أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد وجاني - مشروع دستور -الكراكيز- في المغرب















المزيد.....

مشروع دستور -الكراكيز- في المغرب


فؤاد وجاني

الحوار المتمدن-العدد: 3404 - 2011 / 6 / 22 - 16:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تظاهر المغاربة من شمال البلاد إلى جنوبها ومن غربها إلى شرقها، وخرج الشباب والشيوخ والنساء والرجال يطالبون بالحرية والعدالة والمساواة بعد أن سئموا حياة الخوف والفساد والرشوة والمحسوبية والظلم في بلد لا تكاد تفتح فيه فمك حتى يزجون بك خلف القبضان وتلفق لك التهم، في بلد وزراء وزاراته ورؤساء دوواينهم من عائلة واحدة، في بلد يهمش فيه المثقف وينصب المستثقف، شاكيرا فيه تغني أمسية لتخطف مليون يورو من أفواه الفقراء، وبرلمانه من المحابين للمخزن وأروقته تديرها هواتف القصور الملكية المنتشرة في أنحاء مغرب يعج بأحياء القصدير، شرطته تبحث عن القهوة المرادفة في قاموس البذلة المخزنية للرشوة، ومحكماته تفتتح جلساتها باسم الملك وليس باسم الله أو الشعب لتحاكم من يتحدث عن عائلة الملك، جماركه تسرق العباد داخل حدود البلاد بدل حماية حدوده، ووزارة صيده باعت بحره ومحيطه بما حبلا من حوت وسمك لقوارب النهب الأوربية ببضع ملايين يورو هزيلة مقابل امتصاصها لخمس سنوات كاملة، أرضه تباع نهارا جهارا أو توهب صدقة جارية لشركات عقارية خارجية، والله أعلم ماذا وكم تقاضى الكبار من وراء تلك الصفقات المشبوهة إما نقدا في حسابات مصرفية سرية سويسرية أو عدا في قصور في ماربيا، في بلد مراكشه وعاصمة مرابطيه لم يبق منها إلا الإسم المغربي، أما أغاديره فقد ملئت باستثمارات القمار والبغاء لتجلب كل معتوه من وراء البحار ساع إلى التنفيس عن كبته، وطنجته وعروس بوغازه قد تحولت إلى ميناء ضخم لن ترى منه جيوب المغاربة درهما واحدا، في بلد أحزابه المعارضة سابقا والمسماة سخرية بالاستقلال والاتحاد الاشتراكي استمرأت العيش الرغيد وكبَّت حقوق الشعب في مزابل البرلمان وأسكتت صوته بين قرع الأقداح، حتى تلك التي تدعي الطهر والتدين وتتبنى بهتانا العدالة والتنمية ظهر أنها من صنع محلي بدهاليز وزارة الداخلية.
في بلد يسأل المغربي الفقير –أو "المزلوط" بالدارجة الغنية بمفردات القهر- نفسه : ما معنى أن تكون مغربيا؟ ما معنى أن تكون مغربيا؟ ألك حقوق وكرامة أم عليك واجبات الطاعة وطأطأة الرأس فقط؟ لتجيبه السلطة: ولدت حرا وستموت هنا ذليلا، فكل خبزا خير لك واخرس!
صاح الناس فيه من داخل السجون، ذاك أجلسوه على قنينة، وتلك اغتصبوها، وهذا اختطفوه، أما الذين قتلوا فللأسف لم نسمع منهم، أناس عذبوا وقتلوا لأنهم لا يوافقون المخزن رأيا وعصوه أمرا فاتهموهم بهتانا بالإرهاب في دولة العهد الجديد عهد سلب حرية الرأي والاعتقاد .
قبضة من الساميين تحكم المغرب وتتلذذ فوق جثت أبنائه الذين لم يسعهم سوى عرض البحر فمنهم من نجا ومنهم من لقي نحبه، ومنهم من طار بدون رجعة لتكون طيور السنونو أفضل منه حالا، يضخون عرق السنوات في الخزينة المغربية لينعموا شهرا أو شهرين في المغرب ويعودوا للهجرة لسنوات. قبضة لا تريد فك يدها الملوثة عن المغرب الطاهر، فإن تركته دار عليها الدهر وحوكمت لجرائمها، وإن بقيت ممسكة عليه كانت كالممسكة على الحطب المشتعل الذي سيحرقها أيما ساعة. أما حزمة السياسيين والقادة التي تليها في درجة السمو سواء في الصحراء أو الشمال أو الوسط عبر ما يسمى بالجهوية فكل في كرسيه يعتبر البقعة التي يتربع على عرشها من المغرب بقرة حلوبا لا يشبع من امتصاصها حتى آخر قطرة، ليجد ذلك المغربي "المزلوط" أن كل هؤلاء هم المسؤولون عن تفقير الشعب وإقبار مستقبل وطموح شبابه الذكي النجيب وإهدار موارده الغنية والاستفادة من استمرار بؤر النزاع في الصحراء وسبتة ومليلية وجزر الخالدات وعدم اكتمال المغرب لوحدته الترابية التي كانت تمتد إلى مالي جنوبا.
