أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد عادل زكى - كيف يرى محمد دويدار عملية قتل إبن لادن؟















المزيد.....


كيف يرى محمد دويدار عملية قتل إبن لادن؟


محمد عادل زكى

الحوار المتمدن-العدد: 3369 - 2011 / 5 / 18 - 01:04
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


الحدث والضربة ورشادة رأس المال الأمريكى
د. محمد دويدار
أستاذ الإقتصاد السياسى
كلية الحقوق- جامعة الإسكندرية

أعلنت الولايات المتحدة فى 3/5/2011 نبأ قيام وحدة عسكرية خاصة باغتيال "أسامة بن لادن" فى باكستان غير بعيد عن عاصمتها. والأمر يتعلق "بإغتيال" أى بقصد "الإبادة" الجسدية، وليس بقصد الإعتقال على ذمة المحاكمة. مع تعمد دفن جثة الضحية فى قاع البحر، أغلب الظن مع أمل العثور على النفط بعيداًً عن الكارثة النفطية فى خليج المكسيك، جنوب الولايات المتحدة الأمريكية.
بهذه المناسبة نعيد نشر المقال...
د. محمد دويدار
الحدث: هو ما شاهدته نيويورك وواشنطن وكل الولايات المتحدة الأمريكية وشهده معها العالم فى 11 سبتمبر 2001. الضربة: هى ما تقرره المؤسسة السياسية الأمريكية الحاكمة لمواجهة الحدث. والرشادة: تتبدى فى مدى عقلانية رؤية الحدث وعقلانية إختيار الضربة وعقلانية البصر بتداعياتها، وما إذا كانت العقلانية تستند مطلقاًً إلى العِلم المجرد أم إلى العِلم مرتبطاًً بوظيفة إجتماعية أم إلى العِلم ملتصقاًً بطموحاته الإنسانية. الحدث: هل هو واقعة؟ أم أنه يرمز إلى الواقعة إذا ما أُُخذ فى المجرى التاريخى للمرحلة الحالية لتطور الرأسمالية؟ والضربة: هل هى سبيل تحقيق مصالح رأس المال الدولى ممثلاًً برأس المال الامريكى؟ أم أنها مناسبة تفجير رأس المال الأمريكى لتناقضات مجمل التنظيم الرأسمالى الدولى فى مرحلة التمركز العالمى لرأس المال المبرز للحدود التاريخية لهذا النظام؟
فى ضوء هذا وذلك، ما الذي يكشف عنه الحدث والضربة فى شأن "رشادة" رأس المال الدولي بصفة عامة ورأس المال الأمريكي بصفة خاصة؟ هل لا يزال يتمتع سياسياًًً بعقلانية تتناسب مع ما أطلقه التنظيم الاجتماعي الرأسمالية من إنجازات علمية وتكنولوجية؟ أم أن حدة تناقضاته، خاصة مع المليارات من أبناء البشرية المنتمين إلى "عالم العمل"، تدفع به إلى تكوين الإنجازات التكنولوجية لتعظيم "البؤس النسبى" للبشرية؟ بعبارة أخرى، ما الذى يكشف عنه الحدث والضربة فيما تبقى من"رشادة" تاريخية لرأس المال، كظاهرة اجتماعية، بقيادة رأس المال الأمريكى؟
الحدث يجسد العنف: لا يمكن فهم الحدث إلا بفهم العنف كطبيعة لرأس المال كظاهرة اجتماعية. فرأس المال عدوانى فى نشأته وفى توسعه التاريخيين. فبالعنف الإجتماعى تكون رأس المال فى مرحلة صعوده التاريخى. فقد إستخدم مع قوى المنتجين المباشرين فى مجتمعات أوروبا وأمريكا ومع شعوب المستعمرات وأشباه المستعمرات كل وسائل التعامل التي تنفى التعامل عبر العقل والفكر. مستخدماًً كل سبل الإكراه المادى والمعنوى. وبالعنف المكثف الفردى والجماعى يسّّرع رأس المال من معدلات تركزه بالإزاحة المستمرة، بسرعة أحياناًًً وببطء أحياناًًً، للطبقات الإجتماعية الأخرى بعيداًً عن وسائل إنتاج ما هو لازم لمعيشة أفراد المجتمع مادياًًً وثقافياًًً، كما يسَّرع من معدلات "تمركزه" فى شكل إحتكارات دولية تقلب، بأهدافها وممارساتها، موازين التنظيم الرأسمالى الدولى القائم.
