أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محسن النصار - المخرج الألماني بيتر شتاين وعرضه لمسرحية-الطائر الأسود-في مهرجان ادنبرة الدولي / المسرح الجاد














المزيد.....

المخرج الألماني بيتر شتاين وعرضه لمسرحية-الطائر الأسود-في مهرجان ادنبرة الدولي / المسرح الجاد


محسن النصار

الحوار المتمدن-العدد: 3469 - 2011 / 8 / 27 - 02:52
المحور: الادب والفن
    


قام المخرج الألماني بيتر شتاين بعرض مسرحية (الطائر الأسود) عن نص للكاتب الاسكتلندي ديفيد هروار ويعتبر بيتر شتاين هو أحد المخرجين العالميين الأكثر ارتياداً وتواجدا في مهرجان إدنبره الدولي ، وقد قدم العديد من المسرحيات التي شاركت في المهرجان من هذه المسرحيات ، يوليوس قيصر عام 1993، الأورستية عام 1994، الخال فانيا 1996، بستان الكرز عام 1997، باراسيفال وكلاديو أبادو عام 2002، والنورس عام 2003. أما هذا العام قدم بيتر شتاين ضمن فعاليات المهرجان عرضأ مسرحياً بعنوان (الطائر الأسود)، وهو عرض مأخوذ عن نص جديد للكاتب الاسكتلندي ديفيد هروار
ودام العرض لمدة ساعتين تقريباً. دور الأحداث في مكتب لرجل أعمال كبير في أواخر الستينيات، تقتحم شابة مكان عمله، وتطالبه بمسؤولية ما كونه مارس الجنس معها عندما كانت قاصرة في سن الثانية عشرة بينما كان هو في الأربعينيات. ويبدأ العرض المسرحي في مكتب صغير، مليء بالأوساخ والأوراق التالفة وكأنه مكتب مهجور، بداية المسرحية كما هو واضح مهيأة لعرض مشحون وعلاقة غريبة تبدأ في مكان غريب باتساخه، وفتاة قادمة إلي هذا الشخص الذي أفقدها عذريتها وهي لا تزال طفلة لتعلن حبها لهذا الرجل وهو في أواخر الخمسينات من عمره، أي يبدأ العرض المسرحي من السؤال الأساسي لهذا العرض حول إمكانية استمرار علاقة بدأت شاذة، الأمر الذي يحيد المحاكمة الأخلاقية لفعل الجنس الشاذ بالنسبة لشخصيات المسرحية علي الأقل. ويطرح سؤالاً عن جدوي هذه العلاقة ومشروعيتها. وهو الأمر الذي عبر عنه الكاتب نفسه، الذي أراد تحييد محاكمته الأخلاقية لشخصياته والسعي لكشف ما يمكن أن تقوم به هذه الشخصيات فيما لو حدث اللقاء الافتراضي كما هو الحال في نصه.
بقي هذا التوتر مشحوناً بفضل طاقة الممثلين الاثنين الكبيرة واللذين أجادا طوال الساعتين ليبقيا العرض علي هذا المستوي من التوتر، كما تبقي الشخصيتان في حالة فوضي وعدم استقرار بين رجل لا يدري إن كان رجلاً فعلاً أو علي ثقة بنفسه لإحياء العلاقة مع تلك الفتاة، وفتاة لا تدري إن كانت تريد أن تبقي بالنسبة لهذا الرجل طفلة أم شريكة. ومع تتالي الأحداث والنقاش يبدأ الشك حول طبيعة هذا الرجل وإن كان مهووساً بممارسة الجنس مع الفتيات الصغيرات الى أسئلة أخري عن عمله وهل هو مدير المكتب كما يوحي لباسه أم أنه عامل التنظيفات الذي يبقي حتي انتهاء الدوام لينظف ركام الأوساخ في المكتب. يتخلل حوارهما مرور بعض الشخصيات الأخري أمام المكتب ليلقوا نظرات سريعة من النوافذ الخلفية لهذا المكتب، وكأن جمهوراً آخر هناك مقابلاً لجمهور المسرحية الرئيسي.
يستمر العرض دون أن يذكر أي موقف أخلاقي من قبل شخصياته أو التعبير عن رأي ما بفئة اجتماعية معينة ، بل بقي نص ديفيد هروار وعرض بيتر شتاين محافظين علي الدقة في سرد العلاقة دون إفساح المجال لتأويلات اجتماعية، وتبقي حالة التوتر العالية وتقوم الشخصيتان بتقديم مونولوجين طويلين لا يمكن المرور علي العرض المسرحي هذا دون الإشارة إليهما وإلي قوة الممثلين. يتطور هذا التوتر إلي حالات عصابية، فتجرح الفتاة الرجل، ثم يقومان سوية بزيادة الفوضي في المكتب، وفي النهاية يمارسان الجنس في مؤخرة المسرح، إلي أن تقتحم المكتب فتاة صغيرة لا نعرف العلاقة بينها وبين الرجل سوي أنها تخبره بأن والدتها تنتظرها في الخارج، ولكنها تمرر يدها علي بطنه مما يثير الريب بأن هناك علاقة شاذة أخري قد تمت بينهما. يحدث هذا بينما الفتاة الأخري مختبئة. تخرج الفتاة الصغيرة، ويجري اشتباك بين الرجل والمرأة مرة أخري ينتهي بخروج الرجل من المكتب. وهنا ينتهي نص ديفيد هروار.
أما بيتر شتاين فلا يزال لديه ما يقوله، يدخل عمال المسرح بعد أن يخرج الرجل ليغيروا الديكور ثم يتم عرض المشهد الثاني والقصير نسبياً في مرآب، ونري سيارتين علي خشبة المسرح، يدخل الرجل في إحداهما، بينما تبقي السيارة الثانية واقفة، وتخرج الفتاة معترضة السيارة التي يقودها الرجل في محاولة لتمنعه من المرور. يوقف الرجل سيارته، تفتح الفتاة باب السيارة ويتعاركان إلي أن يموتا سوية. وهنا الإشارة التي لا تختلف كثيراً عن موقف الكاتب ديفيد هروار والتي تصرح باستحالة إحياء العلاقة، وفي الوقت الذي يكتفي الكاتب بنهاية يخرج الرجل منها، ليستمر بحياة قد لا نعرف الكثير عنها، إلا أن بيتر شتاين قدم موقفاً أكثر عنفاً ينتهي بعراك وموت.
المشهد الأخير هذا وهو إضافة بيتر شتاين علي العرض، يحمل أيضاً ما هو غير مألوف علي المسرح الإنكليزي المعاصر. فتجري أحدث غالبية النصوص الانكليزية المعاصرة في غرف أما المشاهد الخارجية فهي نادرة ولنا أن نجد حضوراً لها في أمثلة مثل بعض نصوص إدوارد بوند، إلا أن سمة المشاهد الداخلية باتت سمة للمسرح الانكليزي، وهذا أمر تقني يؤكد علي التركيز علي المشاهد الداخلية والعوالم الداخلية النفسية للشخصيات، ولكن مع محاولة بيتر شتاين الخروج بشخصيتيه في مشهد قصير نسبياً إلي المرآب تفلت الأحداث من الضوابط التي تفرضها المشاهد الداخلية وتقتل الشخصيتان بعضهما البعض الآخر وكأنها إشارة الى أن معادل التوتر السابق داخل المكتب هو مشهد واسع في كراج مع سيارتين وعراك وقتل في الخارج، وهذه إضافة يمكن لها أن تقرأ علي عدة مستويات نتيجة لرؤية بيتر شتاين لهذه الشخصيات.
لا يعكس أمر تقديم بيتر شتاين لعرض بطريقة تقليدية سبيلاً معيناً في شكل مسرحي معين في مهرجان اتصف بالتنوع والجرأة في طرح أشكال مسرحية جديدة، فالمخرج نفسه قام في ما مضي بإخراج عرض أوبرالي. إن تقديم مخرج مثل بيتر شتاين لنص الكاتب ديفيد هروار انتصار للنص والحكاية ورد علي مقولات البعض حول افتقار المسرح المعاصر الى النصوص والكتاب.



