أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حامد الحمداني - من ذاكرة التاريخ: الحرب العالمية الثانية، وتأثيرها على العراق/ الحلقة الأولى















المزيد.....

من ذاكرة التاريخ: الحرب العالمية الثانية، وتأثيرها على العراق/ الحلقة الأولى


حامد الحمداني

الحوار المتمدن-العدد: 3495 - 2011 / 9 / 23 - 00:17
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


أولاً: صعود النازية الفاشية إلى سدة الحكم:
كان اندحار ألمانيا في الحرب العالمية الأولى عام 1918، وتجريدها من كل نفوذ لها في العالم، بموجب معاهدة [ فرساي ] الموقعة بين الحلفاء وألمانيا في نهاية الحرب، وسيطرة بريطانيا وفرنسا على الأسواق العالمية، سبباً رئيسياً لمحاولة الرأسماليين الألمان إعادة تقسيم النفوذ والأسواق العالمية من جديد، وتحطيم تلك المعاهدة .

ومن أجل تحقيق هذا الهدف لجأ الرأسماليون الألمان إلى سحق الديمقراطية، والإتيان بحكومة فاشية، وعلى رأسها زعيم الحزب النازي [أدولف هتلر] العريف السابق في الجيش الألماني، والمعروف بعدائه الشديد للديمقراطية.

كان في مقدمة أهداف حكومة هتلر تصفية جميع الأحزاب السياسية في البلاد بدءاً بالحزب الشيوعي، مروراً بالحزب الاشتراكي، وانتهاءً بالحزب الديمقراطي المسيحي.

ومن أجل تحقيق هذا الهدف أوعز إلى رجاله بحرق [الريشستاخ] أي البرلمان، واتهم الشيوعيين الذين كانوا يمثلون قوة رئيسية في البرلمان وعلى الساحة السياسية الألمانية بحرقه، لكي يجد الذريعة لتوجيه الضربة القاضية للحزب الشيوعي مستخدماً أبشع الأساليب النازية وحشية.

ثم التفت هتلر إلى الأحزاب الأخرى، وفي المقدمة الحزب الاشتراكي الديمقراطي، تلك الأحزاب التي ضنت أنها في منأى من بطش هتلر، ورفضت التعاون مع الحزب الشيوعي في الانتخابات، ومهدت الطريق لصعود الحزب النازي إلى السلطة، وأنزل بها هتلر ضرباته ومزقها، تماماً كما فعل بالشيوعيين. وبذلك تسنى لهتلر تصفية أي معارضة لسلطته، وأصبح طليق اليدين في اتخاذ أخطر القرارات المتعلقة بمستقبل البلاد، بل العالم أجمع.
كانت الخطوة التالية لهتلر هي [التسلح]، حيث أقدم على تمزيق معاهدة [فرساي] وضربها عرض الحائط، وسخر كل إمكانيات البلاد الاقتصادية والصناعية للتسلح وإنشاء جيش ضخم وقوي، لكي يستطيع بواسطته فرض تقسيم جديد للعالم، ومناطق النفوذ.

ورغم تحذير الاتحاد السوفيتي للغرب آنذاك من مغبة السماح لهتلر بتهديد السلام في العالم، وضرورة إيقافه عند حده، إلا أن الحكام الغربيين لم يعيروا أي اهتمام إلى تلك التحذيرات.

بدأ هتلر منذ عام 1938 ينفذ خططه للتوسع، حيث أقدم على احتلال [النمسا] و[جيكوسلفاكيا] وأعلن ضمهما إلى المانيا دون أن يلقى أي ردع من جانب الدول الغربية.

وهكذا أخذت شهية هتلر تتصاعد لضم المزيد من الأراضي، فطالب بضم مقاطعة [ دانزج ]البولندية إلى المانيا، مدعياً أنها مقاطعة ألمانية، ولما لم ترضخ حكومة بولندا إلى ضغوطه، أقدم هتلر على مهاجمة بولندا عام 1939 ، حيث دفع بـ 36 فرقة من خيرة قواته العسكرية، مع أكثر من ألفي طائرة حربية، واستطاع ابتلاعها خلال أسبوع، بعد أن دمر عاصمتها وارشو تدميراً شبه كامل، وأباد مئات الألوف من سكانها.

