي في صيرورة تطوره الى انتصار طرف على آخر . ان هذا الانتصار الذي يحققه أحد الطرفان هو ما يحدد القفزة النوعية و الانتقال الى الجديد ، لكننا نعلم ان التناقض له صفة العمومية أي انه موجود و قائم في كل الاشياء منذ ولادتها حتى نهايتها ، فعند انتصار طرف على آخر لا يبقى هناك سوى طرف واحد انه الطرف المنتصر . فكيف اذن يبرز و يولد التناقض الجديد ؟

انه انقسام الطرف المنتصر الى اثنان و تشكل وحدة جديدة بين طرفين جديدين و هذا التناقض الجديد هو الذي يحدد مضمون النوع الجديد الذي يولد ابان القفزة النوعية .

ان ماو هو من اكتشف هذا القانون و صاغه على النحو التالي “انقسام الواحد الى اثنان”. ان القيمة الفكرية و السياسية لهذا القانون عظيمة جدا بعظمة الديالكتيك المادي . فما هي اذن الشروط التي سمحت باكتشافه ؟

ان اكتشاف ماو و صياغته لهذا القانون باعتباره جوهر الديالكتيك لم تأتي دفعة واحدة بل عبر صيرورة طويلة من التجارب و الخبرات التي راكمتها الحركة الشيوعية بشكل خاص و مختلف تطورات الصراع الطبقي و كذا تطور العلم .

ففي قلب الصراع داخل الحركة الشيوعية العالمية خصوصا عندما طرح على جدول أعمالها الكشف عن اسباب اخفاق ديكتاتورية البروليتاريا في بلد لينين و ستالين ؛ في قلب هذا الصراع الذي برزت فيه الخروتشوفية باعتبارها تعبر عن خط اعادة الراسمالية و بروز نسختها الصينية بقيادة ليوتشاوتشي التي ادعت نهاية الصراع الطبقي بالصين و تبنت مجمل الأطروحات التحريفية السوفياتية و في قلب الصراع حول تقييم المسالة اليوغسلافية . في قلب هذه المعارك الفكرية و السياسية برزت ضرورة اكتشاف هذا القانون و لم يكن ماو سوى صدفة تحقق هذه الضرورة التاريخية بعدما راكمت البشرية بشكل عام و الحركة الشيوعية بشكل خاص ما يكفي من التجارب و الخبرات ، ففي عهد لينين لم يكن بروز صراع الخطين على النطاق العالمي الا في بداياته الاولى و هو ما أشار اليه بحس سياسي رفيع .

ففي تقييمه لواقع الحركة الشيوعية العالمية في بداية القرن 20 أشار لينين الى هذه الظاهرة بقوله : “و في الحقيقة لا يخفى على احد ان اتجاهين قد نشئا في الاشتراكية الديمقراطية العالمية الراهنة ، اتجاهين يحتدم بينهما النضال و يضطرم أواره حينا ، و يهدأ حينا آخر و يخمد تحت رماد قرارات عن هدنة ضخمة مهيبة” ( ما العمل ؟ ص 159 ) . لقد كانت بداية القرن 20 هي بداية تشكل صراع الخطين على النطاق العالمي و هو ما أشار اليه لينين في نفس مؤلفه “ما العمل ؟” ، حيث كتب معلقا على هذه الظاهرة : " و بالمناسبة ، ان هذا الواقع يكاد يكون وحيدا في تاريخ الاشتراكية الحديثة و هو معز فائق التعزية في بابه . فلأول مرة نرى الجدال بين مختلف التيارات في داخل الاشتراكية يتعدى النطاق الوطني الى النطاق العالمي .

ففيما مضى كان الجدال بين اللاساليين و الازناخيين ، بين الغيديين و الامكانيين ، بين الفابيين و الاشتراكيين – الديمقراطيين ، بين النارودوفليين و الاشتراكيين – الديمقراطيين يظل جدالا في النطاق الوطني الصرف ، يعرب عن خصائص وطنية صرفة . لقد كان الجدال يجري ، إن أمكن القول على مسارح مختلفة ، و في الوقت الحاضر ( و يبدو هذا الامر اليوم اكثر وضوحا ) يؤلف الفابيون الانجليز و المستوزرون الفرنسيون و البرنشتينيون الألمان و النقاد الروس عائلة واحدة ، يكيل بعضهم لبعض المديح و يتعلمون بعضهم من بعض و ينقضون معا على الماركسية “الجامدة” و في هذه المعركة الاولى العالمية حقا ضد الانتهازية الاشتراكية ، عسى ان تبلغ الاشتراكية الثورية العالمية من القوة ما يكفي لوضع حد للرجعية السياسية السائدة في اوروبا منذ أمد بعيد " ص 159/160 .

