أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - معتصم حمادة - العودة إلى العقل















المزيد.....

العودة إلى العقل


معتصم حمادة
عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين


الحوار المتمدن-العدد: 3164 - 2010 / 10 / 24 - 15:27
المحور: القضية الفلسطينية
    


تتعمد حركة حماس، بين فترة وأخرى أن تحاول أن «تصدمنا» سياسيا، من خلال تصريح صاخب، لقيادي أول فيها، من هنا، أو مقال مثير للنقاش من هناك أو موقف مثير للجدل من هنالك. وهي كلها، كما يبدو، محاولات تقوم بها «الحركة» لإحداث انكسار معين في خطها السياسي، يمهد لمرحلة جديدة تتحضر لدخولها، وبحيث يشكل هذا الانكسار خطوة أولى على طريق المرحلة الجديدة. أو أنها إعادة صياغة، واضحة وجلية، لسياسة متلونة اتبعتها «الحركة»، برزت فيها تناقضات غير مفهومة، فيأتي التصريح أو المقال، ليزيل الغموض، ويكرس الخط الذي اعتمدته «الحركة» في تلك المرحلة. وقد يكون الهدف من هذه «الصدمة» إخراج الخلافات داخل الحركة إلى العلن، بعدما فشلت أقنيتها الداخلية في معالجة هذه الخلافات وتوفير الحل لها. وفي هذا السياق نذكر كيف اعتكف غازي حمد، الناطق باسم حكومة هنية، في منزله نهاية شهر تشرين الأول 2007، بعدما صرح أن حماس لا تعارض المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، إذا كانت هذه المفاوضات تخدم مصالح الشعب الفلسطيني. وقيل يومها إن تصريح حمد لا يتعارض مع موقف حماس، لكنه جاء في توقيت خاطئ، وبالتالي أربك الوضع الداخلي داخل الحركة التي كانت تخوض حربها ضد فتح، بعد انقلاب 14/6/2007، لذلك تعرض للتوبيخ، ورأى أن الخطوة الأسلم هي الاعتكاف في المنزل والامتناع عن التصريحات. ثم أعيد إلى العمل، ولكن، كما هو معروف، الإشراف على حركة معبر رفح.
مناسبة هذا الحديث المقالة التي نشرتها «الرسالة» المحسوبة على حماس في 14/10/2010 للدكتور أحمد يوسف، وكيل وزارة الخارجية في حكومة هنية، بعنوان «الشراكة السياسية.. طريق الوفاق والمصالحة الوطنية». ثم تصريحاته الصحفية، بالصوت والصورة، وهو يستقبل «وفد الحكماء» في غزة، مؤكدا أن حماس تقبل بتسوية عنوانها دولة فلسطينية بحدود الرابع من حزيران 67 وعاصمتها القدس، وضمان عودة اللاجئين إلى ديارهم. وأحمد يوسف، كما هو معروف، أطل علينا في صورته الأولى، باعتباره مستشارا سياسيا لإسماعيل هنية للشؤون الخارجية، يحمل الجنسية الأميركية. وقد اجتذب الأضواء نهاية العام 2006، حين تمّ الكشف عن سيناريو للحل حمل اسمه، هو دون السقف السياسي لورقة «جنيف ـ البحر الميت»، حملها معه إسماعيل هنية في جولته الخارجية، وقدمها للعواصم العربية والإقليمية التي زارها، كما قدم نسخة منها إلى رئيس السلطة محمود عباس. وقد علقت عليها أوساط «المقاطعة» آنذاك بأنها حافلة بالتنازلات السياسية مما استدعى تدخلا من حماس، فأوضحت أن الورقة هي خلاصة حوارات دارت بين أحمد يوسف ووفود أوروبية وأميركية حول الحل مع إسرائيل، وأنها لا تمثل رأي «الحركة». لكن الوثيقة دخلت تاريخ الحلول للقضية الفلسطينية وحملت لقب «جنيف ـ البحر الميت أحمد يوسف».
* * *
في مقالته، في «الرسالة» يدين أحمد يوسف الانقسام (وكأنه هبط علينا من السماء) ويدافع عن حماس ونمط لجوئها إلى الحسم العسكري باعتبارها كانت مرغمة، مؤكدا أن هذا النمط من الحسم يتعارض مع رؤاها السياسية. ويدعو في السياق إلى الشراكة السياسية معرفا «أنها إشراك جميع مكونات الشعب السياسية في صنع القرار بنية الوصول إلى المصلحة العامة وإلى الهدف المشترك، دون استئثار أي طرف من الأطراف بحق الهيمنة أو الفيتو الذي من شأنه أن يخرج الشراكة من مفهومها الحقيقي إلى مفهوم المحاصصة، مع مراعاة أن تأخذ الأغلبية بنظر الاعتبار وجهة نظر الأقلية كي لا يصل الأمر إلى الاستبداد من قبل الأكثرية».
هذا الكلام الجميل لأحمد يوسف، يبدو لنا وكأنه مراجعة نقدية لسياسة حماس في العلاقات الوطنية، ودعوة إلى اتباع سياسة جديدة، تأخذ بما جاء في تعريفه للشراكة السياسية. وهذا الكلام، كما هو واضح، سبق لنا، وأن دعونا إليه في العديد من المحطات والمواقف حين انتقدنا سياسة الهيمنة التي مارستها فتح طوال عقود من السنين، والهيمنة التي مارستها حركة حماس طوال السنوات الماضية، واستئثار كل منهما، في مجاله، بالقرار متجاهلا قواعد الشراكة السياسية بين أطراف الحالة الوطنية الفلسطينية. هذا ما وقع في «اتفاق مكة»، وهذا ما وقع في الحوار الذي غاص فيه الطرفان، عام 2009، بعد أن انتهت جولات الحوار الوطني الفلسطيني في آذار (مارس) من العام نفسه. وقد انتج حوار المحاصصة ورقة مصرية وليس إنهاء الانقسام. وهذا ما يدور الآن بين الحركتين من حوار ثنائي فسره خالد مشعل رئيس حركة حماس أنه يهدف إلى الاتفاق بين الحركتين، بعد ذلك تأتي الفصائل الأخرى لتبارك هذا الاتفاق وتوافق عليه (!).
