أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - ياسر قطيشات - موقف القوى الإعلامية والسياسية من انضمام الأردن إلى مجلس التعاون الخليجي















المزيد.....


موقف القوى الإعلامية والسياسية من انضمام الأردن إلى مجلس التعاون الخليجي


ياسر قطيشات
باحث وخبير في السياسة والعلاقات الدولية

(Yasser Qtaishat)


الحوار المتمدن-العدد: 3417 - 2011 / 7 / 5 - 18:55
المحور: الصحافة والاعلام
    


توطئة:
تنهمك النخب والأوساط السياسية والاقتصادية والشعبية الأردنية منذ أقل من شهر في محاولة لتفسير قرار مجلس التعاون الخليجي المفاجئ بدعوة الأردن للانضمام إلى المجلس المنغلق –على نفسه- منذ ثلاثة عقود، في ظل أوضاع عربية ملتهبة دعت دول الخليج لأول مرة في تاريخ المجلس إلى خلق واقع "جيوسياسي" جديد يغير معادلة "الحاجز السياسي – الأمني" لمواجهة خطر وتحديات المرحلة المقبلة، خاصة في ظل الثورات الشعبية العربية التي فتحت الطريق واسعا أمام امتدد النفوذ الإيراني في المنطقة العربية.
ففي العاشر من مايو 2011م رحب قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بطلب الأردن الانضمام إلى المجلس وكلفوا المجلس الوزاري بدعوة وزير الخارجية الأردني للدخول في مفاوضات لاستكمال الإجراءات اللازمة لذلك.
الفرص والتحديات الداخلية:
ولا جدال بأنّ ترحيب مجلس التعاون الخليجي بانضمام الأردن إليه يمثل نجاحا استراتيجياً للدبلوماسية الأردنية، ويدفع بنسبة كبيرة من الرأي العام المحلي إلى رفع مستوى التوقعات من هذه الخطوة، وخاصة في مجال حل الأزمة الاقتصادية ، وفي مقدمتها توفير فرص عمل لفئات متنوعة في الجوار الخليجي والدعم المتوقع لمواجهة الأزمة المالية.
ولا شك ان التجانس السياسي والثقافي بين الأردن ودول الخليج له دور كبير في تعزيز مواقف الدول الأعضاء وصياغة رؤية مشتركة تجاه كل قضايا الأمة، وهذا ما يراه الخبراء والمتخصصين تعزيزا لقدرة منظومة الخليج العربي والأردن على التأثير في الواقع السياسي الإقليمي بدلا من الانكفاء والاكتفاء بالتأثر بمخرجات الصراعات في المنطقة.
ومن ناحية أخرى، فإنّ الدخول إلى المنظومة الخليجية سيؤدي إلى تقارب أكبر بين المجتمع الأردني والمجتمعات الخليجية التي تمتلك إمكانات مالية أكبر، تنعكس على الأنماط الاستهلاكية، والفجوة المتسعة التي تعاني منها البلاد.
على الصعيد السياسي، هنالك خشية أن يؤثّر هذا الانضمام على مشروع الإصلاح السياسي في البلاد، كما يرى العديد من المحللين والسياسيين والإعلاميين، وهذه الخشية تتعلق بمخرجات العملية الديمقراطية، بيد أن أحد الشروط الرئيسة التي خلقت مناخ الترحيب الخليجي بالأردن يكمن في البيئة الأمنية الإقليمية الجديدة في المنطقة، وهو ما دفع بعض القوى السياسية والصحافية الأردنية إلى "القلق" من عودة القوة للمتغير الأمني في السياسة الخارجية الأردنية والخليجية، تحت ذرائع جديدة متطلبات الوحدة العربية.
ورغم كل ما سبق، فان هذه التحديات لا تقلل من أهمية وقيمة فكرة انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي، خاصة لصالح ومدى المنافع التي يمكن أن تترتب للأردن عليها.
