أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسين يونس - عريان بين ذئاب .. صديقي بالعراق















المزيد.....

عريان بين ذئاب .. صديقي بالعراق


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3487 - 2011 / 9 / 15 - 20:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


استعرت عنوان مقالي من رواية ( بالغة التأثير ) صدرت عام 1978 للاديب برونوابيتز و ترجمة الاستاذ فخرى لبيب عن الحياة في معسكر اعتقال الماني ( بوخنفالد ) حيث اعتقل في نهاية النصف الاول من القرن الماضي عدد من المثقفين الليبرالين و الشيوعين ، اليهود مع ناشطين معارضين لسياسة هتلر النازية .
الرواية تغص بالتفاصيل لمدى المهانة و إهدار الآدمية و التعذيب الذى مورس علي رجال شرفاء متحضرين بسبب عقائدهم من حراس جهلة مهووسين بسفك الدماء ومرضي بالسادية لدرجة أن مدير المعتقل أمر بصنع اباجورة لزوجته من جلود المساكين الذين لاقوا حتفهم وهم رهن الاعتقال بمعسكره.
صديقي المثقف شديد الحساسية أصبح نتيجة تمسكه بقيم اكتسبها خلال تاريخ طويل من التحصيل الجاد عريانا بين ذئاب الملالي و إرهابيي السلفيين الذين استوطنوا عراق ما بعد الغزو و الاحتلال الامريكي ، وفرضوا عليه انماطا متخلفة من السلوك تجعل المعارض لها كالقابض علي الجمر في يده . كتابات صديقي وملاحظاته علي كتابات الآخرين توحي بذلك، وعلي الرغم من أنه لم يئن أو يصرخ الا أن كلمات له محدودة نشرت هنا وهناك تحولت الي أضواء كاشفة باهرة لما تنتظره شعوبنا من مصير اذا ما حكمتها قوات الاظلام الديني ، وجعلت من وطننا قبرا ضخما يحكمه ناكر و نكير معيدة الي الذاكرة ارهاب وغدر و عنف مجتمع ( بوخنفالد ) الرهيب ، وكأن التاريخ يأبي الا أن يعيد انتاج نفس مشاهد الفاشيست ولكن بوجوه محلية لاصدقاء وجيران وزملاء كانوا الي عهد قريب بشر متسامحون متفهمون طيبون قبل تعرضهم جماعيا لفيروس حولهم الي وكلاء لله سبحانه، سجّانين مراقبين للآخر، يعدُّون عليه انفاسه ، مصابين بخلل سلوكي يجعلهم لا يهدأون حتي يتحول كل من يشاركهم سكنى الوطن علي شاكلتهم يحمل نفس ملامح الاصابة بأعراضها ولعنتها .
لا أعرف تماما حقيقة ما يحدث هناك و لكنني يمكنني أن أتخيل ملالي مقتضي الصدر وهم يسيطرون علي الجنوب الغني بالبترول نازعينه تدريجيا من معسكر العروبة السنية الي معسكر الشيعة الايرانية .. يستمتعون بلطم الخدود و ضرب الاجساد بالسيوف و السلاسل و الجنازير دون استهجان البعث و تحريماته ، ملالي العراق سيتمكنون من الدعوة لاحتفالاتهم و طقوسهم دون اى وصي و سيهدرون آدمية المرأة في الدعارة الرسمية دون امتعاض الآخر ولن يتركوا حاكما سنيا يتحكم فيهم بعد اليوم .
في الوسط يعيث فسادً ارهاب القاعدة دون رادع يفجر ، يخطف ، يقتل ، و يطبق شرع الله يقطع الايدى ويرجم حتي الموت ومع نداء الله أكبر يفصل الرأس عن رقبته .. الوهابية السنة بقيادة سفاحين محترفين ، تم تدريبهم في تورا بورا و أخوتها يسيطرون علي العاصمة و مدن الوسط فارضين لحاهم وازياؤهم و افكارهم بتحقير المخالفين والمرأة .
في الشمال حيث الطبيعة سخية مبدعة خلابة بجبالها وثلوجها وسهولها وهوائها المنعش باشجارها المزهرة وبشرها الذين يحاكون الطبيعة المحيطة بهم ، يتجمع شعب طالما اضطهد و تفتت بين أربعة دول ليكون الكردستان الجديد بلغة ، تقاليد ، قومية ، وطموحات خاصة تبتعد بالشمال و بتروله خطوة خطوة عن العراق كما عرفناه منذ الملك فيصل ونورى السعيد حتي زمن صدام حسين وولديه .
