أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - المناضل-ة - تونس: ثورة سائرة - مقابلة مع جلال بن بريك الزغلامي















المزيد.....


تونس: ثورة سائرة - مقابلة مع جلال بن بريك الزغلامي


المناضل-ة

الحوار المتمدن-العدد: 3337 - 2011 / 4 / 15 - 02:00
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    



• منذ ديسمبر 2010 تحركت الجماهير الشعبية في تونس، و أجبرت الطاغية بن علي على الهرب، و اعطت إشارة التمرد في العالم العربي برمته وحتى خارجه. كان ذلك في نوفمبر يبدو مستحيلا... ما الذي جرى في بلدكم؟

جلال بن بريك الزغلامي:

أرى أننا إزاء سيرورة تسمى الثورة، ثورة اجتماعية، وديمقراطية، و وطنية. إنها ثورة ضد المنظومة، وثورة من أجل الكرامة الوطنية . وهي في ديناميتها التونسية، كما في ديناميتها العربية، ثورة دائمة. منذ يناير كانت إحدى الشعارات الأساسية- ولم نكن نحن من تقدم بها- هو "ثورة مستمرة، بن علي ارحل".

يمكن ايجاز جوهر ثورتنا في ثلاث شعارات: العمل و الحرية و الكرامة الوطنية. إنها ثورة بدأت بفعل رمزي من شاب معطل أضرم النار في جسمه. كان يرمز إلى أولئك الشباب المتعلم المعطل الذي كان يهاجر إلى ايطاليا و أوربا قبل إغلاقها. يرمز الشاب البوعزيزي إلى تلك الشبيبة المسحوقة تماما. بعد ما أقدم عليه البوعزيزي كان الانفجار، و تدخل الجماهير، لا سيما شباب المناطق "المنسية" ، و المحرومة، - سيدي بوزيد و قصرين و قفصة ، الخ. و الأحياء الشعبية في المدن، تونس و نابل و سفاقس و حتى سوسة. كان الشباب دوما أول من يبدأ النضال. وقد كان لإنترنت هنا دور إعلامي كبير – في تونس ثمة 1,8 مليون مشترك بالشبكة، وهم شباب قبل كل شيء.

• كيف أفلح هؤلاء الشباب المتمردون في مواجهة الدولة البوليسية؟

جلال الزغلامي:

قول إن هذه الثورة لم تكن لها قيادة قول صحيح. لم تكن ثمة قيادة سياسية. لكن كانت ثمة "خلفية" أي نقاط ارتكاز لتدخل الجماهير. عندما انتفض الشباب وواجهوا مباشرة النظام، جوبهوا بالقمع. فتراجعوا من أجل تجميع قواهم و تنظيم الدفاع، في مقرات الهياكل القاعدية للاتحاد العام التونسي للشغل. وقد وجدوا بوجه خاص في تلك المناطق ضعيفة التصنيع نقابيي التعليم الذين كانوا طلابا في سنوات 1980، و المتحدرين من حركة الطلاب آنذاك، والمتأثرين باليسار الجذري و القومي. في سنوات 1990، أحلك سنوات قمع بن علي- سقط 40 قتيلا تحت التعذيب و سجن 30 ألف معتقل سياسي- كانوا في الحركة النقابية كمناضلين سياسيين منظمين، بزادهم النظري، لا سيما باليسار الجذري. بمن كان يتعلق الامر؟ بمناضلين من منظمتنا أو قريبين منا، ومن مجموعات يسار جذري أخرى، مناضلي جبهة 14 جانفي التي تضم 13 حزبا من أقصى اليسار و القوميين أساسا.

