أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - أوري أفنيري - تحطيم أبي مازن















المزيد.....

تحطيم أبي مازن


أوري أفنيري

الحوار المتمدن-العدد: 1027 - 2004 / 11 / 24 - 10:06
المحور: القضية الفلسطينية
    


جورج بوش هو تلميذ أسطورة "الغرب المتوحش"، فهو يرى في نفسه ذلك "الشريف" الذي يستل مسدسه بسرعة ويقتل الأشرار ويعيد النظام إلى البلدة.

غير أن بوش يشبه أكثر بكثير شخصية أخرى في تلك الأفلام الغربية: ذلك الشخص الذي يبيع دواء عجيبا، فهذا الدواء يناسب كل مرض: ألم الأسنان وآلام البطن، الكوليرا وضعف القدرة الجنسية، إصابات العيارات النارية والنوبات القلبية.

الدواء العجيب الذي يقدمه بوش هو "الديمقراطية". الديمقراطية هي التي ستشفي كل أمراض الشرق الأوسط والعالم بأسره. إذا كان الأمر كذلك ستشتري كل الشعوب الإسلامية تلك الزجاجة وستتخلص من كل مشاكلها، وعلى رأسها النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي. ولأن إسرائيل هي ديمقراطية قائمة، يحتذى بها، ويتزعمها الديمقراطي الكبير أريئيل شارون، فإن كل ما نحتاجه الآن هو فرض الديمقراطية على الشعب الفلسطيني أيضا. معنى ذلك: انتخابات حرة، رئيس منتخب وبرلمان منتخب.

إن الشخص الذي لا يتمتع بقدرة فكرية عالية يحتاج إلى حلول بسيطة. حلول أحادية البعد، لا تحتاج إلى تعمق في المشاكل المعقدة لشعوب أخرى وحضارات أخرى. ما هو جيد لبلدة في تكساس هو جيد بالضرورة لبغداد وغزة أيضا.

منذ إعادة انتخابه، ارتفعت ثقته بنفسه إلى أعلى المستويات. لقد رفس بكولين باول، الذي لا حول له ولا قوة، ونصّب على رأس وزارة الخارجية من تحمل شهادات في الإذعان. من الآن فصاعدا لن يجرؤ أي شخص على مخالفته، حتى وإن نصّب حصانه رئيسا للمحكمة العليا.

من هو القلق من كل ذلك؟ سيقلق أعز أصدقائه بالذات، معلمه ومرشده أريئيل شارون.

شاء القدر أن يحظى بوش بفوزه قبل يوم واحد من مرض ياسر عرفات الغامض. حجة شارون دفنت في رام-الله.

لقد حوّلت حكومات إسرائيل عرفات إلى وحش، واستخدمت وحشيته لإحباط أي محاولة لإرغامها على السلام. السلام معناه الانسحاب إلى الخط الأخضر تقريبا وإخلاء المستوطنات. السلام معناه التخلي عن القدس الشرقية، عاصمة شعب إسرائيل الأبدية. ليحفظنا الله!

إظهار عرفات على شكل شيطان منع ذلك. فمن غير الممكن التوصل إلى سلام مع وحش. هذا ما أدركه بوش أيضا، لذلك ساعد شارون في منع إجراء انتخابات في السلطة الفلسطينية، إذ كان من شأن تلك الانتخابات أن تعيد انتخاب عرفات رئيسا بأغلبية ساحقة.

أما الآن فلا يمكن أن نفعل شيئا لأن عرفات قد توفي وبوش ما زال موجودا على قيد الحياة. شارون مرعوب، وبحق.

لقد كان الشعار الذي أكثر ما رددته واشنطن في السنوات الأربع الأخيرة: محاربة الإرهاب الدولي. كان ذلك مناسبا لشارون الذي اعتلى صهوة حصان "الحرب ضد الإرهاب".

يمكن أن تردد واشنطن شعارا جديدا في السنوات الأربع المقبلة: "الديمقراطية في الشرق الأوسط". هذا سيكون مناسبا جدا لأبي مازن الذي سيعتلي صهوة حصان الديمقراطية.

