أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - فؤاد علي أكبر - الواقع العربي المتذمر والقادم الأسوأ















المزيد.....

الواقع العربي المتذمر والقادم الأسوأ


فؤاد علي أكبر

الحوار المتمدن-العدد: 3337 - 2011 / 4 / 15 - 07:55
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


قرون من السيطرة التركية العثمانية على شعوب ومقدرات المنطقة والتي كانت تتخذ من الفكر الأسلامي المفبرك لخدمة الحاكم والطاعة العمياء لولاة الأمر منهجاً في بسط سلطتها وترسيخ قواعد امبراطوريتها وكذلك أعتمادها سياسة القمع القومي والتعبئة بأتجاه التعصب الديني والطائفي خدمةً لمصالحها وأستقرار حكمها وأعتمادها لهذا التوجه كسياسة ثابتة ضد الأقليات المتعايشة ضمن المنطقة والقوى الأقليمية المحاذية لها بالأضافة لما تبعها من هيمنة الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى وتقاسمها لأراضي المنطقة كأرث عثماني كان لها أثر واضح في رسوخ النزعات القومية والدينية والطائفية كثقافة سائدة عند هذه الشعوب وبعد سلسلة من التغييرات السياسية العشوائية التي أدت الى ظهور تيارات فكرية حديثة متعددة ناشئة لم تستطع أن تأخذ دورها بسبب التخلف الشائع في هذه المجتمعات نتيجة خضوعها الدائم والمتكرر لسيطرة الدولة العثمانية والدول المتنافسة معها أقليمياً والقوى الدولية المقتدرة المنتصرة لا حقاً وشيوع التوجهات القومية والطائفية أو بالأحرى التوليفة القومطائفية اذا صح التعبير كردود أفعال تقليدية بدائية أو كبقايا ثقافات أو أجندات سياسية كانت تصب في خدمة القوى المهيمنة في المنطقة مما مهد الطريق للعسكر ولبعض القوى العشائرية لركوب موجة النزعات القومية الطائفية المتطرفة وأقامة عدد من الأنظمة التي أتخذت من هذه النزعات مناهج لتكريس سلطاتها وقمع الحركات التقدمية التحررية على مدى عقود متتالية وبعد اخفاق هذه الأنظمة الأستبدادية في تلبية ابسط المتطلبات الأنسانية لشعوبها والإحباطات النفسية التي تجذرت في شعوب المنطقة وخواء الشعارات القومية واستهلاك طبول الحرب والصراع العربي الأسرائيلي المفتعل لدى معظم هذه الأنظمة التي أستمدت من هذا الصراع أسباب هامة لبقاءها وديمومتها وممارستها للأستبداد بالأضافة الى تأثر هذه الشعوب ببعض الأحداث والمتغيرات الأقليمية والدولية برزت التيارات والتنظيمات الأسلامية المتطرفة منفردة كبديل كسيح يرتكز على عكازات بالية قديمة مهترئة للتعبير عن السخط العربي على الأوضاع المأساوية التي تعيشها هذه الشعوب على أيدي حكامها وولاة أمرها.
وكنتيجة حتمية لكل هذا التخلف والفوضى الفكرية والسياسات الشخصية والأرتجالية الغير مدروسة لهذه الأنظمة المتخلفة ولحقب زمنية طويلة أصبحت مجتمعاتنا مستنقع خصب لنمو الأفكار المتطرفة بكل أنواعها وأصابة العديد من أفراد المجتمع بعاهات فكرية مستديمة يصعب بل يستحيل علاجها هذا وقد أمست الصبغة القومية والطائفية المتطرفة تحتل الكثير من مساحات العقل العربي والأسلامي عند الأغلبية.