و في تقييمه ايضا للصراع الذي شهده الحزب الاشتراكي الديمقراطي بروسيا ابان مؤتمره الثاني اشار لينين بحسه السياسي المعهود و بعمقه الفكري الى هذا القانون لكن دون ان يتمكن من وضعه كقانون حيث كتب قائلا : “ان كون جملة من الاخطاء الطفيفة جدا ارتكبها الجناح اليميني و كون جملة من الخلافات القليلة الاهمية ( نسبيا ) قد تسببت بالانقسام ، ان هذا الظرف ( الذي يبدو جارحا بالنسبة لمراقب سطحي و مفكر تافه ضيق الافق ) قد كان خطوة كبيرة الى الامام بالنسبة لكل حزبنا” (خطوة الى الامام خطوتان الى الوراء ص 525)

و في نفس المؤلف يطرح لينين السؤال حول “ما هي الاهمية السياسية للانقسام الذي حصل في حزبنا الى”اكثرية “و”اقلية “اثناء المؤتمر الثاني و الذي حل محل جميع الانقسامات السابقة و ما هو تفسيره ؟” لينين طرح هذا السؤال و اعتبره أحد الاسئلة الجوهرية لتقييم المؤتمر ككل . و في محاولة الاجابة عنه كتب ما يلي:

“في كل من هذه المراحل( يقصد لينين مراحل الصراع داخل المؤتمر ) ، اختلفت ظروف النضال و الهدف المباشر من الهجوم اختلافا جوهريا ، فكل مرحلة إذا جاز القول ، معركة خاصة في حملة عسكرية عامة ، و إننا لا نستطيع ان نفهم شيئا من نضالنا اذا لم ندرس الاوضاع الملموسة التي مرت بها كل هذه المعارك . و بعد هذه الدراسة ، سنرى جيدا جدا ان التطور يتبع ، بالحقيقة السبيل الديالكتيكي سبيل التناقضات : فالاقلية تغدو اغلبية و الاغلبية تغدو اقلية و كل معسكر ينتقل من الدفاع الى الهجوم و من الهجوم الى الدفاع و”ينفون “نقطة انطلاق النضال الفكري ( الفقرة الاولى ) ، و يستعيضون عنها بالمماحكات السافلة الشاملة ، ثم يبدأ” نفي النفي“، و بعدها إيجاد وسيلة” لوفاق الزوج “بين بين مع المرأة التي أعطاها اياه الله ، في مختلف هيئات الحزب المركزية ، نعود الى نقطة انطلاق الصراع الفكري الصرف ، و مذ ذاك تغدو هذه” الموضوعة “التي اغتنت بجميع نتائج”الموضوعة المعاكسة “أعلى تركيب فكري يتسع فيه خطأ منعزل ، عرضي ، حول الفقرة الاولى ، حتى يبلغ ما يشبه نهجا مزعوما من الآراء الانتهازية في حقل التنظيم . و تبدو فيه الصلة بين هذه الظاهرة و الانقسام الأساسي في حزبنا الى جناح ثوري و جناح انتهازي بوضوح متزايد امام الجميع . و بكلمة ليس الشوفان وحده هو الذي ينبت حسب طريقة هيغل ، بل ان الاشتراكيين الديمقراطيين الروس يتقاتلون حسب طريقة هيغل” ( ص600/601) .

إن هذه النصوص التي اوردناها من مؤلفات لينين توضح عمق تفكيره الجدلي و توضح ايضا ان الشروط المادية التي فرضت ضرورة اكتشاف قانون “انقسام الواحد الى اثنان” و كذا قانون صراع الخطين باعتباره الشكل الخاص لقانون التناقض مطبقا عن تطور الحزب ، بدأت تنمو و تبرز شيئا فشيئا ، و منذ ذلك التاريخ الى الخمسينات تاريخ اكتشاف ماو و صياغته لقانون “الواحد ينقسم الى اثنان” راكمت البشرية خبرات عظيمة ، الحرب العالمية الاولى و ما فرضته من صراع و انقسام وسط الحركة الشيوعية العالمية ، الصراع داخل الاممية الثالثة بعد موت لينين ، المسار الطويل للصراع بين الخطين وسط الحزب الشيوعي الصيني و صولا الى الانتكاسات الكبيرة لديكتاتورية البروليتاريا في كل من يوغسلافيا و الاتحاد السوفياتي .

و هكذا ففي سنة 1956 إبان انعقاد مؤتمر ممثلي الاحزاب الشيوعية العالمية في موسكو اشار الرفيق ماو الى هذا القانون عندما برز الصراع ضد الخط التحريفي وسط الحركة الشيوعية العالمية ، ففي المداخلة التي ألقاها ماو في المؤتمر صرح قائلا : " انظروا الى داخل الذرة انها ملأى بوحدة المتناقضات ، تشكل نواة الذرة و الالكترونات وحدة لمتناقضين ،داخل النواة تكون البروتونات و النيترونات وحدة للمتناقضات . فيما يتعلق بالبروتونات هناك بروتونات و اللابروتونات ؛ نفس الشيء بالنسبة للنيترونات و لانيترونات .باختصار وحدة المتناقضات هي حاضرة بشكل مطلق . من الآن من الضروري الدخول في حملة دعائية واسعة النطاق حول مفهوم وحدة المتناقضات و حول الجدل . برأيي يجب ان يستبعد الجدل عن حلقة الفلاسفة ليتجه نحو اوسع الجماهير الشعبية .

