أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سرحان الركابي - لقاء مع الكاتبة والناشطة السياسية والحقوقية الليبية , ليلى احمد الهوني















المزيد.....


لقاء مع الكاتبة والناشطة السياسية والحقوقية الليبية , ليلى احمد الهوني


سرحان الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 3192 - 2010 / 11 / 21 - 13:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    





ادار الحوار – سرحان الركابي


, ليلى التي نلتقي بها الان هي ليست ليلى العامرية التي ملات ديوان قيس بن الملوح باسمها وطيفها وحضورها وامنياتها الضائعة , بل هي ليلى من نوع اخر تختلف كليا عن تلك الليلى التي كانت تنتظر عطف قيس وفروسيته وقدرته على اقناع ابيها وقبيلتها دون ان تحرك ساكنا , واذا كانت الظروف قد طوحت بليلى من معهد المعلمات ومهنة التعليم الى ساحات السياسة ومتاعب المعارضة , وغابت عنها اصوان الموسيقى والنغمات التي تعلمتها في المعهد , فانها لم تنس وهي تخوض في معمة السياسة وعنف السلطة , ان تؤطر كتباتها بحب الوطن والاهل , وان تتغنى بقيم الحرية والخير والسلام لشعبها ولكل شعوب العالم

ليلى هي الفارسة اليوم ولم تعد تنتظر فروسية قيس , بعد ان نزلت بنفسها الى الساحة شاهرة قلمها وفكرها ضد كل اساليب القمع والاستبداد , رافضة كل انواع الوصاية على وطنها واهلها , سواء كان مصدر هذه الوصاية قائدا ملهما او حكيما او كتابا اخضرا او ازرقا او غيره



وكالمعتاد تكون البداية من حيث يريد القاريْ والمتابع ان يعرف من هي ليلى احمد الهوني التي تنقلت بين هذه المحطات المختلفة ليستقربها الحال في صفوف المعارضة الليبية , بعد الشكر الجزيل لك لقبولك هذا الحوار

ليلى الهوني – الشكر كل الشكر لك سيدي الكريم , ولموقعنا موقع الحوار المتمدن الحر والموقر لاتاحته هذه الفرصة الثمينة لي , للتعريف بشخصي , وباجتهاداتي الفردية وبعض نشاطاتي السياسية والحقوقية , التي اعتبرها متواضعة , فمن الناحية الاجتماعية , انا سيدة ليبية , من مواليد مدينة طرابلس – ليبيا , يونيو 1968 , متزوجة وام لاربعة ابناء , ثلاث اولاد وبنت - اعيش في بريطانيا , هاجرت مع عائلتي ( زوجي وابنائي وبنتي ) عن موطني الام ليبيا منذ 6 سنوات تقريبا , اما من الناحية العلمية والعملية , فانا خريجة دبلوم معلمين ومعلمات ( تخصص موسيقى ) وقد عملت في مجال التدريس لمدة 15 عاما الى ان غادرت بلدي , واثناء وجودي في ليبيا شاهدت وعايشت وسمعت عن الكثير من الماسي , ومع الكبت والضغوطات وانعدام الحريات التي فرضت على الشعب الليبي , كنت باستمرار احاول كتابة بعض المقالات التي كانت اشبه بالخواطر , وهي تعبر عن مشاعري واستنكاري الشخصي لاساليب القمع التي كنت اشاهدها تحدث في وطني , وكنت احتفظ بكل ما اكتبه في دفاتري وكراريسي الخاصة , الا اني وللاسف قمت باتلافها جميعها قبل خروجي من ارض الوطن , ولعل اهم الاحداث التي كان لها الاثر الكبير في نفسي ودفعتني بشدة لاتخاذ موقف الرافض لنظام القذافي واساليبه الوحشية , هي احداث معركة باب العزيزية المجيدة 1984 , فقد كنت انذاك في السنة الاولى من المرحلة الثانوية , حين رايت مجموعة من شباب بلادي يتم قتلهم ورفسهم بالارجل , والتمثيل بجثثهم على ايدي عصابة اللجان الثورية , التي كانت اليد المدمرة الفعلية التي يستخدمها نظام القذافي الدموي , ُ و بعد خروجي من ليبيا وبداية استقراري في بريطانيا , التحقت بالعمل المعارض والكتابة في مواقع المعارضة وتحديدا في شهر مارس من سنة 2006 , ولكن في باديْ الامر لم اكن اعلم بان هناك العديد من المواقع الليبية التي نستطيع من خلال النشر بها , ان نعبر عما يدور في داخلنا من افكار واراء تكشف حقيقة ما يجري في بلادنا , وتنتقد سياسات وافعال القذافي وبكل حرية , ونتيجة لحالات الخوف والقمع التي كنت اشعر بها كغيري وانا في داخل ليبيا , فكان من الصعب في البداية ان اكتب باسمي الحقيقي , فكتبت لفترة باسم مستعار , وفي شهر اكتوبر 2006 اتيحت لي الفرصة ان اعمل كمتطوعة اعلامية في اذاعة ليبيبية مسموعة للمعارضة الليبية في المهجر ( صوت الامل ) , وقدمت من خلالها العديد من الفقرات المتنوعة , منها برنامج ( هدرزة بنت ليبيا ) الذي يعد من البرامج المهمة والناجحة بالنسبة لي , حيث استخدمت فيه اللهجة الليبية الدارجة وصولا الى الناس في داخل البلاد بطريقة بسيطة وروائية , بالحديث عما يعانية المجتمع الليبي تحت هذا النظام القمعي , كما سجلت مجمموعة من الاشعار الصوتية , واجريت بعض اللقاءات والمقابلات المهمة التي كانت ترتبها ادارة الاذاعة , مع عدد من الشخصيات الليبية المعارضة , وبعض الشخصيات البريطانية , اما الان , فالى جانب كتاباتي المستمرة التي انتقد فيها اساليب حكم القذافي , لدي عدد من النشاطات الحقوقية في بعض الجمعيات والمنظمات الحقوقية البريطانية , التي تعني بشؤؤن الطفل والمراْة , مع عضويتي الثابتة في جمعية العناية بمرضى القلب الحقوقية في برطانيا وغيرها

