أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد صقر - المسرح بين التجريب والعولمة















المزيد.....

المسرح بين التجريب والعولمة


أحمد صقر

الحوار المتمدن-العدد: 3256 - 2011 / 1 / 24 - 15:14
المحور: الادب والفن
    


إذا كانت الدراسات التاريخية للمسرح العالمى تؤكد قدم التجريب اعتماداً على مقولة أن التجربة هى أساس الأبداع المسرحى فعندما كتب إسخيلوس لم يلتزم سوفوكليس ويوربيديس بما كتبه بل سعى كلاً منهما إلى الإضافة إلى من سبقهما بحيث تأتى كل تجربة لتضيف جديداً إلى ماقبلها سعياً للوصول إلى الجديد هذا هو التعريف البسيط الكامل لمصطلح التجريب.
بدأ التجريب منذ الاحتفالات الدينية الدثيرامبية التى قامت فى أعياد الربيع ومن ثم وجدنا التجديد والاضافة سمة أساسية دفعت بطبيعة الحال رئيس الجوقة إلى إدخال بعض التغيير والتجريب على وظائف الكورس، كل هذا مهد السبيل لاسخيلوس للاستزادة مما قدم له من قبل فادخل الممثل الأول وتبعه الثانى والثالث على يد كتاب المسرح الأغريقى العظام تباعاً، ولم يقتصر الأمر على إجراء التجريب على مستوى النص الممثل فى المساحة التى تتحدث بها الشخصية، بل وصل الأمر إلى خشبة المسرح إذ سمح لكل منهما بأن يضاف إلى مساحتة المكانية والزمانية على خشبة المسرح مساحة أكبر مما سمح بها من قبل وكل هذا يؤكد سعيهم جميعاً إلى التجريب.
وهكذا يتضح لنا منذ البداية إرتباط العملية المسرحية بالتجريب وأنها بدأت منذ بواكير العملية الإبداعية على مستوى النص والمنصة وسار التجريب المسرحى منطلقاً من هذا التوجه وهذا الوعى بأن مهمة التجريب البحث عن الجديد ومخالفة القائم وصولاً إلى الجديد الذى قد يصبح بالغد تقليد لو نحن حددناه ووضعنا له الأسس حينئذ يصبح التجريب تقليد، هنا يضيف جيمس قوله أن تكون تجريبياً يعنى أن تقوم بغزو المجهول، وهذا شئ لايمكن التأكد منه إلا بعد حدوثه وأن تكون طليعياً يعنى أن تواجه الأمور فى عينيها".
وهكذا تكاثرت التعريفات الخاصة بالتجريب حتى وصلت حداً بلغ أكثر من خمسة عشر تعريفاً لأربعين من المسرحيين فى دوره من دورات مهرجان القاهرة للمسرح التجريبى وظلت حيرة المبدعين قائمة رغم محاولة الجادين منهم وضع تعريفات علمية محددة ودقيقة للتجريب ظل الكثير من المبدعين العرب والمخرجين والفنانين منعزلين عما يدور داخل قاعات الندوات العلمية المتخصصة.
أضافت الدراسات المسرحية المتخصصة فيما يتعلق بقضية التجريب المسرحى أضافت الكثير من الآراء العلمية التى أكدت أن التجريب المسرحى شغل الكثير منهم وانقسمت دراساتهم للتجريب إلى عدة أقسام منهم من أهتم بتعريف التجريب، منهم من أهتم بدراسة التجريب وعلاقته بالنص، وبعضهم الأخر أهتم بدراسة التجريب وعلاقته بالشكل وموقف الإخراج والمخرجين من التجريب، هذا إلى جانب قيام بعضهم بالتركيز على مراحل التجريب عبر رحلة المسرح وهو ما يؤكد أن التجريب قديم قدم المسرح ولم يتوقف خلال فترة من فترات تطور المسرح كذلك سعى بعض الدارسين إلى طرح قضية هامة فيما يتعلق بالتجريب وأراها ذات أهمية فى موضوع حديثنا أقصد علاقة المسرح بالتجريب والعولمة أو بمعنى أدق المسرح بين التجريب والعولمة.
