أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر فريد حسن - جبرا ابراهيم جبرا بين الوفاء والذكرى














المزيد.....

جبرا ابراهيم جبرا بين الوفاء والذكرى


شاكر فريد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 3207 - 2010 / 12 / 6 - 16:15
المحور: الادب والفن
    





جبرا ابراهيم جبرا بين الوفاء والذكرى
شاكر فريد حسن

قبل (16 )عاما، وتحديدا في كانون الاول من العام 1994 فارق الدنيا الشاعر والناقد والروائي والمعرب والتشكيلي الفلسطيني، وفنان الكلمة والريشة المثخن بجراح الابداع، جبرا ابراهيم جبرا، الذي مضى الى حيث لا مكان لا وطن.
ينتمي جبرا الى جيل المبدعين، جيل التجربة وقد اشغل موقعا هاما وبارزا في المنجز الثقافي العربي الفلسطيني والعراقي، وهو شخصية ادبية وثقافية واكاديمية مرموقة امتلكت من الخصب والابداع الاصيل والعطاء الادبي الحقيقي ما يجدد حضورها الدائم في المشهد الادبي والنقدي العربي، وثقافتنا العربية المعاصرة.

وفي بيت لحم الفلسطينية، مهد المسيح، ولد جبرا سنة 1920 ونشأ في عائلة فقيرة الحال، وعاش طفولته في بيوت لا قوام لها، حيث تجرح كؤوس الفقر والمعاناة والمرارة والالم، وانتم دراسته الاولى في المدرسة الرشيدية ثم تعلم في الكلية العربية في القدس، وبعد ذلك حصل على منحة للدراسة في بريطانيا، فسافر والتحق بجامعة كمبرج وتخرج منها ثم عاد وعمل في المدرسة الرشيدية.

وفي العام 1948 سافر جبرا الى بغداد الرشيد، بلد الحضارة العربية الاسلامية ومركز الاستقطاب الادبي والثقافي آنذاك وموطن فرسان المنابر الشعرية والادبية: الجواهري والبياتي والسياب ونازك الملائكة وسعدي يوسف وبلند الحيدري ولميعة عباس وسواهم.
وبين فلسطين والعراق تشكل افق جبر الثقافي، واصطفى من خيارات الثقافة اصعبها واغناها: الشعر والرواية والنقد الادبي والفن التشكيلي والترجمة. وكان في كل هذه المجالات والميادين مبدعا يصغي الى هواجس ذاته بالقدر الذي يحسن فيه الاصغاء الى الآخرين، متحررا من جميع التيارات الادبية والتنظيمات السياسية مما جعله حاضرا بقوة لدى جميعها.

حمل جبرا ابراهيم جبرا الهم والجرح الفلسطيني وعبء القضية، ومن معاناة شعبه سطر ملحمة التصادم اليومي بأدق تفاصيلها، ورسم وصور وأرخ تاريخ ملحمة العذاب الفلسطيني بكل ما فيها من مرارة وبؤس وشقاء، ليتحول ابداعه الشعري والروائي اشبه بلوحة لضمير المثقف الفلسطيني، هذا الضمير الذي عكسه للعالم بكل عذاباته وجراحاته، وهزائمه وانتصاراته.

وجبرا ابراهيم جبرا قدم كل ما انتجه وابدعه اعتمادا على تنوع وغنى الثقافة العربية، ولم يخفِ اعجابه بنموذج المثقف العربي القديم حين قال في "اقنعة الحقيقة واقنعة الخيال": "يخيل الي ان الكاتب العربي القديم كان في معظم الاحيان، ولا اقول كلها اخلص الى نفسه والى رؤيته فيما يقول وفيما يكتب من كاتبنا العربي اليوم، لم يكن الكتاب القدامى اذا تمثلناهم في احسنهم ليقفوا عند حد شكلي فيما يريدون ان يقولوه، ولذا كانت عندهم الخطابة والقصة والمقالة والرسالة والحكاية والامثولة وغيرها، كانت كلها وسائل للجهر او التضمين او الترميز لقول ما يلح على ذهن الكاتب استجابة لعصره وظروفه واستجابة لحاجته النفسية والعقلية.

ترك جبرا ابراهيم جبرا اعمالا وآثارا ادبية وفكرية، في الشعر والرواية والقصة والنقد والترجمة. ففي الشعر: تموز في المدينة، المدار المغلق، لوعة الشمس، الاعمال الشعرية الكاملة، وفي القصة القصيرة: عرق وقصص اخرى. وفي الرواية: صراخ في ليل طويل، صيادون في شارع ضيق، السفينة، البحث عن وليد مسعود، عالم بلا خرائط، يوميات سراب عفان، شارع الاميرات، الغرف المغلقة.

