أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حنا زيادة - هل المسيحيين أفضل من المسلمين؟ مسلسل لقناة -المنار- عن يسوع المسيح















المزيد.....

هل المسيحيين أفضل من المسلمين؟ مسلسل لقناة -المنار- عن يسوع المسيح


حنا زيادة

الحوار المتمدن-العدد: 3205 - 2010 / 12 / 4 - 10:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هل المسيحيين أفضل من المسلمين؟
بقلم حنا زيادة
ترجمة مكارم ابراهيم

ماذا يفعل رجل دين اذا استهزء وسخر الإعلام من احد رموزه الدينيةالأساسية؟ هل يدعو الى الخروج بمظاهرات عارمة؟ وهل يدعو الى المقاطعةالاقتصادية لبضائع ذلك البلد؟ كلا ابدا, كل مافي الامر يتصل برئيس الشرطة ورئيس الشرطة يرسل دورية للقيام بمنع الفريق الإعلامي من تكملت العمل وبدون اية مقاومة أو انتفاضة أو مظاهرات وبدون المطالبة بتقديم اعتذارات.

ماذكرته آنفا ليست إعادة كتابة متأملاتية لواقعة الرسوم الكاريكاتوريةالمسيئة للنبي محمد التي نشرتها صحيفة اليولاند بوستن الدنماركية والتي رفضت الاعتذار عن نشرها لتلك الرسوم.
ولكن هذا هو هذا ماحدث فعلا في لبنان في شهر آب اغسطس2010 عندما قامت القناة التلفزيونية اللبنانية الشيعية التابعة لحزب الله (المنار) والقناة التلفزيونية الشيعية (ان بي ان) التابعة لحركة أمل ببث مسلسل عن يسوع المسيح في شهر رمضان وهو من انتاج ايراني. ومن الوهلة الاولى لا يبدو ان المسلسل الايراني لشخصية المسيح حسب الرؤية الشيعية المعاصرة لم تكن فيه أية إساءة لشخصية المسيح. ومن الواضح ان شخصية المسيح في
المسلسل احادية الابعاد كما هي العادة في الافلام الشعبية التي تعرضها القنوات المسيحية في لبنان بمناسبة عيد الفصح. وبنظرة فاحصة على شخصية المسيح أو عيسى ابن مريم في قناة المنار نجد بان قناة المنار الشيعية قدمت شخصية المسيح عيسى وليس حسب ماجاء في القرآن بل حسب ماجاء فيما يسمى "إنجيل برنابا".

ويعود "إنجيل برنابا" المزور الى القرن الخامس عشر ويدعي هذا "الإنجيل" أنه يروي حياة المسيح بحسب القديس بارناباس. ولكن وفقا للتقاليد المسيحية المتفق عليها عموما فان برناباس يعتبر رفيق للقديس بول من القرن الاول وليس كما يدعي "إنجيل برنابا" بأنه احد التلاميذ الاثناعشرالذين حملوا البينات والحجج للمسيح وحياته.

تؤمن قناة المنار مثل عدد كبير من المسلمين بان قصة حياة المسيح في "إنجيل برنابا" هي القصة الحقيقية, في حين ان الكنسية تعتبره قصة مزورة. رواية"إنجيل برنابا" تتفق مع رؤية المسلمين في نقاط هامة. فيسوع في "إنجيل برنابا" مثل عيسى في القرآن هو إنسان ونبي وليس رب او ابن الرب وكذلك لم
يصلب بل رفع الى السماء.

لقد كانت الكنيسة في لبنان والمطران الماروني لجبيل بشارة الراعي(هو من اتصل برئيس الامن) في مركزالازمة. وإعتبرت الكنيسة بان المسلسل الديني يسئ الى الدين المسيحي. واكد بشارة الراعي بان كنيسته لاتعترف بشخصية المسيح التي جاءت في المسلسل لان المسلسل ينكر صلب المسيح وهذا بحد ذاته يعتبر إعتداء كبيرا على الرب المسيح وعلى الكنيسة. ويضيف الراعي بان المسلسل التلفزيوني يقوض جميع الاديان ويساعد على نشر الفتنة الأهلية. وهكذا بمجرد انه ذكر "الفتنة الأهلية" يستخدم الورقةالرابحة ضد أي رأي أخر.

ولكي تستطيع رقابة الكنيسة ان تنتصر على القناة الشيعية كان على المطران بشارة الراعي ان يجد طريق التفافي اخر. وهو انه لم يفرض رقابة على ماتناوله القرآن عن المسيح عيسى لكنه يفرض رقابة على قصة المسيح التي تناولها "إنجيل برنابا" المزور. لقد أدانٌت الكنيسة الروم الكاثوليك المسلسل التلفزيوني إستنادا على نفس الحجج لإعتماده على "إنجيل بارنباس" الذي إعتبرته "يتعارض مع تعاليم القرآن والكتاب المقدس".

ولكن هل الحجج اللاهوتٌية التي قدمتها الكنيسة هي التي جعلت حزب الله الذي هو دولة ضمن دولة ولا يخش قوى الامن ان يوافق على رقابة الكنيسة ولهذا أوقفت بث المسلسل الديني "المسيح"؟ كلا بالطبع. بل لقد كان بسبب اعتبارات سياسية نفعية متبادلة هي التي جعلت من حزب الله يوقف بث المسلسل الديني.إذان حزب الله جزء من النظام الطائفي اللبناني المتمدد في كل الجهات ودخل في تحالف وثيق مع أكبر الفصائل السياسية المسيحية والتي تتمثل بالتيار الوطني الحر. إن صراع مفتوح مع الكنيسة سيؤدي الى ان يضعضع هذا التحالف الغير طبيعي والذي كلف حليف حزب الله المسيحي انخفاض شعبيته.

