أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ثائر كريم - اجتثاث البعث بين التسرع المرتجل والنقد الغاشم














المزيد.....

اجتثاث البعث بين التسرع المرتجل والنقد الغاشم


ثائر كريم

الحوار المتمدن-العدد: 981 - 2004 / 10 / 9 - 15:11
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


طرحت حركة اجتثاث حزب البعث معاييرها واديرت بطريقة متسرعة وهزيلة بعد سقوط نظام صدام حسين. أما نقاد هذه الحركة فانهم يسعون لتصوير البعث كضرورة تاريخية، فيما مضى. فهل يريد بعثيو صدام حسين ان يكون البعث قدرا حتميا لما سيأتي؟
كان الاعلان عن سياسات اجتثاث البعث ابان عهد بول بريمر، الحاكم المدني العام في سلطة الاحتلال الامريكي قد اثار ذعرا مفهوما ليس فقط لدى بضعة الوف معروفة ممن التصقوا بنظام الاستبداد وظيفيا وروحيا بل ومئات الالوف من البعثيين ممن كان متنميا شكليا، للتقية. وهناك الوف من العراقيين انتمى لحزب البعث بالترغيب والترهيب. وبالتطبيق، أقصت سياسة الاجتثاث، احيانا، أشخاصا أبرياء كانوا ينتمون بالاسم فقط لحزب البعث. وبعض ممن اقصى تحلى بكفاءات مطلوبة لسياقات اعادة بناء البلاد. فضلا على ان الاف من البعثيين هم قطاع اجتماعي ليس من الحكمة تغريبه وعدم ادماجه في سيرورات التحول السياسي. هذا عدل وضرووة سياسية.
ولكن من العدل ، ايضا، عدم انكار حقيقة ان عشرات الوف من اعضاء حزب البعث كانوا بمثابة جهاز شعبي مكمل لاجهزة امن ومخابرات النظام، يكتبون تقارير مخابراتيه يومية عن كل بادرة او حركة او همسة بين الناس تؤشر على معارضة الاستبداد الطائفي. وقسم كبير من وشايات اعضاء حزب البعث قد افضت الى مآسي انسانية فادحة: قتل واغتصاب وتهجير وتعذيب وتشريد للالوف من العراقيين.
شكلت حركة اجتثاث البعث توجها ضروريا ولكن ذو طابع مرتجل واعتباطي لتنقية العراق من معاني الشمولية الطائفية وادواتها. بيد ان نقاد الحركة يكادون ينجحون، الان، في اقناع الراي العام بان هذا التوجه خطأ استراتجي جسيم بل سبة اخلاقية مرفوضة. واذ انطلقت حركة الاجتثاث من مقاييس مرتبكة فان معارضيها يريدون كبحها كليا. فالبعض يعمل جاهدا لنبذ اي ضوابط واستحقاقات قانونية وسياسية مترتبة على دور ووظيفة حزب البعث.
ان نقد حزب البعث هو جزء من عملية نقد النظام الحزبي في العراق. بيد ان هذا الحزب يستحق معالجات خاصة ووقفات مطولة لدوره المأساوي البالغ الذي لم يعدله أي حزب آخر في كل تاريخ العراق الحديث. ومن المهم تماما الاستمرار في دراسة وتقييم دوره ووظيفته وعواقب سياساته.
فحزب البعث الذي شكل، ايضا، الاساس الايديولوجي للشمولية الطائفية قام، فعليا، بتكريس عملية اختزال كل مكونات المجتمع العراقي وضمها قسرا داخل قماط قومي طائفي. فالحزب لم يعدّ نفسه مجرد جزء من هذا التنوع الغني قوميا ومذهبيا وفكريا وسياسيا في البلاد. بل جعل الحزب هذا الكل المتنوع جزءا من كيانه وقاعدة لفرض مبادئه بالقوة. وحزب البعث لم يزل يؤمن بلا تردد بان الانقلابات العسكرية والاساليب السرية الملتوية طريقا مجربا، بالطبع، لتغيير الحكم والوصول للسلطة. ولم يتزحزح اعتقاد بعثيي صدام حسين بالقوة والعنف كاسلوب اساسي في فرض رؤاهم لمصير البلاد. ولم يقدم الحزب أي اشارة على التزام حقيقي بقيم العدالة والمساوة السياسية وروح دولة القانون والتعددية الفكرية والسياسية.
ثمة كل الدلائل ما يؤكد على ان حزب البعث رأى ويرى نفسه راعي موارد العراق المادية والسياسية والقيمية. فاي حزب يقوم على هذه القيم، وليس حزب العبث فقط، يشكل مصدر خطر ما بعده خطر على استقرار البلاد والسلام الوطني، على حاضرها ومستقبلها.