كيف استطاعت ليلى ان تتغلب على واقعها , وتكون امراْة شرقية , ومع ذلك هي معارضة وكاتبة وناشطة حقوقية

ليلى الهوني - الاحساس بالظلم والغبن هو الذي يحرك أي انسان كي يتخذ موقفا ما , وليس بالضرورة ان يقع هذا الظلم عليك شخصيا , فربما يقع على المحيطين بك او على مجتمعك او ناسك الذين ترتبط بهم من حولك , فالبداية وكما نوهت في ردي السابق , كانت نتيجة وعيي وادراكي التام بحقيقة ما يحدث في بلدي ليبيا عندما كنت داخل الوطن , ثم كان بعد ذلك سفري واسرتي الى الخارج , حيث اتضحت لي الرؤية بصورة اكثر وضوحا وجلاءا , وادركت بيقين حجم الماْساة والمعاناة التي يعيشها البلد والمجتمع الليبي بصورة عامة
, والمراْة الشرقية , والليبية منها على وجه الخصوص هي جزء مكمل للرجل الليبي , وعندما تكون الكارثة بحجم قمع واستبداد نظام , كنظام القذافي في ليبيا الذي طال الجميع رجالا ونساءا , عنئذ لم يعد هناك ما يمنع المراْة الليبية من المشاركة الفعلية , للتخلص من هذا الحكم وبكل الطرق لانقاذ وطنها واهلها , ولعل ما يتعرض له الليبيون في داخل الوطن من استبداد وقمع لم يستثن احد , حيث طال كل الرجال والنساء في ليبيا على حد سواء , لاقوى حافز واكبر دافع ان نكون جميعا يدا واحدة وقلبا واحدا , نساءا ورجالا , وان يجمعنا هدف واحد هو الخلاص من هذا الدكتاتور المتصابي

اين تجد ليلى نفسها ؟ عندما تكون سياسية ام مثقفة ام ناشطة حقوقية , ام ان هناك تداخل بين هذه الانشطة بحيث لا يجد المثقف الحقيقي نفسه الا عندما يكون في مواجهة حتمية مع السياسي المستبد والمستغل , وبالتالي يتحول الى سياسي رغما عنه

