أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - جورج كتن - الأزمات والمشكلات العالقة في المنطقة العربية















المزيد.....

الأزمات والمشكلات العالقة في المنطقة العربية


جورج كتن

الحوار المتمدن-العدد: 997 - 2004 / 10 / 25 - 08:12
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


رغم مرور نصف قرن على استقلال البلدان العربية ظلت العديد من الأزمات والمشكلات العالقة بلا حلول، مما أدى لعرقلة التقدم نحو حياة أفضل لمواطنيها، كما أدت للتراجع إلى أوضاع أسوأ طالما بقيت الجروح مفتوحة ومتقيحة، أهم هذه الأزمات حالات تجاهل التركيبة المتعددة القومية والدينية.
أجبرت الدولة العثمانية جميع التلاوين القومية على التوحد حول هوية إسلامية وميزت الطوائف الأخرى من قوميات وأديان مختلفة كرعايا من الدرجة الثانية، بينما قدمت التيارات السياسية التي تصدرت بلدان المنطقة بعد الاستقلال حلولاً للمسألة تقوم على دمج الجميع في هوية قومية عربية واحدة. ألا أن الوقائع أثبتت فشل التيار القومي في توحيد المنطقة، وفي توحيد المكونات الوطنية في كل قطر، وأدت المحاولات القسرية للأكثرية العربية المسلمة لدمج القوميات والطوائف الأخرى، إلى صراعات عنفية تدميرية كانت نتائجها خسائر باهظة بشرية ومادية، كما أعاقت التوجه للتنمية والقضاء على التخلف، وساعدت على تدعيم النهج الاستبدادي الشامل للأنظمة القائمة، دون أن يؤدي القسر للوصول إلى الصهر المأمول، بل إلى المزيد من الشروخ في كل قطر بين المكونات المختلفة.
أوضح مثال على ما نقوله اضطهاد النظام العراقي باسم القومية العربية لشيعة وأكراد وآشوريي وتركمان العراق، الذي وصل إلى حدود الجرائم ضد الإنسانية واستقدام التدخلات الخارجية. كذلك أثبتت الحرب الأهلية في السودان فشل نظام الإسلام السياسي في فرض تطبيق الشريعة على الإفريقيين من الطوائف المسيحية والأرواحية في الجنوب، أو في صهر المواطنين المسلمين من أصول إفريقية غير عربية في دارفور، رغم مئات آلاف الضحايا على امتداد عقدين، فالإسلام الإخواني "المعتدل" البشيري- الترابي لم يقدم للآخر المختلف أكثر من الإبادة الجماعية والترحيل والاغتصاب، باسم الجهاد ونشر الدين، كأننا أيام الفتوحات في زمن الروم والفرس!!.
كما أن الحرب الأهلية اللبنانية كانت في أهم جوانبها حرباً طائفية للهيمنة وحيدة الطرف على البلاد ونسفاً لصيغة التوافق على المصالح المشتركة للتعايش بين الطوائف المختلفة. كما فشلت محاولات تذويب الأقلية العربية في دولة إسرائيل، التي رغم ديمقراطيتها، إلا أنها منتقصة بسبب هويتها اليهودية التي تمنع تحولها لدولة لكل مواطنيها من يهود وعرب، مما أدى للتمييز المسلط على العرب من مسلمين ومسيحيين.
أما في بلدان عربية أخرى لم تندلع فيها حروب أهلية، فالأزمة راكدة تحت الرماد، ويمكن أن تنفجر عند أية أحداث مفصلية قادمة، وتشير إلى وجودها التمردات الأمازيغية في الجزائر، ووضع التيارات الإسلامية المتطرفة للأقباط في مصر على قائمة التصفيات كما في أحداث الكشح وغيرها، بالاستناد لعقلية تمييزية واسعة الانتشار برزت في عدم نجاح أي قبطي في انتخابات البرلمان المصري رغم أن تعداد القبط قارب ال10 ملايين. كما يشرع لهذا التمييز دستور يعتبر الإسلام دين الدولة، مما يعني نسف مبدأ المساواة وتحول غير المسلمين إلى أهل ذمة في "حماية" الأكثرية، ولن يتأخر كثيراً تدفيعهم الجزية وطردهم من الجيش فيما لو وصل الإسلام السياسي "المعتدل" للسلطة. وكذلك التحركات الكردية في سوريا للمطالبة بالحقوق القومية التي وصلت إلى حد التفجر في آذار الماضي، ونسف الكنائس في العراق، ومنع بناء دور العبادة غير الإسلامية في السعودية...
فشلت التيارات القومية العربية والإسلامية في إيجاد الحلول لهذه الأزمات والمشكلات التي تعيق الاندماج الوطني في كل قطر، الخطوة الأولى على طريق التنمية البشرية والمادية، واللحمة الأساسية لمواجهة التدخلات الخارجية، إذ اكتفت بتجاهلها وإهمالها، فإذا استفحلت واجهتها بالاضطهاد والتصفيات، وتوجيه الاتهامات بالارتباط بالقوى الخارجية وتهديد الوحدة الوطنية المبنية على احتكار السلطة والقمع، بدل الوحدة الوطنية المبنية على القناعات الثابتة والحقوق المتساوية المؤمنة والنافذة. تسوق الأنظمة سياستها هذه تحت ذريعة أن الاعتراف بحقوق الأقليات يؤدي لانفصالها، بينما أثبتت الوقائع أن هذا يحصل أكثر في ظل البطش.
الأنظمة الاستبدادية العربية لا يمكن أن تقبل بحلول إنسانية للتعدد القومي والديني، لأن ذلك يعني المزيد من الديمقراطية التي تهدد بإنهاء هيمنتها، إذ أن الاعتراف بالحقوق القومية وإنهاء التمييز الديني والمذهبي يرتبط أساساً بالانتقال للديمقراطية والحريات وتبادل السلطة... لقد ثبت بما لا يقبل مجالاً للشك أن النهضة والتقدم لا تتحقق دون الحريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأن حقوق القوميات والأديان جزء مما توفره الأنظمة الديمقراطية والعلمانية، والتنكر لهذه الحقوق يعني التنكر للديمقراطية وحقوق الإنسان. كما أنه في ظل الديمقراطية يفتح الباب واسعاً للإصلاح الديني، لاجتهادات جديدة تلائم العصر كبديل عن اجتهادات القرون الوسطى السائدة حالياً والتي أصبحت معرقلة للتقدم، وخاصة في مجال قبول الآخر المختلف واحترامه والتعايش معه.
الحل الإنساني للمسألة متشابك ومتقاطع، ديمقراطي علماني تنموي متوازن لا يهمل الأطراف ومناطق القوميات والطوائف المختلفة، يقوم على مشاركة متساوية في السلطة والثروة، وبالتعاون مع الأطراف الخارجية التي ليست لها مصلحة في اندلاع أزمات خارج حدودها تؤثر سلباً على استقرار وازدهار مجتمعاتها. فالتدخل الإنساني أصبح مشرعاً لصالح القوميات المضطهدة، ومنه إنشاء المنطقة الآمنة في كردستان العراق في مواجهة الحكم الشوفيني، وإجبار الحكومة السودانية على التفاوض مع الجنوبيين وأهالي دارفور للوصول لاتفاقات ترضي الجميع.. فالحروب مرفوضة طالما أن هناك وسائل سلمية لإجبار الأنظمة على التخلي عن سياساتها المسيئة لشعوبها.
المنطقة العربية ليست بحاجة للمزيد من أنهار الدماء والخراب لإثبات حقوق القوميات، وهي تحتاج لوقت طويل للوصول إلى مرحلة متقدمة حيث يتقلص تأثير الهوية القومية لصالح هوية أوسع إقليمية أو قارية أو كونية، وهو ما لا يعني ذوبان الهوية القومية بل اندراجها في أولوية الانتماء الإنساني، وهو أمر ليس ببعيد بالنسبة للمجتمعات المتقدمة، الاتحاد الأوروبي مثلاً، كصيغة لم يتم التوصل إليها إلا على أساس الديمقراطية والعلمانية والتنمية والضمانات الاجتماعية لذوي الدخل المحدود وحل الخلافات بالطرق السلمية..
الحل العادل لمسألة التعدد القومي والديني لم يعد أمراً مستحيلاً بعد أن أصبحت الأنظمة العربية الراهنة التي تحمي الاستبداد والتمييز والفساد محاصرة، بحيث لم تعد تستطيع الاستمرار في اعتبار بلدانها وشعوبها ملكية خاصة لها تفعل بها ما تشاء، فهي مراقبة من شعوب العالم ومؤسساته الأممية وبرلماناته الديمقراطية ومنظماته المدافعة عن حقوق الإنسان.



