أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزيز الدفاعي - حق تقرير ألمصير... من كوسوفو ألى كردستان !!















المزيد.....


حق تقرير ألمصير... من كوسوفو ألى كردستان !!


عزيز الدفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 3215 - 2010 / 12 / 14 - 23:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في قراءه متانيه وغير أنفعاليه للتاريخ المعاصر سوف نكتشف دون جهد أو عناء أن كثيرا من ألآراء والمبادرات ألتي ظهرت بشان حقوق الشعوب بعد أنهيار الإمبراطوريات القديمة في ظل النظام الاقتصادي العالمي ومتطلباته والتي اعتمدت المبررات الاخلاقيه والانسانيه ظاهريا قد تسببت في كثير من ألأحيان بكارثة أو في أقل تقدير تسببت بنكسات ونتائج عكسية أذا ما أخذنا الأمر من وجهة الطرف الأخر المعني بها؛ هذا بافتراض النوايا الحسنه والتخلي عن نظريه المؤامرة وان كل ما تحقق تم طبخه في سراديب مظلمة.

لعلنا نستحضر دون إرادتنا تلك المقولة ألمحيره( بان الطريق الى الجحيم غالبا ما يكون معبدا بالنوايا الحسنه) ربما لتبرير عدم ألقدره على قراءه النوايا وتبرير الخطأ في اتخاذ القرارات دون إغفال أن هناك من يعرف حقيقة طريق الجلجلة والجحيم والإيحاء للآخرين بأنه الفردوس بتقديم ذرائع ومبررات سياسيه وقانونيه والحديث عن العدل والمساواة والحرية التي لا تراعي دائما مصالح ورغبات الجميع في عالم طالما كال الأمور بمكيالين مختلفين .

أن فكره أو مبدأ (حق تقرير المصير) اخترعتها اكبر دوله استعماريه في التاريخ وهي بريطانيا التي جاوزت حدود مستعمراتها ما بين شروق الشمس على الأرض وغروبها وأيدهم لاحقا الفرنسيون وفقا لمعطيات ومحاور القوه والسطوة والنفوذ العالمي في العشرين.ونضجت هذه الأفكار بهدف أعاده رسم خارطة العالم وتحريك الشعوب للخروج من تحت عباءة الإمبراطوريات القديمة لتفتيتها وتمزيق أرثها الجغرافي والبشري لصالح الإمبراطوريات الجديدة في ظل أنحسار دور الدين في الغرب وظهور ألدوله المدنية ألحديثه رغم أن فرنسا لم تصبح علمانيه ألا في عام 1905.



تقرير المصير كنهج مركزي في السياسة الدولية المعاصرة كان في الخطاب المعلن والوثائق والمعاهدات الدولية أداه لتحقيق الانسجام بين مصالح الأقليات والاغلبيه السائدة داخل الامبراطوريه النمساوية- المجرية والامبراطوريه العثمانية اللتان جرى أحتوائهما وتفتيتهما لصالح ميزان القوى الجديد في العالم ومحاوره وأقطابه الجديدة بعد حروب طاحنه جرى خلالها استخدام العامل ألقومي في الأقاليم العربية الخاضعة للدولة العثمانية‘ والعامل الديني في أوروبا .أي أن تقرير المصير وأعاده رسم خارطة العالم كان يعبر عن مصالح وحاجات الراسماليه البريطانية والفرنسية في الهيمنة على مصادر الطاقة والمواد الاوليه والأسواق والقواعد العسكرية ألاستراتيجيه من خلال رفع شعار ذي طابع أخلاقي وأنساني يحقق العدالة لقوميات وأقليات كانت رازحة تحت سطوه إمبراطوريات تصدعت بعد اضمحلال قوتها وافلت شمسها على مسرح السياسة الدولية لصالح أخرى قويه ومهيمنة .

يتضمن حق تقرير المصير إنشاء دوله قوميه مستقلة أي منح حق الانفصال عن ألدوله ثنائيه أو متعددة القوميات وإنشاء دوله ذات سيادة مستقلة .كما يتضمن هذا المفهوم الفدرالية إذا ما ارتأت القومية البقاء في أطار ألدوله ذات الاغلبيه من قوميه أخرى كحل نهائي أو مرحلي نحو الاستقلال التام .