... الكتاب العامون في الخلية يعرفون الديالكتيك داخلها : عندما يحضرون تقريرا من اجل تقديمه في اجتماع للخلية غالبا ما يحضرهم ان يشيروا في أجندتهم الى النقطتين التاليتين : أولا النجاحات ، ثانيا النواقص . الواحد ينقسم الى اثنان انها ظاهرة كونية و هذا هو الديالكتيك " ( المنهج الجدلي لتثبيت وحدة الحزب).

و في تقييم الحزب الشيوعي الصيني للمسالة اليوغسلافية لخص الحزب دروس هذه التجربة على النحو التالي : “اعادة الراسمالية في يوغوسلافيا تشكل للحركة الشيوعية درسا تاريخيا جديدا ، إذ تعلمنا انه بعد الاستيلاء على السلطة من طرف الطبقة العاملة ، يستمر وجود الصراع الطبقي بين البرجوازية و البروليتاريا ، صراع بين الخطين ، الراسمالية و الاشتراكية ، و ان خطر اعادة الراسمالية مستمر” (هل يوغسلافيا بلد اشتراكي ).

و في سنة 1964 كتبت هيئة تحرير ريمين ريباو تقييم الحزب الشيوعي لصيرورة تطور الحركة الشيوعية :

" ماذا يبين تاريخ تطور الحركة الشيوعية العالمية ؟

أولا يبين ان الحركة العمالية ، مثلها مثل أي شيء في العالم ، تميل الى الانقسام الى اثنين ، الصراع الطبقي بين البروليتاريا و البرجوازية يتمظهر بشكل لا مفر منه داخل صفوف الحركة الشيوعية العالمية ( قادة الحزب الشيوعي للاتحاد السوفياتي اكبر الانقساميين ) “وحدة ، صراع بل انقسام للوصول الى وحدة جديدة على أسس جديدة ، هذا هو ديالكتيك تطور الحركة العمالية العالمية” ( نفس المرجع ).

و في مداخلة ماو في المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الصيني حول عمل الدعاية أكد ماو هذا المضمون :على ان “كل الاشياء ، كل الظواهر تستجيب لمبدأ الواحد ينقسم الى اثنان” ، “في المجتمع البشري كما في الطبيعة ، الكل ينقسم دائما الى أجزاء ، فقط المضمون و الشكل يتغير حسب الظروف” .

إن تطور العلوم و الاكتشافات العلمية حول مكونات الذرة و تطور الصراع الطبقي قد شكلا الاساس المادي لاكتشاف هذا القانون العام ، لكن من المهم جدا معرفة كيفية استحضاره في كل مجال على حدة ، أي معرفة الشكل الخاص الذي يظهر به في هذا المجال أو ذاك و إذا أخذنا مثلا مسالة الحزب فماو قد تمكن من صياغة القانون الاساسي لتطور الحزب قانون “صراع الخطين” باعتباره يشكل الشكل الخاص للتناقض في صيرورة نشأة و تطور الحزب ، انقسام الحزب الى خطين ( و هنا نتحدث عن الانقسام و ليس الانشقاق ) و صراعهما هو حتمية تاريخية في صيرورة تطور الحزب ، انه الشكل الخاص الذي يظهر به قانون “الواحد ينقسم الى اثنان” في هذا المجال . وفي كل لحظة يجب معرفة خصائص كلا الخطين و دراستهما و قيادة هذا الصراع من اجل بلوغ وحدة ارفع يتم خلالها “ثني” الخط الخاطئ او لنقل “نفي”مختلف الافكار والمواقف التي عبر عنها الخط الخاطئ ، و في هذا النفي ينمو الحزب اكثر فكريا و سياسيا و تنظيميا و يظهر صراع الخطين من جديد على ارضية قضايا جديدة و يستمر التطور دائما تبعا لهذا القانون .

و هكذا فالانقسام لا يعني التشتت و انما النمو و الرقي . انه يمثل قانون تطور الطبيعة والمجتمع و الفكر ايضا .

ان التناقض الذي يحكم تطور المجتمع الراسمالي هو التناقض بين البروليتاريا و البرجوازية و في اطار صيرورة الصراع بين هذين الطرفين حل هذا التناقض ابان الثورة الاشتراكية التي تحققت بانتصار الطرف الاول للتناقض ( البروليتاريا) على الطرف الثاني للتناقض ( البرجوازية ) و مع انتصار الطرف الاول ظهر الجديد ، المجتمع الاشتراكي و انقسم الطرف المنتصر بعد ذلك الى خط بروليتاري و خط برجوازي ، خط اعادة الراسمالية .