المخاض الجديد اذا تحقق يستبعد المرأة عموما والرجل المثقف ، الفنان ، الشاعر ، الانسان ، العلماني ، المناضل الذى يسعى من أجل وطن ليبرالي ديموقراطي يضم جميع الاجناس وعشرات الديانات والمذاهب واللغات في إطار دولة حديثة موحدة لسكان بلاد ما بين النهرين .. ملالي الصدر لا ينسون ضرب الاهوار بالنابلم و لا يريدون لشعبهم أن ينسي وزعماء الشمال يذكروننا دائما ما جره البعث عليهم من أهوال و ضربهم بالغازات السامة ولا يريدون لشعبهم أن ينسي ومشايخ السلف الصالح يصرون علي أنهم السادة منذ عبد الله الجزار وحتي الصدام وانهم لن يتنازلوا عن الريادة وقيادة الوطن الى فسطاط الخير والاسلام الحق ، اسلام الرسول و الصحابة .
الغربة التي يشعر بها صديقي وباقي الاصدقاء الذين التقي بهم علي صفحات الحوار المتمدن، تسبب فيها نوعان من أنظمة الحكم، الاول عندما يتولي العسكر المنقلبون على الشرعية والثاني عندما يحكم رجال الدين او الاحزاب العقائدية فكل منهما فاشستي ينتج ذئابا تنهش المخالفين و تعيش في جيتو فكرى مغلق عليها لا تقبل بتعديله او ابداله مهما تغيرت الظروف .. العراق ، غزة ، السودان والصومال بلادنا التي اصابها الوباء و اغتالتها أيادى رجال الدين الشرهين للسلطة والمال ناشرين أفكارا شاذة بعيدا عن العصر يقطعون الايدى والرقاب ويغزون القبائل المجاورة ويسبون النساء والاطفال ، يبعونهم في اسواق النخاسة ، يسجنون من لم يلحق بصلاة الجماعة ويجلدونه ، يقهرون المرأة في ازياء موحدة نمطية تهدر تنوع الشخصية الفردية .. يتزوجون فى مواكب جماعية من اطفال لم تتجاوز الواحدة منهن العشر سنوات . المثقف عندما تصدمه جدية من يقول بمثل هذه التفاهات ويراها تطبق حوله رؤى العين ، يصبح عريانا من كل ما اكتسب من مبادئ وتعليم وثقافة ، ويقف حائرا مندهشا أن مجتمعه أصبح بهذه البشاعة .. الأستاذ عبد القادر انيس فى مقال عن محطة بث تليفزيونى قطرية تدعى سقوط نظرية دارون ، اضطر الى مناقشة مجموعة من البديهيات تم الانتهاء من التحقق منها منذ فترة طويلة ، الأساتذة سامى لبيب ، جاك عطا الله ، عدلى جندى عندما اقرا ما يكتبون أشعر بأنهم فى حالة من الاندهاش والمفاجأة بمدى تدهور أبناء وطنهم .. الأساتذة عائشة ، ليندا ، ماجدة ، نهى ، نادية ، إيمان كلهن فى تعليقاتهن حالة من عدم التصديق أننا نعيش بين ذئاب ضوارى لا يسترنا منهم ما تعلمناه.
الأصدقاء حامد والبدرى والحكيم البابلى ، كلهم هذا الرجل العريان بين الذئاب ، وكلهم استيقظ يوما ليجد أن أهله قد أصابهم فيروس جماعى حولهم الى سجّانين لكل فكر حر أو طموح أو رغبة فى التغيير .
نحن فى وطننا من العراق مرورا بسوريا والأردن وغزة ووقوفا عند مصر وليبيا وتونس ، وبملاحظة الجزائر والسودان والصومال ، نعيش تحت نيرهم وتهديدهم ، وغباء رجعى لا يعى أن عالم اليوم فى القرن الواحد والعشرين ، قد تخطى القرن السادس بخمسة عشر قرنا ، تغيرت فيها المفاهيم وامتلك الانسان لأدواته الفلسفية والفكرية والعلمية التى تتطور به بسرعة غير مسبوقة ، ولكن الذئاب لازالت تعيش حول مهاجع الخيام تسعى فى الصحراء طلبا لرزق حرام.



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مليونية ما بعد زيارة القدس
- لن أغفر للاخوان ما فعلوة بمصر.
- ادعاءات الفرزدق و عجز ما بعد الهوجه
- في انتظار .. قرن من السبات الوهابي.
- الاخوان المسلمين ..ارهاب باسم الدين.
- الاسطورة المصاحبه لميلاد الانبياء
- حقوق الانسان .. ام حقوق الرب.
- تعاظم موجات الكراهيه علي بر مصر
- مصر ..في قبضه المبتسرين
- مصر ..لن تكون جنتهم الموعوده
- حثالة البروليتاريا ..تطلق لحاها
- أكفل قرية في الصعيد.. خلط فكرى شديد .
- سقوط الميتافيزيقيا
- ((لا أعرف شيئا عن سر الاله))
- النبوءة
- ميدان التحرير .. منطقة منكوبة
- أهذا .. هو الطوفان !!
- انقلاباتنا العسكرية داء مستوطن
- سيدتي .. اعتذر نيابة عنهم .
- هل تحل الفلسفة مأزق العنف الدينى !!


المزيد.....




- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟
- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسين يونس - عريان بين ذئاب .. صديقي بالعراق