والواقع إذا كان بعض الحديث ينحو إلى تناول مبررات العضوية الأردنية في المجلس الخليجي باعتبارها قائمة على تبادل المصالح، فإن ذلك يعزز واقعية وجدوى الشراكة ولا ينتقص من قيمتها ودوافعها، لأن جميع أشكال الوحدة والتكتل في العالم بما فيها الاتحاد الأوروبي تقوم على أساس المصلحة المتبادلة.
ولا يجوز إطلاقا تفسير وجود تكتل سياسي أو اقتصادي لا يحقق مصالح أعضائه ولا يخلق أرضية للتكامل بينهم، والأردن لديه مصالح متبادلة ومشتركة مع دول مجلس التعاون الخليجي، وهي مصالح عربية تشترك في اقتسام الحاضر والمستقبل مثلما تشترك في الإرث التاريخي والجغرافي والديني والقومي.
وإذا كان انضمام الأردن لعضوية مجلس التعاون الخليجي ستفتح أبواب الدول الخليجية أمام الكفاءات الأردنية وتخلق عشرات الآلاف من فرص العمل للشباب الأردني، فإن هذا إنجاز كبير يساهم في تخطي عقبة خطط التنمية والاستثمار، والتخلص تدريجيا من ظلال تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية الناتجة عن الانهيار المالي والتي ما تزال تلقي بظلالها المعتمة على واقع الاقتصاد الأردني.
موقف الصحافة الأردنية :
رحبت أغلب الصحف الأردنية بقرار انضمام الأردن لدول مجلس التعاون الخليجي، واعتبرته مكسبا هاما للسياسة الخارجية والدبلوماسية التي يقودها جلالة الملك عبد الله الثاني وحكومة معروف البخيت، فرأت صحيفة الرأي في قرار انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي خطوة جادة وعلى الطريق القويم لبلورة المزيد من التغيير المهم في مصير الأمم العربية ويحمل معه تبدلا لافتا في صميم تكوينها السياسي والأمني في هذه المرحلة التحويلية من مصير الشعوب العربية، معربة عن آمالها بان يتم ترجمة امتياز الترحيب إلى قرار قريب.
كما اتفقت مع صحيفة الدستور على أن عمق رؤى جلالة الملك عبد الله الثاني للمنطقة أسهمت في تحقيق انجازات كبيرة للدبلوماسية الأردنية على الساحة العربية والدولية كان أحدثها الموافقة على الانضمام لمجلس التعاون الخليجي وأنها تأتي كنتيجة للجهود المكثفة التي يبذلها جلالته مع أشقائه قادة مجلس التعاون.
من جانبها نظرت صحيفة الغد للأمر من زاوية المكاسب المترتبة والمتوقعة للأردن من جهة ودول مجلس التعاون الخليجي من جهة أخرى، واعتبرت أن تأييد انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي، شكل نوعا من "المفاجأة" السارة للرأي العام، وخطوة فتحت شهية التحليلات والقراءات، التي تجمع مبدئيا على أنها خطوة تصب -في حال اكتمالها- في دعم مصالح المملكة، الاقتصادية تحديدا.
وعن مبررات الدعوة، رأت صحيفة الغد أن العلاقة بين الأردن ومجلس التعاون الخليجي دفعت لها التغيرات "الدراماتيكية" في الساحة العربية على إثر الثورات الشعبية العربية، وسرعان ما حذرت من التفاؤل الكبير بالانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي، الذي يتمتع بقوة سياسية ومالية واقتصادية كبيرة، كان دائما هدفا للأردن سعى إليه طويلا، ذلك أن هناك موانع موضوعية عديدة خاصة بدول الخليج ذاتها، ذات التركيبة السكانية والسياسية والاقتصادية والمعيشية المختلفة إلى حد كبير عن باقي الدول العربية، بما فيها الأردن، الذي يعاني شحا في الموارد وأزمة اقتصادية متفاقمة، وبالرغم من التقارب السياسي مع أغلب دول الخليج، وتحديدا مع السعودية، التي تشكل حجر الرحى في تماسك مجلس التعاون.
