أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - العلاقات التركية الاسرائيلية















المزيد.....

العلاقات التركية الاسرائيلية


حمدى السعيد سالم

الحوار المتمدن-العدد: 3426 - 2011 / 7 / 14 - 16:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


العلاقات التركية الاسرائيلية تعتبر من اغرب النماذج التحالفية فى منطقة الشرق الاوسط بل والعالم ... فمثلا فى الوقت الذى نشرت فيه الصحف التركية المقربة للحزب الحاكم فى تركيا انباء عن عدم استبعاد الخيار العسكرى فى مواجهة الغطرسة الاسرائيلية التى قتلت نشطاء قافلة ( اسطول الحرية) بدماء باردة ومساندة ضمنية امريكية بدعوى تورط عناصر من القاعدة والجهاد فيها .... نجد ان وزير الدفاع التركى ( وجدى جونول ) يكشف عن ان مشروع الطائرة الاسرائيلية (هيرون ) لن يتأثر وتركيا تتسلمها من تل ابيب !! الطائرة الاسرائيلية (هيرون) التى تعمل بدون طيار ... كان الطرفان قد عقدا صفقتها مطلع عام 2010 لشراء 10 طائرات منها مقابل 180 دولار ... ما هذا التناقض ؟ وما حقيقة العلاقات التى تربط انقرة بتل ابيب ؟ ... وعندما تحاول ان تجد اجابة لمثل هذه الاسئلة تتوالى المفاجأت ... وكان اكثرها غرابة هو الاحداث الدرامية الدامية التى شهدها أسطول الحرية فى عرض البحر امام شواطىء غزة ... كشف بعض جوانب صدام تركيا بالتهور الاسرائيلى ... وهو صدام يقع فى ظل علاقات استراتيجية عميقة تربط تركيا باسرائيل لاتتأثر كثيرا بتنافس الادوار وتقاطع المصالح المباشرة والخلافات السطحية , والتفاصيل الصغيرة للسباقات التى تجرى بين البلدين ....

القراءة المتأنية لتاريخ العلاقات التركية الاسرائيلية تضعنا امام حقيقة مهمة ... وهى ان هذه العلاقات تتأثر الى حد كبير بدور كل طرف فى خدمة المصالح الغربية عموما والامريكية على وجه الخصوص ... كما تتأثر بسعى كل منهما لتحقيق مصالحه الوطنية ... وقد تتلاقى تلك المصالح فتصبح علاقة انقرة بتل أبيب استراتيجية ... وقد تتباعد فتصبح العلاقة طبيعية ... وقد تتعارض المصالح فتتوتر العلاقات بين البلدين ... وحتى عندما يحدث التصادم بينهما فان ذلك لايؤثر فى جذور تلك العلاقة العميقة .. الجدير بالذكر ان التاريخ يقول ان تركيا هى اول دولة اسلامية تعترف باسرائيل ... حيث سارعت حكومة ( عصمت اينونو ) عام 1949 بهذا الاعتراف ... وتم تبادل السفراء فى عام 1951 ... بل الاهم والادهى من ذلك ان رئيسى الحكومة فى البلدين : (ديفيد بن جوريون ) و ( عدنان مندريس ) وقعا عام 1958 اتفاقا ضد التأثير السوفيتى والراديكالية فى الشرق الاوسط ... ورفضت فتح اجوائها للطائرات الحربية الاسرائيلية فى حرب 1973 , ولكن سرعان ما عادت الى التحالف مع تل أبيب مع انقلاب 1980 واعادت سفيرها الى الدولة العبرية فى ظل حكومة ( اوزال ) 1986 ... ورغم وجود علاقات طيبة بين تل أبيب وأنقرة فأن هذا لم يمنع رئيس الوزراء التركى (بولند اجاويد ) من استنكار سياسة التطهير العرقى التى مارسها ( ارييل شارون ) تجاه الفلسطينيين اثناء الانتفاضة الثانية ... ونظرا لان العلاقات التركية الاسرائيلية مرت خلال عاما الماضية بمراحل كثيرة ومتنوعة حيث تطورت العلاقات العسكرية بين البلدين بشكل كبير لدرجة ان تركيا سمحت لاسرائيل عام 1990 بانشاء محطات للتجسس الآمنى على الدول المجاورة لها وبخاصة العراق وسوريا وايران !!! ...

