أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - ثائر كريم - كيف يتعامل الماركسيون العرب مع انهيار النموذج الاشتراكي الاول، الحلقة الاولى















المزيد.....

كيف يتعامل الماركسيون العرب مع انهيار النموذج الاشتراكي الاول، الحلقة الاولى


ثائر كريم

الحوار المتمدن-العدد: 984 - 2004 / 10 / 12 - 09:25
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


منذ بواكير التسعينيات باتت اعداد متزايدة من الماركسيين والشيوعيين العرب- من بين اولئك الذين كان الموقف من الاتحاد السوفياتي يشكل بالنسبة لهم معيارا لوطنية هذا الفرد او البلد او ذاك- تتحول الى تبني موقفا اكثر نقديا اتجاه واقح حال وسياسات "البلد الاشتراكي الاول" الداخلية والخارجية وجزئيا طبيعة تعامل الاحزاب الشيوعية معه. وبعد مرور سنوات على الانهيار الكبير صار من النادر ألان العثور على ماركسي لم يضم صوته، عفويا، او بصراحة، الى تلك الاصوات النادرة من الماركسين العرب امثال الياس مرقص من الذين اتسمت اراءهم بقدر كبير من الواقعية والجرأة. وهم الذين دعوا منذ وقت مبكر الى اتخاذ مواقف وتحليلات ماركسية اكثر استقلالية ازاء واقع البلاد العربية.
تنوعات ردود الفعل الماركسية على انهيار النموذج
انطوى رد فعل الماركسيين والشيوعين المبكر على اختفاء نموذج "البناء الاشتراكي" وشرعية النظام الاشتراكي على بكائيات عاطفية. وبالتدريج تحول رد الفعل من موقع التحسر على غياب القلعة الكبرى "للاشتراكية" الى منطق التحليل العقلاني. فالموقف صار ينبني ليس على غياب النموذج بحد ذاته، بقدر ما ينبني، ربما، على اعتبار أخر، وبالذات على افتقاد النظام السياسي العالمي لقوة تقف بمواجهة الغرب. أي هناك استياء عميق من تحول النظام السياسي الدولي من كونه متعدد الاقطاب الى ما يسمى بنظام القطب الواحد. وبغض النظر عن صحة او خطل النظرة التي تشدد على اعتبار الولايات المتحدة الامريكية الدولة المهيمنة كليا على النظام السياسي العالمي وصحة او خطأ مفهوم القطب الواحد، فان ثمة نوعا من العقلانية في النظر الى عواقب اختفاء "البلد الاشراكي الاول". وهناك واقعية ايضا في تحليل جوهر هذا النظام. فلعل الماركسيون العرب يقرون الآن بلا مواربة صفات الانحطاط النظري والجمود السياسي والتردي الاقتصادي التي وسمت النموذج الاشتراكي وكذلك طبيعة الممارسات والاستراتيجيات "الاشتراكية" للماركسيين العرب.
ومن مظاهر هذا التحول العقلاني في النظر للاشتراكية والتنظير لافاقها في العالم العربي ان كثيرا من الماركسيين العرب من الذين كان لهم ضلعا مباشرا في سياسات الاحزاب الشيوعية، بما فيها الاصرار على ضرورة ما سمي بـ "طريق التطور اللاراسمالي" الذي اخترعه المنظرون الصينيون والسوفيات، لا يجدون غضاضة الان في الاعلان الصريح بان "بلدان الجنوب" تواجه مهمات الخلاص من بقايا العلاقات ما قبل الراسمالية. ويشددون على ضرورة "تنشيط وتنمية او توسيع قاعدة التطور الراسمالي فيها وتطوير مؤسسات المجتمع المدني". وان هدف الاشتراكية لا يشكل الا "هروبا الى الامام، وتجاوزا على واقعها السياسي والاقتصادي والاجتماعي وابتعادا عن مستوى وعيها الراهن" (انظر/ مثلا، د. حبيب، كاظم "العولمة الجديدة" في مجلة الطريق اللبنانية، عدد 3، 1998، ص. 82). ولم يتردد ماركسيون آخرون في الدعوة( بعد الانهيار طبعا) الى تقديم نظرة جديدة، اشتراكية حتى، الى ايجابيات الراسمالية وسلبياتها والاقرار بان الراسمالية هي اكفأ تنظيم اجتماعي على الصعيد العالمي لانها الافضل استجابة لمستوى التطور الاجتماعي للبشرية والاكثر تحقيقا لارفع المستويات المعيشية في العالم (انظر د. عبد الشفيع، محمد "كيف نفهم الراسمالية؟ محاولة نقدية من منظور اشتراكي" في: اليسار العربي وقضايا المستقبل، تحرير عبد الغفار شكر، القاهرة 1998، صص. 95، 101). ويبدي آخرون، حتى من بين صفوف ماركسين عقائديين، وهو الامر الجديد هنا، استعدادا واضحا للنظرالى مجموعة الاعتبارات والعوامل الداخلية التي انتجت الانهيار (انظ، مثلا، انظر مثلا طالب، سعيد النظام العالمي الجديد والقضايا العربية الراهنة، 1994، الفصل الثاني و ص. 275).
ومعه هذا لم يزل اهل التبرير من بين الكتاب الماركسيين والتنظيمات الشيوعية يحملون ذات النزوع التبريري للنظر الى اسباب الانهيار وعوامل الضعف عبر الاصرار الى ارجاع الفشل والانهيار الى التطبيق (انظر على سبيل المثال عبدالله، احمد "تاملات في مسار اليسار" في: اليسار العربي وقضايا المستقبل، تحرير عبد الغفار شكر، القاهرة 1998، ص. 283). فهؤلاء يريدون ابقاء النموذج النظري قابعا في برجه العاجي، او الاقتراب من موضوع الاشتراكية والراسمالية عبر موشور المواقف السياسية المناوئة للغرب "الامبريالي". أي هناك سعي لتقديم تبريرات "تاريخانية" لمواقفهم السابقة ولما آل اليه الحال بالتاكيد على ان الانهيار جاء نتيجة لاعمال الدول الامبريالية وسياساتها العدوانية. يأتي هذا الطرح في سياقات تحليلية وعملية تقليدية. فقد أطمأن المراكسيون والشيوعيون في العالم العربي، تاريخيا، لنموذج تفسيري (في حالات كثير مبالغ فيه او منافح، حتى) لجمود وتخلف النظام "الاشتراكي" يعزوه للنشاط التخريبي للصهيونية والضغط الامبريالي.
ولكن تسعينيات القرن العشرين شهدت اضافة متميزة لوامل تفسيرية اخرى، داخلية بحتة. ففي المقام الاول تم ابراز ظاهرة استفحال البيروقراطية، فكرا وهياكل، في ثنايا النظام الاقتصادي الاشتراكي. واشار البعض لصفة احتكار الميدان السياسي بلا منازع من قبل الحزب الشيوعي ونخبه التقليدية. وادلجة الحياة السياسية والاجتماعية. واستمرار الاساليب الستالينية في الحياة السياسية والاقتصادية باشكال مختلفة. ونوه ايضا الى واقع تهشيم قادة النظام الاشتراكي لسنوات ممتدة وعلى نحو بالغ، وبلا مسوغات اقتصادية كافية، لفرص عمل القطاع الخاص في ميادين متنوعة. وهذا ما كان يعنى، عمليا، اخضاع النشاط الاقتصادي برمته لمنطق الهيمنة السياسية البيروقراطية والتخطيطات الحكومية المتصلبة. ولايتردد بعض الماركسين العرب حتى في القول بان المراجعة النقدية العميقة لما حدث يجب ان تطال ليس فقط النموذج الفاشل بل ايضا الخلفية النظرية، المطلق النظري التي يستوحيها هذا النموذج، باعتبار ان هذا المطلق قد تجسد في وعبر هذا النموذج (د. شرف الدين، فهمية "تساؤلات حول الجديد في اشكاليات الحرية والديمقراطية في الوطن العربي" في: اليسار العربي وقضايا المستقبل، تحرير عبد الغفار شكر، القاهرة 1998، ص. 177).
الماركسيون والشيوعيون ودور الدولة