أما صحيفة السبيل الإسلامية الذراع الإعلامي لجبهة العمل الإسلامي في الأردن، فقد اتخذت موقفا مشابها لموقف الحركة الإسلامية، حيث نشرت سلسلة أخبار وتقارير وتحليلات سياسية تحذر من خطورة الانضمام إلى عضوية مجلس التعاون الخليجي، كما تكفلت بنشر عدة مقالات معارضة لفكرة الانضمام، وحرصت أيضا على نقل الأخبار الخليجية ومقالات الصحف الأجنبية المحذرة من خبايا وسرية الدعوة المفاجئة للانضمام لمجلس التعاون.
فنشرت مادة تحليلية بعنوان (نصائح للأردنيين بعدم ارتداء الدشاديش مبكرا) ربطت فيه بين لقاء جلالة الملك مع الإعلاميين قبل ساعات قليلة من إعلان انضمام الأردن لمجلس التعاون وبين موقف الأردن الواضح من النظام السوري، فرأت أن جلالة الملك اصدر إشارتان سياسيتان يمكن عبرهما فهم حدود اللعبة السياسية الجديدة في المنطقة على الأقل من الزاوية الأردنية.
واعتبرت السبيل أن جلالة الملك بعث رسالة ضمنية لوسائل الإعلام الأردنية حذرهم خلالها من المساس بقادة دول الخليج الشقيقة. وترى السبيل "أن الحكومة تقصدت الترحيب بحذر بالتوجه الجديد فصدر بيان مقتضب جدا للناطق الرسمي باسم الحكومة وتبادل الأردنيون خصوصا على شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية التعليقات التهكمية التي تنصح المواطنين بعدم الاستعجال بارتداء الدشاديش قبل انجلاء الغبار الذي يحيط بالمنطقة ومستقبلها".
ويتضح من آلية تناول وتغطية صحيفة السبيل لأخبار انضمام الأردن لعضوية مجلس التعاون، أن الصحيفة تنفذ إعلاميا قرارات جبهة العمل الإسلامي والإخوان الرامية إلى رفض الانضمام للمجلس لأسباب سياسية وإستراتيجية، تراها الصحيفة مرتبطة بوقف عجلة الإصلاح السياسي من جهة، وتصفية قضية اللاجئين في الأردن من جهة أخرى، بعد ضمان توزيعهم ديموغرافيا في دول مجلس التعاون، خاصة في البحرين التي تعاني من أغلبية شيعية وتبحث عن بديل سني -اللاجئين الفلسطينيين- لمعادلة التوازن السكاني طائفيا. فضلا عن تشكيل تحالفات سياسية جديدة تقف عائقا أمام الديمقراطية والإصلاح السياسي في الخليج والمنطقة العربية.
موقف قادة الرأي العام:
أما على صعيد قادة الرأي العام، فاختلفت الرؤى والتوجهات وفقا لخلفية الكتّاب ومرجعيتهم السياسية، ونظرتهم للقضية من زاوية اقتصادية بحتة أو من أبعاد سياسية وإستراتيجية وأمنية متعددة، لكن غالبيتهم رحب بانضمام الأردن لمجلس التعاون ودعا إلى الحذر من التفاؤل المفرط بالمكاسب المتوقعة قريبا، مع ضرورة توضيح حقيقة الدعوة الخليجية للرأي العام ودراسة الأمر من مختلف الجوانب، سواء لجهة الأثمان السياسية والأمنية التي سيقدمها الأردن مقابل المكتسبات الاقتصادية والنفطية، أو لجهة قضايا المنطقة المرتبطة عضويا بانضمام الأردن للخليج، وأهمها القضية الفلسطينية.
الكاتب المعروف سلطان الحطاب كتب مقالا في صحيفة الرأي رأى فيه أن الأردن الذي تقدم بعضوية لمجلس التعاون الخليجي بعد جملة من الأحداث والتطورات الكبيرة والسريعة في المنطقة فإنه لم ولن يتخلي عن القضية الفلسطينية لأنها قضيته المحورية، وان الانضمام جاء وفق حاجات متبادلة بين الأردن ودول المجلس وكل طرف بحاجة إلى التكامل مع الطرف الآخر.