• منظمتكم، رابطة اليسار العمالي، تأسست في خضم النضال

جلال بن بريك الزغلامي:

نعم، تشكلت رابطة اليسار العمالي خلال الثورة. لكن مناضليها لم يأتوا من عدم. إنهم قادة معروفون جدا في الحركة النقابية، و في الجمعيات، و في الحركة النسوية، وفي المواجهة السياسية مع النظام. قادة شباب معروفون في الحركة الثقافية، ومنشطون مشهورون كانوا على رأس الحركة في سيدي بوزيد، وقادة نقابيون في التعليم الابتدائي و في البريد و الاتصالات. بعض منا متحدر من منظمة الشيوعيين الثوريين، الفرع التونسي للأممية الرابعة، الذي تفجر من جراء القمع لتعذر استمراره كمنظمة. في 1990 حكم على 40 من أعضائها، وكانوا شبابا، أكبرهم كان عمره 27 سنة وأصغرهم 16 سنة. كان ذلك ضربة قاسية جدا. كانت منظمة الشيوعيين الثوريين منظمة شباب ثوري، كان لهم موقف واضح ضد السلطة وضد الإسلاميين مكن أجل دور عمالي شعبي. كما عارضت بوضوح شراسة القمع البوليسي ضد الإسلاميين – وكان ذلك نادرا آنذاك، فحتى باقي أصدقاء أقصى اليسار الديمقراطيين لم يكونوا يقولون ذلك. أوضح: لقد ناضلنا دوما ضد الإسلاميين الذين كانوا يسعون إلى دولة ضد النساء وضد العمال، و الذين يسيرون اليوم يدا في يد مع ذاك الشخص الممقوت بشدة لدى الطبقة العاملة، محمد الصياح ،من قادة حزب الدستور الجديد الذي قمع الإضراب العام في فبراير 1978 إلى جانب بنعلي- لكننا لم نقبل قط أن يكون النظام من يقوم بالفرز في الساحة السياسية بواسطة القمع.

• أكدت على الدور الذي قام به المناضلون النقابيون، ورثة الحركة الطلابية لسنوات 1980، الذين لم يكونوا معتبرين ، في أغلبيتهم، معارضة سياسية لبن علي...

جلال بن بريك الزغلامي:

يجب إلا ننسى أن وسائل الاعلام الغربية، عند حديثها عن المعارضة في تونس بن علي، تقصد شقيقي المسجون توفيق بن بريك، و منصف المرزوقي لما كسر البوليس نظاراته... و أنا لما رفضوا منحي جواز السفر... لكنها لم تكن تتحدث عن إضرابين. لا إضراب 100 ألف مدرس في الابتدائي و الثانوي، لما زار وفد إسرائيلي تونس، و لا الإضراب العام الذي دعا إليه الاتحاد العام التونسي للشغل... ان وسائل الإعلام تتحدث عن وسط صغير – صغير لكنه شجاع- و ليس عن دور الطبقة العاملة. لماذا؟ لان هذا الوسط الصغير لم يكن يشكل خطرا. كان كلما نجح في تنظيم تجمع ديمقراطي، يحشد 250-300 خص متوسط أعمارهم 50-55 سنة!

• ما دور الحركة النقابية في إطاحة بن علي؟

جلال بن بريك الزغلامي:

تاريخ تونس السياسي غير قابل للفهم دون دور الحركة العمالية التونسية و الحركة النقابية منذ 1924. إنها خصوصية مميزة بالمنطقة العربية. كان ثمة حركة نقابية مستقلة منذ العام 1924. و تعززت مع تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل في العام 1946. وكان نظام بورقيبة، من 1956 حتى سنوات 1970، تحالفا بين حزب بورقيبة (الدستور الجديد) و قادة الاتحاد العام التونسي للشغل. و كان برنامج الصحة في 1958، وبرنامج التعليم في 1958، و برنامج التصنيع في 1964، كلها نتيجة برنامج الاتحاد العام التونسي للشغل في 1955، وجرى تطبيقها من قبل وزراء كانوا أمناء عامين للاتحاد العام التونسي للشغل. وحتى مسألة تحرير المرأة، كانت وثيقة الارتباط بالحركة العمالية. و أول من نادى بالمساواة التامة بين الرجال و النساء، هو الطاهر حداد في العام 1929، كان وثيق الصلة بالحركة العمالية التونسية و بقائد أول نقابة مستقلة محمد علي الحامي.

