أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي جاسم آل خليفة - هل رأى الوقت خرافاً مثلنا؟!















المزيد.....

هل رأى الوقت خرافاً مثلنا؟!


سامي جاسم آل خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3269 - 2011 / 2 / 6 - 18:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ترددت كثيرا في الكتابة حول الأحداث التي جرت وتجري في تونس ومصر إيمانا مني أنها تتطلب الوقوف على مجرياتها وردود الأفعال تجاهها ومتابعة سيرها وتأثيرها على الآخرين وهذا من شأنه الخروج بتقييم موضوعي لتلك الأحداث بعيدا عن التصفيق والتهليل والانحياز لهذا أو ذاك.

إن لحظة التغيير التي شهدتها تونس الخضراء لا يعني بشكل أو آخر أن أصفق بجنون وهستيريا وألغي عقلي كما فعل كثير من أصحاب الأقلام كما أن هذه اللحظة لا ترقى إلى نعتها بالثورة التونسية بقدر ما يمكن وصفها بأنها صحوة نائم اصطدم بواقعه بعد سبات دام طويلا ولم يجد بو عزيزي -كأول من نهض من فراشه في سوق الخضار- إلا أن يحرق نفسه لعل السلطة ترأف به وظني أنه لم يكن يتمنى أكثر من ذلك غير أن الحظ والسعد وقف بجانبه بعد أن خلد للراحة الأبدية ووجد نفسه بطلا تونسيا ورمزا للقومية العربية الثائرة فتخلي بن علي عن السلطة لم يكن إلا قراءة خاطئة لما يحدث في الشارع التونسي وكان بإمكانه أن يستمر في السلطة ويجهض أي تحرك لجنين الشعب فالجيش معه لا ضده على غرار باقي الحكومات وسيجد من يصفق له ويعاونه من الأجهزة الأمنية والسلطة والشعب تماما كما يحدث الآن في مصر واليمن لكنه رأى أقرب الطرق للخلاص وتفهم ماذا يريد الشارع فاختار الرحيل على إراقة الدماء وتدمير المؤسسات المدنية وجلب القوى الخارجية كما فعل الطاغية صدام حسين وهو بهذا يستحق الثناء وإن كان ظاهر هذا الخلاص حرصه على نفسه وعائلته.

أعلم أني بهذا الرأي أجلب لنفسي الجعجعة من فئة القطيع غير أنني رأيت أن أشخص الأمور كما أجدها في أرض الواقع وأبتعد عن رقص الشارع وهز الأوساط السياسية فأنا شخصيا لا أعول كثيراً على تحركات الشارع العربي تجاه حكوماتهم - على الرغم من إيماني بأحقية التغيير وتقرير المصير – ما دامت تلك التحركات ترفع شعار الخبز فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان وسرعان ما يُكسر رغيف الخبز ويتناثر على أقرب مائدة طعام لحاكم جديد يجدد عهد من سبقه ويسير على خطاه.

وعلى هذا فإني أخالف من يقول إن صحوة الشعب التونسي ثورة كرامة ويعلل ذلك بأن الجائع لا يثور لكني أؤكد مقابل ذلك أن القطيع التونسي قطيع يمالق الحكام ويقف مع الطواغيت شأنه في ذلك شأن باقي القطعان العربية التي بكت وما تزال المقبور صدام حسين وتتمنى عودة حزب البعث وها هي اليوم تصفق للتغيير في تونس وتشجع ثورة الفول المصري وهي نفسها قبل سنوات هاجمت النهضة العراقية ووصفتها بحكم الروافض الشيعة ضد أهل السنة بل وقفت تلك القطعان مع حكوماتهم ضد العراق الجديد وأرسلت المسوخ الشيطانية المفخخة لقتل أهلنا العراقيين في المساجد والحسينيات والكنائس ولم نجد من هذه القطعان المتملقة التي تجوب الشوارع وتطالب بالتغيير غير النعوت اللغوية لديكتاتور فاق في سطوته زين العابدين بن علي فخرجوا منددين بتلك الثورة ووسموا طاغية العراق بالمجاهد والشهيد والبطل لا لشيء غير الانتصار للطائفية والمذهبية ولم يكترثوا للدماء التي أريقت على يديه والأبرياء الذين دفنوا وهم أحياء طيلة حكم البعث في العراق ثم لم يكتفوا بذلك بل شوهوا تلك النهضة بأنها من صنع الأمريكيين متناسين التضحيات التي قدمها الشعب العراقي لنيل حريته وكرامته التي مسها حزب صدام وأعوانه إضافة إلى الإعلام الأسود الذي تجاهل تلك الدماء الشريفة وأهمل توثيقها لأكثر من ثلاثين سنة وهو اليوم يتسابق بمختلف فئاته لنقل أحداث الطعمية والفول المصري ويسلي نفسه بحشود القات اليمني.

إن ما قام به التونسيون وما يقوم به المصريون واليمنيون الآن لا يزن مقدار حبة شعير أمام تضحيات العراقيين ومواجهتهم لحكم البعث ومع هذا كله لم يجدوا إلا التهميش والإقصاء والتغافل من قطيع الخراف العربية وتقديس الذئب وأعوانه حتى بعد موته وعليهم أن يقفوا مجتمعين في قطيع واحد ضد التمدد الصفوي القادم للعراق لحماية البوابة العربية.