تجارب البلدان الاخرى لها معناها المفيد هنا. فمهما تباينت وسائل ومكونات عمليات التغيير السياسي صوب دولة القانون والشرعية السياسية والتعددية فانها تفرز قاسما مشتركا ذا مغزى استراتيجي: لايقوم على التغيير إلا قوى سياسية اجتماعية لها مصلحة حيوية، آنية ومستقبلية، سياسيا واخلاقيا في القيام بهذا التغيير. هذه القوى هي قوام الذات-الارادة الحية المدركة لاهمية التغيير وصاحبة الشان في تفتيت بنى الاستبداد القديمة ورفع هياكل الدولة الجديدة. وقد توقف مصير عملية التحويل السياسي للدول الشمولية والسلطوية، اولا وقبل كل شىء، على هوية هذه القوى الاجتماعية، على نشاطها السياسي وممارستها الادارية وبالتالي قدرتها، حقا، على توليد رجالات دولة قانون من بين ظهرانيها.
فهل يشكل البعثيون قوام هذه القوى؟ من المستبعد، تماما، اذا كان الامر يتعلق بالبعثيين النشطين. وفي افضل الاحوال، يمكن لقسم محدود من البعثيين السابقين- ممن كان في داخله وفي ضميره يعيش حالة اغتراب حقيقية عن قيم حزب البعث ويتسنكف عن ممارساته - ان يدلو بدلوه قي عملية بناء عراق منفتح، متعدد وقائم على القانون. اما الناشطون من البعثيين فلعهم، قبل كل شىء، يحاكمون انفسهم وضميرهم وقيمهم ليعيدوا خلق ما هو خير فيها وينبذوا، بكل جرأة، ما تفسخ وخرب.
واذا كان ثمة امل باقامة نظام عادل وحكم قانون شرعي وشفاف في العراق فان منطق تحقيق ذلك يتطلب، سياسيا واخلاقيا، التوقف اكثر من مرة عند دور حزب البعث ونشطائه وانصاره. المساءلة الفكرية السياسية والمحاسبة القانونية للفكر البعثي وممارساته ولقوى النظام السابق هو شرط ضروري لازم لاي تغيير ايجابي. ولكن هذه المساءلة والمحاسبة لابد ان تسير، ذاتها، وفق مبادىء العدل والموضوعية، بعيدا عن روح الثأر والتعصب والهمجية. ويجب ان يعطى للقضاء العراقي سلطة كاملة في اصدار احكامه على الالاف من الذين اقترفوا جرائم في الحق العام والحق الشخصي و جرائم الابادة والقبور الجماعية والقتل.
فلتكف حركة اجتثاث البعث، تماما، عن ان تكون غطاء لقتل اهوج للناس خارج القانون والعدل ولحرق ألاخضر واليابس من البعثيين.
ولكن حركة اجتثاث البعث يجب ان تستمر وتنمو. لتكون حركة شعبية صادقة لقلع كل فكر شمولي. ولكل ممارسات سياسية احتكارية. ولكل نشاط استئثاري طائفي. ولوضع الانسان المناسب في المكان المناسب.
لتكون، اذن، مناسبة لتاسيس ثقافة سياسية ديمقراطية، حقا. فهل يفلح العراقيون بذلك؟



#ثائر_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا معنى لمحاكمات نظام صدام حسين بدون ترسيخ الولاء لدولة القا ...
- من يقود الارهاب في العراق: بعثيو صدام حسين ام الاصولية الاسل ...
- هل هناك افق للتغيير الديمقراطي في العراق؟


المزيد.....




- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...
- جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي ...
- السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي ...
- قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل ...
- -يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في ...
- -تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن ...
- الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود ...
- -بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز ...
- هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ثائر كريم - اجتثاث البعث بين التسرع المرتجل والنقد الغاشم