أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هويدا صالح - جدلية العلاقة بين الأنا والآخر في رواية - بروكلين هايتس - لميرال الطحاوي















المزيد.....

جدلية العلاقة بين الأنا والآخر في رواية - بروكلين هايتس - لميرال الطحاوي


هويدا صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3395 - 2011 / 6 / 13 - 06:50
المحور: الادب والفن
    


جدلية العلاقة بين الأنا والآخر في رواية " بروكلين هايتس " لميرال الطحاوي
هويدا صالح
هناك مدخلان هامان يُطرحان بقوة عند الدخول لعالم " بروكلين هايتس " الصادرة حديثا عن دار ميريت والتي نالت جائزة " نجيب محفوظ " ورشحت للقائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية : المدخل الأول هو علاقة الشرق بالغرب أو الأنا بالآخر ، وهذا المدخل هو الأبرز في الرواية ، فبروكلين هايتس تعيد إنتاج هذه العلاقة التي طرحت من قبل منذ أن طرحها توفيق الحكيم في " عصفور من الشرق " و طه حسين في " أديب " و يحي حقي في " قنديل أم هاشم " ولويس عوض " مذكرات طالب بعثة" وعبد الرحمن بدوي في " هموم الشباب " وعبد الحميد جودة السحار في " جسر الشيطان " ويوسف إدريس في " السيدة ريفينا " و نيويورك 80 " والطيب صالح في " موسم الهجرة للشمال " و بهاء طاهر في " بالأمس حلمت بك " و " الحب في المنفى " وروايات أخرى اختلفت فيها نظرة الكاتب العربي إلى الغرب ما بين نظرة تتعامل مع الغرب باعتباره الغرب المثال المتفوق ثقافيا على الشرق المتخلف ، وما بين نظرة ترى الشرف الأفضل صاحب الحضارة والثقافة في مقابل الغرب المستغل ، موطن الفساد والشر .
إذن ميرال الطحاوي تطرق بابا سبق طرقه ، وتخوض عالما كُتب كثيرا ، فما الذي ستقدمه للقارئ يخرج عن هاتبن النظرتين النمطيتين للأنا والآخر أو لجدلية العلاقة بين الشرق والغرب ؟
وقعت ميرال الطحاوي في ذات النظرة النمطية لجدلية العلاقة بين الشرق والغرب ، فالبطلة " هند " التي ربت من عالمها التعس الشقي في محاولة لإيجاد ملاذ آخر تتحقق فيه بعد أن طلقها زوجها تكتشف هناك تعاسة أخرى جديدة تعيش فيها ، فقد عاشت هناك في حي الفقراء التعساء الذين لجأوا إلى أمريكا الحلم المنشود لكل تعساء العالم الثالث ، لكن أمريكا لم تكن رحيمة بهم ،فتعود الذات الساردة عبر الفلاش باك أو تقنية التذكر والاسترجاع إلى الوطن / الشرق ، ويغمرها الحنين ، فتلجأ للذاكرة الانتقائية وتنتخب من لحظات ماضيها من الشرق ما يؤكد على سبب هروبها حنينا ، وما تتوق لتعود إليه في لحظات غربتها حينا آخر .
إذن لم يكن الغرب هو المكان الأفضل للذات الساردة ولم يكن أيضا هو الملاذ الأكثر ملائمة للهروب .فهي تقر على لسان بطلتها التي جلست تشارك صغيرها الطعام وتفتح لفافة للحظ ، فيربكها حظها الذي سطر على ورقة اللفافة تقول : " كانت تريد أن ترى حظها في أي شئ . أبراج البخت وأوراق الحظ المسماة " تاروت " والكوتشينة ، وكف يدها أحيانا . جبينها لا ينع إذا كان هناك من يستطيع قراءته ، لكنها لم تتوقع أن تجده في قطعة العجين المقددة ، على ورقة صغيرة ملفوفة بطريقة حلزونية دقيقة . تفتحها بعناية من يخاف على قدره ومصيره الذي تحمله اللفافة ، ثم تقرأ : ما ينتظرك ليس أفضل مما تركته وراءك " .
إذن نبوءة حظها يظهر منذ البداية ، منذ الصفحات الأولى للرواية .
تلك النظرة جعلتها تغرق في النوستالجيا ، مما يجعلها تبحث عما يذكرها بأماكن الأنا / الشرق أو الوطن : " كلما أرادت أن تعود لحي العرب تحت وقع الحنين أو المقت "
في حين أن الابن الذي لا يمتلكها ذاكرتها ولا يمتلك ذلك الميراث من الحنين يتحرر أكثر من رغبتها في التواجد في حي العرب تقول " يرفض أن يذهب معها ويطلق تعليقاته الحادة :
ـ لا أحب أن أذهب عند العرب
ـ لماذا ؟
ـ " البيرج مش نظيف " وكمان فالجر وأنا لا أحب أن أكون واحدا منهم
ـ سنأكل كشري
ـ مش عايززززززززززز
ـ ستترك ماما تذهب وحدها ؟
ـ لماذا تحبين هذا " البيرج "
ـ ربما يذكرني بمصر
ـ ولكن أنا لا أحب ط البيرج " ولا أريد أن أرجع إلى مصر تاني . "
وهذه النظرة النمطية تجعلنا نتساءل هل الغرب مقولة فكرية ؟ أم تجربة وموقف ، وبالتالي،فإن العلاقة بين الأنا والآخر لا يمكن صياغتها في شكل ثابت وإنما هي علاقة تتغير باستمرار مثلما مثلما تتغير علاقتنا بالأنا خلال مراحل العمر المخلتفة وهي مرتبطة بمجمل الظروف والتغيرات المختلفة التي نعيشها ؟ .
المدخل الثاني للرواية هو المدخل النسوي ، أو الكتابة التي تتناول عالم المرأة وخصوصيته ، حيث تقدم لنا الرواية قصة هند التي تركت زوجها بعد أن طُلقت وهربت من عالم مترع بالتعاسة بسبب زوجها الذي اكتشفت خيانته ، ترحل إلى عالمها الجديد في أمريكا حاملة معها حلما بكتابة رواية تكون بطلتها امرأة تعيسة تشبه تعاستها أو هي ذاتها ، لا يرافقها في رحلة البحث عن ذاتها سوى ابنها الصغير ابن الثامنة .