والعنف، كظاهرة إجتماعية، يلتف حول الإنسان ليتحول معه إلى شخصية مروَعة النفسانية، بوعى أو بلا وعى، بديناميكية أو بخمول، من هول ما تعيشه من مظاهر العنف الفردى والطبقى والإجتماعي المعمم، وتتفاعل إيجابية العنف مع سلبية الإرتياع لينفيا ما يمكن أن تشهده الحياة الاجتماعية من بعض الهدوء النفسانى الذي يرتبط بالإحساس بالأمان. ويضيفا على هذه الحياة كل صور التوتر الاجتماعى، الذي ما يلبث أن ينتقل بين داخل المجتمعات ليكون حلقات توتر متداخلة ومتسارعة الإتساع فى تفاعلها فى المناطق المختلفة التى تكون خريطة المجتمع العالمى.
والعنف كمكون للشخصية المعاصرة هو فى النهاية تعبير عن أخلاقيات الطبيعة العدوانية لرأس المال، يبرز مع ممارساته ويغذى من محتويات مشروعاته التعليمية والأدبية والفنية، أي الثقافية بصفة عامة، ليبلور فى النهاية ثقافة العنف يتغذى بها الأطفال يومياًً عبر الصحافة المرئية والمسموعة والمقروءة، حتى تتلبس أرواحهم بالعنف الذي يتأكد عبر بيئة تراكمية تختزنه وتولد أشكالاًًً متنوعة منه يحتضنها نظام القيم لتتبلور فى التعاملات العنيفة المادية والمعنوية فيتفجر العنف اليومى فى جنبات الحياة الإجتماعية.
ويتفجر العنف العرقى والطائفى فى كل مكان: فى روسيا، فى البلقان، فى تركيا، فى العراق، فى أفغانستان، فى كشمير، فى الجزائر، فى نيجيريا، فى بوروندي، فى الكونجو كينشاسا، فى السودان، فى الصومال، فى تيمور الشرقية، ويكمن العنف العنصري فى كل مجتمعات الغرب الرأسمالى، ليتفجر من حين لآخر ، آخرها العنف الكاسح الذي يصيب المواطنين ذوي الأصول العربية والإسلامية فى كل مجتمعات الغرب الرأسمالى منذ "الحدث" فى 11 سبتمبر الماضى. وهو عنف لا تمارسه الأفراد والهيئات الخاصة فقط، وإنما كذلك الأجهزة الرسمية وعلى الأخص أجهزة الأمن، خاصة فى الولايات المتحدة الأمريكية.
هذا العنف يغذيه على مدار الأربع وعشرين ساعة بعنف تنفثه أجهزة الإعلام الغربى ضد هؤلاء المواطنين وشعوب البلدان العربية والإسلامية باسم مكافحة "الإرهاب".
وقد برز هذا إلى جانب كل صور العنف المزمن الذي يرتكبه رأس المال الصهيونى على أرض فلسطين المحتلة وفى جنوب لبنان حتى مايو 2000 وفى مزارع شبعا التى ما زالت محتلة بعد هذا التاريخ. وبأشد ما تكون البربرية فى فلسطين منذ أكتوبر 2000. كل هذا العنف؟ وكأن البشرية لم تقطع قروناًً عديدة بخطى متسارعة نحو إستخدام العقل ونحو علمانية تحكم العلم فى سبيل إنتاج فكر يسعى إلى تحقيق إنسانية الإنسان وبلورة مواثيق توصي بالقضاء على كل تمييز أو عنف بسبب العرق أو العقيدة أو الجنس أو الدين أو الطبقة.