في الطبيعة يولد الانسان عن طريق سلسلة من الانقسامات التي تتعرض لها بويضة المرأة ، البويضة تنقسم الى اثنان و كل جزء يشكل وحدة للمتناقضات و ينقسم و تستمر هذه العملية حتى تشكل الجنين و ولادته و يستمر النمو على قاعدة نفس القانون حتى موته و تحوله ...الخ. إن القيمة الفكرية و السياسية لهذا القانون تشمل كل مناحي الحياة ، و منها الحياة السياسية . فاليوم تطرح على جدول اعمال الشيوعيين (ات) مسألة وحدة الحركة الشيوعية سواء على النطاق الوطني او الاممي ، ويمكن لكل متتبع لشان الحركة الشيوعية ببلادنا او بباقي البلدان حيث لا يوجد بعد حزب ثوري أن يلاحظ ثقل هذا السؤال و مركزيته في صفوف الشيوعيين (ات) . في العراق يطرح السؤال بحدة خصوصا مع انطلاق الكفاح المسلح ضد الامبريالية الامريكية ، في سوريا نشاهد تصاعد و نمو الجدال و الصراع حول وحدة الماركسيين ، في الاردن الشباب الثوري ينعش هذا النقاش وسط الشيوعيين و في المغرب أصبح ذات السؤال يشكل مركز اهتمام كل من يعمل بجدية و صدق من اجل مصلحة الثورة المغربية . في هذه الظروف لابد للشيوعيين من اجل قيادة صيرورة الوحدة من امتلاك وعي سليم بالقوانين التي تتحكم فيها . ان الماركسية اللينينية الماوية تقدم لنا الاجابة عن هذا السؤال المركزي بشكل خلاق."(خالد المهدي، الماركسية اللينينية الماوية: 1 - الديالكتيك المادي)

وهكذا نستطيع أن نقدم تركيبا أوليا لما قلناه سابقا على النحو التالي:

إن صراع الخطين له طابع موضوعي مرتبط أساسا بالصراع الطبقي و بالصراع بين القديم و الجديد، و هو صراع داخلي بالنسبة لكل منظمة أو حزب ثوري. بواسطة و من خلال قيادته بشكل سليم و صحيح لصراع الخطين يتطور الخط الثوري و ينمو أكثر فأكثر. إنه صراع يقاد بشكل فعال من خلال و بواسطة التنظيم، و يظهر أكثر بروزا في لحظات الانعطافات و القفزات، و مع كل تغير في أشكال النضال، نضال البروليتاريا و الجماهير الشعبية أو هجوم البرجوازية و مناوراتها، و في متل هذه الظروف غالبا ما يكون مضمون الصراع بين الخطيين هو الصراع ما بين القديم و الجديد.

إن صراع الخطيين هو في حقيقته صراع بين خطيين فكريين و سياسيين، صراع بين موقعيْن طبقيين، لكن غالبا ما يحاول الخط الانتهازي إخفاء هذا المضمون حتى لا ينكشف أمام أعضاء المنظمة و أمام الثوريين(ات) و يحاول إظهار الصراع و طبعه تارة بطابع قومي أو عرقي أو إقليمي أو بطابع جنسي أو حتى شخصي، ليبث الضبابية في صفوف قواعد المنظمة أو الحزب لكسبها إلى جانبه أو تحييدها من صراعه ضد الخط الثوري، إن كل ذلك يفرض على الخط الثوري ضرورة الرقي بهذا الصراع و كشف محتواه الفكري و السياسي و مضمونه الطبقي لجميع أعضاء المنظمة أو الحزب حتى تتمكن من الانخراط بشكل فعال و واع و منظم في الصراع ضد كل خط انتهازي مهما تغيرت جلالبه.


بناء الحزب و تأسيس الحزب أية علاقة؟

إن مختلف التراكمات الفكرية و السياسية التي أشرنا إليها سابقا حول تجربة "إلى الأمام" هي التي ولدت الاعتقاد الخاطئ بأن العمال هم من يجب أن يؤسس الحزب و يبني الحزب الثوري، لأنه حزب الطبقة العاملة. إن تطور هذه الفكرة و دفعها إلى أقصاها قد ساهم فيما بعد في بروز اتجاه تصفوي يدعو إلى حل المنظمات الثورية (التي اعتبرها هو الأخر منظمات برجوازية صغيرة) و الالتحاق كمناضلين بصفوف العمال لمساعدتهم على تأسيس حزبهم (أنظر هنا على الخصوص مقال هاني أبو الرشاد :" نقد تمهيدي لأطروحة الحزب لدى الحركة الماركسية-اللينينية المغربية" (http://voieliberte.olympe-network.com/spip.php?article105)

وفي خضم هذه الاشكالات و الصراعات، سوف تتبلو أفكار شتى حول الحزب داخل المنظمة، لن نتناول منها فيما سوف يأتي سوى مسألة تأسيس الحزب.

