حسن مدبولى
الحوار المتمدن-العدد: 3197 - 2010 / 11 / 26 - 00:44
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تكاد هيبة الدولة المدنية ان تنهار بفعل الاحداث الطائفية المتكررة والتى تنذر بعواقب وخيمة على مستوى الامن الوطنى المصرى , الغالبية تتحدث عن الحق فى اقامة دور العبادة , وتصوير الامور وكأن مصر الدولة والشعب والحكومة فى جانب , والاقباط (الشعب المسيحى ) فى جانب اخر ,أوكأن هناك مصران, مصر المعتدية التى لا تطيق الاخر ,وتمنعه من اقامة دور عبادته ,ثم تقمعه ان هو لم يقبل, بينما الحقائق واضحة وضوح الشمس , فالدولة خصوصا فى السنوات الاخيرة لا تبخل بأى تصريح بناء لاقامة الكنائس على وجه الخصوص, والمشكلة انما تتلخص فى ان هناك شحنا طائفيا على المستوى المسيحى للتأثير على العامة من الاخوة المسيحيين المصريين,واستخدامهم ورقة للضغط على الدولة بكافة مؤسساتها المدنية, لاستلاب المزيد من المكاسب التى لا تتناسب ابدا مع التوجهات السمحة الزاهدة المفترض توافرها فى اى دين؟
ولكى لا يكون كلامنا انشائيا,سوف نضع امام القارىء بعض الامثلة فقط لبعض الاحداث التى تتواكب مع احداث طائفية تدعى منع البناء وتكبيل حرية المسيحيين المصريين وحقهم فى العبادة, هناك احداث وقعت فى محافظة المنيا , والشهيرة باحداث دير ابو فانا, لم تمنع الدولة البناء ,ولم تمنع الدولة التصاريح ,فقط فوجئت الدولة ,بان الدير الذى مساحته ستمائة فدان ( حوالى اثنين مليون واربعمائة الف متر مربع) يمتد لمساحات اخرى غير مصرح بها بحجة انه تم استصلاحها زراعيا وبالتالى يجب ضمها كما يفعل رجال الاعمال ؟ ولما احتج بعض العرب المقيمين فى المنطقة نفسها تحت حجة ان الاراضى التى يريد اصحاب الدير ضمها تعود اليهم والى اجدادهم ,وقعت احداث شغب ,وقتل على اثرها احد ابناء العرب البدو المسلمين المصريين؟
حادثة اخرى وقعت فى محافظة مرسى مطروح ,اذ تم التصريح ببناء كنيسة للتعبد,ولم يعترض احد ,لكن سكان الحى فوجئوا بأن قادة الكنيسة ضموا اليها مساحة ارض اخرى غير مصرح لهم للبناء بها ,مع القيام باغلاق شارع او ممر كان بين الكنيسة وقطعة الارض المراد ضمها ,فلما اعترض الاهالى المسلمين على اغلاق الشارع(منفعة عامة)
قامت القيامة واشتعلت الاحداث وظهر المتطرفون من كل صوب للدفاع عن دور العبادة ضد الاضطهاد الاتى من الجزيرة العربية والذى يرتدى الاثواب الوهابية ,والجاثم على انفاسهم منذ اربعة عشر قرنا كما يزعمون ؟
حادثة اخرى كانت فى محافظة المنيا ايضا ,وكانت تدور حول اتفاق تم بين المحافظة ورجال الدين المسيحى لهدم كنيسة قديمة وانشاء اخرى حديثة ,وكان الاتفاق مكتوبا وينص على انه ما ان يتم هدم المبنى القديم ,يجرى البدأفورا فى اقامة المبنى الجديد ,لكن الذى وقع من الطرف المسيحى,وهو رجل دين له مقامه ,عاد ونكص عن الاتفاق, وطالب بالبدأ فى انشاء المبنى الجديد مع الحفاظ على المبنى السابق كما هو,ثم بدأ لى الاذرع واستعراض العضلات والزج بالمغيبين فى اتون المعركة للضغط على الدولة,للسماح باقامة مبنيين كنسيين فى نفس المكان ؟
ثم تأتى احداث العمرانية وبنفس الاسلوب الا وهو الخروج عن القانون وعن مقومات وثوابت الدولة ,من خلال مخالفة التصاريح التى تم بموجبها بدأ البناء فى المبنى الخدمى الكنسى, فاذ ارادت الدولة ان تفرض ارادتها كما هو معمول به فى كافة دول العالم ,اذا برجال الدين يستدعون (شعب الكنيسة) للدفاع عنها؟