ومع تفاقم مشكلات الحياة الإجتماعية وفشل التنظيم الاجتماعى الرأسمالي فى حلها بالنسبة للغالبية تشتد حدة الصراعات العرقية والطائفية ويُصبح التمييز العرقى والطائفى مع غيره من صور التمييز التى تتضمن العنف ضد "المعذبين فى الأرض"، من الملامح البارزة لأخلاقيات هذا التنظيم الاجتماعى .
أما العنف الذي يمارس بالوسائل المروعة وخاصة الترويع المسلح، أي "الإرهاب"، فقد أصبح ظاهرة تعم المجتمع الرأسمالي الدولي تضم إرهاب الدولة ، تمارسه فى مواجهة شعوب بأكملها، أي كلها من "المدنيين"، بقرار من طرف واحد، بأفعال مروعة تفتك بالحياة الإجتماعية تقتل الأفراد والجماعات أو تشتتهم وتحويلهم إلى "قطعان من اللاجئين".
مثل هذا العنف مارسته الولايات المتحدة فى مواجهة شعوب فيتنام ولبنان وليبيا والصومال والسودان. وتمارسه الولايات المتحدة وبريطانيا يومياًًً فى مواجهة شعب العراق. ومارسته الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي فى البوسنة والهرسك وكوسوفو إزاء إرهاب الدولة اليوغسلافية فى مواجهة العرقيات غير الصربية، ومارسته دولة طالبان فى الأفغانستان حين عززتها الولايات المتحدة ، مباشرة وعبر الدولة الباكستانية ، حتى تتمكن شركات النفط الأمريكية من الوصول إلى الغاز الطبيعي ونفط منطقة بحر قزوين. وكذلك إرهاب الدولة فى بلدان أفريقيا الوسطى، وإرهاب الدولة الأندونيسية فى مواجهة بعض العرقيات، وإرهاب الدولة الروسية فى مواجهة شعب الشيشان وإحتمالاً بقية شعوب القوقاز.
ويعم إرهاب الجماعات والمافيات الأمريكية والأوربية بل والمنظمات الإرهابية فى الولايات المتحدة، وبعضها صهيوني، وفى إسرائيل، وبعضها مدرج على "قائمة" وزارة الخارجية الأمريكية، وكذلك إرهاب المنظمات المختلفة فى أسبانيا، وفى أيرلندا الشمالية، وفى كورسيكا، وفى ألمانيا، وفى اليابان، وفى كولومبيا. كما يعم العالم العربي إرهاب الجماعات الطائفية المسلحة، بدعم من الولايات المتحدة فى مرحلة أولى ثم بإنحسار تأييدها فى مرحلة ثانية، لتنقلب عليهم فى مرحلة ثالثة.