صرخ الشعب وانتفض وقال بملئ صوت الكون : الشعب يريد الإصلاح، الشعب يريد تغيير الفساد، الشعب لا يريد تقديسا للملك، الشعب يريد دولة الحق والقانون، الشعب يريد ملكية برلمانية.
وخرج عليه الملك ليعين دون سابق ترخيص من الشعب المغربي لجنة استشارية لمراجعة الدستور من طبقة أرستقراطية تضم أفرادا هم من بين صناع منظومة الفشل التي كان يتخبط فيها المغرب والمغاربة، بعضهم كان وزيرا سابقا للعدل، وآخر وزيرا سابقا للتربية الوطنية، وآخر رئيسا لمجلس مخزني لحقوق الإنسان، وآخر يجازى لإصداره كتابا عن الملكية والإسلام السياسي، وعضوة سابقة بديوان الوزير الأول، وأستاذ سابق للحقوق بجامعة الأخوين للأثرياء والمرفهين أو "المرفحين" بلهجة المغاربة، وعميد مخزني سابق لكلية علوم، وتطول اللائحة ولا تقصر مهزلة اللجنة الاستشارية، وتكتمل المسودة لمشروع دستور غير شرعي حاكه المخزن بإبر سامة من صنعه ولم ينتجه الشعب. مسودة دستور صوّت عليها الملك بنعم في خطاب كان المغاربة ينتظرون منه إقالة حكومة الفاسي، ومحاسبة الوزراء والقياديين الذين أجرموا في حق الشعب، ومحاكمة ناهبي المال العام، وحل الأحزاب الصورية، والتطرق إلى ملف حقوق الإنسان، وإطلاق سراح معتقلي الرأي، والتحقيق النزيه في الانتهاكات التي حدثت داخل السجون السرية، ورد الاعتبار إلى المظلومين وعائلات الشهداء، ليخوض بذلك الملك ثورة في صفوف الشعب المظلوم وليس في صف الظالمين، لكنه آثر أن ينعم علينا بالدستور، ويكون من أول المصوتين بنعم، وكان الأولى بالملك أن يترك للشعب خيار انتخاب لجنة صياغة مسودة دستور جديد للأمة بدل أن يعين لجنة لتعديل دستور بجرة قلم وكأننا مازلنا نعيش في عقود الظلام، وكأننا مازلنا رعايا في ضيعة الملك.
حتى حق التعبير أصبح مكرمة من مكرمات الملك، ألا تكفيه ثروات يعلمها القاصي والداني وقد تعدت حدود المغرب لتصل أركان الدنيا الأربعة فجعلته من أثرياء العالم الجديد بين أزيد من ستة مليون مغربي يعيشون تحت خط الفقر بأقل من عشرة دراهم (دولار واحد) في اليوم الواحد، تلك الثروة التي لم تأت عبر التنافس التجاري الحر بل عبر استغلال النفوذ السياسي في الانفراد بالسوق المغربية، وذلك أمر تعرفه الإدارات والدوائر والمصالح والبيوت المغربية قبل أن تفضحه ويكيليكس عبر تسريبات وزارة الخارجية الأمريكية إلى العالم، في بلد غني فلاحة وسمكا وسياحة واقتصادا ومعدنا ومع ذلك تثخنه القروض وينفق أهله أزيد من ثمانين بالمائة على الغذاء والسكن ولا صحة فيه إلا للأثرياء، أما التعليم فقد تحول فيه إلى تجارة خاصة مربحة، ومن سخط عليه الزمن فليدرس أولاده في مدارس الدولة حيث حال المعلمين والأساتذة المساكين من حال الطلاب والتلاميذ أبناء الفقراء.