ثانياً:اندلاع الحرب العالمية الثانية
بعد أن تم لدكتاتور ألمانيا هتلر احتلال النمسا وجيكوسلفاكيا، وضمهما للريخ الألماني، ومهاجمة واحتلال بولندا، أدرك حكام بريطانيا وفرنسا أن أطماع هتلر لن تقف عند حد، وأن الخطر الألماني سوف يصل إليهما عاجلاً أم عاجلاً، وهكذا سارعا إلى إعلان الحرب على المانيا في 3 أيلول 1939، وبذلك اشتعل لهيب الحرب العالمية الثانية ليشمل أوربا بأسرها، حيث توسعت بدخول إيطاليا الحرب إلى جانب ألمانيا، ودخول اليابان الحرب كذلك، بعد إقدامها على قصف ميناء [ بيرل هاربر] الأمريكي على حين غرة، والذي دفع الولايات المتحدة إلى دخول الحرب إلى جانب بريطانيا وفرنسا مكونين جبهة الحلفاء ضد ألمانيا وإيطاليا واليابان.
ثم ما لبث هتلر، وقد أغرته انتصاراته في الحرب في غرب أوربا،واحتلاله فرنسا، إلى مهاجمة الاتحاد السوفيتي، ودخول الاتحاد السوفيتي الحرب إلى جانب الحلفاء، وبذلك امتدت الحرب لتشمل العالم أجمع، ولم ينجُ من نارها وآلامها ومآسيها سوى تركيا وسويسرا والسويد، حيث بقيت هذه الدول على الحياد.

ثالثا: العراق والحرب العالمية الثانية:

لم تكد بريطانيا تعلن الحرب على المانيا، واشتعال لهيب الحرب في أنحاء أوربا، حتى بادر السفير البريطاني للاتصال بنوري السعيد على الفور، طالباً منه تطبيق معاهدة التحالف المبرمة بين البلدين في 30 حزيران 1930، وإعلان الحرب على المانيا، وقد طمأن نوري السعيد السفير البريطاني، ووعده بقطع العلاقات مع ألمانيا، وإعلان الحرب عليها بأسرع وقت.

وعلى الفور أبلغ نوري السعيد الوصي عبد الإله برغبة بريطانيا بإعلان الحرب على المانيا، وتقرر عقد اجتماع لمجلس الوزراء برئاسة عبد الإله، في 5 أيلول 1939، وطرح نوري السعيد أمام مجلس الوزراء الطلب البريطاني.

لكن خلافاً حاداً حدث داخل مجلس الوزراء، فقد رفض وزير الدفاع طه الهاشمي، ووزير العدل محمود صبحي الدفتري فكرة إعلان الحرب على المانيا، والاكتفاء بقطع العلاقات الدبلوماسية معها، و أعلنا أنهما سيقدمان استقالتهما إذا ما أصرَّ نوري السعيد على إعلان الحرب.(1)

وإزاء ذلك الموقف اضطر نوري السعيد للتراجع مؤقتاً والاكتفاء بقطع العلاقات الدبلوماسية، وسارع بالطلب من السفير الألماني [الدكتور كروبا] بمغادرة البلاد تحت حراسة الشرطة نحو سوريا، كما قام نوري السعيد باعتقال كافة الرعايا الألمان، وسلمهم للقوات البريطانية المتواجدة في قاعدة الحبانية، ثم جرى تسفيرهم إلى الهند كأسرى حرب.

أما عبد الإله فقد سارع إلى إرسال برقية إلى الملك جورج ـ ملك بريطانيا ـ يبلغه أن العراق سوف يلتزم تماماً بمعاهدة الصداقة والتحالف المعقودة مع بريطانيا عام 1930، وسوف يقدم العراق كل ما تتطلبه المعاهدة.(2)

كما أذاع نوري السعيد بياناً للحكومة في 17 أيلول أعلن فيه التزام العراق بمعاهدة التحالف مع بريطانيا، واستعداد الحكومة للقيام بما تمليه تلك المعاهدة من واجبات تجاه الحليفة بريطانيا، وقد سبب موقف نوري السعيد وحكومته موجة من السخط العارم على تلك السياسة اللاوطنية، والتي تهدف إلى زج العراق في الحرب الإمبريالية.