الأمر الذي قلب فعلا ميزان القوى لصالح الثورة هو الإضرابات العامة الجهوية التي دعا إليها الاتحاد العام التونسي للشغل. يوم الأربعاء 12 يناير في منطقة سفاقص، ويوم 13 يناير في مناطق قصرين و القيروان و سوسة و مناستير، و يوم 14 يناير في منطقة تونس الكبرى. داخل اللجنة الإدارية للاتحاد العام التونسي للشغل، الذي دعا إلى تلك الإضرابات، كانت البيروقراطية النقابية – التي أضعفها تدمير قواعدها التاريخية- تواجه نقابات قوية يقودها رفاق من اليسار الجذري أساسا: نقابة التعليم الابتدائي و نقابة التعليم الثانوي، القويتين بزهاء 100 ألف منخرط، فيما كان الاتحاد العام التونسي للشغل بمجمله يضم 517 ألف عضو، ونقابة البريد و الاتصالات، ونقابة أطباء الصحة العمومية، وقادة مناطق بن عروس وجندوبة ، الخ. كنت البيروقراطية النقابية مجبرة على اعتبار النقابيين الجذريين. و دفع الرفاق الثوريون داخل الاتحاد العام التونسي للشغل في اتجاه الإضراب العام، و اضطرت البيروقراطية النقابية إلى التنازل أمام هذا الضغط، و نتج عن ذلك تلك الإضرابات العامة الجهوية المتتالية، متيحة للحركة بناء نفسها تدريجيا. وحسمت تلك الإضرابات الأمر: هروب بن علي تم خلال الإضراب العام في مدينة تونس.

اليوم في تونس، بخلاف مصر مثلا، لسنا إزاء مهمة تنظيم الطبقة العاملة، فلدينا طبقة عاملة منظمة، حيث قطاعاتها الأساسية بقيادة اليسار الجذري. وابرز ممثل لها رفيق في رابطة اليسار العمالي. دينامية الطبقة العاملة حاليا هي النضال ضد هذه البيروقراطية الانتظارية. هذا ما حدا بالبيروقراطية النقابية إلى رفض دخول الحكومة خوفا من قاعدتها الجذرية. لكنها دعمت الحكومة الثانية الأشد ارتباطا بالمؤسسات الدولية دون مشاركة فيها.

ثمة داخل الاتحاد العام التونسي للشغل تجذر كبير بالقاعدة. أدرك الأمين العام ذلك، و أعلن انه سيغادر منصبه في المؤتمر المقبل، بعد عامين. قال إنه سيحترم المادة العاشرة من أنظمة النقابة التي جرى الغاؤها في المؤتمر الأخير في جربة عام 2002، تلك المادة التي تقضي على حصر عضوية القيادة التنفيذية في ولايتين. يعنى هذا أن 8 من أعضاء القيادة الحالية لن يجددوا عضويتهم بها. مع الوضع الثوري، ليس ثمة تجذر كبير وحسب، بل اندفاع للمطالبة بالديمقراطية في كل المؤسسات.

• يفتح سقوط بن علي مرحلة جديدة، النظام جرى إضعافه لكن ليس إسقاطه. حكومة الغنوشي ضعيفة لكنها مستمرة..

جلال بن بريك الزغلامي:

لقد وضع بن علي و التجمع الدستوري الديمقراطي جانبا. وقد بدل الحكم كل ما بوسعه لمواصلة نظام بن علي بدون بن علي، لإيهامنا ان الفساد منحصر في عائلات الطرابلسي و بن علي. و الحال أن الفساد يشمل عائلات عديدة في الطبقة السائدة، أربعون بالأقل ولها جلاوزتها... وقد شهدنا كيف مارست سياسة الأرض المحروقة في مدينة الكاف طيلة يومين، و كان على رأسها ملياردير مشهور في التهريب، وثيق لصلة بوزير شهير، الزواري، و وكذا بمختص كبير في المصالح الأمنية، محمد علي كنزوي. المطلب إذن هو التأميم، وبهذه الوسائل، الشغل، الشغل، الشغل، الصحة، الصحة، الصحة... يجب علينا حاليا ان نواجه مشكلتين.