التظاهرات الجماهيرية الأخيرة التي أجتاحت المنطقة والتي أستطاعت الأطاحة لحد الآن برئيسي نظامين يعتبران من أقل الأنظمة العربية سوءاً حيث يمكن وصفهما بالأنظمة التي تحبو بأتجاه أقامة مجتمعات مدنية متحضرة نوعاً ما برغم أنتكاساتها الأقتصادية وتسجيلها لمعدلات ملحوظة من الأنتهاكات لحقوق الأنسان والتي ربما كان لتمتع أفرادها بقدر بسيط ومتواضع من حرية التعبير عاملاً من عوامل متعددة لنجاح هذه التظاهرات في تحقيق شعاراتها وبث الأمل لدى الكثيرين في أمكانية التغيير الشامل بوسائل الأعتراض والتظاهرات السلمية والديمقراطية رغم أننا كنا نتمنى أن تحقق هذه التجربة الجديدة في العالم العربي والشرق الأوسط تقدماً ونجاحاً في أنظمة أستبدادية فاقت كل التصورات قمعاً وأجراماً وتخلفاً مازالت تتمسك بسلطاتها بقبضة من حديد ونار وتتحكم بشعوبها بأبشع وسائل القتل والأرهاب الوحشية وترتكب الكوارث والمآسي التي لا تعد ولا تحصى ومازالت تمارس أنشطتها الأجرامية من بطش وأعتقال وأنتهاك للحياة والعقل والكرامة والحرية والقيم الأنسانية دون وازع أو رادع ولعقود مظلمة عديدة أدت الى تراجع وتخلف هذه الشعوب عن ركب الحضارة والتقدم الأنساني لقرون عديدة.
لقد أكتسبت هذه التظاهرات شرعية عاطفية بسبب المعاناة القاسية والواقع المأساوي التي تعيشه شعوب المنطقة، وأستطاعت أن تقدم في مراحلها الأولى أنموذجاً حضارياً وأداء رائعاً وأن تحقق توازن وتماسك نفسي مشرفاً لنخب شبابية واعية قادرة على تحريك الشارع والدفع به بأتجاه الرفض للواقع المتردي الذي يعيشه المواطن والتحدي لهيبة الأنظمة التي أعتادت ممارسة العنف كأحدى الخيارات السهلة في معالجة قضايا الشعوب، بالرغم من أفتقارها لآلية الأستدلال الواضحة والدقيقة على ديمقراطيتها وتمثيلها لرأي الأغلبية مما يضعها في دائرة الشك في قانونيتها أو دستوريتها و الشك في دوافع البعض من مساندي هذه التظاهرات بالدعم والمشاركة. وعلاوةً على ذلك كله تبرز هناك تساؤلات جادة وخطيرة حول إمكانية هذه النخب الشبابية في السيطرة والأدارة لمراحل مابعد التغيير في غياب الآليات والقدرات والمنهج وحضور فاعل وعنيف لكثير من المنظمات والقواى السياسية المختلفة المتربصة وتشكيلات النظام السابق المخضرمة وجميعها ذات خبرة واسعة في الأختراق أو الأحتواء الشامل وأبتلاع هذه الجماعات وتفتيتها وأذابتها والسيطرة على زمام الأمور أو قد تؤدي مراحل مابعد التغيير الى فراغ في السلطة مما يسمح بفوضى شاملة والتي تكون في أغلب الأحيان مقصودة ومتعمدة لتمرير مخططات وتنفيذ أجندات خطيرة معينة تعمل على تدمير البنية التحتية والأساسية وتقود الأموربأتجاه خلق أزمات كارثية شاملة ومشاكل أجتماعية وأقتصادية وسياسية أسوء بكثير مما كان ويكون. في الحقيقة أن بناء الدولة الحديثة التي تحترم حقوق الأنسان وتطبق مبادئ الديمقراطية وتحفظ حقوق الأفراد المادية والمعنوية وتدير عجلة الأقتصاد بالطرق المثلى وتمنع هدر المال العام وتطبق القانون بدقة متناهية وتحقق الأمن والرفاهية لشعوبها وتقود المحاور السياسية الداخلية والخارجية بما يوفر لشعوبها الأمن والأستقرار الداخلي والأقليمي والدولي وتعمل على التخطيط لمستقبلها ومستقبل الأجيال القادمة لايمكن بأي شكل من الأشكال أن تتحقق حتى لو كان ذلك بصورة جزئية من خلال الهتافات والشعارات والمظاهرات فهي عملية تجارب وخبرات تراكمية تحتاج الى شوط طويل من التخطيط والجهد والزمن وفي مقدمة كل ذلك بناء الأنسان المثقف الواعي والسليم فكرياً ونفسياً كعنصر أساسي هو الأهم في أدوات التنفيذ بأتجاه التغيير الأيجابي المثمر وكهدف تصب جميع المشاريع الآنية والمستقبلية كثمار ناتجة في خدمة حاضره ومستقبله. الواقع المؤلم، الذي تعيشه مجتمعاتنا والثقافة الأقصائية والتعسفية أبتداءً من معاملة الطفل والمرأة و حتى الرجل والأنسان بصورة عامة وصولاً الى المجتمع بأكمله والذي تسوده ثقافات عصبية وعقائد