أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ماجد الشيخ - بين ماء السلطة وحجار الدولة














المزيد.....

بين ماء السلطة وحجار الدولة


ماجد الشيخ

الحوار المتمدن-العدد: 3467 - 2011 / 8 / 25 - 23:57
المحور: المجتمع المدني
    



لن نكون معنيين بعد اليوم، باستبدال سلطة بسلطة، نظاما بنظام، قدر ما نحن أحوج ما نكون، ووفق مفاهيم الضرورات والحاجات الثقافية التاريخية؛ بإقامة حكم الدولة؛ الدولة التي صودرت، استملكت؛ أو سُرقت وهُمّشت من قبل "أرباب" السلطة و"أصحاب" القوة والغلبة والإكراه، حتى باتت السلطة أمنية بامتياز؛ وحين هيمنت على الاقتصاد الوطني، جعلته ملكيتها الخاصة، وحين هيمنت على الدولة استملكت المجتمع والوطن؛ فأصبح كل ما امتلكت واستملكت في خدمة السلطة الأمنية البوليسية، وهذه الأخيرة في خدمة "أرباب" هيمنوا على الدولة، فصارت صنيعتهم، وسيطروا على الاقتصاد فصار ملكيتهم، وامتهنوا (من فعل الإهانة) الوطن والمجتمع، حتى صار الإنسان في هذه البلاد المسماة أوطانا، عبدا للذي "غلب"، وعبدا لأصحاب العرض والطلب، الذين حوّلوا أوطاننا إلى أسواق نخاسة يُباع فيها الإنسان ويُشترى.

هذا هو حالنا في هذه البلاد التي هيمنت فيها كذلك قوة استعمارية، يدعمها الاقتصاد العالمي والرأسمال الدولي الرمزي والفعلي لـ "المجتمع الدولي"، كما ويدعمها التديّن التوراتي، الخرافي "المُصادق" عليه والمتبوع من قبل تديّن "مشيخي" و"كهنوتي"، كان قد أمسى أكثر مزايدة وإيغالا في الخرافة، حين لجأ إلى المصادقة على أساطيرها وخرافاتها التي أسست لوجود لها في التاريخ وفي الجغرافيا، وها هي تمتد وتستطيل وتتمدّد حتى قضمت وتقضم من تاريخنا ومن جغرافيتنا الكثير، وأكثر مما هي فلسطين الأرض والوطن والشعب، حتى بتنا تلك "الأندلس الجديدة"، نتغنى بها من دون أن نمتلك القدرة على حمايتها، لننسى أو لنتناسى أن ليس من حقنا أن يكون لنا تلك "الأندلس القديمة" التي سيطرنا عليها بالغلبة والإكراه الديني، بينما تواصل "عقدتنا الأندلسية" فعلها في التاريخ وفي الجغرافيا، حين لم نستطع أن نحميهما، فما كان من الصهيونية إلا وأن سيطرت على بلادنا؛ كـ "أندلس جديدة" بالغلبة والإكراه الديني وغير الديني كذلك.

من هنا ضرورة أن نستمد قوتنا الجديدة من تحويل غلبتنا و "غُلبنا" إلى قوة بناءة، نستعيد من خلالها كشعوب مقهورة ومسلوبة في هذه البلاد؛ دولة تحكم فينا ونحتكم، وتحتكم إليها حتى السلطة، كل سلطة مكابرة، أهانت كرامات الناس وصادرت حرياتهم باسم هذه أو تلك من القيم الزائفة؛ دينية كانت أو دنيوية، سياسية أو ثقافية؛ تستمد من الماضي أيديولوجياها القاتلة للهوية.

لهذا لا ترنو ثورات شعوبنا في هذه البلاد، نحو استبدال السلطة القائمة بسلطة مماثلة أخرى، تتراكب من أوجه "جديدة" هي مرآة للقديمة، كي تماري في سلوكها الخارج عن نواظم العلاقة الإنسانية، فضلا عن نواظم العلاقة المواطنية. لم نجرب هذه الأخيرة بعد، ولم نقترب من تلك الإنسانية، الدولة المدنية العلمانية بدستورها وقوانينها وعقودها الاجتماعية والسياسية، وحدها الضمانة التي تهئ لقانون المواطنة، لحقوقها الكاملة، لكل مواطنيها، من دون محاصصات، ومن دون إكراهات الخوف والصمت، ومن دون الخوض في العدد أو في النوع أو في الجنس أو في اللون، أو في الحديث عن "عرب عاربة" أصيلة و"عرب مستعربة" (ذمية)!.

المواطنة هي الكل، وليست التي تتكون من جزئيات وتجزيئات السلطة التي ترنو نحو تأبيد حكمها على الجميع؛ بتقسيماتها الجائرة، وتذريراتها المفتعلة، وتفتيتاتها العامدة إلى التقليل من شأن الكل الأكثري والأقلوي، والنفخ في رماد "الأقلية النخبوية" التي "استحقت" أو "تستحق" أن نسيّدها الحكم والسلطة، حتى وهي تسحق في سياق استبدادها السلطوي؛ كل مشروع لإقامة الأسس الكفيلة ببزوغ فجر الدولة؛ كدولة لكل مواطنيها، لا كدولة استعمالية يقوم عبيد المفاهيم الأمنية بهندستها، وبرمجتها واستخدامها مطية لأقلية نخبوية، لم تجد من يردها إلى حيث تقف حدود السلطات والدول.