لكن قبل ذلك نود التأكيد مرة أخرى على ضرورة التمييز الواضح بين بناء الحزب و بين تأسيسه.

فبنائه هي عملية طويلة و مستمرة، إن بنائه هو صيرورة تاريخية لا تنتهي إلا مع انتهاء و انتفاء شروط تواجده أي المجتمع الخالي من الطبقات. في حين أن تأسيسه هي انعطاف أو ربما قفزة نوعية وسط هذه الصيرورة الطويلة من بنائه. إن تأسيس الحزب يخضع في رأينا إلى تواجد شرطين

أولهما موضوعي، مرتبط بطبيعة علاقات الانتاج و بالصراع الطبقي و بنضالات الطبقة العاملة و الجماهير الشعبية، فالحزب البروليتاري لا يمكن أن يوجد إلا مع تواجد الطبقة العاملة و تطور نضالاتها و نضال باقي الطبقات الأخرى. و نعتقد جازميين أن هذا الشرط قد سبق ة أن أعلنته مجمل النضالات الطبقية ببلادنا مند الأربعينات من القرن الماضي، بمعنى أنه شرط متوفر في الظروف الراهنة.

ثانيها شرط ذاتي، مرتبط بمدى الاستعداد الثوري لدى الشيوعيات و الشيوعيين، و مدى وضوح رؤيتهم حول الطريق الواجب اتخاذه للسير قدما نحو الهدف المركزي حسم السلطة السياسية.

إن هذا الشرط الذاتي هو في اعتقادنا، لا زال غير متوفر، بالرغم من المخاض العسير و الدينامية الواضحة التي تعرفها الحركة الشيوعية ببردنا في السنوات الأخيرة. إن توفير هذا الشرط لا زال يتطلب المزيد من العمل و من الكفاح لكن تحت شعار ضرورة تأسيس الحزب.

بعد هذا التوضيح، سوف نحاول توضيح رؤية منظمة "إلى الأمام" إلى هذه المسألة.

بالرغم من أن منظمة "إلى الأمام" (إلى جانب "23مارس") كانت تقر بأهمية و ضرورة بناء الحزب البروليتاري الثوري، معتبرتا أن عملها و نضالها يندرج ضمن المساهمة في تأسيسه و بنائه، إلا أنها لم تضع مهمة تأسيسه كهدف مباشر، بل وضعت مهمة أخرى سابقة على ذلك، اعتبرتها شرط تأسيسه. مهمة "بناء منظمة ماركسية لينينية راسخة جماهيريا" و "توحيد جميع الماركسيين اللينينيين في منظمة واحدة"

"أن المهمة الرئيسية التي تشكل محور إنجاز هذه المهام يتمثل في تحقيق شعارنا الرئيسي المتبلور منذ “تقرير 20 نونبر” التاريخي: بناء منظمة ثورية طليعية، صلبة وراسخة جماهيريا."(نحو تهيء شروط قيادة النضال الدفاعي للجماهير)

"وبدون تصليب المنظمة وتقويتها، وبناء أسسها البروليتاريا وتحويل أعضائها إلى شيوعيين عنيدين، وتوفير كل تلك الأسس التي أوردناها في “تقرير 20 نونبر”، يستحيل إنجاز كل المهام المطلوبة والسير نحو بناء الحزب الثوري المنشود." (نحو تهيء شروط قيادة النضال الدفاعي للجماهير)

"فما دامت الطبقة العاملة ومجموع الجماهير الكادحة لم تفرز طليعتها البروليتارية، فسيبقى أمامها قطع مراحل طويلة في نضالها، أمام تزايد قمع النظام وتصعيد فاشيته وأمام انحلال البرجوازية الوطنية وانحدار الجناح التآمري البرجوازي الصغير. وعلى الحركة الماركسية-اللينينية، وهي المرشحة تاريخيا للقيام بدور حاسم في عملية بناء الأداة الثورية البروليتارية، بحكم أنها حاملة إيديولوجية الطبقة العاملة، وعليها أن تحقق قفزة كيفية جديدة في خطها وممارستها، من أجل السير قدما في عملية تبلور الأداة.