وتعرف مجتمعات أوروبا الغربية"إرهاب" الأفراد والمنظمات الذي يمارس فى مواجهة أفراد وجماعات مسالمة، مهاجرين أو بدأوا مهاجرين وأصبحوا مواطنين، لا تنشغل إلا بالسعى لتحصيل قوت يومها، فى شكل التهديد والإعتداء الإرهابيين لأحزاب اليمين المتطرف فى عدد كبير فى بلدان أوروبا الغربية ضد الأقليات ذات الأصول الأجنبية، وهو إرهاب بدأ يُصبح "رسمياًًً" مع إعتلاء هذه الأحزاب لسلطة الدولة فى بعض هذه البلدان، كما هو الحال فى النمسا منذ ما يقرب من العامين وفى إيطاليا بعد إنتخابات مايو 2001. وكما تمارس الدول الكبرى الإرهاب بصفة مباشرة فإنها تمارسه بطرق غير مباشرة عندما تساند الأنظمة الديكتاتورية فى البلدان الرأسمالية المختلفة، وهى أنظمة تقهر بكل صور العنف شعوبها وتغتال مفكريها معنوياًً وجسدياًً وتبدد ثرواتها، عادة بتحويلها إلى مراكز المال فى البلدان المتقدمة، باسم "مواكبة العولمة"، وتحول دون أي تحول إجتماعى لمصلحة شعوبها. وهى تساند هذه الأنظمة ليس فقط طوال وجودها الرسمى القاهر، وإنما كذلك بعد إنتهاء حكمها الرسمى. وتتعدد صور المساندة:من المساندة بالسلاح، إلى المساندة السياسية، إلى المساندة بشبه المعونة الاقتصادية، إلى منحها شهادات النجاح الزائفة، خاصة عبر المنظمات الإقتصادية الدولية التي تشهد على مصالح رأس المال الدولى، إلى حتى الحرص على تأمين الرعاية الصحية للديكتاتوريين بل وتشييعهم حتى مثواهم الأخير عندما تمتنع شعوبهم عن المشاركة فى ذلك. فى خضم كل هذا العنف، والعنف المروع باستخدام السلاح، الذي تكثف فى العقود الأخيرة كسمة من سمات الحياة اليومية فى المجتمع الرأسمالى الدولى، بالإضافة إلى صور أخرى من العنف الاقتصادى، شعوب"المعذبين فى الأرض"فى المجتمعات الرأسمالية المتخلفة. فى هذا الخضم يأتي (الحدث) فى الحادي عشر من سبتمبر 2001.الحدث مفرد من مفردات العنف، المضاد: يحمل معنى الانتقام. مِن مَن؟ ومِِن ماذا؟ ويحمل معنى التحدي. لمن؟ ويحمل معنى الإستعداد للمواجهة. مع مَن؟ وبأى الأسلحة؟ والحدث فى كل الحالات جلل، ليس بقدر الخسارة البشرية والمادية التى نجمت عنه وعلى الأخص شعوب المستعمرات وأشباه المستعمرات (وقد تحولت معظم بلدان ما كان يسمى "بالعالم الثالث" إلى شكل جديد من أشباه المستعمرات) وأحدث هذه الخسائر ما يجري إنزاله الآن بشعب الأفغانستان ودياره وأرضه. وإنما هو، أي الحدث، جلل بقدر ما يستلزمه من مقدرة معلوماتية و"(استخباراتية، ونفسانية مخاطرة، ومهارة تنفيذية، وركيزة داخلية وتواطؤ مؤسساتى غير مستبعد، وعلى الأخص بقدر ما يتضمنه من فن إستغفال لا يمكن تحقيقه إلا مع تعاظم ممارسة الطرف المقصود لغطرسة القوة التى تعطيه الإحساس الزائف بالتغطية، وهو عار كل العرى من زاوية إنسانية علاقاته مع قواه الإجتماعية الأخرى فى الداخل ومع بقية المجتمعات المكونة للمجتمع الدولى المعاصر، وعار كل العرى من زاوية المهمة التاريخية التى بقيت له. وهي مهمة أصبحت كثيرة الإنجاز