وفى اثناء أزمة الخليج عام 1991 سمحت تركيا للطائرات الاسرائيلية باستخدام مطاراتها العسكرية لأغراض التجسس على العراق ... وخلال تلك الفترة قامت اسرائيل بتحديث مختلف اسلحة الجيش التركى واجرت المناورات الجوية والبحرية المشتركة , بالاضافة الى التنسيق الآمنى والاستراتيجى فيما بينهما ... وتبادل الزيارات العسكرية على مختلف المستويات وفى مختلف الافرع العسكرية ... وتوجت تلك المرحلة بتوقيع تركيا واسرائيل على اتفاقية للتعاون العسكرى فى 24-2-1996 . وبالتوازى مع هده السياسات نشأت علاقات قوية بين انقرة وتل أبيب بالاتفاق العسكرى النوعى بينهما عام 1996 .. وهو الاتفاق الذى حقق للطرفين العديد من المكاسب ... فتركيا استفادت منه فى تحجيم النشاطات الاسلامية داخلها خصوصا بعد تسلم (نجم الدين أربيكان ) - صاحب التوجه الاسلامى - رئاسة الوزراء , ورأت المؤسسات العلمانية التركية - خاصة الجيش - فى ذلك تهديدا للتوجهات العلمانية للدولة ... وخطرا يهدد علاقات تركيا باسرائيل والغرب ... وحاولت أنقرة مواجهة هذا الخطر بتحالفها مع اسرائيل .

كما استعانت أنقرة بهذا التحالف فى مواجهة حزب العمال الكردستانى ... واستعانت تركيا بتحالفها مع اسرائيل فى ممارسة الضغوط على جيرانها خاصة اليونان وروسيا وسوريا , عن طريق تطوير جيشها بانفاق 150 مليار دولار على 25 عاما فى امداد الجيش التركى باحدث الاسلحة الامريكية ... ونتيجة لصعوبة حصول تركيا عليها مباشرة من امريكا نظرا لمعارضة جماعات الضغط اليونانية واليهودية والارمينية .. وبفضل علاقة تركيا المريبة بتل أبيب استعادت أنقرة مكانتها فى السياسة الامريكية فى المنطقة .. باعتبارها خط الدفاع الاول امام الخطر الشيوعى ... ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفيتى وزوال الخطر الشيوعى , شعرت النخبة العسكرية التركية بأن اهمية دور بلادهم قد تتراجع فى واشنطن .. لذلك سعت أنقرة الى دعم علاقاتها باسرائيل بدرجة اكبر على امل الانضمام للاتحاد الاوربى وزيادة دورها الاقليمى .. وعلى الجانب الاخر حققت تل أبيب مكاسب كثيرة من تحالفها مع أنقرة حيث باعت اسرائيل لتركيا كما هائلا من مختلف الاسلحة مابين عامى 1996 و 1998 ... فمثلا تم توريد انواع مختلفة من الصواريخ الاسرائيلية الصنع للجيش التركى بما قيمته 400 مليون دولار منها صواريخ (بوبا ) " جو - ارض " , وصواريخ ( بايثون - 4) "جو - جو" , وقنابل تال ... وغيرها , ودبابات ( ميركفاه ) .. وتم الاتفاق بين الجانبين على صفقة لتطوير سلاح المدرعات التركى بما قيمته 5 مليارات دولار .. وادت هذه الصفقات الى انعاش الاقتصاد الاسرائيلى ... لقد تغيرت تركيا الان ... ولم تعد كما كانت خلال الحرب الباردة حيث اختفى التهديد السوفيتى بعد انهيار الاتحاد السوفيتى , واختفى صدام من المشهد السياسى , وتراجع تهديد حزب العمال الكردستانى بعد تحوله الى العمل السياسى ... وتراجعت بعض الشىء الآمال التركية فى الانضمام للاتحاد الاوربى , فاتجهت الى الشرق العربى والاسلامى .. كما تغيرت تركيا من الداخل بوصول حزب العدالة والتنمية -صاحب التوجهات الدينية الاسلامية - الى الحكم ...ونجحت حكومته فى تحقيق تسويات لقضايا الارمن وقبرص والأكراد ...كما تمكنت من ايجاد بدائل اوسع للانطلاق فى علاقاتها مع اوربا وامريكا . وحل العديد من القضايا فى هذا المجال بعيدا عن اسرائيل والتحالف معها ... وذلك بعد ان تأكد الاتراك انه ليس بمقدور تل أبيب اجبار او حتى اقناع الاتحاد الاوربى بقبول عضوية تركيا فى الاتحاد ... وعرف الاتراك ان اوربا تريد منهم ان يكونوا على علاقة طيبة مع حليفتها اسرائيل !!