ومن المفارقات التاريخية أن لينين مؤسس الاتحاد السوفيتي هو الذي أصر على حق الانفصال وتقرير المصير مستندا على مقررات المؤتمر العالمي للأحزاب الاشتراكية والنقابات (الامميه الأولى)الذي عقد في لندن للفترة من 27 تموز يوليو -1 اب 1896 الذي تبنى شعار (تأييد ه لحق جميع الأمم التام في حرية تقرير مصيرها ) .

وأشار لينين في دفاعه عن حق تقرير المصير أن أنشاء دوله قوميه مستقلة هو حق مرافق لجميع الثورات الديمقراطية البرجوازية وانه لا يفهم معنى آخر لحرية تقرير المصير غير الانفصال (...دون ان نتلاعب بالتعريف الحقوقي ودون أن نخترع مفاهيم مجرده بل أن علينا أن نحلل ظروف الحركات القومية ألتاريخيه والاقتصادية ).

ألا أن الكاتب بيتر ورسلي مؤلف الكتاب الشهير ( العوالم الثلاثة الثقافة والتنمية ألعالميه) ينتقد بشده الحركات ألقوميه لفشلها في تقديم حلول صائبة للمسالة ألقوميه مؤكدا ان كل شيء تقريبا كتبه القوميون عن أممهم لم يكن دقيقا وموضوعيا تماما وبالتالي يثير الشك بشأنه داعيا إلى إهماله والتمييز بين الأرض وعائديتها القومية بالاستناد على وجود مؤقت آو طارئ في عهود سحيقة لأقوام وجماعات عرقيه وإقحام النص الديني أحيانا قي مثل هذه القضايا والخلط بين مفهوم الدين والقومية المضلل في اغلب الأحيان .



لم يكن تبني الماركسية اللينينيه لهذا الشعار كهدف نهائي أنما هو وسيله للوصول إلى ألدوله الامميه ألاشتراكيه بينما يرى أصحاب المشروع القومي في هذا المبدأ هدفا بحد ذاته ....أن أعتماد وتأييد حق تقرير المصير منذ المؤتمر الأول للامميه واعتباره أحد أسسها ومنطقاتها العقائدية مثل إلى حد ما رغبه في أصلاح الأخطاء ألتي ارتكبت بحق مجتمعات عانت طويلا من تجارب تاريخيه مريرة بسبب البعض من الذين اعتقدوا أنفسهم متفوقين على الآخرين لأسباب عرقيه أو دينيه أو بسبب القوه وإنهم الأصلح لقياده الأمم والشعوب وتقرير مصير الملايين من البشر من شتى الأجناس والأعراق الأخرى .

أن التاريخ المعاصر يقدم لنا صياغة هذه ألنظره بأطر ومبررات متعددة مادام هناك من يعتقد أن التاريخ قد وصل إلى نهايته قي ظل القطب الواحد والديمقراطية التي أثمرت هذا التطور العلمي والتقني الهائل الذي لم يستطع للأسف أيجاد حلول للازمه ألاقتصاديه والتلوث والحروب وتراجع القيم ألاخلاقيه واستباحه سيادة الشعوب ونهب ثروات الدول النامية .

في السياسة علينا في كثير من الأحيان أن نتخلى عن المشاعر ونصبح أكثر واقعيه وعلميه في دراسة وتقييم الوقائع التي حاولنا مراعاة نتائجها سواء في الأجل القصير والبعيد أذا ما تعلق الآمر بالعلاقة بين الاقليه والاغلبيه القومية في ألدوله ألحديثه بعد أن تراجع دور الدين كعنصر في بناء ألدوله مثلما كان عليه الحال في الماضي .

والسوال الذي قفز دون أستئذان منذ نهاية القرن الماضي ولازال ملحا حتى اليوم هو :ماذا يحدث لو أن جميع الأقليات التي تعيش بسلام منذ مئات أو ربما ألاف السنوات في نطاق كيان جغرافي و سياسي معين أو تلك التي نشأت بفعل ألهجره ألشرعية أو أللاشرعيه أو التي افرزها الفصل ألقسري وترسيم ألحدود في ظل الاستعمار القديم وما بعد الامبريالية أو بسبب الحروب أو أولئك الذين شكلوا تدريجيا كلاجئين( غيتو) داخل مجتمعات وفرت لهم الآمن والحماية والملاذ .. .ماذايحدث لو أن كل هؤلاء سيطالبون بحق تقرير المصير الذي يكفله ميثاق الأمم المتحدة في أول صفحه منه ؟؟