قدمت ميرال الطحاوي عالما مليئا بالشخصيات النسائية المأزومة والمقهورة من عالم ذكوري متسلط مهما كانت هويته الثقافية ، فالذات الساردة / هند مصرية مقهورة ،و جوجو المكسيكية التي تترك زوجها عبد الكريم الكردي ضجرا ومللا من «رائحته العربية» وليليت التي تترك زوجها في مصر بلا مبرر وإيمليا الروسية التي تلقي محاضرات طويلة في نقد السياسة الأمريكية. ورغم هرب البطلة من القهر الذكوري العربي في بلادها إلا أنها تواجه ذات القهر حيث وصلت حين تتصادم مع صاحب الشقة التي تسكنها وهو " تانجو" الأمريكي الذي يريد إقامة علاقة جنسية معها ، وحين ترفض يعرف كيف يهين أنوثتها بالسخرية من big fat ass ، تجيد الكاتبة اقتناص اللحظات الخاصة بالمرأة عندما تشعر بإهانة موجهة لجسدها أو في الحوار الذي يدور مع ابنها أو في وصف شخصية مثل فاطيما الصومالية، وكذلك نزاهات، الطبيبة البوسنية اللاجئة، ، كئيبة كما يليق بامرأة شرقية، حزينة كما ينبغي لامرأة تري الاضطهاد في كل وقت وفي كل شيء، تسير بك الساردة وهي تحكي بلا مبالاة، هذه الجدة زينب، هذه الضيفة، هذا أبي وهذه أمي وهذا الرجل المتأنق السخيف هو زوجي "
في السطور الأولى من الرواية تسرب للقارئ الافتراضي أن بطلتها ستعيش حاملة وحدتها وصغيرها في بلاد تشعرها بالغربة والمرارة ، وتعطيها الفرصة لاجترار الألم : " ومن بين كل الشوارع تختار فلات بوش لأنه يصلح لها وهي تركض حاملة وحدتها وعدى حقائب وطفلا يتساند عليها كلما تعب من المشي " .
وتلك النظرة النسوية أو زاوية الرؤيا النسوية نجدها منذ المفتتح الذي اقتبسته من الشاعرة " فروغ فرخازاد " حيث تقول : " مضى الزمن ودقت الساعة أربع دقات
وها أنا ذا امرأة وحيدة على عتبات فصل البرد
بردانة أنا بردانة كأنني لن أدفأ أبدا
عريانة أنا عريانة كفترات الصمت بين أحاديث الحب
ثمة ريح في الزقاق وأنا أفكر باقتران الزهور والبراعم ذات السيقان الرفيعة
على عتبات فصل البرد "
لا يخفى على القارئ دلالة المقطع الذي أوردته ، وأنه يُعد عتبة مهمة من عتبات قراءة النص ، وأنه يرشح بقوة أهمية المدخل النسوي في قراءة الرواية .
يحتل المكان في "بروكلين هايتس" أهمية خاصة ، ليصير هو خامة الكاتبة لتوصف وتسرد حيوات شخوصها . المكان في الرواية لم يكن مجرد خلفية للأحداث أو مسرحا لها بقدر ما هو أداة سردية من خلالها تؤكد الكاتبة على تعاسة هؤلاء النسوة اللاتي امتلأت بهن الرواية . تطل الكاتبة من خلال ذلك المكان على فضاء العالم المتنوع، الذي تمتاز به مدينة نيويورك، بما تحتضنه من عشرات الأعراق والأجناس واللغات. في مشهد الإفتتاح تفيد الكاتبة من الوصف لتقدم لنا مكان روايتها : " فلات بوش تراه علي خرائط الإنترنت وهي تبحث عن غرفة واحدة تصلح للإيجار في منطقة بروكلين، تراه في عدسة البحث حارة ضيقة مليئة بالالتواءات.. يتعامد علي بروكلين بريدج، ذاك الجسر الممتد الطويل الذي يربط الجزيرتين." القسم الثالث والمعنون بـ "المقبرة الخضراء"، يضيء وصف الوضع النفسي لبطلة الرواية هند، عبر بهجة الموت وسكينة العجائز.. فتتجلي في وصف الطحاوي تقنية التداعي الحر للأمكنة، ودلالاتها، بل وإيحاءاتها عبر تيار الوعي؛ فتذكرها المقبرة الخضراء بأمكنتها الحميمة التي احتضنت طفولتها وصباها وتعلقها بجدتها.. لافتة إلي تَوَثُّق الصلة بين هند وجدتها، والذي يظهر حين تنام هند بحجر الجدة، كلما أرهقتها الوسائد الجافية القاسية التي لا تعطي حنانها لأحد، فتقول لها في الحلم: (لوكان بيت أبويا قريب، كنت أروح وأجيب، صحن زبيب تاكليه وتصلي علي الحبيب، وكل واحد له حبيب) لتنعس بعدها حالمة ببلاد لتتحقق خلال أحلامها النبوءة.
تهرب "هند" من ذاك الواقع الذي عايشته في الماضي ولم تطق تحمله، إلى واقع جديد كما أوضحنا ، ولكن الواقع الجديد دفعا لأن تمارس عملية التداعي الحر استدعاء للأمكنة والأحداث التي تسكن الذاكرة ، ولكن التداعي الحر جاء موفقا في بعض الأحيان وغير موفق في أحيان أخرى كثيرة .
أجادت الراوية وصف الأحياء التي يسكن فيها المغتربون , وأجادت وصف أحوالهم سواء في الخارج أو في مضيفة الأب ” مكان الأحلام المشتهاة ” , ورغم ذلك الوصف الجيد , إلا إنها افتقدت لإحكام الخيط الدرامي للأحداث . فرغم أن الرواية لم تراهن كثيرا على التجريب في السرد ، بل استخدمت آليات السرد الروائي الكلاسيكي إلا أن عدم إحكام البناء الروائي جعل الرواية تقف في منطقة البين بين ما بين الكلاسية والتجريب .