وإذا لم تستطع تحقيق هذه القفزة المطلوبة بشكل حاسم، في الشروط الجديدة للوضع الراهن، الذي يتطلب تحولا جديدا في مختلف مستويات العمل الثوري، السياسية والإيديولوجية والتنظيمية، فإنها تعجز عن القيام بدورها في عملية انبثاق الأداة الثورية، التي هي بالدرجة الأولى عملية اندماج الطليعة الثورية المنظمة بحركة الطبقة العاملة أولا، ومجموع الجماهير الكادحة، وهي عملية كفاحية شاملة، تتطلب خطا إيديولوجيا وسياسيا وتنظيميا سديدا. إن الحزب الثوري هو حصيلة هذا الاندماج، فهو يتأسس ويتدعم كقيادة عامة لكفاح الجماهير، من خلال تقدم هذا الكفاح نفسه وتعمقه. ليس بناء الحزب الثوري عملية تتم خارج كفاح الجماهير بشكل سلمي وهادئ، وليس الحزب الثوري معطى سابقا على الحركة الجماهيرية أو نتيجة لها، إنه منتج ونتيجة لها في نفس الوقت، يتصلب وينصهر في عنف الكفاحات الشاقة للجماهير الكادحة."(الوضع الراهن و المهام العاجلة للحملم، التسطير لنا)

إن وضع المسألة على هذا النحو قد شكل، في اعتقادنا، عقبة حقيقية أمام تأسيس الحزب الشيوعي الثوري ببلادنا، و عبر عن ضيق أفق سياسي في مسألة الحزب. و بالمناسبة نشير إلى أن حزب النهج الديمقراطي قد ورث هذه الفكرة عن منظمة إلى الأمام، فهو نفسه إلى اليوم بالرغم من أنه حزب بكل ما تحمله الكلمة من معنى سياسي و تنظيمي(فلا علاقة لذلك بضعف تأثيره السياسي أو عزلته عن الجماهير)، لا زال ينادي بتوحيد جميع الجذريين من أجل بناء حزب الطبقة العاملة و عموم الكادحين، بل هناك من رأى في حزب النهج إمكانية لبناء حزب ثوري عبر خلق نواة عمالية من داخله.

لينين سنة 1900 عندما حاول الكشف عن الظروف التي ساهمت في انفصال الحركة الشيوعية عن الحركة العمالية، و في ابتعاد الحركة العمالية عن الحركة الشيوعية قد أكد على ان أحد الأسباب التي مهدت لذلك الانفصال هي "أن الاشتراكيين-الديمقراطيين، حين ناضلوا بصورة مبعثرة ضمن حلقات عمالية محلية صغيرة، لم يعيروا ما يكفي من الانتباه لضرورة تنظيم حزب ثوري يوحد كامل نشاط الفرق المحلية و يفسح المجال لقيام عمل ثوري منتظم"(لينين، المهمات الملحة لحركتنا). و في مقاله أيضا "برنامجنا" الذي ألفه سنة 1899، حدد المهمة المركزية للحزب الاشتراكي في "... تنظيم نضال البروليتاريا الطبقي و قيادة هذا النضال الذي هدفه النهائي هو الظفر بالسلطة السياسية و تنظيم المجتمع الاشتراكي"(التشديد أصلي). إن لينين هنا أيضا يعتبر أن تنظيم نضال البروليتاريا، هي مهمة الحزب، و لم يعتبر أن تأسيس الحزب يجب أن يكون نتاجا لتنظيم نضال البروليتاريا، بل على العكس من ذلك، أي ضرورة تأسيس (خلق) حزب ثوري لتنظيم نضال البروليتاريا من أجل حسم السلطة السياسية.

إن ذلك لا يعني بتاتا إمكانية تأسيس حزب ثوري بمعزل عن نضال الجماهير، و بمعزل عن عملية تنظيمها،. إن تنظيم الجماهير و خلق منظمات و حلقات محلية سرية وسط الجماهير هي مسألة أساسية سواء قبل وجود الحزب أو بعد تأسيسه، لكن ما يهم هنا هو أن هذا العمل يجب أن لا يعوض مهمة تأسيس الحزب كمهمة عاجلة و مباشرة، بمهمة بديلة عنه، مهمة ": بناء منظمة ثورية طليعية، صلبة وراسخة جماهيريا"، توحد جميع الشيوعيين و الشيوعيات. إن مثل هذه المنظمة إنها هي الحزب الثوري بالذات.

في مؤلفه "ما العمل؟" و في خضم الصراع ضد الخط الانتهازي الذي مثلته آنذاك "الاقتصادوية" كتب لينين عن حق

" إن الوعي السياسي الطبقي لا يمكن حمله إلى العامل إلا من الخارج، أي من خارج النضال الإقتصادي، من خارج دائرة العلاقات بين العمال وأصحاب الأعمال. فالميدان الوحيد الذي يمكن أن نستمد منه هذه المعرفة هو ميدان علاقات جميع الطبقات والفئات تجاه الدولة والحكومة، ميدان علاقات جميع الطبقات بعضها تجاه بعض. ولذلك، على سؤال: ماذا ينبغي لحمل المعرفة السياسية إلى العمال؟ لا يمكن تقديم ذلك الجواب الوحيد الذي يكتفي به في معظم الحالات المشتغلون في الميدان العملي، فضلا عن أولئك الذين يميلون منهم إلى "الإقتصادية"، ونعني جواب: "التوجه إلى العمال". فلكيما يحمل الإشتراكيون-الديموقراطيون إلى العمال المعرفة السياسية ينبغي لهم التوجه إلى جميع طبقات السكان، ينبغي لهم أن يرسلوا فصائل جيشهم إلى جميع الجهات." و هذا العمل لا يمكن أن يقوم به سوى حزب ثوري حقا.