قبل ذلك وجدنا تطبيق هذا النهج في أنفصال النرويج عن السويد عام 1905 م وانفصال فنلندا عن روسيا عام 1917م والاعتراف بهذا الحق قي كيوبك في كندا واسكتلندا عن بريطانيا إلى حدما . ان ملف إقليم بيافرا في نيجريا 1967-1971م كان حدثا دمويا في تلك ألحقبه الافريقيه المضطربة فيما شكلت هذه القضية مصدرا لعدم الاستقرار في آماكن عديدة من العالم :سيريلانكا‘ تنزانيا‘ الهند ‘وباكستان‘... قبرص السودان الجزائر العراق اثيوبيا اسبانيا اليونان.. واخيرا قرقيزستان والعديد من دول البلقان التي رسمت حدودها بعد الحرب العا لميه الأولى .



لقد لجا البعض من الرافضين لهذا النهج إلى ابتداع مبررات بإعطاء الحق للأقليات دون حق على الأرض أو ألمطالبه بصهر هذه الأقليات على غرار ما دعا أليه الدبلوماسي والمفكر العربي كلوفيس مقصود منذ عقود مضت .

لقد جرى تعقيد حل ألقضايا المتعلقة بحقوق الأقليات في أغلب دول العالم الثالث وولد بعضها بعد مخاض النوايا المبيتة للدول العظمى التي رسم ساستها خرائط تجعل من مشكله الأقليات قنبلة موقوتة في ظل غياب الديمقراطية والدولة الشمولية ذات الطابع القومي .

أن أفضل أ جابه على سؤالنا السابق هي كوسوفو التي قد تكون البداية في سلسله عمليات الانشطار والانفصال في الالفيه الثالثة .والغريب ان دوله في وسط أوروبا وليس الشرق الأوسط او إفريقيا هي التي شهدت أحدث تطبيق لحق تقرير المصير ونقصد بها يوغسلافيا سابقا التي اقتطع من جسدها سلوفينيا والبوسنة والهرسك وكرواتيا ومقدونيا والجبل الأسود ومن ثم كوسوفو بنصوص ومبررات دينيه وطائفيه وقوميه بعد جراحات دمويه قاسيه أعقبت تفتت الاتحاد السوفيتي وتحوله إلى جمهوريات قوميه . ولعبت القوه الأعظم دورا أساسيا في عمليه أجراء هذه ألجراحه من خلال تبنيها لحق تقرير المصير بمبررات أخلاقيه وقانونيه رغم معارضه بعض حلفائها في الغرب والشرق الذين يخشون من صدى استقلال إقليم صغير جدا تسكنه اغلبيه ألبانية مسلمه على رفع معنويات الأقليات القومية فيها .

ومنذاعلان كوسوفو الاستقلال من طرف واحد في 17 فبراير شباط 2008 اعترفت 69 دوله باستقلالها من بينها 22 دوله عضو قي الاتحاد الأوروبي مقابل 44 دوله أخرى صرحت بأنها لن تعترف بهذا الاستقلال الأحادي الجانب ومنها رومانيا وقبرص واسبانيا وسلوفاكيا وروسيا والصين والهند والبرازيل ودول عربيه وإفريقيه .

لقد جاء قرار محكمه العدل الدولية في 22 تموز يوليو 2010 م بناء على طلب تقدمت به بلغراد إلى الأمم المتحدة وهو رأي استشاري غير ملزم ليؤكد بالنص (أن إعلان استقلال كوسوفو لم ينتهك القانون الدولي) حيث كرر وزير خارجية صربيا فوك بريميتش رفض أعتراف بلاده بانفصال كوسوفو فيما خاطبه وزير خارجية كوسوفو أسكندر حسيني داعيا إياه للعودة إلى مائدة المفاوضات باعتبارهما بلدين كاملي السيادة .

وبين خطا فادح في رهان الدبلوماسية الصربية على قرار لن يقدم أو يؤخر من حقيقة أنفصال كوسوفو يتساءل بعض خبراء القانون الدولي على كيفيه طرح ألطلب من قبل الجمعية ألعامه للأمم المتحدة الذي لم يسمح لمحكمه العدل الدولية بمعالجه شامله للموضوع ... لكنها قامت بتحليل إصدار إعلان الاستقلال فقط وليس أثاره القانونية فيما يتعلق بشرعيه أنشاء دوله جديدة وحول شرعيه أعتراف عدد من الدول بذلك وهل هو مطابق لمعايير القانون الدولي أم لا ؟ إن الذين ينتقدون دور الولايات المتحدة ويشككون في نواياها بشان كوسوفو أو مناطق أخرى في العالم خاصة من المسلمين ترد عليهم واشنطن بقولها إن جمهوريتين مسلمتين ظهرتا في أوروبا بحماية ودعم البيت الأبيض وهما البوسنة و كوسوفو .