تكنولوجياًً، متسارعة التقهقر إنسانياًًً وشديدة التأثير تدميرياًًً. والحدث جلل كذلك بقدر ما تمثله الأهداف المادية المستهدفة من رموز لمجمل النظام الرأسمالي المعاصر: الرمز الإقتصادى متمثلاًًً فى التجارة الدولية التي يسعى رأس المال الدولى إلى إختزال كل المجتمع العالمى فيها: الرمز العسكرى متمثلاًًً فى القوة العسكرية التى يمثل بناؤها سبيل إنعاش الإقتصاد الرأسمالى ويكون حشدها سبيل ترويع الشعوب وخاصة قواها الإجتماعية المتضررة والمناهضة، ولا يخفف من جبروتها إلا التجارب الأمريكية الفاشلة فى إستخدامها فى العقود المعاصرة، فى كوريا، وفى فيتنام وفى لبنان وفى الصومال، ومَن يدري؟ فى أفغانستان؟. وأخيراًًً الرمز السياسى بإستهداف المبانى التى تحتضن رؤوس الطبقة السياسية. كل هذه الأهداف المادية فى العاصمتين الاقتصادية والسياسية للولايات المتحدة الأمريكية، أي فى المكان الذى يمثل قمة النظام الرأسمالي الدولى. وبقدر جسامة الحدث، وبقدر ما يتطلب من إمكانيات الأحداث بقدر ما يثير من تساؤلات حول من يستطيع أن يمارس مثل هذا العنف المضاد: أيمكن أن يصدر من قوى اجتماعية مضطهدة ومميز ضدها فى داخل الولايات المتحدة؟ أم من منظمات إرهابية أمريكية ومنها المنظمات الدينية المتطرفة؟ أم مِن قوى اجتماعية مناهضة لسيطرة الاحتكارات الأمريكية وقد بدأت تنظم نفسها وبدأ يتبع بعض أساليب العنف؟ أم القوى الاجتماعية التي تسعى إلى حماية البيئة بعد أن رأت الإدارة الأمريكية تعلن عن انسحابها من اتفاقية "كيوتو" للحد من ظاهرة الإحتباس الحرارى رغم أن الولايات المتحدة ينبعث عن نشاطها الإقتصادى 26% مِن غاز ثانى أكسيد الكربون الذى يلوث الغلاف الجوى؟ أم مِن القوى الإقتصادية المسيطرة على صناعة السلاح فى الولايات المتحدة وقد وجدت فى مشروع "الدرع الواقى" من الصواريخ وقفاًًً لحال تجار السلاح فى الولايات المتحدة وفقداًًً لمليارات الدولارات التي تنفقها الحكومة الأمريكية على التسلح؟ ألا يمكن أن يلعب الفساد، أعني فساد الأجهزة الأمريكية، دوراًًً فى إحداث هذا الحدث؟ لقد أثار البعض إمكانية أن يكون للمافيات الرأسمالية، الأمريكية منها والأوروبية، دوراً فاعلاًًً فى إحداث الحدث؟ أخيراًًً، ألا يمكن أن يصدر هذا الحدث عن تركيبة أو أخرى من كل أو بعض هؤلاء الفاعلين الإحتماليين؟ ويبقى التساؤل الكبير: هل يتصور التخطيط لحدث بمثل هذه الأهداف الأيديولوجية وبمثل هذه القدرة التنظيميةـ وبمثل هذا الإمتلاك المعلوماتى، وبمثل هذه الدقة التنفيذية، هل يتصور التخطيط لمثل هذا الحدث وتنفيذه بواسطة شخص أو مجموعة من الأغراب توجد على بعد آلاف الأميال خارج الولايات المتحدة؟ والحدث جلل أخيراًًً فى دلالته التاريخية: فى المجتمعات التي تُغيّب العدالة الإجتماعية وتُكرس الظلم الاجتماعى، وتحرص على إستبقاء ما أحدثه تاريخ رأس المال الغربى من قهر للشعوب وإذلال للإنسان، يمكن لفئة قليلة أن توجه، بطرق محدودة وغير مكلفة (كإستخدام طائرة ركاب كقوة تفجيرية)، ضربات موجعة لرأس المال تصيب أعداد كبيرة من المجتمع وتحقق خسائر مادية غير محدودة، وتهز كيان البناء السياسى لدولة رأس المال، وتظهر فى النهاية سوءته، معلنة بذلك عن ظهور نوع من القوة، تشبك داخل المجتمعات بخارجها وتواجه القوة التقليدية لدول رأس المال وتستطيع بفضل إستخدام الإنجازات التكنولوجية للرأسمالية، أن تنال من القوة، وبمعناها ومنطقها التقليديين، التى عرفتها العلاقات الدولية حتى هذه اللحظة أن تنال من "القوة"، بمعناها ومنطقها التقليديين، التي تمزقها العلاقات الدولية حتى هذه اللحظة من المرحلة الحالية من مراحل التطور الرأسمالى. أي القوة بمقوماتها المتمثلة فى جبروت إحتكاراتها الإقتصادية وترسانات أسلحتها التدميرية، ومبارزات أجهزتها السياسية وتغلغلات مصنفاتها الثقافية وفضائية سيولها الإعلامية. نحن نعتقد أنه قد فات على رأس المال الأمريكي (وقد جر خلفه بقية رؤوس الأموال الدولية) أن يعي هذه الدلالة التاريخية للحدث، على الأقل حتى هذه اللحظة. ذلك هو الحدث الجلل كمفرد من مفردات العنف المضاد. أو قل تلك هي الواقعة. وكل واقعة هى حدث ومناسبة لأحداث. المناسبة يغلفها الشلل والهلع ثم النصف إفاقة المهوسة، لتتقرر أولى حلقات الأحداث، أي إعلان الحرب. على مَن؟ وأين؟ ومتى؟ وبأي الأسلحة؟ الإجابات لا تهم. المهم هو الحرب. لتضميد الجرح الذي أحدث شرخاًًً فى غطرسة القوة؟ لاسترجاع بعض من عظيم ما فقد من مصداقية؟ لأن الشيطان لا يفيق من صدماته التاريخية إلا على قرع طبول الحرب؟ للإستمرار فى عنجهية إستعراض القوة وتجريب الأسلحة الجديدة فى "الغلابة" من شعوب الأرض، إستجابة لضغط تلقائى من لوبى صناع الأسلحة؟ لا مجال للتفكير بحثاًًً عن إجابات. فالطبقة السياسية لا تفكر، لا فى محاولة التعرف على حقيقة ما حدث، ولا فى محاولة التعرف على أسباب ما حدث؟ ولا، من باب أولى، فى محاولة التعرف على جذور أسباب ما حدث. بل هى لا تستطيع أن تفكر، وقد أفقدها "جلال" الحدث ما تبقى من الرشادة التي إدعاها رأس المال لنفسه تاريخياًًً. ولكنها تستطيع أن تفعل. والفعلة الجاهزة المجهزة هي الحرب. ورغم أن العدو هو، إذا ما حكمنا "الأصول"، مجهول، إذ لم يجر أحد التحقيق القانوني/القضائي الذي يستلزمه السلوك المتحضر حتى بمفهوم حضارة الغرب الرأسمالية، فهو، أى العدو، قابل جداًًً للتحديد وفقاًًً لمنظومة أخلاقيات النظام الرأسمالى المعاصر: فإذا كان إنعدام العدالة الإجتماعية من مفردات هذه المنظومة، فلابد أن يكون العدو من المستغلين فى الأرض. وإذا كانت العنصرية من مفردات هذه المنظومة، فلابد أن يكون العدو من جنس غير أبيض، أو على نحو أدق من غير مَن ينتمون إلى "حضارة الغرب الرأسمالية". ومع العنصرية يُصبح من الطبيعى أن تختلط الأوراق أو تُُخلََط؛ فيُُخلط اللون بالدين، أو يخلط الدين بالجنس، أو يخلط اللون والجنس بالدين. وتمتزج الأوراق المخلوطة لتحدد العدو، بالظن منذ الوهلة الأولى، وهو ظن