#محسن_النصار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزياء المسرحية وأهميتها في العرض المسرحي
- المسرح الجاد
- مفهوم مسرح العبث او اللامعقول في المسرح المعاصر
- مسرحية -رسم حديث- تأليف محسن النصار
- المسرح الحكواتي والشكل الجديد للمسرح العربي
- الأبداع الفكري والحسي في مسرح الصورة عند صلاح القصب
- قراءة في كتاب «رؤى في المسرح العالمي والعربي» تأليف رياض عصم ...
- مسرح د. فاضل خليل والرؤى المتميزة
- مسرحية -الزجاج المحطم- تأليف محسن النصار
- مسرح فاضل خليل وأيجاد الهوية للمسرح العراقي
- ذكريات نقد عرض مسرحية الرحيل ومسرحية بطل من الماضي
- التمثيل الصامت وجمالية التنوع في الأخراج المسرحي
- صلاح عبد الصبور والأبداع المسرحي الشعري في ذكرى ميلاده الثما ...
- د.عقيل مهدي والحداثة في مسرح السيرة / كتابة محسن النصار


المزيد.....




- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محسن النصار - المخرج الألماني بيتر شتاين وعرضه لمسرحية-الطائر الأسود-في مهرجان ادنبرة الدولي / المسرح الجاد