أن البعض من المراقبين يرى أن ماحصل في كوسوفو ليس هو النهاية بل ألمقدمه لمزيد من عمليات الانفصال وتغيير خارطة العالم لأنه يعزز من ثقة الأقليات في دول أخرى للمطالبة بحق تقرير المصير مهما كانت ألرقعه الجغرافية التي يدعون الحق بها صغيره أو كبيره . من ناحية أخرى فان تعطيل تطبيق هذا المبدأ بصوره سلميه يكمن وراء العنف المسلح والعمليات الارهابيه التي تعاني منها دول كبرى . ترى هل يمكن النظر الى القضية الفلسطينية اليوم من هذا المنظار في ظل قناعه وشبه أجماع دولي بضرورة ظهور دولتين أحدهما عبريه والأخرى فلسطينيه يعيشان معا بسلام وأمن ؟

أن عمليات الشيشان في قلب موسكو التي تمثل أستمرارا لمطالبتهم بحق تقرير المصير منذ القرن التاسع عشر رغم أباده الملايين منهم والعمليات الانتحارية لنمور التاميل منذ سنوات طويلة ومظاهرات الأكراد في تركيا .. وابقاء سيف مجزره أباده الأرمن(1915-1917) على رقاب قاده هذه ألدوله ألمسلمه التي تقف القضية الكردية كأحد العوارض بوجهها للانضمام الى الاتحاد الأوروبي ما يبرر سياسة واشنطن وحلفاءها بدعم مطالبه الأقليات بحق تقرير المصير وهو ما شجع ناشطين من قوميات متعددة يقيمون على الأراضي الامريكيه للتظاهر أمام البيت الأبيض حاملين شعارات كتب عليها (لماذا نعم من اجل كوسوفو ولا بالنسبة لنا ؟)

وكان جواب نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن مطمئنا لكثير من أصدقاء بلاده حين قال أن كوسوفو حاله استثنائية واحده فقط !!

يروى الكاتب والمخرج البريطاني المعروف جون بيلغر مؤلف كتاب( لأتقل أكاذيب )ان جيش تحرير كوسوفو كان في غالبيته من المرتزقة في بلاك وتر وغيرهم الذين دبروا المذابح ضد المسلمين الألبان واتهموا بها الصرب وينقل وجهة النظر هذه عن قائد قوات الأمم المتحدة في البلقان الجنرال لويس ماكنري .

وبغض النظر عن مدى صحة هذه ألرواية ألتي تضعف مصداقيتها المجازر ألتي أرتكبها الصرب في البوسنة وكرواتيا ومجزره سربرنيتسا الشهيرة ضد ألمدنيين في البوسنة في 11يوليو –تموز 1995 التي ارتكبها الصرب بقياده ألجنرال رادكو ملادج وراح ضحيتها أكثر من 8000 مسلم بوسني تركتهم ألوحدة الهولندية لحراب الصرب و تعتبر اكبر مجزره في أوروبا منذ انتهاء ألحرب العالمية الثانية ... فان تطبيق حق تقرير المصير كما يبدوا بحاجه إلى تمريره عبر سيناريو شبه موحد فهو يتطلب مجزره ضد الاقليه على يد قوات الحكومة أو الميليشيات التابعة لها ... وتغطيه إعلاميه عالميه مؤثره للمجازر.... ورموزا للاضطهاد... ومتحفا للضحايا على غرار متاحف الهولوكوست ألنازيه ضد اليهود ... ومنظمات إنسانيه ودوليه تتعاطف معهم وتحويل جرائم القتل ضدهم إلى جرائم( أباده عرقيه) وطلب الحماية الدولية ليتبعها بعد ذلك إعلان الانفصال والصدام المسلح مع ألدوله الأم.. ومن ثم التدخل الخارجي عسكريا وكل ذلك يتم برعاية دوليه وإسناد إقليمي لابد منه وبدونه فان المشروع برمته معرض للشكوك في عالم القطب الواحد.