إن وضع مهمة "توحيد جميع الماركسيين اللينينيين في منظمة واحدة" و "بناء منظمة راسخة جماهيريا" كشرط لتأسيس الحزب هو عمليا إحالة مهمة تأسيسه و بنائه إلى مرتبة ثانية أو أكثر، و قد خلق ذلك و عمق نزعة حلقية كبيرة وسط الشيوعيات و الشيوعيين و ساهم في إعاقة صيرورة التوحيد و نمى لدى العديد من أعضاء هذه المنظمة أو تلك روح الحذر و الحساسية اتجاه التنظيمات الأخرى ومناضليها.

إن هذا الواقع، مع كامل الأسف، أصبح أكثر ترسخا وسط الحركة الشيوعية ببلادنا، فنضال العديد من المجموعات تحكمه الحسابات السياسية الضيقة و في الكثير من الأحيان اللامبدئية و ردود الأفعال اتجاه عمل المجموعات الأخرى، بل هناك من أصبح "يناضل" بشكل مباشر أو غير مباشر، حتى ضد التقارب بين المجموعة التي قد ينتمي إليها و هذه المجموعة الأخرى أو تلك. تارة بدعوى أن تلك المجموعة "أقوى" ومن شأن الانفتاح عليها أن "يضر" المجموعة التي ينتمي إليها، و تارة تحت يافطة أن التقارب و الانفتاح بين مجموعتـ"ـه" و مجموعة أخرى يمكن أن يقوي تلك المجموعة على حساب مجموعتـ"ـه"، أو أن الانفتاح على هذه المجموعة أو تلك لن تستفيد منه مجموعتـ"ـه" سياسيا، و غيرها من الأفكار و المواقف المغرقة في نزعة الحلقية الضيقة و الأشد تعصبا للحلقية. إن الجذور الطبقية لهاته النزعة إنما هي البرجوازية الصغيرة الضيقة الأفق، و لا غرابة أننا نجد أن أكثر من تصدر منهم مثل تلك الأفكار و المواقف هم أولائك المثقفون المنفصلين عن نضالات الجماهير الكادحة.

بعض الرفاق (ات) يبررون أسبقية "بناء منظمة ثورية راسخة جماهيريا" على تأسيس الحزب، بدعوى أن حزبا بلا قاعدة جماهيرية (و عمالية) ليس حزباِّ. و بالتالي يجب أولا "بناء منظمة" و توسيع قاعدتها الجماهيرية و تطوير خطها الفكري و السياسي قبل طرح مهمة تأسيس الحزب، كما كانت تقول بذلك منظمة "إلى الأمام" إبان السبعينات.

إن هؤلاء الرفاق (ات) لا يدركون، أو لا يدركون كفاية، أن بناء الحزب هي صيرورة تاريخية طويلة و مستمرة. و لا يدركون أيضا، أو لا يدركون كفاية، أن تأسيس الحزب هي نقطة انعطاف أو تحول (قفزة بالمعنى الفلسفي) و سط صيرورة بناء الحزب و تطوره. فتصورهم للحزب، كما كان تصور منظمة "إلى الأمام" إليه، تغلب عليه النظرة الميتافيزيائية أكتر منها النظرة الديالكتيكية. و هم بتصورهم هذا، لن يقدموا على أية حال على تأسيسه، بل سوف ينكبون و ينغمسون في العمل من أجل توطيد المنظمة (التي لا يعتبرونها حزبا أو طليعة للبروليتاريا كما كان الشأن لدى "إلى الأمام") وفي الصراع ضد المنظمات أو المجموعات الأخرى، و إحالة مهمة تأسيس الحزب إلى ما لانهاية. و هو ما سقطت فيه تنظيمات السبعينات جميعها.

يجب أن نذكر هؤلاء الرفاق (ات) بما أوصت به الأممية الثالثة التي قادها لينين: " ... تلك الأحزاب أو تلك المجموعات ... تشكل طليعة البروليتاريا فإذا كانت ضعيفة الآن فإنها مع ذلك تمثل إرادة الجماهير ، و الجماهير سوف تتبعها في الطريق الثوري "( التسطير لنا، مرجع سابق). الرفيق ماو تسي تونغ أوضح للشيوعيين على أن الحزب مثله مثل العديد من الظواهر يمر بمرحلة الطفولة، حيث يكون الحزب حديث الولادة مما يجعله ضعيف نسبيا في تأثيره السياسي و في قاعدته الجماهيرية، و بمرحلة الرشد و مرحلة الشيخوخة و الموت حيث تنعدم الحاجة إليه إي المجتمع الشيوعي.

