أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عامر الدلوي - كيف يدخل الناس التاريخ من أوسع أبوابه ؟ ...............( 2 )















المزيد.....

كيف يدخل الناس التاريخ من أوسع أبوابه ؟ ...............( 2 )


عامر الدلوي

الحوار المتمدن-العدد: 3409 - 2011 / 6 / 27 - 03:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



برايان هاو

كنت قد كتبت عن حفل توديع السيدة ( أوبرا وينفري ) الأسطوري والخيالي وتحت نفس هذا العنوان وهنا في الحوار المتمدن وعن الكيف الذي دخلت به هذه المرأة التاريخ من أوسع أبوابه والذي لم يكن يملك سوى مفتاح واحد , مساعدة الآخرين والوقوف معهم عند الملمات , والذي ترجمته السيدة ( أوبرا ) بما عدده مقدمي الحفل والضيوف المتكلمين من مناقب ومآثر لها إجترحتها وفي أماكن متعددة من العالم رغم محدوديتها إلا إنها تركت آثارا ً عميقة وأضافت إلى رصيد محبتها في قلوب الناس أرقاما ً صعبة .

وقارنت بين هذا الدخول ودخول بعض أخوتنا من الحكام العرب التاريخ من أضيق منافذه , وحتى في أحيان أخرى دخولهم كاللصوص أما من الشبابيك أو بكسر أبوابه لعدم قدرتهم وعدم وجود رصيد كاف لأمتلاك مفتاح لتلك الأبواب أو كالأشباح التي تتكيف أجسامها اللدنة للدخول خلسة من ثقب الباب .

واليوم أنا أكتب عن شخصية قد تكون لم تنل قسطها من التعريف وبحكم طبيعتنا نحن العرب فنحن لا نعرف الناس ونعرف بهم إلا بعد الرحيل .. إنه البريطاني ( برايان هاو ) الذي توفى قبل أيام في أحدى المستشفيات الألمانية بعد صراع مرير مع سرطان الرئة الذي أصيب به بعد إعتصامه الشهير في ساحة البرلمان البريطاني منذ العام 2001 إحتجاجا ً على حرب العراق وقتل الأطفال أيام الحصار الجائر .

منذ العام 1991 وبدء ذلك الحصار المشؤوم ضربت في أعماق جذوره الإنسانية .. وكنتيجة للصور المرعبة التي كانت تعرضها قنوات التلفزيون الغربية .. نزعة التعاطف الأخوي لطبيعة البشر .. البشر البشر .. وليس البقر منهم وما أكثرهم .. فأخذ موقفه وقراره الحازم بالوقوف ضد السياسات العدوانية للإمبريالية الأميركية وتابعها الذليل المصالح البريطانية المنهكة إقتصاديا ً والتي بعد أن كانت سيدة العالم في ما سبق من العقود صارت ترتضي بما يرميه لها من فتات المائدة إبنها العاق المتمثل بمرحلة الصعود الرأسمالي في الولايات المتحدة .

وقصة برايان تبدأ من حيث إنطلاق حملته الشهيرة تلك ، في حزيران 2001 نصب خيمته وظل جالسا محتجا فيها على الحصار الذي كان يقتل 200 طفل عراقي يوميا. وظل جالسا على كرسي صغير لمدة أشهر وأيام يصوم عن الطعام ويصلي.

وتحول برايان إلى رمز حيث صارت خيمته محجا ً للسواح , وقام فنانون بتصويره وهو معتصما ً فيها ، فيما ظل حراس الساحة والبرلمان يزعجونه ويحاولون بإستمرار اقتلاع خيمته ، ولم تفلح لا إحتجاجاته وصلواته ولا مظاهرة مليونية تعتبر الأكبر في التاريخ ، والتي مرت من أمام خيمته في منع كل من جورج بوش وتوني بلير من إرتكاب حماقتهما الكبرى المتمثلة في غزو العراق عام 2003

وعندها لبس براين قميصا كتب عليه " العراق : مليونا قتيل وأربعة ملايين لاجيء " .

وتحول برايان إلى رمز للرجل المبدئي الذي ظل مصمما على موقفه رغم الريح والمطر والحر وتصرفات الحرس، وما أعطاه في رحلته التي استمرت عشرة أعوام مخيما في نفس المكان هو تعاطف الرأي العام معه والذي ظل معارضا للحرب على العراق وويلاتها.