وعلينا، في السياق نفسه، أن نتذكر أن الطرفين، فتح وحماس، قفزا فوق وثيقة الوفاق الوطني (2006) نحو حوار محاصصة تخللته جولات دموية ذهب ضحيتها العشرات من أبناء الشعب الفلسطيني. ولا يجد أحمد يوسف، في حديثه عن هذه الوثيقة، سوى القول إن فتح وحماس حاولتا التحرك على هدي هذه الوثيقة «نحو شراكة سياسية حقيقية».. «لكن الظروف خذلتنا وأعمل كل منا ـ للأسف ـ السيف في ناصية أخيه».
وواضح أن أحمد يوسف يعني بالشراكة السياسية الحقيقية الشراكة بينه وبين فتح، وواضح أيضا أنه يحاول التهرب من تحمل المسؤولية عما جرى في غزة حين يعيد الأمور إلى «الظروف (التي) خذلتنا». ونعتقد أن هذه العبارة، لا محل لها في النصوص السياسية، وما هي إلا محاولة للالتفاف على المراجعة النقدية، والتمهيد لتكرار الأخطاء الدموية التي وقعت في غزة.
أما بشأن الحل تحت سقف الدولة المستقلة وعاصمتها القدس وعودة «اللاجئين»، فهذا موقف قاله في حضرة وفود أوروبية جاءت تطلع على الوضع في غزة، وتحاور حكومة هنية، ومن خلفها حركة حماس. ولا نظن أن أحمد يوسف اكتشف حديدا في تعريفه للبرنامج الوطني. هذا البرنامج نفسه تعرض لنيران حركة حماس (وكثيرين غيرها) باعتباره فتح الباب للتنازلات التي قادتنا إلى أوسلو (!). وها هي الحالة السياسية الفلسطينية، ومن ضمنها أحمد يوسف (ومعه حركة حماس) تكتشف أن هذا البرنامج، الذي تتجدد حيويته السياسية يوما بعد يوم، بات هو صمام الأمان في مساءلة المفاوض الفلسطيني، وبات هو المعيار والقياس لمدى التزام المفاوض الفلسطيني بأهداف النضال الوطني وبالمصالح الوطنية الفلسطينية. وصار هو الرد السياسي، العلمي، والقانوني، والواقعي (المرحلي) على سياسات نتنياهو، إن في قضايا الاستيطان، أو القدس، أو اللاجئين، أو ملامح الدولة الفلسطينية وعلامات سيادتها وحدودها. وبالتالي عندما يلجأ أحمد يوسف إلى رحاب البرنامج الوطني (المرحلي) الذي أطلقته الجبهة الديمقراطية وتبنته م.ت.ف.، وعموم الحالة الفلسطينية وتوجت ذلك في وثيقة الوفاق الوطني (2006) فهذا معناه أن إطلاق الشعارات الرنانة في الهواء، لدغدغة عواطف الناس، دون أن تقدم لها هذه الشعارات حلا (أو حلولا) لقضيتها، إنما هو عمل لا ينتمي لعالم السياسة، بل لعالم الديماغوجيا، والممارسات الشعبوية، التي سرعان ما يتكشف إفلاسها، عند أول منعطف، وعند أول امتحان.
* * *
الإحساس بالمسؤولية الوطنية يدعونا لأن نقول لأحمد يوسف، نعم نريد الشراكة السياسية الحقيقية، بعيدا عن المحاصصة، وعلى خلفية سياسية، تصون مصالح الشعب وقضاياه وحقوقه. ونعتقد أن اللجوء إلى الديمقراطية هو السبيل لبناء هذه الشراكة عبر انتخابات شاملة لكل مؤسسات م.ت.ف. والسلطة والمجتمع، وفق نظام التمثيل النسبي الكامل (الذي مازالت حماس ترفض اعتماده في انتخابات المجلس التشريعي) وبحيث تتحرر الشراكة السياسية من مناورات الكوتا والمحاصصة، وتستند إلى إرادة شعبية، يتم التعبير عنها بنزاهة وشفافية في الانتخابات. لذلك ندعوه إلى تعديل ما جاء في الورقة المصرية بحيث نعتمد معا نظام التمثيل النسبي في الانتخابات، كي نستفيد من تجاربنا أو تجارب الشعوب (كما يقول)، وكي لا «تخذلنا الظروف» مرة أخرى. ونقول له أيضا أهلا بك إلى رحاب المشروع الوطني الفلسطيني: الدولة المستقلة كاملة السيادة بحدود الرابع من حزيران 67، وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها منذ العام 48، على طريق بناء الدولة الفلسطينية الديمقراطية فوق كامل التراب الوطني الفلسطيني. ولكن.. حذار من تحويل هذا البرنامج إل ورقة مساومة سياسية، نلوح بها أمام الوفود الأجنبية، ونتنكر له في مهرجاناتنا وندواتنا وبياناتنا في حرب الانقسام. فالبرنامج الوطني ما كان يوما للمساومة، وما كان يوما ورقة نلوح بها مرة، وندوسها مرة أخرى.
الشراكة السياسية الحقيقية المحصنة ضد الظروف (التي خذلت أحمد يوسف)، والالتزام بالبرنامج الوطني، يحتاجان إلى إرادة سياسية. وهذا ما نتمنى على أحمد يوسف، وشركائه، أن يتحلوا بها. فالإرادة السياسية هي التي تمكننا من «تحدي الظروف» وتحول دون أن «يعمل كل من السيف في ناصية أخيه».