متطرفة ناهيك عن الصراعات السياسية الداخلية والأقليمية، لاينبئ بخير أبداً بل تنذر بكوارث حقيقية تمهد للقوى الظلامية والأرهابية المتطرفة والتدخلات الدولية والأقليمية الطامعة والخائفة من هذه التجربة الحديثة من تمزيق وحدة هذه الشعوب وتفتيت كياناتها والدفع بها الى واقع أسوء بكثير من ما تعانيه الآن ولعل بوادر ذلك بدأت تظهر بوضوح في المشهد الليبي على شكل جماعات مسلحة بمسحة متطرفة وعصابات منظمة ومرتزقة وبقايا أجهزة قمعية ستشكل مشكلة كبيرة في أستباب الأمن والسيطرة عليها من قبل مؤسسات الدولة القانونية والشرعية في حال توقف القتال على أية حال من الأحوال. كذلك مما نشاهده من تطورات في الساحة المصرية من ظهور جماعات أتخذت من التظاهرات وسيلة وهدف فهي تتظاهر من أجل التظاهر وشل الحياة الأقتصادية والسياسية والدفع بأتجاه الفوضى والفراغ السياسي والأصطدام بالمؤسسة العسكرية وبدعم من بعض الأطراف التي يغلب عليها طابع التطرف وربما بصورة غير مباشرة من بعض أطراف النظام السابق المتورطة في جرائم الفساد المالي والسياسي وأنتهاكات حقوق الأنسان التي تجد في الفوضى متسعاً لأفلاتها من العقاب والملاحقة ومجالاً أوسع لأستعادة أنشطتها الأجرامية بالأضافة الى المساعدة في نمو وأنتشار عصابات الأجرام التقليدية في المجتمع مع الأخذ بنظر الأعتبار وجود أجندات محلية وأقليمية ودولية عديدة تسعى الى أفشال وأغتيال هذه التجربة التقدمية الفتية في مهدها للحفاظ على أمنها وديمومة كياناتها ومصالحها التي قد تتأثر بشكل أو بآخر بالأحداث الجديدة في المنطقة والعمل على خلق أنتكاسات وأحباطات جديدة في روحية شعوب المنطقة المحطمة أصلاً. من أجل حماية هذه المكتسبات الأولية من الأنحراف أو الفشل أو على الأقل كي لاتتكرر مأساة العراق من جديد في بقعة أخرى من الأرض على جميع القوى الشبابية المتطلعة لواقع أفضل والمنظمات والتجمعات السياسية والأجتماعية المساندة والمخلصة العمل بدقة وحذر والأستفادة من تجارب الآخرين في هذا المجال والعمل بشكل مرحلي مدروس. فالأكتفاء بفرض آليات مرحلية تمهد لما بعدها من مراحل مع الضغط المرن بهذا الأتجاه وتجنب أنهيار مؤسسات الدولة العاملة والفاعلة ستعطي فرصة معقولة لأيجاد البدائل المرغوبة وكذلك تمنح متسعاً لأفراد المجتمع لأستيعاب المتغيرات الحديثة ومواكبتها دون الأصطدام بها ومواجهتها أوسوء أستخدامها من قبل البعض وكذلك تفويت الفرصة على القوى الخارجية والداخلية التي تعمل على توجيه الأمور الى منحنيات أو منعطفات خطيرة قد تدمر كل شئ. لاشك أن التخلص من أنظمة الحكم الفاسدة هو عمل عظيم وجبار ومستحسن ولكنه من الممكن وبسهولة أن يتحول الى فعل هزيل ومستهجن مالم نتمكن من وضع البديل الأفضل ولنتذكر دائماً ونحن نرفع راية التغيير أن عملية البناء والتخطيط والتدبير هي أصعب بكثير من عملية الهدم والفوضى والتدمير وإِلا فسيكون القادم الأسوأ حتمياً.



#فؤاد_علي_أكبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إحذروا لعنة الكورد
- وتبقى مأساة الكورد الفيلية هي الوجع الأكبر
- في ظل الوضع الراهن هل سيأخذ قادة العراق بحكمة الرجل الكوردي؟
- أسلحة الدمار الشامل والكامل في مجتمعاتنا
- الفيليون وإخوة يوسف
- مسكين ياحسني!
- المرأة أرقى من الرجل
- مؤمنون أم متدينون؟
- هذا هو العراق, فهل من متعض؟


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - فؤاد علي أكبر - الواقع العربي المتذمر والقادم الأسوأ