#جورج_كتن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات حول بيان ليبرالي سوري
- اليد الممدودة بين الكرد والعرب
- العلاقات العربية –الكردية في ظل العولمة
- العملية السياسية العراقية ونخب عربية
- انسداد الأفق السياسي الفلسطيني _ يا كرسي ما يهزك ريح
- الخارج يطرق أبوابنا
- المثقف والحوار الكردي –العربي
- بين الإرهاب والحكم المطلق والسلفية والإصلاح السعودية إلى أين ...
- طلال سلمان والعروبة المقاومة
- جمع الأصفار العربية
- اشكالية الممارسة الديمقراطية في حركة القوميين العرب
- خطاب سياسي عربي، زوبعة في فنجان عراقي
- لكي لا تنزلق الحركات الأصولية للفشل والانهيار
- قراءة في المبادرات نحو شرق أوسط أفضل
- نثمن تخلي رياض الترك عن الأمانة العامة
- حزب ديمقراطي كنموذج مصغر لنظام ديمقراطي قادم
- مزيد من الحوار حول المسألة الكردية العراقية
- حلاً إنسانيا للمسألة الكردية العراقية
- نحو قطع آخر خيوط أوهام الأيديولوجيا وجهة نظر حول مشروع موضوع ...
- هل نشهد نهاية الديمقراطية الإسلامية؟


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - جورج كتن - الأزمات والمشكلات العالقة في المنطقة العربية