أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حاتم جعفر - نحن ويالطا والروس















المزيد.....

نحن ويالطا والروس


حاتم جعفر

الحوار المتمدن-العدد: 3346 - 2011 / 4 / 24 - 15:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نحن ويالطا والروس

الفريد هوليداي, صحفي بريطاني معروف, يتابع عن كثب مجريات منطقة الشرق الاوسط منذ السبعينيات المنصرمة وحتى الآن, خاصة المتعلق منها بتطورات الثورة الايرانية وما آلت اليه فيما بعد من تغيرات وتقاطعات طرق, أضاع على ورثتها الشرعيين وصناعها الحقيقيين بريقها ,الذي عولت عليه كثيرا شعوب الشرق المضطهدة والمتطلعة للحرية في بداية اندلاعها. ورصده للشأن العراقي لايقل اهمية بل يقع في صلب اهتماماته وهنا بيت القصيد, فله الكثير من الاراء التي قد لا تلقى قبولا من الاخرين , وربما في قوله الذي سنأتي عليه سيظهر ميلا او انحيازا لانتمائه السياسي والفكري ويكشف كذلك عن ماركسيته بطريقة المنتمين الغربيين الذين لايقف بوجه صراحتهم لومة المعارضين, حتى لو جاء مخالفا لما اعتاد سماعه ساسة العالم الثالث. والخلاف في الرأي لايفسد العلاقة بين المختلفين ولكل منا ما يراه ,والتشبث بالثوابت النظرية التي تراكم عليها غبار الزمن والتقادم, حرمنا ولا زال نعمة الاستفادة والنهل من التحولات الدائمة الخضرة .
وعود على بدء والعهدة على هوليداي مرة ثانية اذ يقول ( ان السوفييت يسخرون من الرأي القائل بأن العراق ميال نحو الغرب). هذا الرأي يعود بتأريخه الى السبعينات أيضا, ولم يزل حتى عهدذاك عود الحكم في العراق طريا, والسلطة القابضة على زمام الامور لا زالت كذلك حائرة في خياراتها السياسية وتخبطة بصراعاتها, بل والانكى من ذلك وعلى الرغم من حداثة عهدها فقد قامت الاجهزة القمعية للنظام الجديد بشن حملة شعواء ضد معارضيها من ابناء ذات الحزب الحاكم وكذلك بين صفوف معارضيها من الاحزاب الاخرى. اذن وبخلاصة القول فأن ميل العراقيين او تعاطفهم مع السوفييت او نحو اليسار بشكل عام جاء وفق تقسيمات العصر واملاءاته آنذاك.
ولا يعود الفضل في وقوف العراقيين الى جبهة اليسار فقط الى فترة الحكم الجمهوري الاول او الثاني او ما تبعه, على الرغم من أهمية التحولات التي اجريت على مستوى البنى التحتية والفوقية, ففكرة الخلاص والتحرر من الاحتلال البريطاني التي خاض غمارها الشعب العراقي جاءت متقاربة زمنيا وولادة المعسكر الاشتراكي الذي كان هو الآخر قد خاض حربا شرسة ضد معسكر الاعداء, لذا التقيا الطرفان على تحد مشترك تمثل في مقارعة الغرب الاستعماري, ُفتحت معه أفاق من التعاون والتضامن بين شعوب العالم الثالث التواقة للحرية والعراق من بينها من جهة وبين شعوب المنظومة الاشتراكية من جهة أخرى.
وعلى الرغم من سيطرة العسكر على الحكم بعد ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 فأن آفاق التعاون بين الدولة الفتية والدولة السوفييتية قد اخذ منحا تصاعديا, شابته في بعض الاحيان حالات من التراجع والانكماش, قد تعود اسبابه الى طبيعة مجلس قيادة الثورة الحاكم وتناقض واختلاف انتماءات اعضاءه السياسية والفكرية. وبسبب من اشتداد الصراع بين اقطاب الحكم انفسهم, ونكوص الثورة وتراجعها عن الايفاء بما حملته من اهداف في بيان الثورة الاول, فقد شهدت الساحة السياسية صراعا عنيفا, راح ضحيتة الاف المناضلين من مختلف الاحزاب والقوى السياسية التي عملت في الساحة آنذاك, مما دفع البعض الى التفكير بأحداث انقلاب او تغيير ما, يعيد الامور الى نصابها الطبيعي. كانت الانظار والامال متجهة صوب الحزب الشيوعي العراقي لتمتعه بنفوذ قوي بين الاوساط الجماهيرية بشكل عام وبين اوساط المؤسسة العسكرية بشكل خاص, وقد توفرت فعلا مثل هذه