لكن هذا السيناريو يصبح أكثر تعقيدا حين تتوزع الاقليه القومية أو الطائفية بين أكثر من دوله متجاورة حساسة جدا أذا تعلق الأمر بحدودها وهذا الأمر يبدو واضحا بالنسبة للأكراد والمجريين.

أن ألواقعية تتطلب منا تحليل كلفه كل خطوه وما سيترتب عليها من نتائج فمن الصعب علينا مثلا أن نصل إلى حسابات دقيقه بشان الكلفة المالية والنتائج ألاقتصاديه المترتبة على تطبيق مبدأ التجزئة على أساس قومي أو طائفي.

أن الاجابه يقدمها الكنديون والاستراليون الذين يرون ان ملكه بريطانيا هي الرئيس الفعلي لكلا البلدين المستقلين منذ عقود طويلة والبعيدين ألاف الأميال عن الجزر البريطانية وهي أجابه صادمه لنا في العالم الثالث. حيث يبرر ساسه وشعوب كلا البلدين ذلك بالقول ان البديل قد يكلفنا عشرات المليارات من الدولارات سنويا نستطيع أن نستخدمها في تمويل نفقات اجتماعيه واقتصاديه كبيره واهم .

مالذي يحدث للنظام العالمي في حال تطبيق هذا المبدأ وزيادة عدد الدول وبماذا سيخدم هذا الحق شعوب ألدول الجديدة باستثناء إرضاء نزعتها الاستقلالية والتعبير عن هويتها القومية ؟

إن معظم دول العالم تتضمن دساتيرها فقره شبه موحده تنص على وحده أراضيها وسيادتها على كامل التراب الوطني ورفض أي شكل من أشكال الانفصال تحت أي مبرر ما دامت خارطتها مسجله في( الطابو ) الاممي بحدودها الدولية .أن اتفاقيه هلسنكي لعام 1975 تقر صراحة بعدم أمكانيه تجزئه أراضي أي من الدول الاوروبيه .لكن هناك الحاجة دائما الى نظام بديل أكثر فاعليه وقدره على توفير الحياة الأفضل والمساواة في الحقوق بين الاغلبيه والاقليه القادر على جمع المواطنين سلميا وتوافقيا لا صهرهم قسرا.

أن العديد من القوميات في أوروبا رغم الديمقراطية وعلمانيه ألدوله وعدم التمييز في الدستور بين المواطنين تطالب اليوم بالحكم الذاتي أو حق تقرير المصير وقد تسبب رفض ذلك بمزيد من الصراعات مثل الذي حصل بين روسيا وجورجيا مؤخرا . أن افخازيا واوستيا الجنوبيه وتراسنستريا تمثل حلقات من سلسله متتابعة من الألغام القابلة للانفجار في أي وقت في ظل صراع عالمي لن ينتهي رغم انه يخمد مثل البراكين .

أن المشهد الراهن أمامنا قد يعطي انطباعا أوليا بالهدوء آذ يظهر كل شيء وكأنه خاضع لخارطة يمسك بها الكبار ويقررون مصيرها ولكن حتى متى ؟

إن الصراع بين الاغلبيه والاقليه والمظاهرات ذات الطابع الانفصالي والخلاف حول السلطة والموارد والهوية الثقافية تبرر للدول الكبرى مواقفها لتطبيق حق تقرير المصير الذي ينزع فتيل الصراعات والحروب العرقية التي حصلت في رواندا وفي السودان وغيرها .

وهذه الحركات التي تلجا للولايات المتحدة وحلفائها والدول الاقليميه لطلب الدعم تضطر في الغالب إلى تقديم تنازلات وتعهدات باهضه الثمن تحد من مصداقيتها و أستقلاليتها لاحقا ويجعلها تابعه لأصحاب القرار الخارجي الذين يبحثون عن مصالحهم بالدرجة الأولى خاصة عندما يتعلق الأمر بالدول الغنية بمواردها أو موقعها الاستراتيجي التي تجد الدول الكبرى أن من مصلحتها تقزيمها وتقليم أظافرها ومنعها من التحليق أو لعب دور مؤثر في محيطها الإقليمي ومنع تكرار تجربه النمور الأسيويين أو بهدف إضعاف دول تشكل خطرا على مصالحها أو مصالح حلفائها في المنطقة .