ولد برايان هاو في منطقة باركينغ ـ إيسكس عام 1949 وهو الابن الخامس - كان توأما، ثم انتقل الى مقاطعة كينت، وفيها انخرط في أعمال الكنيسة في سن الحادية عشرة قبل أن ينضم للجيش، وحاول الانتحار في سن السادسة عشرة بعد مشاهدته فظائع الحرب في ألمانيا التي خدم فيها، ثم عمل في بناء القوارب قبل أن ينضم للبحرية حيث كان يتلقى أربعة جنيهات في الأسبوع. وأثناء عمله في البحرية مر من قناة السويس وزار الأهرامات وحط مع السفن في موانئ الشرق الأوسط والهند.

وعاد بعد رحلاته ليتفرغ لنشر السلام في العالم على طريقته. وكانت أول محطة له في ايرلندا الشمالية حيث حمل معه غيتاره واخذ يغني في الشوارع ويوزع الحلوى والبالونات على الصغار، ورجع من المغامرة ليعمل في ايسكس كنجار غير متفرغ وأعمال أخرى وتزوج في هذه الفترة. وتأثر هاو بأفلام المخرج الوثائقي المعارضة للحرب والعولمة , ولهذا سافر إلى كمبوديا حيث شاهد هناك فظائع بول بوت وحقول الموت وقضى 3 أشهر فيها.

وعندما بدأ حملته لمعارضة الحرب وبنى مخيمه في الساحة القريبة من البرلمان دخل في تعقيدات قانونية حيث حاول مجلس المنطقة إجبار على إخلاء المكان لأنه يعوق حركة العامة لكن المحكمة العليا رفضت دعوى المجلس.

وفي عام 2003 اعتبر بلير هاو على انه رمز لبريطانيا وحرية التعبير فيها، ولكنه في عام 2005 كان يحاول يائسا التخلص منه.

وظلت إقامته في المكان تشهد معارك مستمرة مع القانون والشرطة، حيث سمحت له محكمة بالاستمرار في مخيمه طالما لم ترتفع اليافطات أعلى من 3 أمتار، ومع مرور الوقت واستمرار المعارك أصبح هاو علامة على المكان، وتحول لرمز دولي حيث استضافته سي أن أن ومحطات تلفزيونية مكسيكية.

وفي عام 2007 قام الفنان مارك والينغر، بإعادة تجميع وبناء اللوحات التي صادرتها الشرطة من هاو وشكلها في معرض بعنوان وضع بريطانيا ، ونال الفنان جائزة تيرنر المعروفة في الثاني من حزيران (يونيو) الحالي حضر رجال شرطة إليه وسألوه إلى متى ستبقى هنا، فأجاب للأبد.

وفي تصريح سابق له :

" إنني سوف أموت في هذه الخيمة حيث فعلت كل ما بوسعي لإنقاذ أطفال العراق وأفغانستان و فلسطين الذين يموتون بسبب من سياسات حكومتي "
ويحضرني هنا اللقاء المتلفز معه والذي قال فيه :

" أنا قد فعلت ما بوسعي .. وسأكون سعيدا ً جدا عندما ألاقي ربي وأقول له ذلك .. لكنهم ماذا سيقولون له "

وصرخته المدوية تلك بوجه ( بلير ) :

لماذا تقتلون أطفالي ؟

وأطفاله هؤلاء هم أطفال العراق الذين لا تربطه بهم لا رابطة الدين المشترك ولا اللغة ولا الوطن بل ربطته بهم رابطة أشد وأقوى .. ألا وهي رابطة الإنسانية .

يبقى الآن التساؤل ... هل يمتلك أحد من سياسيينا أو ( مع إحتراماتي الكبرى ) أحد مراجعنا الدينية وأبناء شعبنا القدرة على دخول التاريخ من هذا الباب ... أم إننا فقط ندخله من بوابة الفتح المبين .. وبنات الهند تقطر من دمائنا ... وقتل أحدنا للآخر وتكفيره .. إنتصارا ً لمذاهبنا الباطلة التي أشبعتنا من تخلف وعيش في الظلاميات و ما وراء الطبيعة .. بينما الناس وصلت مراحل متقدمة في ركوب قطار العلم .