تحدث الكثير من المهتمين بالعملية الابداعية على المستوى العالمى والمحلى حول قضية الصورة المسرحية وإحلالها محل اللغة الأدبية وبمعنى آخر "هل تستيطع الصورة المسرحية، أو الكلمة المرئية أو الصورة البصرية أو لغة الجسد أن تحل محل الكلمة المنطوقة أو المكتوبة أو المسموعة" ، أثارت هذه القضية عدداً من المسرحيين مثل المخرج الأسبانى ساسترى والمؤلف المسرحى " صمويل بيكيت" وصالح سعد وسعيد سلمان، وعماد عشوش، ومحمدالخولى ، وفيريز راينر فاسبندر ، ووليد عونى، وغيرهم كثير ممن أثارتهم هذه الإشكاليات التى أراها – بقصد أو بدون قصد – فاتحه الطريق نحو عولمة المسرح العالمى والمحلى وأزالت العوائق التى تحول دون وصوله إلى المتلقى أقصد الكلمة المكتوبة أو المسموعة، لذا رأى هؤلاء أنه من الممكن استبدال الكلمة المكتوبة والمسموعة بالكلمة المرئية والمصورة، ولعل هذه البداية دفعت بالمبدعين بالعودة إلى بداية الخليقة حيث سبقت الحركة والفعل القول والكلمة، وهو ما أثار فاتحة الطريق على كثير من المهتمين بقضية العولمة الثقافية ورأو أنه من الممكن أن تتحقق العولمة الثقافية عن طريق وسائل الإعلام المتطورة بتقنياتها المتقدمة، وهو ما سهل انتقال المنتج الثقافى بشكل أسرع من غيره من أشكال العولمة الأخرى.
إن تقبل الصورة المرئية والاعتماد عليها من حيث كونها مرسلاً من قبل المرسل الأساس أصبح عملاً أساسياً وهماًَ يسعى المرسل إليه كل دقيقة وينجح فى دفعه عبر قنوات الفضائيات العالمية التى أصبحت تصل إلينا فى بيوتنا دونما حاجة للنزول والذهاب إلى المسرح لمشاهدة عمل فنى معين. أقصد أن وسائل الاتصال الجماهيرى مثل الكتاب قد تراجعت شعبيته وحل محله الكمبيوتر المقروء والمرئى، كذلك هجر كثير من المهتمين والمثقفين المنتديات العالمية والندوات وحل محلها قدرتهم على الحصول على معلومات أسرع وأفضل – من وجهة نظرهم – من الانترنت ولم يعد يبق أمام المبدع إلا السينما والتلفزيون والصحافة والمسرح، أما المسرح فلا يزال أمامه متسعاً من الوقت لكى تدركه براثن العولمة.
نجحت العولمة فى الوصول بشكل واضح إلى الكثير من وسائل الإعلام المختلفة وأصبح الأمر بين قبول ورفض أو تفكير وبشكل أو بأخر نجحت العولمة فى فرض بريقها الآخاذ على المتلقى فيما يتعلق بلغة الصورة المرئية من خلال التلفزيون وتراجع دور الكلمة المسموعة وحل محلها الكلمة المرئية، كذلك أصبحت السينما تعرض موضوعات تساهم الصورة البصرية فيها بمساحة كبيرة سواء على المستوى العالمى والمحلى حتى أصبحت كثير من الأقلام العالمية تنجح عندنا دون أن ننشغل باللغة المسموعة التى تقدم بها واعتمدوا على لغة الصورة المرئية.
تجلت اشكالية المسرح بين التجريب والعولمة فى الربع الأخير من القرن العشرين،حيث ظهرت مصطلحات الحداثة وما بعد الحداثة يتبعها التجريب وأخيراً العولمة، ولاشك أن القائمين على تقويم وتقنين الإبداع بين هذه المراحل السابقة قد اعطوا جل اهتمامهم فى هذه المراحل إلى أفرع الأدب المختلفة إلا المسرح الذى لم يحظ بكل اهتمامهم وذلك لقلة المتخصصين والمهتمين بفرع المسرح والمقننين له فى خضم هذه العملية التى شملت كافة أفرع الأدب.
أهتم القائمون على الإبداع فى المنطقة العربية بعلاقة إبداعاتنا القصصية والروائية والشعرية بالحداثة وما بعدها وصولاً إلى التجريب واليوم تطرح إشكالية علاقة الإبداع بالعولمة وقد حظيت وسائل الاعلام المختلفة بالاهتمام غير أننا نسمع بتحرك المهتمين بالعملية المسرحية نحو دراسة علاقة المسرح بالعولمة.