ليلى الهوني – شعوري الممزوج بفداحة الظلم والقهر الذي يتعرض له شعبي الليبي في داخل الوطن , واحساسي بمساحة الحرية المتاحة لي وانا عيش في بريطانيا بلد الحريات يدفعني بان اجد نفسي في العديد من المجالات في اّن واحد , فكل محاولاتي بجهدي الفردي المتواضع اجدها تصب في خدمة قضيتي الليبية , وبشتى الطرق وبلا تردد , ودون ان انسى ان كل ما قوم به من مساهمات , ما هو الا مكمل لما يقوم به الكثير من اخواتي واخوتي المعارضين الليبيين في هذا المجال و , وكما اشرت حضرتك بان الانسان عندما يكون في مواجهة مع المستبد والمستغل , وفي غياب أي مساحة او هامش من الحرية او نقاط الالتقاء والتواصل مع هذا المستبد , يندفع نحو مواقع قد لا يختارها في ظل الظروف والحياة الطبيعية , ومن جانب اخر فانا لا ادعي بانني مثقفة بكل ما تعنيه هذه المفردة بقدر ما احاول ان التمس من خلال بعض قراءاتي ومطالعاتي المستمرة الى تثقيف نفسي قدر الامكان , حتى استطيع الخوض في مجال الكتابة والسياسة بالشكل الذي يفترض ان اكون عليه

بما انك على هذا القدر من الحيادية , وانت تقفين على مسافة واحدة بين الثقافة والسياسة , هل يمكن للثقافة ان تتصالح مع السياسة , ام انهما نقيضان لا يلتقيان

ليلى الهوني – كلا , الثقافة الى حد ما يمكن ان تتصالح مع السياسة في الدول الديمقراطية فقط , اما في عالمنا الشرقي فلا اعتقد , ما لم يكف السياسي عن احتكار الحقيقة , ويدرك ان دوره كسياسي هو مكمل للدور الثقافي والفكري للاخرين , ومع ذلك فالمثقف يجب ان يعي دوره جيدا , باعتباره ترمومتر يتحسس لكل قضايا ومشاكل وهموم مجتمعه ووطنه و لكن المؤسف ان المثقف العربي او الثقافة في عالمنا العربي بصورة عامة منقسمة الى نوعين , نوع موالي للسلطة و فهو لا يتوقف عن مدحها وتزيين شرورها , والتزلف لها , ليس بقناعات حقيقية بمواقف السلطة في الغالب , بل من اجل اطماع شخصية , او قد يكون خوفا , ونوع اخر يقف موقف الرافض والمترصد للسلطة واخطائها , وهذا الموقف بالطبع لا يتحقق من دون ثمن , فقد يكون الثمن السجن والاعتقال , او قد يصل الامر الى التشريد والنفي وربما يصل حد القتل والتصفية الجسدية , كما حصل لكثير من المثقفين والمفكرين , ويمكنك سيدي ان تلاحظ ان اكبر نسبة من المثقفين العرب يعيشون خارج يلدانهم و اوطانهم , وهذا ان دل على شيْ فانما يدل على الغياب التام للحريات الفكرية والسياسية والاجتماعية وحتى الدينية

برايك كسياسية وكاتبة ومتابعة , ما هو سر هذا الترابط والتلازم بين الاستبداد والشرق , حتى ان ماركس وهيجل وكارل ويتفوغل وغيرهم اشاروا الى هذا الاستبداد ووصفوه بالاستبداد الشرقي المستند الى السلطة الابوية التي تضافر الدين والعرف ونمط الانتاج على تكريسها وتفريخها عبر التاريخ ,

ليلى الهوني – حتى اكون صادقة معك , فانا لا ادعي باني قد اطلعت على كل ما كتبه الفلاسفة والمفكرون حول هذه المسالة , ومن الواضح ان هناك عدة تفسيرات لهذه الظاهرة التي تسترعي الانتباه , وانا ببساطة شديدة لا اجد تفسيرا منطقيا واحدا لاستمرار ظاهرة الاستبداد في الشرق , فهل هي السلطة الابوية الشمولية التي تضافر الدين والعرف وانماط الانتاج والطبيعة الجغرافية على تكريسها كما قلت , ام ان هناك عوامل اخرى غير واضحة , الحقيقة لا استطيع الجزم في هذه المسالة , لان الانصاف والمنطق العلمي يتطلب منا النظر الى ابعد من ذلك , فقد لا تكون هذه العوامل هي وحدها المسؤؤلة , بل هناك عوامل اخرى , قد يكون من بينها التجربة التي فرضت على منطقة الشرق , وعلى راسها تكالب القوى الاستعمارية على هذه المنطقة , ومحاولة نهب ثرواتها , والتي بدورها خلقت او هياْت الظروف لمجيْ انظمة استبدادية , قهرت شعوبها وبددت ثرواتها وارتبطت مصالحها مع القوى الاجنبية