الناس في صين بوذا و كونفوشيوس تبني فندقا ً من 15 طابقا ً في ستة أيام ... ونحن نبني مجسرا طوله نصف كم في 3 سنوات ولم ينجز لحد الساعة .. لكننا فالحون في حفظ أمن زوارا ً بالملايين قادمون سيرا ً على الأقدام .. سياسييونا ساهرون على تحشيدهم منذ أكثر من شهرين لهذه المسيرة ليستعرضوا بهم العضلات .. هادرين أموالا ً طائلة ... مياه معلبة .. مرطبات .. وأغذية .. ويتبرعون لليابان بما تعتبره اليابان ( تفاليس ) من أجل كسب ودها بحجة التبرع لضحايا الزلزال ... كما تبرعوا قبلها لمتظاهري البحرين ..

البريطاني هاو دخل التاريخ من أوسع أبوابه .. الدفاع عن قضايا الناس .. ضد سياسات بلده الظالمة تجاههم .. وعراقيون بائسون .. سياسيون ومثقفون وأفندية وعمائم سوداء وبيضاء وحمراء توهموا بأنهم سيدخلون التاريخ عبر بيعهم لوطنهم ومقدرات شعبهم مقابل ثمن بخس .. لمحتل غاشم .

وفي بيان لها قالت عائلته :
" مع الأسف العميق نعلن إن والدنا وافته المنية وهو نائم بعد معركة طويلة مع السرطان " .

كتب المعماري نيكولاس وود (عمل في الثمانينات في مجال صيانة البيوت الأثرية في بغداد) رسالة مؤثرة ونشرت في صحيفة الإندبندنت البريطانية، يقول نيكولاس :

في يوم ما، سيعتبر برايان الشخص الوحيد العاقل في هذا البلد لأنه رأى قبل أي شخص آخر، في عام 2001، ما كان يجري باسمنا لأطفال وأمهات العراق والجينوم البشري. إذ رأى كيف دفع الجهل والجشع الأعمى ساسة مثل هون (وزير الدفاع السابق) وتوني بلير الى إستخدام أسلحة اليورانيوم المنضب لفرض ما يسمى بالقيم الغربية على الناس... وها نحن نشهد ، بعد عشر سنوات، إن ما قاله هو الحقيقة... وقد قلت له، مرة، عندما لاحظت اكتئابه، في يوم من الأيام، سيتم نصب تمثال لك في هذه الساحة، مستندا إلى عكازيك، واقفا بتحد ضد هذه البرلمان الجاهل . ان أشخاصا، مثل صديقنا الراحل براين هاو، هم الذين يبقون الأمل مضيئا في دواخلنا عن إمكانية إقامة علاقة إنسانية حقيقية بين الشعوب، بعيدا عن الاستغلال والعنصرية والرغبة بالانتقام.
وقال النائب العمالي في مجلس العموم جيريمي كوربين معلقا على وفاة هاو إنه كان دائما يسعد عندما يشاهد الناشط معتصما خارج البرلمان.
وقال كوربين: "كان هاو يذكرنا بأن شخصا واحدا ذا تصميم يمكن أن يدافع عن المبادئ بينما تنتشر من حولنا الأكاذيب والافتراءات."
أما الناشطة " ليندس جيرمن " فقد قالت بحقه :
" إن برايان كان رجل مبدأ وشجاعا ً , وهو الذي قام بكل شيء حتى تبقى مسألة السلام حية ً في أعين الناس حيث كانت خيمته خارج مبنى البرلمان تذكيرا ً دائما ً لوحشية الحروب في العراق وأفغانستان واليوم في ليبيا " .
أعطوني مثالا ً واحدا ً لدينا يشبه " برايان " وسأسكت .



#عامر_الدلوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف يدخل الإنسان التاريخ من أوسع ابوابه ؟
- مرحلة تستحق الحمد وأخرى ملعونة منذ ولادتها !!!
- العام السابع والسبعين من القرن الأول للتاريخ ..!
- يوم الرحيل .. يا مبارك ..
- رسالة مفتوحة إلى الإمام موسى الكاظم ( ع )
- قاتل القتلة .... الخالد عبر محطات الزمن
- بؤس الأماني ... في دولة اللادولة ....!!!!!
- في شمعة الحوار المتمدن السابعة لتمض مسيرة النور ..... ولتنقش ...


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عامر الدلوي - كيف يدخل الناس التاريخ من أوسع أبوابه ؟ ...............( 2 )