يتحدث على حرب عن موقفنا من الحداثة، والعالمية والعولمة بقوله" كما أن الحداثة ليست نفياً للتراث، بقدر ما هى قراءته قراءة حسية وعصرية، وكما أن العالمية ليست نفياً للخصوصيات، بل ممارسة المرء لخصوصيته بصورة خلاقة وخارقة لحدود اللغات والثقافات كذلك فإن العولمة لاتعنى ذوبان الهوية، إلا عند ذوى الثقافة الضعيفة وأصحاب الدفاعات الفاشلة، ممن يلقون أسلحتهم أمام الحدث فيما هم يرفعون شعار المقاومة والمحافظة" .
وهكذا على القائمين على المسرح أن يدركوا جيداً أنه إذا كان التجريب مرحلة شغلت بالإبداع حتى يومنا هذا ولم تأت بثمار حقيقية يعتد بها، فإن القائمين على الإبداع المسرحى لابد أن يدركوا علاقة المسرح بالعولمة فى بدايتها وأنه من الممكن أن نستفيد من إمكانات العولمة الايجابية وأن ينعكس ذلك على إنتاجنا ولكن إن نحن إدركنا ما نحتاجه من العولمة فى هذه المرحلة التى أرى أن الكثير من المهتمين بالإبداع المسرحى لازالوا فى طور الاهتمام بالتجريب وأنهم قد يتركوا هذه المرحلة دونما حسم كما فعلوا فى مرحلتى الحداثة وما بعدها.
لابد أن يتخطى المبدع العربى مرحلة الإحساس بالهزيمة الداخلية والدونية الذاتية التى لاتزال تسيطر على شعور المبدع العربى وتدفعه دائماً للنظر إلى تجارب الغرب ليس فقط من أجل دراستها وتعلم أسباب نجاحها ولكنهم فقط يكتفون بنقلها نقلاً حرفياً دونما دراية بكيفية تحقيق مثلها هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية على المهتمين بالعملية الإبداعية فى مجال المسرح أن يعوا جيداً أن العزلة والخوف من الفكر الغربى بما يحمله من أفكار كانت مرفوضة من قبل القائمين على الأنظمة العربية سابقاً، علينا أن ندرك أن الانفتاح بات أمر قدرى وعلينا أن نعى جيداً كيف سنتعامل مع القادم إلينا من الغرب من ثقافات العولمة.
أقر صمويل هنتنجتون فى دراسته " الغرب منفرداً وليس عالمياً" أنه من اليسير تحقيق عولمة اقتصادية أو عولمة سياسية ولكنه من الصعب تكون عولمة ثقافية، ذلك أنه من الصعوبة بمكان على العولمة أن " تقدم أى نموذج ثقافى قادر على تهميش الثقافات وإفراع كل الهويات الثقافية من محتواها، ولاسيما الهوية الإسلامية والحضارية الأقوى صموداً فى هذا السياق ذلك أن إنشاء ثقافة عالمية- معولمة – هو ضرب من الأوهام لأنه إذا أمكن أن تتحقق عولمة للصناعة، أو عولمة للعلوم المادية أو عولمة للإنتاج التكنولوجى، أو عولمة لوسائل الإعلام نفسها، فإن هذه العولمة تظل طبيعية لأنها لاتمس فى الحقيقة سوى الجوانب المادية فى حياة الإنسان من إنتاج زراعى وصناعى وإستهلاك وتنافس فى مجال التكنولوجيا.
وهذا يؤكد لنا أن عولمة العلوم المادية والسياسية والاقتصادية والإعلامية أمر من الممكن أن يحدث ولكن عولمة الثقافة أمر من الصعب بمكان من الممكن أن نستفيد من امكانات العولمة وتقدم تقنياتها ولكن من الطبيعى أن يتحقق مبدأ التنوع الثقافى بين الحضارات والبلدان، ذلك أن كافة المواثيق الدولية تؤكد على حق الشعوب فى أن تتمتع بثقافتها المتفردة المتميزة، وأن على كل شعب أن ينمى هذه الثقافة وأن يحافظ على تنوعها، ذلك أن الإنسانية تتمتع بالتنوع ولكنها تجتمع وتشترك فى التراث الذى هو ملك للبشرية جميعاً.



#أحمد_صقر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في النقد التطبيقي ..مسرح نصرة المرأة
- سينوجرافيا المسرح ..المرجعية النظرية للعرض المسرحي
- آلية التلقي في المسرح ..دراسة في النقد الأدبي والمسرحي
- المسرح وتحديات العولمة
- الأسرة في المسرح الأمريكي المعاصر


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد صقر - المسرح بين التجريب والعولمة