اما في النقد الادبي: الحرية والطوفان، الرحلة الثامنة، الفن العراقي المعاصر، النار والجوهر، ينابيع الرؤيا، الفن والحلم، جذور الفن العراقي، وغير ذلك. وثمة قضيتان تناولهما جبرا ابراهيم جبرا في قصائده واشعاره، وهما: ازمة الانسان العربي المعاصر، وازمة الوطن المغتصب بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان ودلالات.
ومن يقرأ روايات جبرا يكتشف جزءا من شخصيته الحضارية التي تعنى بالتفاصيل الدقيقة قدر عنايتها بموضوع المصائر الكبرى. واذا كانت بيت المقدس هاجسه الفني الاول فقد ظلت في رواياته واشعاره وكتاباته الابداعية المختلفة مجسدة على شكل اقنعة وايقونات متعددة، واحد منها "وليد مسعود" وآخر هو "السفينة" وبينها احلام "سراب".
يقول الروائي والناقد الفلسطيني فاروق وادي: "ان جبرا ابراهيم جبرا فنان مدرك لادواته وواع لهندسته يعرف المكان الصحيح للكلمة التي يقدم من خلالها رؤياه، ويعرف اين تكون ضربة الازميل في بنائه الفني، انه يرسم شخصياته بابعادها المختلفة، الاجتماعية والتاريخية والثقافية والنفسية، فهي تكوين لتلك المحصلة للعلاقات الحياتية المتشابكة، بماضيها وحاضرها، بثقافتها وعواطفها واحاسيسها، وبتشابك علاقاتها الاجتماعية وجدليتها، وكل ذلك يؤكد حضور الشخصية لا كمجرد وفكرة وحسب، وان عبرت عنها، وانما ككيان انساني معقد يحمل فكرة ويمثلها كجزء من كيانه.

واذا تأملنا في كتابات جبرا النقدية نجد ان في معظمها قراءات ومتابعات قائمة على "جمالية المتلقي" وهو يرى ان مهمة الناقد تتحدد بـ "البحث عن الصدق والوشائج والتصاميم الخفية في كل جزء من اجزاء العمل وابرازها للعين". وغالبية ما كتبه جبرا في النقد يدور حول الشعر والشعراء، واننا لم نجده غاضبا ومنفعلا سوى مرتين: الاولى على نازك الملائكة حين وجدها تعمل على تسييج "الشعر الحر" بما هو انكفاء على التراث، لا تقدما بهذا التراث.

والمرة الثانية على الشاعر علي احمد سعيد (ادونيس) عندما وجد التناقض يسيطر على ديوانه "المسرح والمرايا" حيث الوجه موزع بين "اقنعة" متعددة ومتناقضة، وان موقفه ضائع واصالة الرؤية مبددة.

واخيرا، جبرا ابراهيم جبرا علامة فارقة ومميزة في الابداع الفلسطيني، ومن ابرز وجوه المغامرة النقدية، انه فنان ومبدع متعدد المواهب ومتشعب الاهتمامات، اتسم ابداعه بالتعددية والتأثر بالثقافة الاجنبية ولا سيما الانجليزية، واذا كان قد غاب عن الحياة جسدا لكنه يبقى فكرا واصالة وابداعا وحضورا وتوهجا دائما في حياتنا الثقافية والادبية.



#شاكر_فريد_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في مؤلف الراحل علا عيسى :اضاءات على عالم ادونيس -
- عصام بدر..من اعلام الحركة الفنية التشكيلية الفلسطينية
- شهادة الكاتب مصطفى مرار حول (أدب الأطفال)
- عز الدين المناصرة .. الشاعر الفلسطيني الذي لن يفهمه غير الز ...
- محمد اركون ...المثقف النقدي التنويري المتبحر في محيطات المعر ...
- الروائي المصري الراحل عبد الحكيم قاسم
- خصوصية الثقافة العربية الفلسطينية في اسرائيل
- العدد السادس من مجلة (الاصلاح )الثقافية
- -ثقافتنا على مفترق طرق-
- القاص محمد علي طه ...عطاء لا ينضب
- رحيل آخر العمالقة .. .. المفكر الكويتي د. احمد البغدادي
- في رحيل الروائي الجزائري الطاهر وطار
- اضاءة على واقع القصة القصيرة في الداخل الفلسطيني
- صفحة من الماضي.. عن مهرجانات الصحافة الشيوعية
- صدور عدد جديد من مجلة (الاصلاح)
- الملصق السياسي الفلسطيني ...رموز ودلالات
- حول دراسة الدتور نبيه القاسم: (الحركة الشعرية الفلسطينية في ...
- -المجلس التربوي- للتعليم ..مبادرة طليعية مباركة
- احمد حسين في كتابه -رسالة في الرفض-
- مع كتاب يوسف سعده:(الشعر الشعبي في العرس الفلسطيني)


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر فريد حسن - جبرا ابراهيم جبرا بين الوفاء والذكرى