ويعتقد الحطاب أن انضمام الأردن لمجموعة دول الخليج لا يمكن ان يعطل الإصلاحات فيه كما يتصور البعض، كما يعتقد الحطاب أن المرأة يمكن ان تزداد مساحة حريتها ومشاركتها ودورها، على خلاف ما يتصور البعض. واعتبر ان الدعوة للانضمام جاءت لتؤكد على سلامة النهج السياسي وطبيعة الاستقرار التي حافظ عليها الأردن والتي قادته الى هذا المستوى من التأهيل الذي جرت دعوته بسببه فالأردن مستقر ونظامه يؤمن بتداول السلطة على مستوى الحكومات.
الكاتب محمد أبو رمان من صحيفة الغد، اعتبر انضمام الأردن لمنظومة دول مجلس التعاون الخليجي انعطافة إستراتيجية إقليمية وأردنية تاريخية، تحمل في ثناياها العديد من الفرص والمكاسب للأردن ودول الخليج. لكنه دعا الى ضرورة ألا تتجاوز هذه الدعوة حقيقة أن عملية الانضمام ستتطلب جهدا سياسيا كبيرا من الدبلوماسية الأردنية والخليجية .
الكاتبة الصحفية رنا الصباغ نشرت مقالا في صحيفة العرب اليوم تحت عنوان " فرص وتحديات انضمام الأردن لنادي ملوك السنة العرب" أشارت فيه إلى ان المجلس فأجا الأردن الرسمي والشعبي بهذا القرار الذي جاء في وقت تغلي فيه الساحتين العربية والمحلية الأردنية على واقع تحركات شعبية مطالبة بالإصلاح والتغيير، وان الدعوة جاءت لمواجهة تلك التداعيات حسب رأيها، كما ترى أن الأردن تلقف العرض السخي بأيد مفتوحة .
ورأت الصباغ ان دخول الأردن إلى المجلس، بدعم خارج عن المألوف من السعودية, البحرين والإمارات، وبحماس أقل من قطر، الكويت وعمان، يتعارض مع الطبيعة المحافظة للمجلس، ويشكل بداية تجاوز الاختلافات بين دوله المتشابهة في أنماط الحكم على نحو يتخطى العامل الجغرافي إلى الفضاء الأيديولوجي السياسي.
رئيس تحرير صحيفة العرب اليوم فهد الخطيان كان في بداية الأمر معارضا لانضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي، وذلك في أول مقال نشره بهذا الخصوص، ثم ما لبث ان عدّل موقفه بعد أن اتضحت معالم الصورة لديه كما يرى، فكان يعترض –حسب قوله- خوفا من تعرض الإصلاح السياسي في الأردن إلى ضربة موجعة ويتراجع الأردن عن الديمقراطية إكراما للخليج!!
لكنه في مقالاته التالية بدأ يتحدث بلغة المصالح والفوائد المترتبة على ذلك، فأشار أن الطرفان لا يخفيان أهدافهما من وراء دعوة الأردن للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي، فدول المجلس تبحث عن استفادة قصوى من نفوذ الأردن السياسي والعسكري في المنطقة لصالح المنظومة الخليجية، فيما يرمي الأردن الى الاستفادة من المزايا الاقتصادية الكبيرة للسوق الخليجية سواء لجهة توفير فرص عمل للأردنيين او جذب استثمارات خليجية للأردن، والحصول على مساعدات مالية اكبر من تلك التي يحصل عليها الآن لسد العجز المتنامي في الموازنة.
وزير الإعلام الأسبق صالح القلاب نظر إلى قرار انضمام الأردن من زاوية استكمال مشروع الوحدة العربي، فاعتبر القرار الخليجي خطوة مباركة وكريمة شكر عليها دول المجلس واعتبرها التجسيد الوحيد كبداية للوحدة العربية المنشودة، كما أشار الى أنها إضافة نوعية بوصف الأردن قريبة جداً من أنماط دول الخليج وهي متداخلة جغرافياً وسكانياً مع هذه المنطقة وهي أيضاً تشكل مصدراً مميزاً للكفاءات وبخاصة في قطاعات التعليم والصحة والإدارة والإعلام.