الفرصة لمرات عديدة كان من بينها على سبيل الذكر امكانية استثمار محاولة اغتيال عبدالكريم قاسم بعزله عن السلطة وتسفيره الى خارج العراق ( كان الرأي الذي راج بين الاوساط السياسية ان يجري تسفير قاسم الى الاتحاد السوفييتي - هذا ماذكره المرحوم غضبان السعد الذي كان يشغل مركزا مرموقا في المؤسسة العسكرية العراقية), غير ان السوفييت رفضوا هذه الفكرة, حتى قيل في حينها انهم حذروا سلام عادل ( السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي وقتذاك ) من استيلاء الحزب على الحكم في زمن قاسم.
الدولة البلشفية مضت في تطوير علاقاتها بالانظمة الحديثة العهد متغافلة او عابرة على جملة من الاحداث التي شابت العلاقة بين انظمة الحكم المذكورة من جهة وقوى اليسار المحسوبة على المعسكر الاشتراكي من جهة اخرى, حتى ان هذه القوى وصل الى اسماعها ان هناك رغبة حقيقية من الاصدقاء السوفييت, في ان تحل هذه الاحزاب تنظيماتها وتشكيلاتها والانضواء تحت راية تنظيما سياسيا جديدا اطلق عليه الاتحاد الاشتراكي العربي, كان قد اعلن عن تأسيسه الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر. لقت هذه الدعوة ردات فعل متفاوتة وصدى ملحوظا لدى العديد من الاحزاب الشيوعية العربية وكان من بينها الحزبان الشيوعيان في كل من مصر والجزائر, اذ قررا تجميد نشاطهما, استجابة لتلك الدعوات. فيما بعد انتقلت عدوى التشكيل السياسي الجديد الى مستويات قيادية في الحزب الشيوعي العراقي, التي اطلقت بدورها نداءا يدعو الى حل تنظيمات الحزب والانصهار بتشكيلات الاتحاد الاشتراكي العربي, وقد سميت هذه المجموعة بخط آب واتهمت بالتحريفية واحبط مشروعها بفعل الضغط الذي قوبلت به من لدن قواعد الحزب, كذلك لحصول انقسام واضح في قياداته ازاء هذه الفكرة.
ما يهمنا من المرور السريع والعودة بالذاكرة الى تلك الايام هو ما حملته من افكار وسياسات خاطئة وترتقي الى مستوى الخطيئة, ربما لم تجد من يقف عليها طويلا ولم تجر مناقشتها بصراحة كافية ولم تجب كذلك على اسباب انتكاسة اليسار بشكل عام وبعض الاحزاب الشيوعية العربية بشكل خاص, وقد لا نلم بحيثيات الموضوع غير انّا سنقف على بعضها, خاصة تلك التي حملت معها صدى مؤلما, لا زال يتحكم بطريقة تفكير وعمل قيادات هذه الاحزاب ولم تظهر حتى الان بارقة امل بتصحيح مسارها. ولا بأس من طرح جملة تساؤلات نراها مشروعة وان جاءت متأخرة, غير انها ضرورية جدا حتى وان تكرر طرحها لأنها لم تجد اجوبة شافية كافية ترضي تطلعات واحلام تلك الفصائل المقدامة التي انتهى بها المشهد الى مديات من التيه والضياع, وكذلك لما سببته تلك السياسات الغير مقنعة من ردات فعل وصدمات عنيفة لم تبرء منها حتى الاجيال اللاحقة التي ربطت مصيرها بذات الطريق المرتبك.
وبغية البحث بالتأريخ قليلا, سنستعين هنا بنظرية المؤامرة وما يمكن ان يكون قد جرى الاتفاق عليه في مؤتمر يالطا من بنود سرية, لاتسمح للروس من مد نفوذهم السياسي والاستراتيجي الى نقاط قلقة تمثل بالنسبة للمعسكر الغربي خطوط حمراء لايمكن تجاوزها تحت اي ظرف كان. وقد تكون هناك أسباب اخرى نجهلها, غير انّا سنواصل البحث عن الخيط المفقود لذلك النهج, و السعي لمعرفة خلفياته عبر استكناه رأي أصحاب الشأن والخبراء السوفييت وطريقة تفكيرهم, وقد لا اكون موفقا في الوقوف على حقيقية ما دار في خلدهم وما نهجوه وسوف لن اكون في موقف الدفاع عن حماقة الشيطان أو الملاك ان تسرب بين ثنايا سياساتهم التي دفعوا هم اولا أثمانها ونحن من بعدهم وكان كلانا من الخاسرين.