#معتصم_حمادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وقفة مع لجنة المتابعة العربية
- أبو علي.. والراعي الأميركي
- حذار من «اتفاق الإطار»
- أين هي المقاومة الشعبية السلمية أيها السادة؟
- مشهدان عربيان متنافران
- حين يفاوض ميتشل نيابة عن نتنياهو
- صفعة أخرى للمشروع الوهمي...
- … إنهما فوق المؤسسة
- المناشدات اللفظية لن توقف الاستيطان
- هجمة إسرائيلية مرتدة..
- استحقاق الانتخابات البلدية يكشف عري فتح السياسي
- جائزة ترضية هزيلة
- يحدث هذا في القطاع
- أكبر من علبة سجائر
- إنها السيادة..
- أوهام فياض
- حتى لا تتكرر التجارب الفلسطينية الفاشلة
- الجبهة الديمقراطية وفية دوماً لفكرها وموقعها في قلب الحركة ا ...
- رداً على منير شفيق: -حماس- المحاصِصة
- المشروع الوطني الفلسطيني ليس الدولة فقط بل اللاجئون ايضاً


المزيد.....




- كيف سيغير الذكاء الاصطناعي طرق خوض الحروب وكيف تستفيد الجيوش ...
- -لا توجد ديمقراطية هنا، هذا هو الفصل العنصري-
- -لا نعرف إلى أين سنذهب بعد رفح-
- شاهد: طلقات مدفعية في مناطق بريطانية مختلفة احتفالاً بذكرى ت ...
- باحثة ألمانية: يمكن أن يكون الضحك وسيلة علاجية واعدة
- من يقف وراء ظاهرة الاعتداء على السياسيين في ألمانيا؟
- مصر تحذر من مخاطر عملية عسكرية إسرائيلية محتملة في رفح
- ماذا تكشف روائح الجسم الكريهة عن صحتك؟
- الخارجية الروسية توجه احتجاجا شديد اللهجة للسفير البريطاني ب ...
- فرنسا تتنصل من تصريحات أمريكية وتوضح حقيقة نشرها جنودها إلى ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - معتصم حمادة - العودة إلى العقل