هل ثمة امل ما يلوح في الافق للخلاص من هذه الانظمة الابوية الاستبداية , وبناء سلطة بديلة قائمة على اساس المواطنة , وليس على اساس تبعية الرعية للراعي

ليلى الهوني – نعم , باعتقادي يمكن الخلاص من هذه الانظمة الشمولية , وذلك كلما اقتربنا من تحقيق وبناء الديمقراطية الحقيقية باي مفهوم كان , وهنا يجب ان اوضح بانه لا يشترط ان تكون الديمقراطية بالمفهوم الغربي فقط , أي بمعنى اكثر وضوحا ليس باستعارة التجربة الغربية بحذافيرها , بل بالامكان ايجاد نظام وطني قادر على ان يحقق قدر كبير من المشاركة السياسية للمواطن , ويمنح الحرية في التعبير والنشاط السياسي ويحقق نوع من العدالة , ويعطي حق الاختيار للشعب , ويضمن الحقوق الاساسية للمواطن والمجتمع , فاذا تحقق كل هذا , فمن المؤكد سنضمن تحقيق المواطنة الفعلية للانسان في وطنه , وعنئذ يتعرف المواطن على واجباته ويمارس حقوقه ودوره , دون ان تفرض عليه تبعات وهموم تبعية الرعية للراعي

لا تختلف تجربة ليبيا عن معظم البلاد العربية , ومرت بنفس الظروف تقريبا , ابتداءا من الاستعمار العثماني القديم الى الاستعمار الاوربي الذي تلاه والذي انشاْ سلطة ملكية دستورية شبه ديمقراطية , اطيح بها على يد التيار القومي المنحدر من اصول او ثقافة بدوية تؤمن بشرعية الاستحواذ على السلطة , الى الدخول في نفق مظلم واستعمار جديد يتمثل في الانظمة الدكتاتورية المستبدة , هل هذا قدر او دوامة بحيث بتنا مخيرين , اما استعمار خارجي او استبداد داخلي

ليلى الهوني – نعم , تجربة ليبيا لا تكاد تختلف كثيرا عن تجربة بقية البلدان العربية , مع اختلاف الخصوصيات لكل شعب عن الاخر , ولكن هذا ليس بقدر ولا هو بدوامة , المواطن العربي للاسف يجد نفسه مسلوب الارادة , وليس مخيرا بين الاستعمار الخارجي والاستبداد الداخلي , والشي المهم والذي يجب ان لا يتوقف عنه المواطن العربي , هو النضال الدائم والمستمر للخروج من هذا النفق , وقد يستغرق هذا الامر بعض الوقت , ولكن في النهاية هذه الشعوب لابد لها ان تصل الى النقطة الحاسمة في ضرورة تغيير هذا الواقع المرير الذي تعيشه , ولا اعتقد ان هذا واجب المثقفين والسياسيين والمعارضين وحدهم , بل هو واجب كل انسان عربي بسيط , وليدرك الجميع بان مسؤؤليتهم الحقيقية , تكمن في ان يسعوا بكل الوسائل , حتى يتمكنوا من تغيير اوضاعهم السياسة والاقتصادية والاجتماعية , الى الافضل والافضل مما هم عليه ,

ما حقيقة الاتهامات التي توجه بين الحين والاخر الى المعارضة الليبية بكونها معارضة صالونات , وهي غير موحدة وغير قادرة على طرح برنامج حكم عصري ديمقراطي , يكون مقبول من جميع التيارات والفصائل المتباينة