وانسجاما مع ما فات, فليس هناك ما يثبت بان العلاقة التي كانت تجمع بين الحزبين الشيوعيين في العراق والاتحاد السوفييتي مبنية على فكرة التابع والمتبوع, غير ان هناك ايضا ما يؤشر الى ان سياسات الاتحاد السوفييتي وخاصة ما يتعلق منها بالموقف من النظام العراقي, وهذا مايهمنا الوقوف عليه, يؤكد وجود علامات رضا لدى السوفييت اتجاه سياسات النظام السابق, وقد يكون هذا الموقف قد لقي صدى له فيما بعد حين اعلن عن قيام الجبهة الوطنية عام 1973 التي عقدت اساسا بين الحزب الحاكم والحزب الشيوعي العراقي. وليس مستبعدا ان يكون الحزب الشيوعي قد تعرض الى حملة ضغط من قبل السوفييت في سبيل الوقوف الى جانب (النظام الوطني ) في العراق. كلا هذين الموقفين وغيرهما تفسر حقيقة الموقف السوفييتي من قضية وصول الحزب الشيوعي العراقي الى السلطة, فهو لايتعدى الدفع بقبول ودعم هذه الانظمة, حتى لو كانت تلك الانظمة من حيث اساسها الطبقي تنتمي الى ما يسمى بالعلم الماركسي الى البرجوازية الصغيرة او الكبيرة, وربما يوفر لها هذا الخيار حسب الرؤية السوفيتية, ستارا وارضية للتوسع بأتجاه باقي دول المنطقة. هذا المنطق وهذا التبرير يبدو مقنعا ومنسجما تماما مع فكرة الدول التي تبحث عن مصالحها, حتى لو تغافلت وتمت تلك الصفقات على حساب التمدد الثوري الذي كانت قد رفعته ثورة اكتوبر ومبادئ الاشتراكية التي نادى بها لينين.
ولا بأس هنا من العودة الى تجربة المنظومة الاشتراكية في فهم التعددية السياسية, فالثابت أشار الى ان سقف الوعي السياسي في تلك النظم ظل بحدود العمل بعقلية الحزب الواحد, واذا ما شهدت بعض الدول الاشتراكية تنوعا في التمثيل الحزبي فهو لايعدو ان يكون تمثيلا شكليا ليس الاّ, الهدف منه ذر الرماد في العيون والاحياء للغريم السياسي بأن هناك تنوعا شبيها بتلك التي تعيشها النظم الغربية (ليس بالضرورة ان تكون تجارب الدول الغربية في فهمها للديمقراطية نموذجا قابلا للتعميم ). لذلك فالحوار الذي كان يدور بين السوفييت من جهة والنظام السياسي في العراق مثلا, على تتابع جمهورياته لم يصل الى حد المطالبة من الحلفاء بفتح الباب, حتى لو كان مواربا امام المعارضات السياسية, خاصة تلك الحريصة على بناء بلدها والتي خبرتها ساحات النضال لعقود طويلة, لممارسة حقها في التعبير عن ارادتها والدخول في معترك المواجهة السلمية والتنفس المكفول دستوريا.
لذلك فأن فكرة الحزب الواحد والقائد لم تكن تقلق الروس كثيرا, حتى وان بدر منهم بين الفينة والاخرى بعض من الهمس ونعومة الاعتراض على تجاوزات أنظمة الحكم الديكتاتورية التي كانت ترتبط واياها بعلاقات نوعية, بحق رفاق الدرب والفكر والانتماء الاديولوجي الواحد. وتأكيدا على ذات النهج الساكت عن الحق فأن معاهدات الصداقة العربية السوفييتية حتى وان أدت دورا ما على صعد أخرى فأنها لم تسهم في دمل جراح المعتقلين السياسيين في سجون قصر النهاية وابو زعبل وغيرها, بل ان الجبهات الوطنية والتحالفات التي عقدت بن الحزب القائد ومعارضيه في بعض الدول العربية ومنها بلدنا العراق, لم تكن سوى نسخة طبق الاصل عن تلك التجارب التي شهدتها الدول الاشتراكية, فهي لاتعدو ان تكون سوى تحالفتات هشة وكارتونية, كانت تقود الدولة والمجتمع برأس واحد لايدانيه الباطل والباقون جوقة من المطبلين والمدافعين عن القائد الضرورة.



#حاتم_جعفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ساسة العراق والكيل بعشرة
- المالكي ميكافيليا
- هنا العراق ... هنا الكرامة
- قريبا من المتنبي
- النص بين الرواية والتدوين
- ما بين لوركا والمعاضيدي
- محكمة التفتيش البغدادية
- المصالحة الصعبة
- مؤامرة على الطريق
- في نقد ( الباب العالي )
- بأنتظار كلكامش
- بعيدا عن الركن الهادىء
- حدوته امريكيه
- مآل الابن الضال
- يا اعداء ( الفدرالية ) اتحدوا
- الحقيقة المرة


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حاتم جعفر - نحن ويالطا والروس