أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - أزمة الدولة العربية .. عن البوليس السياسي وقمع الحريات















المزيد.....

أزمة الدولة العربية .. عن البوليس السياسي وقمع الحريات


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 3344 - 2011 / 4 / 22 - 01:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في سياق تحليل وتفكيك أسباب أزمة الدولة العربية، يجدر بنا الانطلاق من قراءة تاريخيتها، وظروف نشأتها، والعوامل التي تأثرت بها تلك النشأة. وقد جرى التركيز على الثنائيات التي حكمت السياقات التاريخية لنشأة الدولة الوطنية في البلدان العربية، وكيف أثرت حالات التقابل، كالسلطة مقابل الدولة، والدولة الدينية مقابل الدولة الوطنية، وشخصنة الدولة في مقابل النزوع نحو دولة المؤسسات وسيادة القانون، في تكريس الأزمة.
لقد ميزت القراءة التحليلية لأزمة الدولة العربية، بين أربعة أنماط من الأزمات التي تواجه الدولة الوطنية العربية: أولها، خطر عجز الدولة وانهيارها. وثانيها، أزمة تراجع قدرات الدولة وغياب فاعليتها وشرعيتها المجتمعية. وثالثها، أزمة استمرارية الممارسات السلطوية وغياب الحكم الرشيد. ورابعها، أزمات الاندماج والهوية المكرسة لانفصال المجتمعات عن دولها. فالدولة العربية لم تدرك التلازم الضروري بين الحرية والعقلانية والتنمية، وأحالتها إلى خلفية اهتماماتها، فكان أن بقيت البنى ما قبل الوطنية تعمل في موازاة الأفكار التحديثية. والدولة العربية لم تواجه مسألة الفصل بين السياسي والديني، ولم تعين حدود الدين في الحياة السياسية والاجتماعية من منظور حداثي، فكان أن اكتسح الديني السياسي، والأصالة الحداثة، والماضوية العصرنة.
وإذا ما أردنا أن ندخل إلى طبيعة محددات الدولة العربية يمكننا تثبيت النقاط التالية:
1 - بناء حداثة غير عقلانية مستهلكة وغير قادرة على النمو أو الإنتاج، أي بناء حداثة هشة وقشرية ورثة كما أسماها الدكتور برهان غليون بـ " الحداثة المغدورة ".
2 – القطيعة بين الدولة والمجتمع، إذ حدثت قطيعة شبه كاملة بين الدولة كظاهرة مهمتها بناء نظام سياسي وسلطة عادلة لخدمة الناس، وبين المجتمع كموضوع لعمل الدولة على مستوى التنمية والتطور والتقدم وتحقيق العدل والأمن والأمان، الأمر الذي حول الدولة العربية إلى دولة خاصة بالنخبة السياسية الحاكمة.
3 - ضمان استمرار بعض النخب السياسية بأي أسلوب كان، والحفاظ على استقرارها وثباتها في مراكزها ومناصبها العليا، وقد تعمد هذه النخب إلى شن حروب أهلية كامنة، بل وحروب أهلية صريحة، ضد مواطنيها بواسطة أجهزة العنف والعسف المتعددة. ولعل ما شهدته سورية، منذ انطلاق ربيعها الديمقراطي في 15 مارس/آذار الماضي، من ممارسة قوات الأمن وشبّيحة السلطة العنف العاري ضد الشعب السوري في درعا واللاذقية ودوما وبانياس وحمص .. يبيّن تمسك نخب النظام الاستبدادي بالسلطة مهما كانت النتائج.
4 - الخلط بين السلطة التنفيذية والدولة، في حين أنّ الحكومة ينبغي أن يُنظر إليها على أنها مؤقتة، وأنّ الدولة ومؤسساتها هي دائمة وتهم جميع المواطنين.
5 - مواجهة الطموح إلى التغيير بالقوة، وعندئذ تطفو على السطح ظاهرة الاحتقان السياسي والاجتماعي.
ولعل الإشكال المركزي الذي أعاق دور الدولة في تأمين سلامة الإنسان العربي راجع إلى افتقاد سلطتها إلى الشرعية الدستورية في أغلب الأحيان، فهي مفروضة على المجتمع، قائمة بإرادة غير إرادته، لا تعمل من أجله ولا مع أماني جماهيره ومصالحهم. فهي ليست دولة كل مكوّناته، القومية والدينية. إنها في الغالب دولة " فئة " مغتصبة كلَّ المكوِّنات الأخرى، تهيمن عليها زوراً وخداعاً باسم " الوطن " مقدمة مصالحها الفئوية على المصلحة الجماعية. إذ أنّ أغلب البلدان العربية تحتل مواقع متقدمة في تقارير منظمة الشفافية الدولية عن حالة الفساد في العالم، فثمة فساد مالي وإداري كبير، وثمة استغلال للنفوذ من أجل مراكمة الثروات ولو على حساب مصالح المواطنين وسلامتهم، وثمة زبائنية ومحسوبية في الوصول إلى المراكز ومواقع القرار.