ليلى الهوني – اولا انا لست مخولة للحديث باسم المعارضة الليبية , فانا واحدة التحقت مؤخرا بالمعارضة المنظمة , ومن فترة قصيرة , وقبلي كان هناك المئات من الليبين الشرفاء , فلا استطيع ان تحدث سوى عن تجربتي الخاصة , وما اعرفه ورايته عن قرب , ان المعارضة الليبية ليست كما تقول هذه الاتهامات التي يروج لها نظام القذافي والمشككين في جدية ومصداقية العمل الوطني ,
ثانيا , لقد مرت المعارضة الليبية بعدة مراحل من العمل والجهد بما في ذلك العمل الميداني المسلح , لكن تغير الظروف الدولية والاقليمية , الى جانب قلة الامكانات المادية ادى الى تقلص نشاط المعارضة , بل ان هذه الظروف هي التي فرضت عليها الجوء الى العمل النضال السلمي , اما بخصوص الاتهامات التي تصف المعارضة بانها غير قادرة على طرح برنامج حكم عصري ديمقراطي , فهذا التهام عار عن الصحة تماما , لان معظم فصائلها ومنذ سنوات عديدة قامت بطرح , ما يمكن ان نطلق عليه تصورات حول وجود نظام حكم عصري ودستوري , يسعى لتحقيق امال وطموحات الشعب الليبي , ولو قمت حضرتك بالبحث عن هذه التصورات والرؤى في ارشيف هذه الفصائل لوجدتها , وكمثال على ذلك فان معظم الفصائل المعارضة قد التقت في مؤتمر لندن 2005 , ووضعت خطوط عريضة واساسيات لحكم ديمقراطي يستند الى شرعية دستورية

بعد تسوية قضية لوكربي , استطاعت السلطة في ليبيا ان تحسن من صورتها , وتحسن علاقاتها مع الغرب ومع امريكا على وجه الخصوص , وان تجري بعض الاصلاحات الشكلية على مستوى الداخل , هل لهذه التغيرات من اثر على موقف المعارضة , سواء بالسلب ام بالايجاب

ليلى الهوني – نعم استطاعت السلطة ان تحسن من صورتها وعلاقاتها مع الغرب ومع امريكا , لكننا نعلم جميعا ان هذا التحسن لم يكن مجانا , لقد انفق القذاغي ونظامه المليارات لكسب ود ورضى الغرب , خاصة بعد سقوط نظام صدام حسين , وخوف وارتعاب القذافي بان الدور سيطوله شخصيا وقريبا , وفي سبيل ذلك تنازل مسرعا عما يسمى باسلحة الدمار الشامل التي اهدرت عليها المليارات من اموال الشعب الليبي , وقدم خدمات جليلة لاجهزة المخابرات الاجنبية حول ما يسمى بمحاربة الارهاب , ودفعت ليبيا ايضا لكل من هب ودب في الغرب , حتى ضحايا الجيش الجمهوري نالوا نصيبهم من الثروة الليبية , وكما تعلم ان الغرب لا يهمه الا مصلحته , ومن اجل هذه المصلحة مستعد ان يتنازل عن اشياء كثيرة , بما في ذلك حرية المواطن العادي الضعيف وحقوقه الانسانية , ومن جانب اخر , لا توجد أي اصلاحات حقيقية في ليبيا كما اشرت في سؤالك , بل هي رتوش بسيطة هنا وهناك الغاية منها خداع المواطن من جهة , واسكات التقارير الدولية المتعلقة بتحسين اوضاع حقوق الانسان من جهة اخرى , او نشر بعض الاعمال للتخفيف من حدة الضغط الداخلي , الذي بات يفضح ويعري حالة الفساد الاداري المستشري الذي تعيش تحت ظله البلالد , فبعد دخول الثورة المعلوماتية الكبيرة لم يعد هناك ما يمكن اخفاءه عن الناس
اما بخصوص تاثير تلك التسوية والصفقة على المعارضة الليبية , فباعتقادي الشخصي ان نتائجها كانت ايجابية اكثر مما هي سلبية , وبتحفيز من المعارضة الليبية اصبح بامكان الناس ان يقوموا يبعض الخطوات والمواقف لم يكونوا قادرين على القيام بها فيما سبق . بل لم يكن بالامكان مجرد التفكير فيها , كما ان اتساع دائرة الاتصال والحوار بين الليبين في داخل البلاد وخارجها , ومد الجسور بينهما يعد من الامور الايجابية , التي لها تاثير ملموس ومردود واضح سيكون لمصلحة ليبيا ,