أما الكاتب راكان المجالي في صحيفة الدستور، فرأى انه لم ينشغل الأردنيون بخبر او حدث كما انشغلوا بالإعلان المفاجئ بالترحيب بانضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي. واعتبر ان هذا الإعلان كان مفاجئا، فهو لم يكن حصيلة اتصالات ومباحثات تمهيدية، بل هو لم يكن بندا على جدول أعمال القمة الخليجية.
ويرى المجالي أن ما يهم الأردنيين، من الانضمام لمجلس التعاون الخليجي هو الخروج من الأزمة الاقتصادية، لكنه يعتقد أن هذا التطور هو تطور كبير وتغيير سياسي بامتياز يتحتم أن يكون متصلا بالتحولات الجذرية والعميقة والضخمة في المنطقة.
الكاتب الصحفي ماهر أبو طير في صحيفة الدستور نظر للأمر من زاويتين شعبية ورسمية، واعتبر أن المواطنين تغبطهم الفرحة العارمة لاقتناعهم بان هذا القرار سيترتب عليه سهولة تنقلهم وسفرهم في دول المجلس والحصول على وظائف مرموقة في الخليج، ويرى ان ذلك صعبا في ظل تزايد البطالة في الخليج أيضا.
أما من الناحية السياسية والاقتصادية الرسمية، فيعتقد أن استفادة الأردن اقتصادياً ستكون ربما على مستوى الخزينة، من حيث المساعدات المالية، او إقناع دول الخليج بتزويد الأردن بنفط منخفض الثمن، وهذا قرار سيكون فردياً للدول الخليجية الكبرى، وليس نتيجة لعضوية مجلس التعاون.
ويعتقد أن انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي هو إعادة تموضع سياسي في المنطقة، وبناء تحالف جديد يضم ثماني ممالك، ست من الخليج والأردن والمغرب، في تكتل سياسي جديد. لكنه يؤكد في نهاية تحليله أن الانضمام مهم جداً، سياسياً، غير ان على الأردن أن لا يبالغ بانهمار "المن والسلوى" فالقصة اعقد من ذلك بكثير من وجهة نظره، ذلك انه سيترتب عليها استحقاقات أمنية وإستراتيجية كبيرة.
موقف القوى السياسية والشعبية:
ولان القرار التاريخي لمجلس التعاون الخليجي لم يسبقه أي تحضير للرأي العام الخليجي والأردني، ولم ترافقه تفاصيل عن آلية وشكل العضوية الممنوحة للأردن، أخذت وسائل الإعلام والقوى السياسية والشعبية والمواقع الالكترونية، تتنبأ وتستعرض تحليلات أفقية وعرضية لمستقبل انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي وحجم الفوائد والمكاسب المترتبة على هذا الانضمام، فيما اهتم البعض في توضيح مخاطر الانضمام امنيا وسياسيا، سواء لجهة الصفقات الغامضة المترتبة على هذا المشروع الاستراتيجي، أو لجهة انعكاسات الانضمام على عمليات الإصلاح السياسي والتغيير الجارية في الأردن منذ شهور قليلة مضت.
ضبابية قرار المجلس وعموميته ساهمت في رفع منسوب التفاؤل الشعبي لدى الأردنيين على أساس أن قراراً مصيرياً كهذا سيغير معطيات وحقائق كثيرة على أرض الواقع، خاصة لناحية ثنائية أزمة الطاقة والاقتصاد في الأردن، فضلا عن مشاريع التنمية والاستثمار لمواجهة مشكلتي الفقر والبطالة.
واستقبل الشعب الأردني القرار بفرحة عارمة ورحب به، لكن وسط خشية من رفع سقف التوقعات الشعبية بانفراج اقتصادي سريع. ويأمل الأردنيون بإزالة كافة شروط التنقل والإقامة في دول الخليج، تحديداً في قطر، ولا يعنيهم كثيرا حديث قادة الرأي العام عن التداعيات المترتبة على انضمام الأردن سياسيا وأمنيا، لان جل اهتمام الشعب هو الاستفادة ماليا واقتصاديا من هذه العضوية لتحسين مستوى معيشة الأسرة الأردنية، وفتح المجال أمام الشباب الأردني للدخول الى السوق الخليجي بحرية ودون قيود تذكر.