يتلهف لأن يكون يقيناًًً دون إضافة أى جديد، نقول يتجدد العدو الذي يمكن إختصاره فى العرب والمسلمين: والجنس يحتوى أكثر من عقيدة دينية، والعقيدة توجد لدى أكثر من جنس. وإذا كان العنف، والعنف المسلح، من مفردات هذه المنظومة، فلابد أن يكون العدو ممن رباهم رأس المال الأمريكي فى حجرة من العرب أو المسلمين مغذياًًً إياهم يومياًًً بالعنف وبالعنف المسلح؛ إما لأغراض الحرب الباردة فى عقودها الأخيرة، وإما فى الصراع من أجل الإستحواذ على ثروة إقتصادية أو على موقع إستراتيجي. فرأس المال لا يتميز فقط بالعنف ولكنه كذلك "غدار" . إذ غدر دائماًًً بالأدوات التي يستخدمها فى تحقيق أهدافه، بعد أن يستنزفها. ويعز عليه، بغيظ وحقد، أن تفلت إحدى الأدوات من غدره. وقابلية العدو للتحديد تكفى لتحويل إعلان الحرب إلى"الضربة"، يسترد بها بعض ماء الوجه، ويمكن إبتداء منها أو فى أثناء تحقيقها أن يتصورها سبيل تحقيق هدف من الأهداف الإستراتيجية التى يحتفظ بها فى جعبته. ويصبح هذا الهدف، فى إطار التصور، الهدف الحقيقى الذي يقصده من الضربة. هل يكون المقصود منها إستكمال حلقات السيطرة الأمريكية على خريطة العالم، خاصة عندما يتعلق الأمر بمنطقة تقع فى قلب التجمع الأكبر للبشرية التي لم يعد يََنظر رأس المال إلى أفرادها إلا كقوة شرائية فى السوق الذى تريد الرأسمالية المعاصرة أن تختزل فيه كل هو إجتماعى؟ أم هل يَقصد بالضربة أن تكون فاصلة فى الصراع بين رؤوس الأموال الدولية على إعادة صياغة نمط الهيمنة، فتكون مناسبة لرأس المال الأمريكى لأن يؤكد إستمرار هيمنته على رؤوس الأموال الدولية الأخرى؟ أم هل يقصد بالضربة إشهار أنه لم يعد فى السياسة الدولية أى إدعاء "بالسياسة" وإنما التعامل مع "الآخر" بالقوة المجردة إذا كان هذا الآخر رافضاًًً لأى رغبة لرأس المال الدولى؟ أو يقصد بالضربة أن تكون وسيلة تكريس "عسكرة" النظام الرأسمالى الدولى بعد أن حقق خطوات العسكرة فى حرب الخليج الثانية وحرب البلقان؟
4-الضربة: يحتكر رأس المال الأمريكى تحديد نوعها ومداها ووسائلها وتوقيتها، ومعه فى التبرير وبلاهة محاولة التمرير والتنفيذ رأس مال الدولة/الأداة، أى رأس المال البريطانى. وهو يحددها وفقاًًً لأسباب ترجع إلى طبيعته هو وطبيعة أفعاله فى المجتمع الدولى. ووفقاًًً لحالته المزاجية بعد الحدث، وبالقدر الذي تبقى له تاريخياًًً من"عقلانية" تجعله لا يرى فى العلاقات الدولية إلا القوة بمعناها التقليدي. ورغم ذلك هو يريد أن يفرض"الشرعية الدولية" التي تتمثل فى هذه المرحلة من مراحل تاريخ المجتمع الدولي، فى "شرعية رأس المال" فيضغط ويُُهدد ويُُغازل أنظمة الحكم فى بقية بلدان العالم ليكون حلفاًًً "مقدساً" ضد مََن هو أصلاًًً من ذاته، أي من خلقه، أى الإرهاب، الذي يقدمه الآن، إيديولوجياًًً، "بأنه من ليس معه". ويبدأ فى بناء التحالف بسيناريوهات تختلف بحسب الوجيعة والألم التاريخيين اللذين هما من صنع التاريخ الاستعمارى فى كل منطقة