بل ان الامر خرج هذه المرة عن كل المرات السابقة ,اذ تم المس بهيبة الدولة من خلال الاعتداء على رجال الامن والتطاول عليهم ,واصابة قادتهم ؟ ولم يكتفى المتطرفون بذلك ,بل تم التحرك الى مقرات الاجهزة السيادية لمحافظة الجيزة وتحطيمها ,وترويع العاملين بها ومنعهم من ممارسة اعمالهم ومحاصرتهم ,وتعطيل الدراسة فى العديد من المدارس المجاورة للمبنى المطلوب بناؤه بالمخالفة للقانون ,بل ووصل الامر الى الاعتداء على المارة من المسلمين ,وحصار الشوارع ومنع المرور بأهم شارع سياحى بمصر ,وهو شارع الاهرامات (الهرم) المجاور للاحداث ,وكذلك طرق حيوية اخرى ,فماذا كان يراد بعد ذلك ؟
اذن الدولة تعطى التصاريح وتمنح التراخيص ,ولا تحاصر احدا ولا تمنعه من التعبد كما يحاول البعض ان يصور مصر المحروسة المحترمة الوطنية ,على انها دولة عنصرية وهابية اسلامية , فالاحداث التى وضعناها كأمثلة كلها حدثت هذا العام او العام السابق على اقصى تقدير زمنى ,,ولم نأتى بأحداث تاريخية او قديمة ,وكلها كما هو واضح تدور حول نقطتين ,اولاهما ان هناك مخالفات للتصاريح التى تم استخراجها,وان تلك المخالفات يراد تنفيذها قسرا ورغما عن انف الدولة المدنية ,-التى يدعى بعضهم بانهم وحدهم انصارها,-وثانيهما انه عندما تحاول الدولة القيام بدورها لمنع المخالفات وتسييد القانون ,يقوم رجال الدين بالاستعانة بالشباب الذى تمت السيطرة عليه طائفيا للتصدى بل والتهجم على القادة التنفيذيين المنوط بهم تطبيق القانون ؟
اننا لا ندافع عن احد فى مصر ,فالعبد لله ليس من اصحاب المزايا او الحظوة ,بل هو ابعد من ذلك بكثير , لكننا ندافع عن الدولة التى يفلقنا البعض بالتحسر على مدنيتها ,كلما رأى فتاة محجبة تسير فى الشارع المصرى,بينما هم الان يؤججون النيران لكى تحرق الجميع ولا تكتفى بالشاب البرىء الصغير الذى راح ضحية النفخ فى اتون الفتنة من بعض عديمى المسئولية الوطنية , المتطرفين دينيا, بل اننا نرى ان على الدولة التمسك بتفعيل القانون ولو بالقوة,كما فعل ساركوزى فى بلاد الحرية التى يتشدقون بها ليل نهار ,كما اننا نقترح منع تصاريح البناء لاية دور عبادة جديدة ,ولمدة عامين ,وذلك لتوفير الاراضى وتخفيض اسعار مواد البناء التى تحتاجها عمليات التنمية ,وايضا,لحين وضع قانون جديد لامر شئون العبادة فى مصر تتولى الدولة بموجبه السيطرة التامة على اعمال البناء والاقامة لدور العبادة لكافة الطوائف , على ان يتم ذلك وفقا لدراسات علمية محددة , تراعى أعداد السكان بكل منطقة سكنية ,و تمنع تكدس دور العبادة بجوار بعضها البعض,, وتبعد سيطرة رجال الدين على عمليات البناء والاقامة ,لتلك الدور ,وتحديد دورهم فقط فى عمليات الصلوات التى تتم فور انتهاء عمليات الانشاء,,ومن يريد التبرع فليتبرع للدولة ,كما ينبغى تطوير وزارة الاوقاف لتصبح وزارة الشئون الدينية لكافة الاديان لكى تتابع ما يحدث بالمساجد والكنائس معا,مع منع اية ممارسات مدنية داخل اى مسجد او كنيسة,فلا رحلات ولا ندوات ثقافية ولا افراح ولا تنظيم مباريات , والاقتصار فقط على اداء الصلوات والتقديسات والتبريكات ,والصلاة او القداس على المتوفين ,,على ان يحتوى القانون على مواد رادعة لكل من يخرج عما هو مسموح به فى هذا الخصوص .
#حسن_مدبولى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