أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - مؤشرات الحكم الرشيد














المزيد.....

مؤشرات الحكم الرشيد


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 3347 - 2011 / 4 / 26 - 09:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يعتبر الحكم الرشيد أحد توجهات العصر في عالم السياسة والاقتصاد وإدارة الأعمال، وقد اكتسب شرعية متجددة في حقول علم الاجتماع والسياسة مع نضوج ثقافة حقوق الإنسان والمواطن، وأصبح طموحاً وشاغلاً إنسانياً على الصعيد العالمي، فتوفرت في هذا المجال اقتراحات متعددة لمعاييره تقاس نماذج الحكم على سلّم قيمها، كما أصبح من الشائع مسارعة أنظمة عديدة إلى إعلان مقاربة ذلك الأنموذج في بعض ممارساتها. فهو يُبنى على ركائز أساسية: المشاركة، والمساءلة، والشفافية، وسيادة القانون، والفاعلية، والإنصاف. ومن المؤكد: أولاً، أنّ توفير الركائز السابقة لا تكتمل إلا بمشاركة مؤسسات المجتمع المدني، وفسح المجال أمامها لمراقبة أجهزة الحكم ومؤسساته وتقويمها ومحاسبتها. وثانياً، أنّ الحكم الرشيد لا يعني تخفيف دور الدولة بل يعني تغيير دورها، خصوصاً في بلداننا، فعندما يسعى منظور الليبرالية المتوحشة لإضعاف دور الدولة، بدعوى تقوية السوق وإطلاق آلياته الفعّالة، تتحول الليبرالية إلى عائق أمام الديمقراطية، ليس فقط بسبب ما تفترضه من تطابق تلقائي بين الحرية الاقتصادية والحرية السياسية فحسب، وإنما أكثر لأنها تنزع إلى تجاهل قيم العدالة والمساواة التي لا يمكن أن تستقيم من دون تدخل الدولة الممثلة لعموم الشعب وإرادته العامة.
ويبدو أنّ البحث عن مؤشرات الحكم الرشيد مسألة مجازية إلى حد كبير، إذ أنّ الحكم في الدول العربية، بغض النظر عن كونه نظاماً جمهورياً أو ملكياً، يفتقر إلى هكذا مؤشرات. فعلى الرغم من أنّ أغلبية الدول العربية لديها دساتير، وتقر بدورية الانتخابات، لكنها من جهة أخرى لا تسمح بالتداول السلمي على السلطة، وتفتقر إلى وجود مجتمع مدني فاعل، بل تعيق قيام هكذا مجتمع.
وعليه لا بد من الحكم الرشيد كمطلب أساسي في إدارة الدولة, بتعزيز الشراكة ما بين القطاعات الثلاثة العام والخاص والمجتمع المدني. والأهم من كل ذلك محاربة الفساد وتنشيط دور المجتمع المدني ليقوم بدوره الرقابي والمساءلة في حال التقصير أو العبث بالمال العام وبالتالي الصالح العام.
وبهدف ضبط الأمور لا بد من تعزيز الشفافية والمساءلة وتوفير المعلومات, والأهم ليس استقلال القضاء فقط إنما تحقيق نزاهته أولاً قبل منحه الاستقلالية كي لا يتجبر بأقوات ومصائر العباد, ولكي يكون قادراً على لجم استغلال المسئولين لمناصبهم بهدف تحقيق مآرب شخصية دون الاهتمام بمصالح المواطنين من حيث أنها من أهم مهامهم, ولكونها تندرج تحت جرائم الفساد موضوع الساعة بالنسبة للشباب في العالم العربي. لذا نجده وقد ثار لينادي بتحقيق العدالة والمساواة وبرفض الدولة المستبدة, ويطالب بدولة الحق والقانون التي تتيح التنمية المتساوية لجميع جهات الوطن، وتوسّع خيارات مواطنيها وتفتح آفاقهم بتوفير مستوى عالٍ من العدالة والمساواة والكرامة الإنسانية.
وفي سياق البحث عن الحكم الرشيد تعيش التجربة السياسية في العالم العربي حالة غريبة من الاحتقان، الذي أصبح يهدد في كل لحظة بتفجير الأوضاع العربية. و يمكن تفسير هذا الوضع بغياب شامل و كلي لأنموذج الدولة الحديثة، التي تقوم على أساس الديمقراطية وسلطة المؤسسات. ويبدو أنّ ثمة عوامل ثلاثة تظل هي المحرك الأساسي للانفجار والثورة في العالم العربي: أولها، تآكل صلاحية المشاريع الوطنية للدولة العربية، وذلك إما بفعل الفشل السياسي والفساد الاقتصادي والظلم الاجتماعي، أو لانعدام القدرة على تحقيق التماسك الداخلي. وثانيها، زيادة النزعة الإقصائية والاستئصالية لسلطة الدولة العربية، والتي تعبّر عن نفسها يومياً في السلوك القمعي لأجهزتها ومؤسساتها الأمنية، ما يوّلد احتقاناً مجتمعياً يعزز نزعات التمرد ويدفع ببدائل التفتت الداخلي إلى الواجهة. وثالثها، وجود أدوار وقوى خارجية تسعى لاستثمار ما سبق من أجل تعزيز حضورها في العالم العربي.