#هويدا_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بشار الأسد الذي يُعمّد كرسي عرشه بدماء أطفال سورية
- حفيف رصاصة
- إلى قناص بشار الأسد الذي يغتال ربيع سورية
- انتفاضة الصعيد بعد سقوط النظام !
- الشعب المصري يسطر عظم ملاحم التاريخ
- ثورة مصر الشعبية
- في مديح - نساء حسن سليمان -
- فضائح ويكليكس وكلينكس -الغيطانى-
- فيوليت والبكباشي رواية تراهن على كشف المسكوت عنه في ثورة يول ...
- الترجمة وتواصل الحضارات / ورقة عمل قدمت لمؤتمر بغداد الأول ل ...
- سيرة الحرب والدمار في ديوان النظر للماء
- ضبابية الدير .. وبلاغة الكشف / الانحياز للإنسانية في رواية أ ...
- هي ليست جائزة للحوار المتمدن فقط ، بل جائزة لكل حر يتبنى ويد ...
- تحرير وعي المرأة هو تحرير للمجتمع
- الحراك السياسي في مصر والواقع الافتراضي
- العرب والمصريون في أمريكا هل يشكلون لوبي ضغط على النظام الأم ...
- حارة أم الحسيني .. وجه شهدي عطية الإبداعي
- المثقفون المصريون .. وفرص التغيير
- أسرار المدينة المقدسة تضيع بين باحث مصري ومندوب اليمن الدائم ...
- حوار هويدا صالح في السياسة الكويتية


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هويدا صالح - جدلية العلاقة بين الأنا والآخر في رواية - بروكلين هايتس - لميرال الطحاوي