ثم أنّ نظرة السلطات إلى المواطن في الغالب ما زالت نظرة تشكيكية ارتيابية، إنْ لم تكن عدائية، وفي المقابل فإنّ نظرة الفرد للدولة استمرت سلبية، متربصة، تعارضية، حتى إزاء الخدمات والمرافق العامة، خصوصاً في ظل التمييز وعدم المساواة وعدم تكافؤ الفرص وعدم احترام الحق في المشاركة وضعف الحريات.
وهكذا فمما لا يختلف حوله اثنان إخفاق الدولة العربية الحديثة في إدراك مقوّمات الحكم الرشيد، حيث نصيب الدول العربية ضعيفاً من حيث مدى قبول المواطنين لها (الشرعية)، ودرجة التزامها بالعهود الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، ومن حيث كيفية إدارتها لاحتكار حق استخدام القوة والإكراه، ومدى قدرة الرقابة المتبادلة بين المؤسسات على الحد من إساءة استخدام السلطة. ففيما يُتوقع من الدولة أن تضمن حقوق الإنسان نراها في عدة بلدان عربية تمثل مصدراً للتهديد ولتقويض المواثيق الدولية والأحكام الدستورية الوطنية. فرغم وجود دساتير في معظم البلدان العربية فإنه في عدة مجالات جوهرية، لا تلتزم الدساتير العربية بالمعايير الدولية المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها الدول المعنية، ويؤدي ذلك إلى الإخلال بمستويات أمن الإنسان. إذ ثمة دساتير عربية تتناول حرية الرأي والتعبير بصورة غامضة مع الجنوح إلى التقييد لا إلى التسامح، وهناك دساتير عربية عديدة تحيل تعريف الحقوق إلى القوانين التي تصدرها سلطة الدولة، بل تجيز التعدّي على حريات الأفراد وحقوقهم وانتهاكها. كما تشهد بعض الدول العربية أحكاماً عرفيةً أو أحكام طوارئ منذ عقود، رغم أنّ هذه الأحكام عادة ما تكون لفترة محددة، وتستخدم بعض الدول القوانين لتهديد حرية التعبير وتزيد من الصلاحيات الممنوحة للبوليس السياسي لتفتيش الممتلكات والتصنت والاعتقال، وفي بعض الحالات تزيد من الإحالة على المحاكم العسكرية.
وعلى العموم أخفقت القوانين في تحقيق التوازن المطلوب بين أمن المجتمع من جهة والحريات الفردية من جهة ثانية، وكان من نتائج ذلك أنّ السلطة القضائية في أغلب البلدان العربية تعاني انتهاك استقلالها بصورة أو بأخرى جراء هيمنة السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية، وقد أدى ذلك إلى أنّ كثيراً من مواطني البلدان العربية يعيشون في حالة من انعدام الحرية، ويُحرمون من الإدلاء بأصواتهم، واختيار ممثليهم.
وإزاء كل التوصيفات السابقة تبدو صعوبة تأمين الدولة لسلامة الإنسان العربي نتيجة طبيعية، مما يتطلب البحث عن الأسباب العميقة لهذه الصعوبة. إذ يبدو أنّ حالة الإحباط التي تواجه الإنسان العربي وتقف حائلاً أمام تنفيذ رغباته وتقتل فيه روح الطموح، تنتزع منه، في الوقت نفسه، أسباب الخوف وتحرره من هيمنتها، وتحول الوجه السلبي للإحباط إلى وجه آخر إيجابي وفعّال، ينفجر ليصنع غداً آخر حين يجد هذا الفرد نفسه وسط حشد كبير يشترك معه في مشاعره وأهدافه، وهذا ما وجدناه في ثورتي تونس ومصر ونجده في إرهاصات الثورة في بقية البلدان العربية. على أمل الوصول إلى دولة حق وقانون قوية، تخضع للمحاسبة.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقوب السوداء التي تعطل التقدم العربي
- أهم تداعيات الربيع الديمقراطي العربي على القضية الفلسطينية
- أسئلة ما بعد التغيير السوري
- في أهمية - الكتلة التاريخية - لنجاح الانتقال من الاستبداد إل ...
- العزة لشعب سورية العظيم
- تونس على طريق الجمهورية الثانية
- كي تكون الدولة ملكوت الحرية
- الثورة العربية الجديدة وتألق تيار المواطنة
- الربيع الديمقراطي العربي وآفاق دور المرأة
- تحديات التغيير الديمقراطي في سورية
- أسباب تأخر إدراك الشباب السوري لدوره في التغيير
- المنظور التنموي للدرس التونسي
- دروس ثورة الشعب التونسي للسلطوية العربية
- تحديات التحول من الاستبداد إلى الديمقراطية في تونس
- رسالة مفتوحة إلى الرئيس بشار الأسد .. سورية الوطن والشعب هي ...
- تونس تشق طريقها إلى المستقبل
- تداعيات ثقافة الخوف
- إنذارات البطالة والمجاعة في الوطن العربي
- حول دور المثقف في الزمن العربي الصعب .. حراس الفساد المقيم
- في الحاجة العربية إلى التغيير .. قمع وتهميش واستبداد


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - أزمة الدولة العربية .. عن البوليس السياسي وقمع الحريات