ولاشك بأنّ عوامل التطور والتغيير السريع والثورة التكنولوجية، وبالتالي توفر الاتصالات السريعة والمعلومات والإعلام بكافة أشكاله، عمل على إحداث التغيير الكبير في حياة الناس خاصة الشباب, و الذي أصبح أكثر علماً ووعياً وله مطالب لا يستطيع أحد أن يوقفه عن المطالبة بها. ناهيك عن خروج النساء لطلب العلم والعمل وازدياد مستوى مشاركتهن في مؤسسات المجتمع المدني بكل أشكالها نتيجة لكفاحهن ولتقلص تأثير المعوّقات الحضارية والثقافية والتي كانت تعيق مساهمتهن في التنمية, وأثر ذلك على النمط الأسري ومستوى وعي أفراده.
وتقدم ثورة الكرامة والحرية في تونس أنموذجاً صريحاً وواضحاً لما يمكن أن تتمخض عنه دولة الاستبداد، فمن الطبيعي جداً أن يقود انسداد الآفاق وتفاقم الاحتقانات السياسية التي تفضي إليها ممارسات دول القمع إلى جعل المجتمع بوتقة للصراعات الداخلية خاصة مع انعدام أفق الإصلاح، ومحاولة بعض رموز السلطة القديمة طرح الوعود على الناس بإحداث تحولات سياسية حقيقية.
ولا شك بأننا في سباق مع الزمن والخيارات باتت أمامنا محدودة، والمطلوب من الجميع السرعة في اتخاذ قرار شجاع ووحيد وهو خيار الدولة القوية والعادلة والرشيدة، فهي القادرة على حماية مواطنيها والحفاظ على كرامتهم وممارسة حقوقهم وحرياتهم الأساسية في ظل سيادة القانون، بحيث يخضع له الحاكم والمحكوم على حد سواء، وينعم الجميع بعدالته إذا ما روعيت المناهج السليمة والموضوعية في فرض أحكامه.
وهكذا، لن يستطيع العرب الخروج من تأخرهم الحاضر دون إيجاد نظام سياسي كفء، يتناسب مع متطلبات العصر ومعايير الشرعة العالمية لحقوق الإنسان، تستطيع فيه جميع مكوّنات المجتمع المشاركة والتفاعل من أجل حلول أفضل لمشكلاته.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة الدولة العربية .. عن البوليس السياسي وقمع الحريات
- الثقوب السوداء التي تعطل التقدم العربي
- أهم تداعيات الربيع الديمقراطي العربي على القضية الفلسطينية
- أسئلة ما بعد التغيير السوري
- في أهمية - الكتلة التاريخية - لنجاح الانتقال من الاستبداد إل ...
- العزة لشعب سورية العظيم
- تونس على طريق الجمهورية الثانية
- كي تكون الدولة ملكوت الحرية
- الثورة العربية الجديدة وتألق تيار المواطنة
- الربيع الديمقراطي العربي وآفاق دور المرأة
- تحديات التغيير الديمقراطي في سورية
- أسباب تأخر إدراك الشباب السوري لدوره في التغيير
- المنظور التنموي للدرس التونسي
- دروس ثورة الشعب التونسي للسلطوية العربية
- تحديات التحول من الاستبداد إلى الديمقراطية في تونس
- رسالة مفتوحة إلى الرئيس بشار الأسد .. سورية الوطن والشعب هي ...
- تونس تشق طريقها إلى المستقبل
- تداعيات ثقافة الخوف
- إنذارات البطالة والمجاعة في الوطن العربي
- حول دور المثقف في الزمن العربي الصعب .. حراس الفساد المقيم


المزيد.....




- تحقيق لـCNN.. قوات الدعم السريع تطلق العنان لحملة إرهاب وترو ...
- ستتم إعادتهم لغزة.. مراسل CNN ينقل معاناة أمهات وأطفالهن الر ...
- أردوغان يريد أن يكمل -ما تبقى من أعمال في سوريا-
- استسلام مجموعة جديدة من جنود كييف للجيش الروسي (فيديو)
- عودوا إلى الواقع! لن نستطيع التخلص من النفط والغاز
- اللقاء بين ترامب وماسك - مجرد وجبة إفطار!
- -غباء مستفحل أو صفاقة-.. مدفيديف يفسر دوافع تصريحات باريس وب ...
- باشينيان ينضم إلى مهنئي بوتين
- صحة غزة: ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 31819 قتيلا ...
- هل مات الملك تشارلز الثالث؟ إشاعة كاذبة مصدرها وسائل إعلام ر ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - مؤشرات الحكم الرشيد