انتخب أبو مازن لرئاسة منظمة التحرير الفلسطينية. يلبس أبو مازن بذلة وليس زيا عسكريا. يربط ربطة عنق ولا يعتمر الكفيّة. إنه يظهر بمظهر زعيم ديمقراطي من الدرجة الأولى. هو معروف بمعارضته للعمليات الانتحارية داخل إسرائيل. خلافا لكل التقديرات في إسرائيل، فقد تم نقل السلطة الفلسطينية بشكل منتظم، كما يحدث في أكثر الدول تحضرا في العالم. من المتوقع إجراء انتخابات خلال بضعة أشهر.

هذا يضع شارون في وضع حساس للغاية. لا يمكنه الاعتراض على الانتخابات، التي هي الأحب إلى قلب بوش. ويجدر به ألا يثير أدنى شك لدى الأمريكيين بأنه يعمل ضد هذه الانتخابات. أي شكوى ضد الجيش الإسرائيلي حول أمر تشويشه للانتخابات عن طريق الاجتياحات، الحواجز و" التصفيات الموجهة"، يمكن أن تثير غضب البيت الأبيض.

يأمل شارون في أن يلحق الفلسطينيون الضرر بأنفسهم في هذه الانتخابات. المجموعات المسلحة من شأنها إعاقة سير الانتخابات. لقد حدث حادث إطلاق نار في استقبال أبي مازن في غزة - حادث أثار موجة من الفرحة والغبطة في إسرائيل. غير أن هذا الحادث قد ولّى، وكل الفئات الفلسطينية تحافظ على الانضباط والشعب موحد بأكمله في قراره إجراء انتخابات منظمة.

إن هذا بالنسبة لشارون لكابوس. وكما تبدو الأمور الآن فإن الانتخابات ستعقد وسيكون هناك عدة مرشحين – وسيتم انتخاب أبي مازن رئيسا للسلطة الفلسطينية.

أما بالنسبة لبوش فهذا سيكون بمثابة إنجاز كبير: أول ديمقراطية عربية تشق طريقها. حتى وإن كانت الفوضى تعم في العراق والانتخابات في أفغانستان تحولت إلى نكتة، فها هي فلسطين تثبت بأن رؤياه قد تحققت. بوش سيحتضن أبا مازن، وها هي الطريق مفتوحة الآن لإقامة "دولة فلسطينية حرة" خلال أربع سنوات.

لا شيء يهدد شارون أكثر من ذلك. خطته لضم 58% من الضفة الغربية إلى إسرائيل – ستختفي من الوجود. سوف يطالب بتفكيك معظم المستوطنات وسيطالب قبل ذلك بتجميدها جميعا.

والأسوأ من ذلك: علاقته الحميمة ببوش سوف تتضرر. سيتحول الزوجان إلى ثلاثة. كوندوليسا رايس ستلتقي أبا مازن عن قريب.

إذا ما العمل؟ من الواضح أنه يجب تحطيم أبي مازن قبل أن يضرب جذوره. ولكن من الواضح لشارون أيضا بأنه لا يجدر به القيام بعمل علني ضده. في هذه الحال هناك حاجة إلى استراتيجية التفافية.

حتى قبل لفظ عرفات أنفاسه أعلن شارون أنه لن يجري محادثات مع ورثته إلا بعد أن يقوم هؤلاء بالقضاء على الإرهاب. لقد كان يأمل في أن يهب بوش لسماع الكلمة السحرية "إرهاب". ولأن عرفات، الذي تمتع بصلاحية الهائلة، لم ينجح في نزع سلاح حماس والجهاد الإسلامي، فلا يوجد أي بصيص أمل في أن ينجح أبو مازن في ذلك.