إن نقطة الانطلاق في بناء الحزب و في تأسيسه، النقطة المركزية الأولى (ليست الوحيدة) إنما هي مسألة الخط الفكري و السياسي، فهي التي تقرر في المقام الأول طبيعة الحزب الطبقية و قدرته على توسيع قاعدته و على اكتساب القوة و التأثير في الموازين الطبقية، و لن نجد هنا أروع من ما قاله الرفيق ماو تسي تونغ لإيضاح هذه الفكرة:

"إن صحة أو عدم صحة الخط السياسي و الإيديولوجي تقرر كل شيء.فعندما يكون خط الحزب صحيحا، يمكن أن نحصل على كل شيء، إذا لم يكن لدينا رجال سنحصل عليهم، إذا لم يكن لدينا أسلحة سنمتلكها، إذا لم يكن لدينا قوة سنكتسبها، أما إذا كان الخط خاطئا فسنفقد كل شيء ربحناه"

على سبيل الخلاصة

إن كل ما حاولنا انتقاده من أفكار و مواقف في الخط الفكري و السياسي لمنظمة "إلى الأمام" إبان السبعينات، حيث كانت تحث قيادة الخط الثوري، تقودنا إلى التأكيد على أن مهمة اليوم، المهمة المباشرة التي يجب أن تتكثف عليها جميع الجهود، المهمة التي يجب أن تخضع لها جميع المهام الأخرى بدون استثناء، إنها هي مهمة تأسيس الحزب الشيوعي الثوري المغربي و ما يطرحه ذلك من مهمات كفاحية أمام الشيوعيين و الشيوعيات الثوريين من أجل توفير الشروط الفكرية و السياسية و كذا التنظيمية لإحقاق هذه المهمة التاريخية العظيمة و إكمال الطريق الذي عبده زروال و سعيدة و رحال، و النضال بحزم ضد كل من يزيحها من على رأس جدول أعمال الحركة الشيوعية ببلادنا.

إن أهم هذه الشروط هي بلورت الخط السياسي و الفكري للثورة ببلادنا و العمل على تثبيته و نشره وسط المناضلين و المناضلات، و توسيع نضالهم على أساس هذا الخط في قلب النضالات الجماهيرية للعمال و الفلاحين و باقي الكادحين و ليس بمعزل عنها. يجب أن لا ننسى أن الخط الفكري و السياسي لا يولد في السلام بل في قلب الصراع ضد الرجعية و الانتهازية وضد كل الانحرافات ووسط الجماهير، لكن ليس بشكل عفوي و مائع بل بشكل واع و منظم


جميعا من أجل توفير شروط تأسيس الحزب الشيوعي، الثوري المغربي

جميعا من أجل توحيد الشيوعيين (ات) الثوريين في حزب شيوعي ثوري

جميعا من أجل بلورت الخط الفكري و السياسي للعام للثورة المغربية

جميعا من أجل خدمة قضية الثورة المغربية و الثورة العالمية


طريق الثورة
http://tariqtawra.olympe-network.com/index.php?option=com_content&view=article&id=106:-----q-q--------&catid=42:2011-09-19-16-59-11&Itemid=90

[1] . مقررات الأممية الثالثة ، المؤتمر الثاني .نفس المرجع السابق .ص 182



#طريق_الثورة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيان حول المعركة الوطنية المفتوحة للجمعية الوطنية لحملة الشه ...
- نظرية الحزب الماركسي اللينيني الماوي
- الماركسية اللينينية الماوية أم التحريفية؟
- في ذكرى تأسيسها الاربعون - وثيقة تاريخية لمنظمة -إلى الأمام- ...
- النهج الديمقراطي القاعدي مراكش : أرضية الندوة
- ملاحظات حول بعض اتجاهات الصراع الفكري و السياسي داخل الحركة ...
- للفصل 222 من القانون الجنائي لحماية من ?
- شعار النضال من أجل الحريات السياسية والنقابية مضمونه وأبعاده
- دفاعا عن التاريخ -موقع فكر ماو تسي تونغ في تجربة الحملم بالم ...
- حوار مع المعتقلة السياسية زهرة بودكور
- حوار مع المعتقلين السياسيين بمراكش -مجموعة زهرة بودكور-
- حول الاستعمار الجديد - الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسية اللي ...
- مرافعة ديمتروف أمام المحكمة
- تقرير عن محاكمة مجموعة زهرة بودكور
- حول بناء الحزب
- نقد تمهيدي لأطروحة الحزب لدى الحركة الماركسية-اللينينية المغ ...
- محاكمة مجموعة زهور بودكور - محاكمة داخل محاكمة -
- “حرب على القصور، سلام في الأكواخ” (ضد دغمائية العمل الغير ال ...
- المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي الصيني
- حوار مع المعتقل السياسي الرفيق توفيق الشويني


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - طريق الثورة - لنكمل الطريق الذي عبدته منظمة -إلى الأمام- نحو تهيئ شروط تأسيس الحزب الشيوعي الثوري المغربي