لقد وقفت أوروبا الموحدة رغم رياديتها لشعارات الحرية وحقوق الإنسان وحق تقرير المصير عاجزة إزاء ما حدث في البلقان من مجازر بنفس درجه التردد في أتخاذ قرار بشان مطالبات الانفصاليين في إلباسك في اسبانيا والكورسيكيين في فرنسا ومواطني ايرلندا الشمالية والمجرين في دول الجوار وتكرر نفس الموقف مع الشيشان والأكراد في تركيا والعراق وإيران والأرمن في ناغورنو قارباخ والاغور في الصين والمسلمين في كشمير وإحداث جنوب السودان ودارفو و أ لامازيغيين في شمال إفريقيا وغيرها من الصراعات التي تتركز حول أدعاءات الأقليات بملكيه الأرض التي يقيمون عليها تاريخيا وحقهم في تقرير مصيرهم أي الاستقلال .

بينما كان التيار الإسلامي الأصولي الجديد وصدام الطوائف قادرا على خلق مطالب جديدة تهدد استمرار النسيج الوطني الموحد حتى بين أبناء القومية الواحدة .

لقد أنفصلت لباكستان عن الهند عام 1947 على يد علي جناح استنادا إلى ألهويه الدينية رغم أن الزعيم الباكستاني كان علمانيا ولم يكن متدينا وتشاء المصادفة ان تظهر الباكستان في نفس العام التي ظهرت فيه إسرائيل على يد بن غور يون الذي لم يكن متدينا أيضا ولكن العامل الديني كان أساس قيام ألدوله العبرية والباكستانية على الخارطة.وفي عام 1970 انفصلت بنغلاديش عن باكستان على أساس قومي بينما بقيت مشكله كشمير عالقة دون حل بين الهند وباكستان .

أن ألصوره المستقبلية في أوروبا تبدو في الوقت الراهن أقرب إلى وضع اللمسات الاخيره على عكس ما سيحدث في العالم الإسلامي وإفريقيا الواعدة بمزيد من المفاجئات .فقرار فصل كوسوفو تكمن ورائه أهداف سياسيه واضح ذات صله برغبه واشنطن وحلفاءها أعاده رسم خارطة البلقان بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتفتيت جمهورياته (15 جمهوريه سابقا ) والسعي لاحتوائه وأحاطته بكيانات سياسيه حليفه لها وإشعال الحرائق العرقية عند تخومه كلما دعت الحاجة وتمديد قواعد الناتو لتطوقه عند حدوده الجنوبية والشرقية ونشر الدرع الصاروخي قريبا من حدوده في بعض دول حلف وأرشو سابقا وتخفيف هيمنته ألمطلقه على البحر الأسود .

أن كلا من كوسوفو وربما صربيا لاحقا ستنظم إلى الاتحاد الأوروبي مستقبلا وهو ما يعني نقل جزء كبير من سيادة الألبان والصرب معا إلى المؤسسات التابعة للكيان الأوروبي الموحد .

يتساءل البروفيسور ميخائيل أوزراتسه من كليه الدفاع في بخار ست عن الأسباب التي دفعت ألبان كوسوفو الى رفض الحكم الذاتي الموسع الذي عرضته عليهم بلغراد سابقا بينما سيقبلون قرارا أخر وسيسعون اليه بشق الأنفس وتقديم تنازلات جمة وبشروط صعبه قي حال قبول عضويتهم في الاتحاد الأوروبي ؟

لماذا لا ننظر إلى قضيه كوسوفو من خلال مقارنتها مع تايوان كواقع دون أن ننسى أن ضغوط الصين مقاطعه أي دوله في العالم تعترف بتايوان حالت دون أعتراف الأمم المتحدة بها ؟أن دولا أخرى مثل صربيا وجورجيا وغيرها لا تمتلك قدره الصين العضو الدائم في مجلس الأمن واكبر دوله من حيث معدلات النمو عالميا رغم أن ميثاق ألأمم المتحدة يقر بان جميع دول العالم متساوية .من هنا من المفترض أن تحصل صربيا وغيرها من الدول الأخرى ألتي تواجه إشكاليات ألانفصال على نفس حقوق الصين في رفض الاعتراف بتايوان .