أولهما، ليست تونس نظام بيروقراطية مدنية، و لا ديكتاتورية حزب وحيد، إنها ديكتاتورية بوليسية. لم يكن الأمر يتعلق بميليشيات حزب التجمع الدستوري الديمقراطي و بالتالي انهارت بانهياره. إنها مرتبطة بقادة الشرطة، و كانت مسيطرة على السوق الموازية. يعطي ذلك اليوم نوعا من فيالق الموت، مرتبطة في الآن ذاته بالشرطة وبعصابات التهريب. و ثانيا، البلد تابع جدا للاتحاد الأوربي و لفرنسا ساركوزي . جاء بن علي في العام 1987 ليكون ممثل و هراوة برنامج التكييف الهيكلي، المفروض عام 1985، مع أزمة النظام البونابارتي لبورقيبة الهرم. جاء لمواجهة حركة نقابية قوية. و لتطبيق برنامج التكييف الهيكلي، اختارت المؤسسات الدولية من كان على رأس جهاز الأمن خلال إضراب 1978. لم يكن بن علي حافظ الأسد (رئيس سوريا منذ انقلاب 1970)، و لا عبد الناصر طبعا، لم يكن ديكتاتورا له برنامجه الخاص، بل كان مختصا في القمع جرى تكليفه بتمرير برنامج فرضته المؤسسات الدولية – البنك العالمي وصندوق النقد الدولي- و فرنسا. هذا لأن القسم الأعظم من اقتصاد تونس شديد الارتباط بالرساميل الفرنسية . في المدى الآني يجب مواجهة الديون: يجب في ابريل أداء 380 مليون دولار. انها ديون جائرة جدا.

• ما هي النقاشات الراهنة في الحركة الثورية؟


جلال بن بريك الزغلامي:

بدأنا الحديث عن برنامج انتقالي في تونس، عن مهام ملحة و مهام انتقالية. من بين المهام الملحة، هناك التفكيك التام لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي و المؤسسات البوليسية، ومسائل الشغل للعاطلين، وتأميم كل أملاك العائلات المرتبطة ببنعلي تحت رقابة عمالية، وإلغاء الديون ، و الضريبة ، الخ.

وثمة في الآن ذاته اقتراح على صعيد المؤسسات، اقتراح خلق مؤتمر وطني للدفاع عن الثورة مع كل المنظمات – نقابات و منظمات الحقوق الإنسانية، و أحزاب و بوجه خاص المنظمات المستقلة بالمدن و القرى المنتفضة. النقاش يمتد من المطالبة بإسقاط حكومة الغنوشي – و أعتقد انه سيضطر للانصراف- إلى المطالبة بحكومة جديدة مختارة بين كل مكونات المؤتمر تكون مهمتها التشريع حول المسائل الجارية، الديمقراطية و الوطنية و الاقتصادية، و تحضير انتخابات حرة فعلا لجمعية تأسيسية. أرى أن هذا واقعي تماما. حتى لو كان ميزان القوى لا يتيح إسقاط هذه الحكومة، سيتيح وزن هذا التمثيل الشعبي داخل هذا المؤتمر اقتراح و رقابة وقطع طريق، الخ. نتقدم في الآن ذاته نحو جمعية تأسيسية، و نحو حكومة شعبية للعمال و ديمقراطية. في تونس يمكن أن يتحقق ذلك في شكل حكومة الاتحاد العام التونسي للشغل شعبية و ديمقراطية.