إن المغاربة اليوم يتطلعون إلى مغرب حر وديموقراطي خال من الفساد والرشوة والاحتقار، التعليم والصحة فيه بالمجان لكل المواطنين، يتساوى فيه جميع المغاربة على اختلاف مذهبهم وعرقهم وانتمائهم وفكرهم ولغتهم، ويحاسب فيها الظالمون ويراقب فيه المسؤولون عن خيرات البلاد، ويتولى فيه أمورهم الصالحون المؤهلون الغيورون على تربة المغرب وتأريخه ومستقبل أبنائه، مغرب قوي قادر بما يتوفر عليه من إمكانات على التفوق على أوربا واكتساحها اقتصاديا بل إرغامها على إرجاع سبتة ومليلية وجزر الخالدات وإلا تهديدها بحصار فلاحي وملاحي وتجاري يجعلها تتضور جوعا وتهلك فقرا، مغرب يهاجر إليه الأوربيون بحثا فيه عن العمل ولا يهاجر منه المغاربة، مغرب يعيد الروابط المتينة بالشعوب العربية المجاورة والبعيدة ويساعد على تحريرها من براثن المستبدين، مغرب يمد نفوذه جنوبا وينمي الدول الإفريقية تخليصا لها من استغلال الفرنسيين. إنه المغرب العظيم الذي كان عظيما في تأريخه بشعبه وهويته وسيكون عظيما ليس بملكه أو زمرة حاكميه إنما بشعبه وهويته.
إن الارتباط بين الحاكم والمحكوم في تأريخ المغرب المجيد كان ينبني على النبل والأهداف السامية المشتركة، وإن مفهوم البيعة في عهد المرابطين والموحدين والسعديين كان يقوم على نزاهة الحاكم وخُلقه الرفيع وقوته في تنفيذ الحق ومحق الجور ومساعدة المظلوم وخدمة الشعب ولم يكن يوما مبنيا على الخوف أو تكديس الثروات في يد الحاكم وحماية حاشيته والمقربين.
لقد تحركت عجلة التغيير منذ العشرين من فبراير لأجل مغرب لكل المغاربة على يد شباب ورجال ونساء هم من خيرة من أنجب هذا الوطن الكريم، يريدون استقلالا حقيقيا يعيد إلى المغربي كرامته وحريته في بلد باتت فيه معظم الأحزاب السياسية البرلمانية تمثل أشخاصا ومصالح ولم تعد تمثل المغاربة، وإن العجلة سائرة في طريقها دائرة وستطحن من يقف أمامها لذلك وجب على الملكية في المغرب أن تساير التغيير وتمهد له السبل وتنأى بذاتها عن المفسدين قبل فوات الأوان وإلا قضت على نفسها بنفسها.
إن مسودة الدستور الحالية لم تأت لتستجيب لتطلعات الشعب في الحرية وحل مشاكله، بل جاءت لتحاول حل أزمة الملكية في المغرب التي ستزيد تعقدا وتأزما مع مرور الوقت، مسودة تدعي أنها ديموقراطية بَيْدَ أن كلمات الملك تكررت فيها ستة وأربعين مرة بينما ذُكرت فيها كلمة الشعب مرتين اثنتين فقط لتكرس بذلك الملكية بمفهومها القديم الذي لم يعد متجاوبا ومقتضيات العصر وتطلعات الجيل من تخويل لكافة السلط التشريعية والتنفيذية والقضائية إلى الشعب عبر ممثلين يختارهم اختيارا حرا في دولة يسود فيها القانون ولا يحكم فيها الملك ويلعب فيها الرأي الحر دور السلطة الرابعة.
صدق من قال إن الحرية تنتزع ولا تعطى، فقد انتظرنا الملك فلم يعط للشعب شيئا سوى مسودة دستور ممنوح لايسمن من عبودية ولا يغني عن استبداد، هي إذن معركة المغاربة الأحرار لأجل تحقيق الحداثة وتثبيت المفهوم الحقيقي للمواطنة لكل مواطن مغربي تحت شعار: الله، الوطن، الشعب والحرية!



#فؤاد_وجاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فخامة حمار للاعبوش يخاطب الحكام الحمير
- زغردوا ...دستور جديد لمخربستان!
- وصفة البقاء للملوك والرؤساء
- أولى دروس الحرية - قصة قصيرة
- سانتشو بانزا والمالكي
- رِسَالَةٌ مِنْ لَلَّا عْبُوشْ الى مِشْتْر بُوشْ
- فاجِعةُ كِتابٍ في أمَّةِ الكِتابِ
- ومرت السخرية العربية من كولورادو...


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد وجاني - مشروع دستور -الكراكيز- في المغرب