قلت انك لست متحدثة باسم المعارضة الليبية , ونحن نعلم هذا جيدا , لكن بحسب علمك واطلاعك , هل تستطيع المعارضة الليبية ان تشكل بديل وان تملاْ الفراغ فيما لو حدث ضعف او انهيار للسلطة الراهنة , او بالاحرى الا تخشون من ان يكون البديل سيطرة الاسلام السياس الاخواني , فالمعروف ان السياسة الامريكية قد تم تغييرها , وغضت النظر عن مشروع الشرق الاوسط الجديد , بعد ان ادركت ان البديل الوحيد للانظمة الدكتاتورية الراهنة هو الاسلام السياسي المتطرف

ليلى الهوني – حسنا انك لم تطلب مني معلومات هي ليست من اختصاصي , بل هي من اختصاص اخوة اخرين , لكن بحسب معلوماتي المتواضعة , وهي تكرار لما ردده الكثير من المعارضين والقوى الوطنية الموجودة في الخارج , سواء في بياناتهم او في الحوارات التي تجري معهم عبر الوسائل الاعلامية المختلفة , فانهم جميعا يرون بان التغيير الحقيقي في ليبيا لابد وان يكون من داخل البلاد , والمواطنون الليبيون في داخل الوطن هم وحدهم الذين يمكنهم تقرير وتحديد من سيتولى الحكم في البلاد , وحسب علمي لا يوجد اسلام متطرف في ليبيا , اما اذا كنت تقصد الجماعات التي اصطدمت بالنظام في السابق , فقد تصالحت معه الان , ولا ادري مدى قدرتها على تنظيم نفسها من جديد تحت حكم القذافي , لكن على كل حال ففي ليبيا الكثر من الكفاءات القادرة على قيادة البلاد وتوصيلها الى بر الامان ,

وصفتي المثقف بكونه الترمومتر الذي يتحسس قضايا مجتمعه ومحيطه , وهاهم بعض المثقفين يطرحون فكرة ان المجتمعات العربية مازالت تعيش في عقلية القرون الوسطى , وهي غير قادرة على استيعاب مفاهيم الديمقراطية , او التكيف معها في المرحلة الراهنة

ليلى الهوني – اعتقد ان المستفيد الوحيد من هذه المقولة هي الدكتاتوريات القابضة على السلطة الان , فهي بحجة عدم نضوج المجتمعات , او ان الديمقراطية مفهوم غربي لا يتفق مع قيمنا الاجتماعية الشرقية , اخذت تكرس سلطاتها وتهيمن على المجتمعات المغلوبة على امرها , واخذت تعد العدة لتوريث الحكم لاسرها وابناءها , وهي في طريقها الى التحول الى ملكيات , ضاربة عرض الحائط شعاراتها التي رفعتها ببناء جمهوريات ديمقراطية عصرية وتخليص المجتمعات من الملكية , التي ادعوا انها متخلفة
ومع ذلك حتى لو صح هذا الراي , فهو حجة واهية , ولا يعقل ان نستلم للدكتاتوريات وكاْنه قدر مكتوب على بلادنا ان تعيش ابدا في ظل هذا الاستبداد , بل الواجب ان نسعى بكل جهدنا لبناء الديمقراطية من ابسط صيغها , والتجربة وحدها , هي الكفيلة بانضاج مفهوم الديمقراطية في مجتماعتنا , لكن بشرط ان نضع الخطوة الاولى

بكلمة موجزة , لاحظت ان عدد من كتاب المعارضة يثنون على العهد الملكي , هل لدى المعارضة فكرة او توجه لاعادة الملكية الى السطة من جديد ؟

ليلى الهوني – المعارضة الليبية تضم شرائح عديدة تختلف توجهاتها , وقد يكون من بينها من يطالب بذلك , وانا لا استطيع ان اجزم عن عدد وحجم هذا التيار وشعبيته , في داخل البلاد او خارجها ,
اما اذا اردت رايي الشخصي , فاعتقد انه من السابق لاوانه الحديث عن عودة الملكية لليبيا من جديد , لكن المهم الان هو ان يتخلص الوطن من الحكم الدكتاتوري , والقمع الذي يمارسه القذافي , كي تحقق الديمقراطية التي يريد , وينال الوطن حريته , ويسترد الانسان كرامته الانسانية الاساسية التي حرم منها لعقود طويلة