من مناطق البحث عن "حليف". ويمكن للحيلة الأيديولوجية أن تنطلى على بعض الأنظمة السياسية، خاصة إذا كانت غائصة إلى "شوشتها" فى صراعها مع شعوبها. ولكنها لا تنطلى منذ اللحظة الأولى على جماهير بلدان العالم.... فيتحول رفضها للحيلة الأيديولوجية تدريجياًًً إلى تعبيرات إيجابية"سلمية" وغاضبة بأنهم ضد الحرب كسبيل، وضد الحرب كغاية (فى الأداء الدورى المتقلب للاقتصاد الرأسمالى)وضد الحرب كخراب للبشر بأفنائهم وتحويل أرضهم إلى مقابر تخنق فيها حتى الجثث بدخان إشعاعات الأسلحة باليورانيوم المخصب وأمواج الغازات الفتاكة وأسراب الأسلحة الجرثومية ومن يدري، وإشعاعات الأسلحة النووية....وتأتي الضربة عسكرية فى المقام الأول: منطق القوة لا العقل الذى يزداد تعقلاًًً بنور العلم. والضربة عسكرية تقليدية، تعكس غفلة عن قدرات الإنجاز التكنولوجى للرأسمالية، حين يُُصبح بمقدور فئة قليلة من الناس أن تُُحدث، بطرق محدودة ذات تكلفة غير كبيرة، خسائر هائلة لأعداد هائلة من البشر دون الإلتجاء إلى ترسانة عسكرية تدك الإنسان بالأرض فترديه قتيلاًًً أو تفرغ الأرض منه فتقصيه شريداًًً. وهو ما تأكد بعد الحدث ببث الرعب فى كل الولايات المتحدة الأمريكية عبر الخدمة البريدية الناقلة لخطابات تحتوى البدرة "البيضاء". وتأتي الضربة انتقامية فى مظهرها: رد فعل الجريح لا المليح. وتخبطية فى مخبرها: مسلك الرعديد لا الرشيد. وتأتى الضربة أخيراًًً مغامرية فى هدفها الحقيقي: رهان الإيديولوجيا لا العلم، وهو الرهان الذى لا يعبأ بالمرة بآثار الضربة المدمرة لمدنية الحياة اليومية للشعوب، المدمرة مادياً بفعل أدوات الحرب التخريبية على أرض الضربة، والمدمرة معنوياً بفعل الترويع الذي تحدثه على الأراضى الأخرى التي يعيش عليها من لا يعتبره رأس المال الأمريكى من زمرة "الذين معه". ولكن أين تكون الضربة (الأولى؟!)



#محمد_عادل_زكى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموجز فى التكوينات القبلية فى السودان
- هوجو تشافيز والنفط وأوبك
- فنزويلا: التاريخ والجغرافيا والإقتصاد
- الصراع العالمى على الزيت
- الموجز فى تاريخ السودان الحديث
- نقد موضوع الإقتصاد السياسى عند محمد دويدار
- إعادة طرح موضوع الإقتصاد السياسى كعلم إجتماعى
- التسرب فى دول النفط
- أزمة دارفور. كيف يراها رجال مؤسسة الحكم فى الخرطوم؟
- كارل ماركس (العظيم الآخير)
- لماذا إنفصل جنوب السودان؟
- الإقتصاد السياسى للمشروع الإستعمارى الإستيطانى الإسرائيلى
- المختصر فى العمل المأجور والرأسمال
- معالم الإقتصاد السياسى لدى روزا لوكسمبورج
- موجز نظرية القيمة لدى كارل ماركس
- ثم اما قبل!!
- مقدمة الطبعة الثانية من كتاب (الإقتصاد السياسى للتخلف)
- النيوكلاسيك
- التطور الرأسمالى وتعميق التخلف
- جذور التخلف الإجتماعى والإقتصادى فى مصر


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد عادل زكى - كيف يرى محمد دويدار عملية قتل إبن لادن؟