يجب السير نحو مؤتمر للحركة الجماهيرية تكون له تمثيلية أوسع، ليس فقط القيادة التنفيذية للاتحاد العام التونسي للشغل، بل أيضا كل الفيدراليات و المناطق النقابية. و في الآن ذاته، يجب القيام بالهيكلة في كل منطقة، كل بلدة، في خلق لجان قطاعية في كل قطاع، محلية و إقليمية، مرتبطة فعلا بالجماهير الشعبية. سيعطي ذلك قوى شعبية حقيقية للرقابة و المبادرة.

• تحدثت عن لجان تنظيمية مستقلة. هل هي بنيات تنظيم ذاتي مستمرة؟

جلال بن بريك الزغلامي:

انها بنيات بدأت تنشأ في النضالات. أولا في سيدي بوزيد، و المنزل و بوزيان و أغاريب و تالة... ثمة حيث كانت مواجهات قاسية مع الشرطة و إدارة بنعلي القمعية. تنظم الناس من اجل مطالبهم و للتصدي لهجمات الشرطة و للقمع. أدى ذلك مع المدة إلى ظهور تنظيم شعبي و قيادة محلية.

بعد سقوط بنعلي، قامت مليشيات وقسم من البوليس بهجمات شرسة لإشاعة الخوف. فتنظم الناس في تونس كلها للدفاع عن حيهم و مدرستهم و خدماتهم العامة. أدى هذا إلى ظهور لجان دفاع في الأحياء. وكان ثمة أيضا اقتراحات حكام الولايات ورد عليها الناس بالرفض. كان الحزب الحاكم يسير الأحياء، ولما تمت إزاحته اضطر الناس إلى تسيير البلدات، وأصبحت مقرات حزب التجمع الدستوري الديمقراطي مقران لسكان الأحياء أجمعين. يجتمعون بها و يناقشون، و بالنظر إلى التسيس الكبير، يتحدث الجميع عن الحكومة وخياراتها و علاقات الوزراء مع بنعلي ومع فرنسا ومع الولايات المتحدة الأمريكية... اختار الناس في جميع الأحياء الاجتماع في المقرات السابقة لحزب التجمع الدستوري لديمقراطي و خلق دور دفاع عن الثورة فيها. و بعض الأحياء كان ذلك أشكال تنظيم عفوية مستمرة و تمكنت في بعض الأحياء من انتخاب قيادة. أدى هذا إلى إزاحة البلديات و أصبحت لجنة القرية تقوم عمليا مقام البلدية. إنها سيرورة تنظيم ذاتي من أجل مواجهة الحاجات الحيوية – تنظيم الحياة اليومية، الدفاع عند الضرورة ضد الميليشيات المرتبطة بالتهريب و بالتجمع الدستوري الديمقراطي و بالشرطة وفي الآن ذاته توق إلى نقاش المسائل الاجتماعية و السياسية، الخ.

ككل شكل نضال، هذا الشكل من النضال و التنظيم الذاتي متفاوتا ومركبا. وهذا مرتبط بدرجة التجذر. وذلك حسب المناطق، والقطاعات، و لحظات النضال. لكن الأمر الأساسي هو بدء تشكلها في البلد. بشكل أكيد في اغاريد و تالة و المنزل و بوزيان، وبعض أحياء تونس المدينة. .. كما أن ثمة أشكال تنظيم ذاتي تظهر في المؤسسات العامة... بارتباط مع تدخل النقابيين و العمال لكنس الرؤساء الأكثر فسادا و لفرض الأكثر كفاءة. مثلا في مؤسس اتصالات تونس، فرضوا إعادة تأميم 30 بالمائة من الرأسمال الذي جرت خصخصته، و استبعاد المدراء الأكثر فسادا وذوي الأجور الفاحشة... وفي وزارة الشؤون الخارجية، رفض المستخدمون دخول الوزير إلى مقر الوزارة لأنه أعطى تونس صورة ذليلة إزاء الامبريالية الفرنسية، وثمة في وزارة الشباب و الرياضة حركة لكنس الأكثر فسادا. ويجري هذا بكيفية متحضرة جدا:" يا سيدي، لن نعد نرغب فيك" .