هناك من يرى أن العلاقات ألثقافية والاقتصادية والتشابك الاجتماعي بين سكان الصين وتايوان ستساهم لاحقا في أعاده توحيد الجزيرة الصغيرة مع الوطن ألام العملاق أو المارد الاقتصادي .فهل من الممكن أن تتوحد كوسوفو مع صربيا أذا ما فرض عليهما الاتحاد الأوروبي ذلك كشرط لانضمامهما معا في دوله موحده العضوية ..أم أن قرار الانفصال نهائي وقفت خلفه أرادات عالميه كبرى وفق حساباتها لرسم خارطة البلقان للمرة الثانية خلال مائه عام ؟

أن الحدث الدراماتيكي الأكثر حضورا على المسرح العالمي يتعلق بالسودان التي شهدت حربا بين الشمال المسلم والجنوب المسيحي استمرت ثلاثة عقود وانتهت قبل أربعه أعوام وأسفرت عن مقتل مليوني شخص وأربعه ملايين نازح في دول الشتات الافريقيه . لقد دعت واشنطن وحلفائها الحكومة السودانية التي تواجه ضغوطا كبيره بفعل إحداث دارفور إلى إجراء الاستفتاء في الجنوب في موعده مطلع 2011 م والتفاهم التام بشان ترسيم الحدود وحقول النفط والمياه وغيرها .

لهذا ناشد سالفاكير رئيس جنوب السودان المواطنين من مدينه جوبا عاصمة الجنوب خلال قداس في كاتدرائيه القديسة تريزا إلى المشاركة الواسع في الاستفتاء في اكبر دوله إفريقيه معتبرا أن بقاء السودان موحدا سيجعل من الجنوبيين (مواطنين من الدرجة الثانية )فيما حذر الرئيس اوباما من سقوط اكثر من مليون قتيل اذا لم يجر الاستفتاء بشان مصير جنوب السودان إي منح الجنوبيين حق تقرير المصير.

آن هذه ألصوره ألعامه عن حق تقرير المصير ونماذجه على الخارطة الدولية تقدم لنا تمهيدا لبحث ملف القضية الكردية في العراق من خلال عقده مدينه كركوك المستعصية التي لعبت دورا خطيرا في تاريخ العراق المعاصر ولازالت حتى هذه اللحظة. مع قناعتنا الثابتة ان ألدوله المدنية ألحديثه وسيادة القانون واحترام خصوصية جميع المواطنين في اللغة والممارسة الدينية والثقافية من خلال الديمقراطية الحقيقية هي الوسيلة الوحيدة لمعالجه التطلعات المشروعة للأقليات قي الدول ذات ألتركيبه الاثنيه والطائفية المتعددة .

بينما يرى دعاه النظام العالمي الجديد أن تحويل العالم إلى قرى صغيره تتوفر لها كل المستلزمات الضرورية هي الوسيله الوحيدة لمعالجه إشكاليات الخصوصية وإنهاء الصراعات العرقية وحروب أبناء الوطن الواحد .



(من كتاب صدر مؤخرا للكاتب بعنوان دوله البعد الواحد)

[email protected]



#عزيز_الدفاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تستحق الكويت ان نموت من اجلها؟!
- (ثأر الله)..و (ثأر الوطن )
- الزعيم ...... قتلوه....أم شبّه لهم؟!!!
- ديغول ..وحيدر الخباز !!!
- علي السوداني من مخبأه : ما أعذب البحر الميت!!!
- وديعة البطريرك :نبيذ السلطة... وخبز الشعب !!!
- من( نحر) ألقائمه العراقية ؟؟
- فنجان الدم !!!!*
- الهشيم
- هل ستنتخبون صدام حسين حيا وميتا ؟!!
- رسالة مفتوحة(كالقلب الذي اخترقته رصاصه غادره) وا أسفاه أيها ...
- إياك أن تفعلها يا رئيس الوزراء !!!
- زيارة بإيدن لبغداد لماذا يمارس الأمريكيون لعبه (الأفعى والسل ...
- الدبلوماسية العراقية ...اشكالية الهوية وضبابية الاولويات.(ال ...
- الدبلوماسية العراقية ...إشكالية الهوية وضبابية الاولويات (ال ...
- الدبلوماسية العراقية ...اشكالية الهوية وضبابية الاولويات (ال ...
- أحتضار ألأحزاب ألايدولوجيه في العراق ..و عوده (الامير)!!(2)
- أحتضار ألأحزاب ألايدولوجيه في العراق ..و عوده (الامير)!! (1)
- شبح (الصحاف) في ستوديوهات( العراقيه )!!!
- مهرجون ..في بلاط السلطة( الخامسة )!!!


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزيز الدفاعي - حق تقرير ألمصير... من كوسوفو ألى كردستان !!