لقد احتجت القناتين التلفزيونيتين وبشكل روتيني, بينما وزير الاعلام طارق متري صرح على أنه راضي عن أن "الحوار" مع هاتين القناتين أقنعهما بضرورة التوقف عن بث هذا المسلسل الديني.
ينتمي السيد طارق متري الى الكنيسة الارثوذوكسية وكان وزيرا للدولة في الفترتين الحكوميتين الاخيرتين وذلك بسبب دوره وخبرته الطويلة في الحوار الاسلامي-المسيحي في لبنان والعالم. واكد متري بانه "ضد مبدأ الرقابة, ولكن جاءت الرقابة هنا كضرورة لان لبنان بلد خاص, بلد يقوم على الحوار, وبلد يلتقي فيه المسلمين والمسيحيين". كما لاقت تصريحات متري ترحيب عام يتمنى على كل القنوات التلفزيونية ان تتحمل ومسؤليتها والى "احترام كل الاديان". لقد كانت تصريحات السيد متري متناقضة مع ذاته ومع بياناته العديدة في الهيئات الخاصة بالحوار الاسلامي -المسيحي.

إن قضية المسلسل التلفزيوني "المسيح" إنما تدل على انه لايوجد حوار محترم ومسؤول يتحكم بالعلاقة بين المسلمين والمسيحيين عندما يتعلق الامر بكيفيةالتعامل مع معتقدات الآخرين الدينٌية. ويمكن بالاحرى تشبيهها بالتوازن الرعب: لاتقترب من رموزي المقدسة كي لااقترب من رموزك. والنتيجة هي ان ماأطلق عليه المسلمين والمسيحيين "بلد الرسالات" اصبح بلدا توسعت فيه
المحرمات وثقافة فرض الرقابة على الاخرين.

هذه القضية تدل على ان المسيحية ليست أفضل من الإسلام فيما يتعلق فرض بالرقابة. في لبنان مازلت للكنيسة سلطة الرقابة التي تم ألغائها في أوروبا. فبينما كان الأئمة المسلمين الدنماركيين يحلمون بان ينتزعو اعتذارا من الصحيفة الدنماركية التي نشرت الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبيهم محمد تفرض الكنيسة في لبنان الرقابة تمنع اي عمل فني يقترب من الكنيسة ورموزها الدينيةالاساسية.

فقد منعت الكنيسة عرض فيلم (الإغراء الأخير للسيد المسيح) للمخرج الامريكي مارتن سكورسيزي او فيلم (شيفرة دافنشي) الذي واجه الرفض والإنتقاد الحاد من الفاتيكان ووصل إلى المطالبة بطرد الفيلم من مهرجان كان 1988. وكجزء من صفقة المقايضة بين المتدينيين المسيحيين والمسلميين في لبنان طالبت الكنيسة المسيحية بمنع نشر اي شئ يعتبر تعٌدي على حرمة وقدسٌيةالرموزالإسلامية من رواية سلمان رشدي "الآيات الشيطانية" الى الرسوم الكاريكاتورية الساخرة من نبي المسلمين محمد, فالاثنان حظر طباعتهم في لبنان.

من المثير للسخرية ومن المفارقات انه في العقود الثلاثة الماضية كان هناك إزدياد كبيرفي عدد المبادرات الحواريٌة التي تدعوا الى تعزيز التقارب والتفاهم بين الأديان في عقود تصاعدت فيها الخلافات والصراعات الدينيٌة. هذه الحوارات بين الأديان لاتتخطى قاعدة أساسية وهي ان كل دين يدعو لإستقصاء الأديان الأخرى وأعتبار نفسه هو الوحيد من يملك الحقيقية المطلقة. والحقيقيةالمطلقة لكل دين هي انه يعتبر إن بقية الأديان تدعو الى أحكام مزورة ويطالب بان نتقبل منطلقه الأساسي وهو ان نقدس أحدهما ونكفر بالأخر.

التحدي الكبير أمامنا هو إما أن نختار الشركاء العقلاء من هذه المعكسرات الدينية ونقبل بان الإستقصاء الديني للدين الأخر هو متبادل والطريقةالوحيدة لمنع تطور هذا الإستقصاء الديني وتحوله الى إستقصاء جسدي علينا قبول فكرة أنه مثلما اي دين يعتبر نفسه هو من يملك الحقيقة المطلقة فعلينا قبول أن الدين الأخر يعتقد ايضا ان دينه هو من يملك الحقيقة المطلقة. واذا لم نقبل بذلك فعلينا الاستمرار في الإعتداء ومهاجمة الدين الاخر وتشديد المراقبة على الاخرين أو الاسوء من ذلك بان نستمر بالكذب على بعضنا باسم الدين المقدس.



#حنا_زيادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مراجعة لكتابي دوامة الدم
- فتاة من الرقة
- حوار عالمي من خلال قصة عن الزواج القسري
- حرب من الأكاذيب صنعاء، اليمن


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حنا زيادة - هل المسيحيين أفضل من المسلمين؟ مسلسل لقناة -المنار- عن يسوع المسيح