وتحاول حكومة الغنوشي الاعتراض على ذلك، وتتحدث عن الفوضى، وعن خطر انهيار الاقتصاد، و خطر فقد الإخصائيين الأكثر كفاءة... لكن العمال يدركون ان الأمر يتعلق بالأكثر كفاءة في الفساد. قال الغنوشي إنه ليس سوى المختص في الاقتصاد، فيما كان المختص في اقتصاد الفساد... كل هؤلاء ادعاء الكفاءة هم أكفاء في أمرين: الفساد وخدمة برنامج التكييف الهيكلي، برنامج الاتحاد الأوربي و صندوق النقد الدولي و البنك العالمي و المنظمة العالمية للتجارة. من أجل هذا، و من أجل امتصاص دمنا، هم فائقوا الكفاءة.

• هذا التنظيم الذاتي هل بلغ أيضا وسائل الإعلام؟


جلال بن بريك الزغلامي

تاريخيا، في ظل حكم بنعلي، لم تكن الصحافة تحت تحكم عبد الوهاب عبد الله ، راسبوتين التونسي، وحسب، بل كانت بوجه خاص تحت إدارة المصالح الخاصة للشرطة السياسية، وبرئيس و مستخدمين لم يتغيروا قط. لحد الساعة لا تزال إدارات الصحف الحكومية أو الخاصة مرتبطة جدا بالشرطة السياسية . و الأمر ذاته يسرى على الإعلام السمعي و البصري و محطات البث الإذاعي. . لكن ثمة في صحف عديدة حركات، حيث يفرض العمال و الصحافيون لجانهم من أجل مزيد من الحرية و من أجل مراقبة الإدارة. و هذا متقدم أكثر ،مع مطالب أكثر و سعي أكبر إلى الرقابة العمالية والنقابية، في القناة التلفزية الأولى، وفي بعض الصحف مثل الصباح و الشروق... و بالعكس ، لحد الساعة تظل القناتين الخاصتين ، لا سيما قناة نسمة لبرلسكوني، تحت القبضة، حيث رب العمل وثيق الصلة بالشرطة السياسية و بأنصار بنعلي.

• أشرت إلى هدف مجلس تأسيسي... ما العلاقة بين هذا الهدف وما تكلمت عنه من تنظيم ذاتي؟

جلال بن بريك الزغلامي:

كان مطلب مجلس تأسيسي تاريخيا مطلبا يخترق بعض مجموعات اليسار الجذري. حتى اغلب مناضلي اليسار الثوري لم يكونوا مهتمين به. ولم يسبق للشعب أن سمع عنه شيئا من قبل، ولا يعلمون ما هو هذا المجلس. ولم تكن الأحزاب و المنظمات تتحدث عنه. منذ سقوط بنعلي، تولى الأمر جبهة 14 جانفي- التي تضم مجمل القوى المنظمة في أقصى اليسار، اليسار الجذري وبعض المجموعات القومية التي لها امتدادات في كل القطاعات وكل المناطق و لها علاقات مع المناضلين النقابيين و المناضلين الشباب. بدأ الشعب يناقش المجلس التأسيسي. في تونس العاصمة بكل مكان، في المصانع، وفي الثانويات، و في الأحياء، و في الكاف، وسيدي بوزيد، وعقارب و تالة، بدا الشعب يتقدم بمطلب مجلس تأسيسي:" لا للغنوشي، لا للنظام الرئاسي، من أجل مجلس تأسيسي".

أرى أن هذا المطلب ، سواء تحقق أو لم يتحقق، يمثل المطلب الذي ُيمفصل كل المطالب الديمقراطية. ويضطلع أيضا بالمطالب الاجتماعية. وبقدر ما ترفعه اللجان الشعبية، وبقدر ارتباطه بلجان التنظيم الذاتي المحلية و الإقليمية،، بقدر ما سيكون مجلس تأسيسيا شعبيا و ليس مجلس أعيان.