سؤال اخير , وصفك البعض من زملاءك في المعارضة بانك تعادلين عشرة رجال , هل انت امراْة حديدية تعمل من دون كلل او ملل

ليلى الهوني – يبدو لي من سؤالك انك مطلع ومتابع جيد لما يكتب عن المعارضة الليبية وشخصياتها , وانا بكل صدق مجرد رقم بسيط في خضم العشرات بل المئات من شرفاء ورجال المعارضة الليبية , الذين نعرف بعضهم , وقد لا نعرف اخرين منهم , وجهدي وعملي لا يقارن بجهود وعمل وتضحيات هؤلاء , فمنهم من قتل واستشهد , او من عذب وسجن او شرد , أو او , ووصفك هذا لي فيه الكثير من الاطراء والمبالغة لشخصي , فانا يا سيدي المحترم والفاضل , اعمل تماما كما يعمل الاخرين , وفي حدود امكانياتي وظروفي الصحية والعائلية , واتمنى ان اوفق في ذلك

كلمة في بالك تودين توجيهها للحوار المتمدن

ليلى الهوني – اكرر شكري وتقديري لك وللسادة في ادرة الحوار المتمدن , لاتاحة هذه الفرصة القيمة والثمينة للتعريف بقضيتنا الليبية , عبر موقعكم الديمقراطي الحر , ولا يفوتني ان ارسل باسمي وباسم كل الشرفاء والمتطلعين الى الحرية في ليبيا , لاصحاب موقع الحوار المتمدن والقائمين عليه وكل كتابه وكاتباته وزواره باحر التهاني والتبريكات , بمناسبة حصوله على جائزة ( ابن رشد للفكر الحر لسنة 2010) وانه لوسام شرف عظيم , يستحقه موقع الحوار المتمدن عن جدارة , متمينة للجميع التوفيق والنجاح الدائم , وتحقيق كل الاهداف السامية التي يسعى ويهدف الموقع لتحقيقها للبشرية جمعاء ,

في ختام هذا اللقاء نتوجه بالشكر الجزيل لادارة الحوار المتمدن وللسيدة ليلى احمد الهوني التي اتاحت لنا هذه الفرصة للتحاور معها



#سرحان_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علي بن ابي طالب . السعودي الذي احبه العراقيون وكرهه السعوديو ...
- فتوحات ام غزوات 3
- هل ثمة ضرورة للقائد الضرورة
- غزوات ام فتوحات مرة اخرى
- رد على مقال الكاتب حسن مدبولي حرق القران الكريم .وحرق الانجي ...
- فتوحات ام غزوات
- قصة قصيرة الشاعر
- اياد علاوي هل سيكون فؤاد الركابي الثاني


المزيد.....




- شاهد أوّل ما فعلته هذه الدببة بعد استيقاظها من سباتها الشتوي ...
- تحليل: بوتين يحقق فوزاً مدوياً.. لكن ما هي الخطوة التالية با ...
- نتنياهو يقول إنه يبذل قصارى جهده لإدخال المزيد من المساعدات ...
- روسيا.. رحلة جوية قياسية لمروحيتين حديثتين في أجواء سيبيريا ...
- البحرية الأمريكية تحذر السفن من رفع العلم الأمريكي جنوب البح ...
- صاروخ -إس – 400- الروسي يدمر راجمة صواريخ تشيكية
- إجلاء سياح نجوا في انهيار ثلجي شرقي روسيا (فيديو)
- الطوارئ الروسية ترسل فرقا إضافية لإنقاذ 13 شخصا محاصرين في م ...
- نيوزيلندا.. طرد امرأتين ??من الطائرة بسبب حجمهن الكبير جدا
- بالفيديو.. فيضان سد في الأردن بسبب غزارة الأمطار


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سرحان الركابي - لقاء مع الكاتبة والناشطة السياسية والحقوقية الليبية , ليلى احمد الهوني