أتحير من حال هؤلاء المتظاهرين الذين خرجوا على ولي أمرهم يطالبون بخلعه وهم من تعلم ومازالوا يتعلمون في مدارسهم ومساجدهم أن ((من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية)) وتزيد حيرتي حينما أسمع أحد الملتحين في شارع الحبيب بورقيبة وآخر في شارع البستان يندد بسطوة ولي أمره ويتناسى ما تعلمه من شيوخ السلاطين حينما سألهم وأجابوه (( تسمع وتطيع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع)) إن موروث القوم يوجب السمع والطاعة لولي الأمر وعليه فإن الدهشة تأسرني حينما أجد فلول القطيع تملأ الشوارع تطالب ولي أمرها بإصلاحات سياسية وبتحسين الوضع الاقتصادي وأنا أطالبهم بما ألزموا به أنفسهم وتعلموه في المدارس تجاه ولي أمرهم ((اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حملوا، وعليكم ما حملتم)) ولهذا فإن صحوة الشعب التونسي والمصري وإن رأى بعضنا نجاحها سيعقبها سبات طويل وغفلة متكررة قبل أن تصحو مرة أخرى على حاكم جديد لأن المشكلة تكمن في أننا قطيع نرجع إلى المرعى وننسى أن الذئب أكل منا خرافا كثيرة و وجوباً علينا أن ننام ونغفل عن حكامنا فتراثنا الذي تعلمناه في مدارسنا ومساجدنا يقول القاتل والمقتول في النار فالحاكم يهم بقتلنا ونحن نهم بقتله وستظل المعادلة وفق ذلك مستحيلة الحل حتى نصفي كثيراً من تراثنا ونغلق قنوات الظلام والقطيعة ونقص لحى التكفير والبغض ونساهم في إحلال السلم واحترام الإنسان فالحرية والديمقراطية للمسيحي كما هي للمسلم وللشيعي كما هي للسني لا أن تعطى فئة وتحرم أخرى كما هو حال دولنا العربية.

باعتقادي أن معظم الشعوب العربية تعيش سياسة طفولية تغلب عليها الفوضى وعدم الانضباط وهي بهذا نسخ مكررة من بعضها لأن الحكومات واحدة يمارس عليها القهر والتسلط وتراه قمة النعيم مادام الخبز سيد المائدة وبالتالي فهي شعوب مسيسة تُحكم بالعصا وتدار بالفتوى وهي في قسم كبير منها أشبه بقطيع الخراف تنعم بالأكل والشرب وتلتذ بالشهوة والجنس وتأخذ من الملتحين هداها وبهذه النتيجة أطالب تلك الشعوب أن تثور على فكرها أولا قبل أن تثور على حكامها فليست المشكلة في الحاكم بل مشكلتنا في الموروث الذي جعل السلطان ظل الله في أرضه وجعل الحاكم إمام زمانه تلزم بيعته و أوجب طاعة ولي الأمر وإن كان فاسقا مادام ولي الأمر يرفع شعار الإسلام ويغذي الجائع واللهفان ويقاضي بأحكام شريح ويقتل بسيف الحجاج في نهج ديني متوارث صاغر عن كابر استلهمنا من خلاله الاستسلام والخنوع منذ أول استبداد للسلطة في التأريخ الإسلامي.



#سامي_جاسم_آل_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واثق الخطى يمشي المالكي
- إسقاط الجنسية: الشيخ ياسر الحبيب أنموذج
- من يثير الطائفية في الخليج?! ومن المستفيد؟!
- تسامح البابا شنودة عقلانية واتزان
- نحن خراف العيد
- في السعودية سنطلقها حملة: سنشتري من بندة قرنفلا وقشدة
- الدم العراقي يُعري أصحاب الفتاوي
- القصيبي ... ابن الأحساء ... الإرث الباقي
- السجناء المنسيون أبعاد إنسانية
- دعاة على أبواب جهنم
- العراف -بول- يضبط الفتاوي ويحدد أول رمضان
- مونديال 2010تعريف بالأديان أم تظاهرة للحب
- يا نساء السعودية لستن كأحد من النساء
- في مناهجنا تربية.... أم إرهاب.... ؟! أخبروني أيها القوم
- دول الخليج الفارسي ثقافة خاوية وبطون متخمة
- العرب يشترون شرفهم من الصين
- اكثروا المستوطنات واقتحموا الأقصى فلن يضروكم شيئا
- الكراتين العربية
- مسيحيو العراق دماء تسيل وعيون تتفرج
- سعوديات تحت مبال الإبل


المزيد.....




- سوناك يدعو لحماية الطلاب اليهود بالجامعات ووقف معاداة السامي ...
- هل يتسبّب -الإسلاميون- الأتراك في إنهاء حقبة أردوغان؟!
- -المسلمون في أمريكا-.. كيف تتحدى هذه الصور المفاهيم الخاطئة ...
- سوناك يدعو إلى حماية الطلاب اليهود ويتهم -شرذمة- في الجامعات ...
- بسبب وصف المحرقة بـ-الأسطورة-.. احتجاج يهودي في هنغاريا
- شاهد.. رئيس وزراء العراق يستقبل وفد المجمع العالمي للتقريب ب ...
- عمليات المقاومة الاسلامية ضد مواقع وانتشار جيش الاحتلال
- إضرام النيران في مقام النبي يوشع تمهيدا لاقتحامه في سلفيت
- أبسطي صغارك بأغاني البيبي..ثبتها اليوم تردد قناة طيور الجنة ...
- إيهود أولمرت: عملية رفح لن تخدم هدف استعادة الأسرى وستؤدي لن ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي جاسم آل خليفة - هل رأى الوقت خرافاً مثلنا؟!