أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الغني سلامه - لماذا لا ينتحر الرؤساء العرب ؟!














المزيد.....

لماذا لا ينتحر الرؤساء العرب ؟!


عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 3350 - 2011 / 4 / 29 - 17:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ربما كان هذا سؤالا محيرا لدى البعض، ورغبة ملحّة عند البعض الآخر، بالرغم أننا ضد الانتحار من حيث المبدأ، إلا أننا نعلم أن التاريخ قدّم لنا أمثلة كثيرة عن حالات انتحار لأناسٍ لم يجدوا خيارا آخر عندما أُمتحنت كرامتهم، ورأوا أن الموت سيحفظ لهم قيمتهم التي حافظوا عليها وهم أحياء.

من هؤلاء نذكر على سبيل المثال: القائد العظيم هنيبعل الذي أذل روما في مرحلة ما، ثم في معركة لاحقة انتصرت عليه، فأخذ ينتقل من بلد إلى آخر حتى استقر في بلاد الأناضول، ولكن روما لم تكف عن ملاحقته، وحين أيقن حتمية وقوعه أسيراً، آثر الانتحار على أن يقع في الأسر والإهانة.

وأيضا الملكة كيلوباترا آخر ملوك الأسرة البطلمية، التي ما أن سمعت بهزيمة زوجها القائد الروماني أنطونيوس في حربه ضد أوكتافيوس، واقتراب جحافل الأخير من الإسكندرية، حتى أيقنت أنها ستُساق بين الأسرى في شوارع روما، فشربت قارورة من السم، وفي رواية أخرى جلبت ثعبانين من صنف الكوبرا لينهيا حياتها على الفور، وعندما سمع انطونيوس أن كليوباترا قد انتحرت، قرر هو الآخر أن يضع نهاية لحياته، فغرس السيف في بطنه ومات. مسجّلان بهذه النهايات الفاجعة قصة حب وكبرياء، استحقت أن يخلدها الشعراء فيما بعد.

وحتى الطاغية "نيرون" الذي أحرق روما وسادت في عهده الفوضى والجريمة، ولم يكن يعبأ بمعاناة الناس، ولكنه عندما سمع أن مجلس الشيوخ أعلنه "عدواً للشعب" شرب السم ومات منتحراً .

وأيضا الملكة زنوبيا ملكة تدمر، التي تصدت لجيوش الرومان بقيادة الإمبراطور أورليانوس نفسه، ولكنها بعد معارك ضارية وقعت في الأسر، وبكبرياء الملكات رفضت التنازل، فانتحرت بالسم وأنهت حياتها بعزة وشموخ.

وفي التاريخ الحديث نجد على سبيل المثال ادوارد سميث، قبطان سفينة التايتانيك الشهيرة، التي غرقت في المحيط، فضّل الموت على أن يغرق بقية عمره في الندم والمعاناة، علما بأنه كان بمقدوره ركوب أحد أطواق النجاة.

كذلك هتلر، الذي ما أن وصلت جيوش الحلفاء مشارف الرايخ الثالث حيث كان متحصنا وأيقن أنه مأسور لا محالة حتى انتحر مع زوجته إيفا براون، وكان قبله قد انتحر ثعلب الصحراء روميل، وهو صديق ومقرب من هتلر، ولكنه حينما أُتهم أنه متورط في مؤامرة الجنرالات، خُيِّر ما بين محاكمه عسكريه، أو الانتحار، فأختار الانتحار بالسم. رغم أنه كان يكفيه أن ينفى التهمه فينقذ حياته، إلا أنه اعتبر أن هذا أمراً لا يتفق وشرفه العسكري.

الرئيس التشيلي الأسبق سلفادور الليندي الذي ترأس بلاده ثلاثة سنوات قبل أن يطيح به الدكتاتور اوغوستو بينوشيه، في انقلابه في أيلول 1973. انتحر بإطلاق رصاصة على رأسه، وهو في ال65 من عمره آثرا على نفسه الدخول في متاهات المحاكم العسكرية.

وربما آخر الرؤساء المنتحرين رئيس كوريا الجنوبية السابق روه موهيون، الذي قفز من أعلى جبل قرب قريته بونجا ليهوي منه جثة هامدة، بعدما ترك رسالة انتحار قصيرة موجهة لأفراد عائلته، مفسرا تصرفه هذا بأنه يأتي على خلفية اتهامه في قضايا فساد. وقد سبّب انتحاره صدمة كبيرة للشعب الكوري. علماً أن عهده كرئيس كان قد انتهى منذ حوالي العام، وقد اعتبره الكثيرون رئيسا فاشلا، لم يحقق أيا من الوعود التي كان قد قطعها إبان حملاته الانتخابية، ولما تكشفت الفضائح والمخالفات المالية التي كان قد تورط فيها، شنت عليه وسائل الإعلام هجوما لاذعا، رغم أن تلك المخالفات كانت لا تُذكر مقارنة مع غيره، ولكنه لم يتحمل قسوة الحملة الإعلامية فقرر الانتحار.