هكذا كانت السلطة في بلادنا، تؤسس لسلطنات إستملاكية خاصة بالعائلة أو الأسرة أو القبيلة أو العشيرة باسم الحزب والطائفة والمذهب، ولممالك الأسر الحاكمة باسم أي شئ، إلاّ أن تكون السلطة الحاكمة خطوة نحو خدمة للدولة وللشعب وللمجتمع وللوطن، لقد صادرت السلطة الطغيانية كل المفاهيم وتلاعبت بها، وصيّرتها رهينة لغلبتها وإكراهاتها، حتى باتت قضايا الإصلاح والتغيير والديمقراطية، كما قضايا التنوير والحداثة؛ عصيّة أو مستعصية على العيش في فضاءات السلطة التي تتشدق بها، وهي في كل الأحوال لن يكون بالإمكان تأسيسها إلاّ توازيا في فضاءات دولة، تتأسس على أنقاض سلطة الطغيان الاستبدادية، وعلى حساب "دولتها الأمنية" التي لا يمكنها مطلقا أن تتحول من عصا قمعية، إلى سلطة خليقة بقيادة تحوّل تاريخي نحو الديمقراطية.. تلك مهمة مواطنين أحرار، تتشكل أوطاننا اليوم ويُعاد إنتاجها وتأسيسها، على وقع معاناتهم وصيحاتهم وشعاراتهم وصرخاتهم وتضحياتهم من أجل الحرية المُصادرة والكرامة المهدورة، ومن أجل استعادة إنسانية الإنسان، ومواطنية المواطن في دولة لا تتشخصن، أو يجري خصخصتها لمصلحة الشخص أو الأسرة أو العائلة أو القبيلة أو الطائفة، ومن أجل دولنة السلطة لا سلطنة الدولة، وكي لا تتحول السلطة أو الدولة إلى استبداد مقيم أو مستديم، يطغى على كل أسلوب في الحكم لم نجرّبه بعد.

نحن في هذه البلاد لم نجرّب حكم الدولة بعد، وآن لنا أن نخوض غمار التجربة حتى الرمق الأخير من نهاية روح الاستبداد الطغياني، وهي تقبض وتتلاشى مثل غبار السنين، فلا يبقى في الوادي غير حجاره. ولذلك فإن علمانية الدولة ومدنيتها هي الحل لكل ذاك الفوات التاريخي الذي تعاني منه مجتمعاتنا..



#ماجد_الشيخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية والمجتمع.. من يُنضج من؟
- في حاجة تاريخنا ومجتمعاتنا للحرية
- نقائض الدولة ونواقص السلطة
- صناعة الطغاة والهويات الأكثر التباسا
- دفاعا عن وطنية الشعب والمجتمع والدولة
- مأزق نخب أضاعت بوصلاتها
- سيرورات التغيير والثورة والديمقراطية
- ثورات الانعطاف التاريخي الراهن ومحنة الاستبداد
- حداثة متجددة لا عثمانية جديدة
- في شأن الطبيعة العفوية للثورات الشعبية
- بناء الدولة وسط ركام التحولات
- حطابات لفظية ضيّعت فلسطينية الدولة
- المجتمع الجديد والمواطنة
- ربيعنا الديمقراطي وحلم النهضة المؤجل
- الهوية لا يصنعها الطغاة
- اي مصالحة في ظل نظام إشكالي؟
- سلطويات مانعة للمواطنة
- الإصلاح الشامل كمسألة وجودية
- سلطويات الذات الاغترابية ونزعتها النيرونية
- آلام التغيير وثقل الستاتيك الفلسطيني


المزيد.....




- أمين الأمم المتحدة: أي هجوم بري إسرائيلي برفح سيؤدي لكارثة إ ...
- -بحلول نهاية 2025-.. العراق يدعو إلى إنهاء المهمة السياسية ل ...
- اعتقال العشرات مع فض احتجاجات داعمة لغزة بالجامعات الأميركية ...
- مندوب مصر بالأمم المتحدة يطالب بالامتثال للقرارات الدولية بو ...
- مندوب مصر بالأمم المتحدة: نطالب بإدانة ورفض العمليات العسكري ...
- الأونروا- تغلق مكاتبها في القدس الشرقية بعدما حاول إسرائيليو ...
- اعتقال العشرات مع فض احتجاجات داعمة لغزة بالجامعات الأميركية ...
- تصويت لصالح عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- الأمم المتحدة تدين الأعمال العدائية ضد دخول المساعدات إلى غز ...
- الإمارات تدين اعتداءات مستوطنين إسرائيليين على قافلة مساعدات ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ماجد الشيخ - بين ماء السلطة وحجار الدولة