والتفاؤل الشعبي بانضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي، عكسه استطلاع الرأي الذي أجراه مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية بعد أيام قليلة على هذا الحدث الهام، حيث بينت النتائج أن (95%) من أفراد العينة الوطنية أيدوا انضمام الأردن للمجلس، وأوضحت النتائج أن (5%) بالمائة فقط من أفراد العينة عارضوا المشروع، وأفاد (77%) بالمائة من العينة الوطنية أنهم لم يتوقعوا انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي، وأظهرت النتائج أن (38%) بالمائة من مستجيبي العينة الوطنية يرون أن ما سيقدمه الأردن لدول مجلس التعاون الخليجي هو المساهمة في أمن دول الخليج. مقابل (22%) بالمائة أفادوا بأن الأردن سيقدم الخبرات والكفاءات والأيدي العاملة والمساهمة في أمن دول الخليج.
وبالمقابل، يخشى سياسيون من انعكاس مثل هذه العضوية على مشاريع الديمقراطية والإصلاح السياسي والتغيير، فأصدر ما يعرف بتكتل (الـ 36) بياناً انتقد فيه مشروع انضمام الأردن إلى مجلس التعاون الخليجي.
أما مجلس النواب الأردني، فأعرب عن ترحيبه بتأييد مجلس التعاون الخليجي انضمام الأردن إلى المجلس، واعتبر في بيان له ان القرار يصب في مصلحة العمل العربي المشترك، ويعزز العلاقات التاريخية بين الأردن ودول الخليج العربي، مشيرا إلى ان الأردن يرى في دول الخليج العربي عمقاً استراتيجياً ليس للأردن فحسب بل للأمة العربية.
فيما عارض حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسي لحركة الإخوان المسلمين فكرة الانضمام الى مجلس التعاون الخليجي، وأبدى الحزب مخاوف من أن يؤدي انضمام الأردن إلى مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى نشوب صراعات إقليمية لمصلحة قوى كبرى تسعى لحماية مصالحها في المنطقة. وحذر في بيان صدر الثلاثاء، من الالتفاف على مشروع الإصلاح الذي ينشده الشعب الأردني والعربي تحت أية ذريعة من الذرائع أو مشروع من المشاريع.
ويرى بعض السياسيين أن من متطلبات عضوية الأردن في مجلس التعاون الخليجي سير الأردن وراء أهداف الحلف السياسية: مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة. لكنهم يعتبرون أن للأردن إستراتيجية عليا مختلفة لجهة الأولوية؛ أي القضية الفلسطينية مآلاتها المعتمة.
فيما رأى مراقبون وسياسيون أن الإعلام الأردني ذهب للقضايا الثانوية، فيما يخص انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي، وتمحورت حول المكاسب والاستحقاقات، في حين إن القضية الجوهرية هي تأسيس العلاقات السياسية الإستراتيجية ثم تتبعها الملفات الاقتصادية.
وتوقع محللون "دخول الأردن ضمن منظومة درع الجزيرة، أحد الأسباب الرئيسية لدعوة الأردن للانضمام"، وأن الأردنيين إذا انضموا لمجلس التعاون سيتسنى لهم التنقل بين دول المجلس من دون تأشيرة، إلا أن هذه الخطوة "ستأخذ وقتا طويلا".
موقف خبراء الاقتصاد:
على الصعيد الاقتصادي، أكد خبراء واقتصاديون أن انضمام الأردن إلى مجلس دول التعاون الخليجي سيزيد الاستثمارات ويحد من تأثير الكساد المباشر على السوق الأردن ، وتوقع بعضهم أن انضمام الأردن إلى تكتل اقتصادي مثل مجلس التعاون الخليجي "يساهم بشكل كبير في حل مشكلة البطالة المستفحلة في المجتمع الأردني، فيما اعتبروا أن "الاستثمارات الخليجية في الأردن تعتبر أحد أهم ركائز الاقتصاد المحلي، ويعتبر انضمام الأردن الى مجلس التعاون الخليجي خطوة مهمة لزيادة الاستثمارات التي تدفع عجلة النمو الاقتصادي وتحد من تأثير الكساد المباشر على السوق الأردني.