ولأن الأمريكيين لم يسقطوا في هذا الكمين الرجعي، قرر شارون أن يكون أكثر حنكة. لقد أعلن هذا الأسبوع أنه لن يتحدث مع أبي مازن إلا إذا قام الأخير بوقف "التحريض" ضد إسرائيل في وسائل الإعلام الفلسطينية وأن يلغي هذا التحريض من جهاز التربية والتعليم الفلسطيني.

بنفس المنطق كان يمكن له أن يطالب أبا مازن أن ينزل القمر من السماء. كيف يمكن للرئيس الديمقراطي الجديد أن يقضي على حرية التعبير في التلفزيون والصحافة، في وقت يستمر فيه التحريض المكثف في وسائل الإعلام الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، ناهيك عن الرقص على ضريح عرفات؟ وكيف من الممكن تغيير الكتب الدراسية خلال شهرين (ومعظمها مصرية وأردنية)، في وقت ينكر فيه التعليم الإسرائيلي، وبالأخص المتدين، خطيا وشفويا، حق الشعب الفلسطيني في بلاده؟

المطالبات غير الممكن تحقيقها كشرط مسبق لإجراء المحادثات هي خدعة قديمة ينتهجها شارون. لا يمكننا الاعتقاد بأنها ستنطلي على الأمريكيين في هذه المرة. سيحتاج ذلك إلى حدوث أمر فوري أكثر شدة. مثلا: عمليات انتحارية كبيرة، "إرهاب" يمكن دائما إسناده إلى رؤساء السلطة، حرب أهلية دامية، فوضى.

أبو مازن وزملاؤه يدركون ذلك جيدا. إنهم يحاولون التصدي للضربة مسبقا. ولأنهم لا يتمتعون بالقدرة على استعمال القوة فإنهم يستخدمون قوتهم في الإقناع. الطريقة العربية التقليدية هي "الإجماع" - وهو نقاش متواصل حتى يقتنع الجميع ولا تبقى أية أقلية تشعر بأنها مهزومة. لقد كان عرفات متمرسا في هذه الطريقة.

إذا مرت الأمور على ما يرام، فسيكون هناك وقف مؤقت لإطلاق النار وستجرى انتخابات ناجحة. إلا أن المشكلة ستبقى قائمة: لن ينجح أبو مازن في إقناع الجمهور بوضع حد للانتفاضة المسلحة، إذا لم يكن بمقدوره الإشارة إلى طريق بديلة لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة. إذا أراد الأمريكيون مساعدة النظام الجديد على ترسيخ جذوره، عليهم الشروع فورا بمفاوضات سريعة، حيث يكون الهدف المعلن منها إقامة دولة فلسطينية خلال فترة محددة.

سيفعل شارون كل ما في وسعه لتحطيم أبي مازن قبل أن يحدث ذلك. لقد حطّم حكومة أبي مازن الأولى حين منعها من التوصّل إلى أي إنجاز سياسي (واتهم عرفات بذلك، كالعادة). عليه الآن تحطيم أبي مازن بظروف أصعب بكثير.

يجدر بنا ألا نتوهّم: سيستخدم شارون كل الوسائل العلنية والخفية، لكسر أي زعامة فلسطينية "معتدلة". إن حليفه الطبيعي هي حماس، التي ترفض أية محادثات سلمية. أما أبو مازن فهو الآن العدو رقم 1.



#أوري_أفنيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تفرح بسقوط عدوك
- مميّز في عصره
- أنهى دوره
- على طريق حرب أهلية
- شكرا لك، يا دوبي
- لا تصدقوا كلمة واحدة
- كل البيض في سلة واحدة
- مفجرو المساجد
- هذه إرادة الله!-
- على اللاعنف السلام
- حرب أحادية الجانب تماما
- قحط في تكساس
- ترتيب الفوضى
- الأوليغارخيون أو: البتول التي تدهورت إلى الزنى
- جلد الدب
- الرجل الطيب والسيدة العجوز
- حقا هناك قضاة في هاغ
- العدل، الغاز والدموع
- ذهب الزرزور إلى الغراب…-
- أضرار نفسية غير مرتجعة


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - أوري أفنيري - تحطيم أبي مازن