• ختاما، اين وصل اليسار الثوري بتونس؟

جلال بن بريك الزغلامي:

حاليا، معظم اليسار الجذري التونسي مناضلات ومناضلون غير منظمين. المنظمات القائمة – زهاء عشرة- لا تمثل حتى 10 بالمائة من هذا اليسار قوي الحضور في المنظمات المستقلة بالأحياء، و النقابات الخ. لذا فان مهمة بناء الحزب الذي تحتاجه الثورة يجب النهوض بها في خضم الثورة ذاتها. ليس المهمة سهلة. منظمات اليسار الجذري و الثوري تخرج من السرية او تتشكل. إنها تجتذب المناضلات و المناضلين، غير المنظمين لحد الآن، لكن تعوزها الإمكانات المادية، من مقرات و مكتبات و وسائل تعبير ونشر. نأمل أن يقوم كل من تحمس لثورتنا، داخل اليسار العالمي، بدعمنا. هذا ملح و المعاملة بالمثل واجب من جانبنا.

قام بالاستجواب جان مليفسكي

19 فبراير 2011

عن مجلة انبركور عدد 571-572 مارس- أبريل 2011

تعريب المناضل-ة

صدر بعددها 36 شهر ابريل 2011



#المناضل-ة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تغيير الأشخاص لا يعني شيئا... المطلوب تغيير السياسات
- معمر القدافي :مطلوب لعدالة الشعب الليبي
- كلنا مع شباب 20 فبراير
- تونس: خطوة جبارة على درب انتصارنا الكبير
- لماذا لن تشارك جريدة المناضل-ة في ندوة حزب الطليعة بأسفي حول ...
- عواقب إلغاء مجانية الصحة العمومية على حياة النساء الكادحات
- مساندة الأممية الرابعة للثورة الجزائرية
- هل تبيع القيادات النقابية حق العمال في الإضراب ؟
- الذكوريون الثوريين
- الامبريالية اليوم
- دورنا ضمن اليسار الجذري
- البرتغال: أضخم إضراب عام بتاريخ البلد
- ايرلندا: أوربا تهب لنجدة البنوك
- قمة حلف شمال الأطلسي في لشبونة تكرس النزعة العسكرية للقرن 21
- قبل 40 سنة، تأسيس المنظمات الماركسية-اللينينة بالمغرب السياق ...
- الهجرة: الهروب من جحيم الرأسمالية التبعية نحو ويلات الرأسمال ...
- دور الأممية الرابعة ومهامها [القسم الاخير]
- عمل الثوريين في النقابات اليوم
- فرنسا: نموذج تعبئة جديد
- فرنسا: حركة اجتماعية غير مسبوقة


المزيد.....




- بُشرى سارة للجميع زيادة رواتب الموظفين في العراق! 2.400.000 ...
- “عاجل بشرى سارة اتحدد أخيرا” موعد صرف رواتب المتقاعدين في ا ...
- مد سن المعاش لـ 65 لجميع موظفين الدولة بالقطاع الحكومي والخا ...
- زيادة الأجور تتصدر مطالب المغاربة قبيل عيد العمّال والنقابات ...
- حماس تدعو عمال العالم لأسبوع تضامن مع الشعب الفلسطيني
- “وزارة المالية 100 ألف دينار مصرف الرافدين“ موعد صرف رواتب ا ...
- جددها الان من هنا.. اليكم رابط تجديد منحة البطالة في الجزائر ...
- “880.000 دينار فوري مصرف الرافدين“ وزارة المالية العراقية تُ ...
- WFTU Declaration on Mayday 2024
- بيان اتحاد النقابات العالمي بمناسبة الأول من أيار 2024


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - المناضل-ة - تونس: ثورة سائرة - مقابلة مع جلال بن بريك الزغلامي