ورأى آخرون أن هناك العديد من المزايا التي سيحصل عليها الأردن بعد هذا الانضمام والتي ستكون على شكل مساعدات مباشرة واستثمارات وفتح أسواق جديدة للمنتج الأردني للتصدير، إضافة إلى إزالة القيود الحالية الموجودة التي ستعمل على ضخ المزيد من العمالة الأردنية للسوق الخليجي.

خلاصة:
يبدو جليا مما سبق، ان موضوع انضمام الأردن إلى مجلس التعاون الخليجي حظي بشعبية جارفة على صعيد الرأي العام، واتفقت معه أغلب الصحف الأردنية، فيما خرجت صحيفة السبيل عن قاعدة الوفاق الوطني، ونظرت للمشروع من إبعاد مخاطره السياسية والأمنية وفقا لرؤية حزب جبهة العمل الإسلامي وحركة الإخوان المسلمين، بينما انسجمت نسبيا أراء قادة الرأي حيال الموضوع، رغم ما شاب بعضها من التعامل مع القضية بحذر دون تفاؤل مفرط بثمار المستقبل، مقابل ترحيب حار من خبراء الاقتصاد، وخلاف في الرأي بين المحللين السياسيين، بعضهم مؤيد للانضمام بسرعة، وآخرين يخشون تداعياته المستقبلية.
ورغم ذلك، فقد شهدت الساحة السياسية والإعلامية والشعبية الأردنية تساؤلات عدة وترقبا لما هو قادم في المستقبل القريب، منذ الإعلان عن دعوة الأردن للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي، فتزايدت التكهنات حول ماهية الإجراءات المطلوب استكمالها لإتمام الانضمام المتوقع خلال المرحلة المقبلة، وتزايدت بالمقابل وجهات النظر الإعلامية والسياسية المتعارضة حيال الموضوع، بين مرحب بحرارة، ومعارض بشدة، ومؤيد بحذر، فيما الرأي العام ينصت لكافة الآراء وينتظر بفارغ الصبر قرار انضمام الأردن رسميا إلى المجلس، بدافع الفوائد الاقتصادية وأثارها الاجتماعية، متجاهلا معارضة قوى سياسية وتحذيرات قادة الرأي العام لفكرة الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي.



#ياسر_قطيشات (هاشتاغ)       Yasser_Qtaishat#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -مشروع- إعادة هيكلة الرواتب والقطاع الحكومي من وجهة نظر الإع ...
- السياسة الخارجية الأردنية ... لا اجتهاد في نص المصلحة الوطني ...
- مجلس التعاون الخليجي ... ثمرة الجهود والتفاعلات السياسية الك ...
- الحصان الأمريكي يجر عربة أوروبا: العلاقات الامريكية – الاورو ...
- واقع الحرية الدينية في العالمين العربي والإسلامي: صورة في قب ...
- الدولة عندما تكون زائدة عن الحاجة- : -إسرائيل نموذجاً-
- الشخصية اليهودية في الميزان !!
- مستقبل توازن القوى الإقليمي في منطقة الخليج العربي
- واقع الجغرافيا السياسية في الخليج العربي (2-2)
- واقع الجغرافيا السياسية في الخليج العربي (1-2)
- الرئيس الراحل ياسر عرفات ... زعيم ثورة وقائد دولة
- الأردن وفلسطين .. قصة توأمة ووحدة شعبين
- -لغز- وجود النفط في الأردن: أحجية عصية على الفهم
- -الجبهة الشرقية ومكونات الصراع مع إسرائيل-: أسئلة جوهرية وإج ...
- الإخوان المسلمين والدولة: أزمة الحوار وعقدة الإصلاح!!
- -الإخوان المسلمين- وفن المراوغة والانتهازية !!
- المواطنة في العالم العربي وعقلية الرعية !!
- شباب اليمن الثائر ونظام العقيد الجائر !!
- اما أن الاقتصاد الاردني -معجزة- أو أن علم الاقتصاد بحاجة للت ...
- التجربة الديمقراطية في البحرين (الجزء الأخير)


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - ياسر قطيشات - موقف القوى الإعلامية والسياسية من انضمام الأردن إلى مجلس التعاون الخليجي