من الممكن ان نتقفى هنا- ان كان في اطار البنية الذهنية للتفكير الماركسي او لدى التنظيمات الماركسية- بوادر نقد سياسي اقتصادي عميق قد يترك بصماته على رؤية مستقبلية تبتعد او على الاقل تحاذر الوقوع في اسر التخطيطات الشمولية لاحدى اهم حلقات النظرية الماركسية والتطبيقات الاشتراكية. أي الموقف من ألدولة ودورها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وقد تتوافق كثيرا هذه الرؤية المستقبلية المحتملة مع وجه معين من اوجه الموجة القائمة للعولمة الاقتصادية المتعلقة بتسهيل عمل القطاع الخاص وقوى السوق و آليات الطلب والعرض والحريات الاقتصادية. بيد ان مثل هكذا رؤية حديثة تضع الماركسيون العرب وجها لوجه امام تناقضات مرجعية تاريخية. تناقضات نابعة، قبل كل شيء، من واقع كون الايديولوجيا الماركسية اللينينية وسياسات الماركسيين في العالم العربي اجمالا تعطي للدولة تقليديا دورا واهمية اقتصادية حاسمة. وغالبا بغض النظر عن مستويات التطور وطبيعة العلائق بين مؤسسة الدولة والمجتمع المدني وطبيعة السلطات السياسية المسيطرة على الاجهزة الادارية والحكومية، أي بغض النظر عن جوهر النظام السياسي القائم.
لم تخلوا صفوف الماركسيين او اليساريين، بالطبع، من نقد جاد للنهج الارثوذوكسي القالبي الذي سار عليه ماركسيون مثل د. كاظم حبيب و د. رزق الله هيلان وجل التنظيمات الماركسية العربية في التشديد على اعطاء الدولة العربية دورا اقتصاديا حاسما بلا تقدير دقيق لإ شكاليات طبيعة هذه الدولة او حقائق الحاجة لتطوير القطاع الخاص وغير ذلك من الاعتبارات الفائقة الاهمية. فان احد اوجه النقد الموجه لهذا النهج يتمثل بتحليل الطابع النهاب القمعي والسلطوي البيروقراطي للدولة العربية المعاصرة (انظر، مثلا، د. عصام الخفاجي، مجلة الطريق اللبنانية، عدد 3 1998). او بالتفريق بين الدولة والسلطة السياسية من حيث ان العالم العربي شهد تزايد وتوسيع قوة وامكانيات السلطات السياسية والاجهزة الادارية البيروقراطية ولكن لم يشهد تطويرا فعالا لدول ذات اجهزة موضوعية غير مشخصنة (انظر، مثلا، د. ثائر كريم، "مساهمة نحو تنظير واقعي للبيئة الاجتماعية في العالم العربي"، مجلة الطريق اللبنانية عدد 6، 1995 و عدد 1، 1996).
قد يكون احد اشكال حل هذه المواجهة المرجعية يتمثل بامكانية استثمار فكرة لازمية نشر الوعي بالاشتراكية وقيم المساواة والعدالة والتحرر والاشتراكية قبل الاصرار على اهمية الوصول للسلطة وتحويل المجتمع من فوق. وهي فكرة تؤكد على النهضة قبل الثورة، على البدء بتحقيق البديل الاجتماعي والثقافي للاصلاح قبل الاقتصادي السياسي. الممارسة السياسية الديمقراطية قبل الاقتصادية الشمولية. وترد هذه، بصورة او بأخرى، لدى بعض الماركسيين العرب (أنظر، مثلا، د. فيصل دراج، "الفعل السياسي والوعي التاريخي" في: اليسار العربي وقضايا المستقبل، تحرير عبد الغفار شكر، القاهرة 1998). قارن ايضا مع ما يذهب اليه د. ماهر الشريف حول اهمية ودور التطور الديمقراطي، او ما يسميه بالتراكم الديمقراطي كآلية للتحويل الاشتراكي على المدى البعيد وبطريقة بعيدة عن العنف ( انظر مقاله "عن اشكاليات تجديد المشروع الاشتراكي" في مجلة الطريق اللبنانية، عدد 3، 1997). كل هذه الافكار تتعلق بطبيعة النظر الى الممارسة السياسية والاشتراكية في ضوء عالم ما بعد الانهيار الشيوعي.



#ثائر_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما تأثير الراسمالية والطبقة الوسطى في انجاح الانتقال للديمقر ...
- اجتثاث البعث بين التسرع المرتجل والنقد الغاشم
- لا معنى لمحاكمات نظام صدام حسين بدون ترسيخ الولاء لدولة القا ...
- من يقود الارهاب في العراق: بعثيو صدام حسين ام الاصولية الاسل ...
- هل هناك افق للتغيير الديمقراطي في العراق؟


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - ثائر كريم - كيف يتعامل الماركسيون العرب مع انهيار النموذج الاشتراكي الاول، الحلقة الاولى