ومن أجل إسكات وقمع المعارضة لزج العراق بتلك الحرب أقدم نوري السعيد على تعطيل مجلس النواب، الذي كانت وزارته قد أجرت انتخابه قبل مدة وجيزة، ولجأ إلى إصدار المراسيم المخالفة للدستور، والهادفة إلى قمع كل معارضة لسياسته الموالية لبريطانيا، وكان من بين تلك المراسيم مرسوم مراقبة النشر رقم 54 لسنة 1939، ومرسوم الطوارئ رقم 57 لسنة 1939، منتهكاً بذلك الحقوق والحريات التي كفلها الدستور للشعب، وفي مقدمتها حرية الصحافة. (3)

وتطبيقاً لمعاهدة 1930، فتح نوري السعيد الباب على مصراعيه للقوات البريطانية لكي تحتل العراق من جديد، كما سنرى، ليصبح العراق طرفاً في حرب استعمارية لا ناقة له فيها ولا جمل، كما يقول المثل.

وهكذا اتسعت ساحة الحرب العالمية الثانية، بعد أن أمتد لهيبها ليشمل أوربا وأسيا، وأفريقيا، ولم تترك بلداً إلا وكان لها تأثيراً كبيراً عليه، سواء كان عسكرياً أم اقتصادياً أم اجتماعياً، وكان العراق غارقاً في خِضمْ تلك الحرب بعد أن احتلته القوات البريطانية احتلالاً كاملاً لمنع القوات الألمانية من الوصول إليه، حيث يمتلك العراق مصادر الطاقة [النفط] التي كانت ألمانيا بأمس الحاجة لها لإدامة ماكنتها الحربية.

لقد عانى الشعب العراقي الأمرّين من تلك الحرب، حيث أفتقد المواد الغذائية، والملابس، وغيرها من الحاجات المادية الضرورية الأخرى، وأصبحت تلبية تلك الحاجات أمر صعب للغاية، واضطرت الحكومة إلى تطبيق نظام الحصص [الكوبونات] لكي تحصل العوائل على حاجتها من المواد الغذائية والأقمشة لصنع الملابس واشتهرت تلك الأيام بـ [أيام الخبز الأسود] بسبب النقصان الخطير في الحبوب، ورداءة نوعية الطحين، وخلطه بمواد غريبة، هذا بالإضافة إلى صعوبة الحصول عليه، حيث كانت تمتد صفوفاً من الطوابير أمام المخابز كل يوم.

كما أن حكومة نوري السعيد كانت قد سخرت طرق المواصلات كافة، وموارد البلاد لخدمة الإمبريالية البريطانية وحربها، مما أثار غضب الشعب العراقي وحقده على الإنكليز، وحكومة نوري السعيد ،والأمير عبد الإله الوصي على عرش العراق.



#حامد_الحمداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هكذا تم تشريع الدستور على مقاس الحلف الشيعي الكردي
- تحالف الاحزاب الطائفية الشيعية والقومية الكردية
- المالكي، والدستور ، ومشاريع القوى القومية والطائفية لتمزيق ا ...
- من ذاكرة التاريخ: مؤامرة نوري السعيد لاسقاط حكومة جميل المدف ...
- من ذاكرة التاريخ : وفاة الملك فيصل الأول في ظروف غامضة وتولي ...
- هذا هو الطريق لإنقاذ العراق وشعبه من الأزمة الراهنة
- من ذاكرة التاريخ: الملك فيصل يطلب من نوري السعيد تقديم استقا ...
- من ذاكرة التاريخ: هكذا فرض نوري السعيد معاهدة 1930 على العرا ...
- من ذاكرة التاريخ: معاهدة 1930 وراء انتحار عبد المحسن السعدون ...
- من ذاكرة التاريخ: اسرار مقتل الملك غازي
- مَنْ المسؤول عن انتكاسة واغتيال ثورة 14 تموز؟/ القسم الثاني ...
- مَنْ المسؤول عن انتكاسة واغتيال ثورة 14 تموز؟ القسم الأول
- وحدة قوى التيار الديمقراطي طريق الخلاص للشعب العراقي من أزمت ...
- هذا ما قدمه الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم، فماذا قدمتم يا حك ...
- هذا ماقدمه الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم فماذا قدم حكامنا ال ...
- هذا ما قدمه الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم، فماذا قدمتم يا حك ...
- هذه احدى مآثر ثورة 14 تموز فماذا قدمتم يا حكام العراق الجدد؟
- النظام السوري يقود سوريا وسائر منطقة الشرق الأوسط نحو المجهو ...
- صراع المالكي وعلاوي على السلطة هل يقود العراق نحو الحرب الأه ...
- من ذاكرة التاريخ:حرب الخامس من حزيران 1967العربية الاسرائيلي ...


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حامد الحمداني - من ذاكرة التاريخ: الحرب العالمية الثانية، وتأثيرها على العراق/ الحلقة الأولى