ليس بالانتحار وحده ينهي الزعماء حيواتهم، فهنالك قلة قليلة اختارت الاستقالة والتقاعد السياسي، وهم "سوار الذهب" في السودان ( الاستثناء الوحيد في قاعدة الحكم العربية )، و "مانديلا" في جنوب إفريقيا، و "سنغور" في السنغال، و "نيريري" في تنـزانيا، وهؤلاء لم يفكروا للحظة بالعودة على الدبابات إلى قصور الرئاسة، ومنهم من تفرغ للتأمل وكتابة الشعر.

أما الرؤساء العرب فهم نوعية مختلفة، ومن طينة أخرى !! فهُم لم يأتوا للحكم بكفاحهم الشخصي أو عبر الانتخابات، ولم تكن خدمة الشعب وبناء الأوطان من ضمن أهدافهم، إنما جاؤوا للقصر على ظهر دبابة أو بالتوريث، ولم يمتلكوا خصال العزة والكبرياء، وكان جُل همهم ومنتهى غايتهم نهب أكبر قدر من ثروات البلاد، وضمان استمرار الحكم لهم ولعائلاتهم من بعدهم، ولهذا تجدهم أشد الناس حرصا على الحياة، حتى لو كانت بلا كرامة ! وحتى لو تجمع كل الشعب على بوابة القصر منادين بصوت واحد لا لُبس فيه ولا غموض بأنهم لا يريدونهم، وحتى لو تحدثت كل صحافة الدنيا عن فضائحهم هم وعائلتهم، وعن فساد حكمهم وعن هزائمهم وكذبهم وتزويرهم، وحتى لو دخلت البلاد بسببهم في حرب أهلية وقُتل فيها الملايين وشُرّد جميع الناجين، وحتى لو صاروا مطلوبين لمحكمة الجنيات الدولية أو للبوليس الدولي على جرائمهم ومخالفاتهم، وحتى لو جُرجِروا للمحاكم أذلاء صاغرين مقيدين بالسلاسل، تصفعهم مجندة أمريكية ويركلهم جندي بعمر أحفادهم، وحتى لو ملأت المظاهرات المنددة بهم والمطالبة بإسقاطهم كل الساحات والميادين بما في ذلك غرف نومهم .. كل ذلك لن يدفعهم حتى للاستقالة والتقاعد، وبالتالي لن يدفعهم للإنتحار .

قد يقول البعض إن ما يمنعهم من الانتحار أن الله حرم أن يقتل المرء نفسه، حسناً، فإذا كان لديهم كل هذا الإيمان فهنيئا لهم الجنة، وهنيئا لهم هذا الدين الذي يحرم عليهم الانتحار، ويبيح لهم قتل شعوبهم ونهب أموالهم وهتك أعراضهم وسجن أبنائهم وتدمير مستقبلهم .. وهنيئا لهم ما أوصلتهم إليه أياديهم من ذل وعار وخزي.
لماذا لا ينتحر الرؤساء العرب ؟ رغم أنهم في أرذل العمر، وهم متأكدون بأنهم غير مخلدين، وأن ما ينتظرهم هو القتل أو محكمة الشعب التي لا ترحم، أو مصيرا مجهولا في أحسن الأحوال !! سؤال يحتاج لطبيب نفسي قدير.



#عبد_الغني_سلامه (هاشتاغ)       Abdel_Ghani_Salameh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دبي .. صورة قريبة لمستقبل بعيد
- المغرب .. البوليساريو .. وأزمات أخرى لم تحل
- السودان الجنوبي مؤامرة خارجية أم استحقاق داخلي
- السياسة الروسية في الشرق الأوسط
- الثورات العربية بين الإرادة الشعبية ونظرية الفوضى الخلاقة
- عصر الثورات العربية الأسباب والتداعيات
- الولاء والبراء والتتريس - في الفكر التكفيري
- التكفير وحرية التفكير
- المنهج التكفيري عند الإسلاميين
- منهج التكفير في العقل الإسلاموي
- في اليمن هل ستغير ساحة التغيير شيئا ؟
- محاولة في فهم الاسلام السياسي - الجزء 3
- محاولة في فهم الاسلام السياسي - الجزء 2
- محاولة في فهم الإسلام السياسي - الجزء 1
- يوم المرأة في ربيع الديمقراطية العربية
- هل هنالك صحوة إسلامية ؟!
- نماذج عبثية في تطبيق الشريعة وإهدار قيمة الإنسان


المزيد.....




- حميميم.. قوات روسيا تحيي عيد النصر
- الروس يحتفلون بعيد النصر في باريس
- بايدن: -لن نزود إسرائيل بالأسلحة إذا قررت مواصلة خطتها لاقتح ...
- بوادر توتر جديد بين إيطاليا ومنظمات إغاثية ألمانية
- انفجار إطار طائرة -بوينغ- أثناء هبوطها بتركيا (فيديو + صور) ...
- تقارير غربية تؤكد توجيه الجيش الروسي ضربات مدمرة لعتاد قوات ...
- الحوثي: ضوء أمريكي أخضر للإسرائيليين في رفح واستعراض ضد الشع ...
- غالانت يرد على تصريحات بايدن حول تعليق شحنات الأسلحة الأمري ...
- -مواجهة متوترة- بين ستورمي دانييلز وترمب في نيويورك
- البرجوازية والبساطة في مجموعة ديور لخريف وشتاء 2024-2025


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الغني سلامه - لماذا لا ينتحر الرؤساء العرب ؟!