لكن ليس من الضرورى ان يكون ذلك ابدا على حساب علاقة انقرة ببقية دول العالم ... ايضا اقتنع الاتراك بان اسرائيل ليست صادقة فيما يخص تزويدهم بالتكنولوجيا المتقدمة فى المجالين المدنى والعسكرى ... ووجدوا الحل فى الحصول على هذه التكنولوجيا - التى كثيرا ما حرص الغرب على ان تكون اسرائيل هى مصدرها الوحيد فى الشرق الاوسط - من الصين وروسيا وغيرهما ... الاهم من ذلك ان لغة المال اقنعت تركيا بالمزيد من التحول !! وساعد على تعمق هذا التحول سياسة حزب العدالة الحاكم فى تركيا صاحب الابعاد الايديولوجية الاسلامية الممزوجة بروح القومية التركية التى يسميها البعض (العثمانية الجديدة ) ... وبدأت مرحلة المطبات الصعبة والصدامات بين العثمانية الجديدة والتهور الاسرائيلى فى ظل حرص الطرفين على استمرار العلاقات العسكرية بينهما بشكل او بأخر ... وكان من اشهر هذه الصدامات الملاسنة الحادة التى حدثت فى منتدى (دافوس) 2009 عندما قال رجب طيب اردوغان - رئيس الوزراء التركى - لشيمون بيريز امام كل كاميرات الاعلام : " انتم يجب ان تحاكموا بتهمة القتل " وترك القاعة وخرج ... بعدها وجهت اسرائيل عدة اهانات دبلوماسية لتركيا كان اشهرها ظهور (افيدور ليبرمان) وزير خارجية اسرائيل فى مؤتمر صحفى مشترك فى تل أبيب , وقد اجلسوه على كرسى منخفض جدا ... وجاء الصدام الاكبر عندما نجحت تركيا والبرازيل فى التوصل الى اتفاق مع ايران حول تبادل اليورانيوم المخصب بمباركة امريكية ... مما اغضب اسرائيل وزاد غضبها مع تنامى علاقات تركيا مع طهران وسوريا وحزب الله وحماس وقبرص وارمينيا وروسيا والصين , وباسلوب لايضر العلاقات التركية مع الاتحاد الاوربى وامريكا ... بالاضافة الى نمو علاقات تركيا بالعديد من التحالفات العالمية والمنظمات الدولية متعددة الاطراف .... مما ادى الى تعزيز مكانة تركيا كفاعل دولى يمتلك مصادر متعددة للقوة الرخوة التى يستخدمها فى مد نفوذه الاقليمى .. ولعل اغرب مافى مرحلة الصدام الاعلامى بين انقرة وتل ابيب ... ان المواجهات الدبلوماسية العنيفة بين الطرفين تخفى فى الحقيقة علاقات عسكرية حميمة جدا يتبادلها الطرفان بعيدا عن الانظار ... ويبدو ان ما هو معروف ومعلن من العلاقات التركية - الاسرائيلية التى تنمو برعاية امريكية ... ليست الا قمة جبل الجليد الذى يختفى تحت سطح الماء......



#حمدى_السعيد_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اثيوبيا ليست خنجرا فى ظهر مصر كما نظن
- الاوزون دواء الفقراء الذى تحاربه شركات الادوية الكبرى
- هى كورة ولا بيزنس وسياسة
- ما أهمله التاريخ فى واقعة حاتم الطائى عندما ذبح ناقته لضيفه
- هل مستقبل مصر السياسى والاقليمى والدولى مرهونا بطائفية البرل ...
- الضمير العربى بحاجة لصعقة كهربية
- زغلول النجار .. من الاعجاز فى القرآن الى الاعجاز فى تكفير ال ...
- نهاية شهر العسل بين المجلس العسكرى وحكومة شرف
- الاخوة كرامازوف ... وكل من يتاجر بالدين
- بلاد الحرمين ... المسماة زورا باسم آل سعود ( السعودية)
- حرية الاعتقاد الحائرة بين الدستور القائم والدستور القادم
- زاهى حواس اضر على اثار مصر من الرطوبة والحرارة والعوامل الجو ...
- ماكيافيللى ... أنى للمديح ان يفى هذا الاسم حقه
- امنعوا زواج القاصرات لان زواج النبى من عائشة وهى بنت 9 سنين ...


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - العلاقات التركية الاسرائيلية