أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - معتز حيسو - عتبة الهدم الديمقراطي (قراءة في التجربة السوفيتية) القسم الثالث















المزيد.....


عتبة الهدم الديمقراطي (قراءة في التجربة السوفيتية) القسم الثالث


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 3144 - 2010 / 10 / 4 - 11:32
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


إطلالة على دور الفكر النظري في التأسيس السياسي:
*******************************************************
الحزب ولينين أخوان توأمان أبوهما التاريخ، لا يمكن الفصل بينهما .. (30)
على المستويين التنظيمي والسياسي يمكننا القول، بأن لينين رجل التنظيم الأول. وهو من وضع المداميك النظرية، التي أسس عليها ستالين بناءه السياسي، الذي أثر في آليات العقل السياسي وتجلياته في الممارسة السياسية على المستوى العالمي،لذلك من العبث الفصل بين التأسيس النظري والسياسي اللينيني. وبين الممارسة السياسية الستالينية، كونها تجليات سياسية لفكر نظري سياسي أسس له لينين في سياق بناء الحزب الشيوعي، الذي تم تشكلّه واقعياً، في سياق الصراع السياسي مع المناشفة تحديداً... لذلك فإن حركة الخط البياني في بناء الحزب وتطوره،والمواقف السياسية اللينينية، كانت تعبيراً موضوعياً عن حركة الصراع السياسي في سياق ترابط المستويين الداخلي والعالمي، وهذا ما يؤكده السياق الموضوعي للتطور التاريخي المتعيّن للتجربة السوفيتية على كافة المستويات الاقتصادية والسياسية ..
من البداهة بمكان أن لينين أسس في سياق ممارسته السياسية، لمفاهيم نظرية وسياسية باتت المحدد الأول والمنطلق النظري للممارسة السياسية داخل وخارج روسيا. وفي سياق هذا البحث نستعرض بعضاً منها : الفهم النخبوي للحزب الطليعي : ينبذ لينين فكرة ( إن الحركة العمالية الصرفة قادرة بحد ذاتها على أن تنتج و .. سوف تنتج لذاتها أيديولوجية مستقلة ) (31)( يجب أن يكون الحزب وحده فصيله الطليعي .. للجمهور الواسع للطبقة العاملة ـ التي لا تدخل بكاملها، ويجب أن لا تدخل بكاملها في الحزب ) (32)( اللجنة المركزية تقود كل شيء)( اللجنة المركزية : تضم أفضل القوى الثورية .. وتتولى القيادة على صعيد كل المسائل التي تهم الحزب... ) (33) إن هذه السياسة الداخلية للحزب قادت إلى أن تحل اللجنة المركزية محل الحزب والأمين العام محل اللجنة المركزية.
وقد نبه تروتسكي إلى: ( إن الرفيق لينين ... قد توصل إلى خلاصة مفادها إن اليد الحديدية إنما هي هو وهو فقط) بانشلر/ . وقد دعمت روزا لوكسمبورغ ما ذهب إليه تروتسكي من خلال تأكيدها على إن ( اللجنة المركزية تفكر عن كل الناس وتعمل وتقرر بالنيابة عن كل الناس،إن هذا القدر من السلطات الممنوحة سيؤدي إلى النزعة المحافظة في الحزب، وليس كما يتوقع لينين بأنها ستكون متراساً ضد الانتهازية). (34)
ــ في سياق مختلف، لكنه يتقاطع مع فحوى ما تقدم به كلاً من تروتسكي وروزا لوكسمبورغ يثبته تأكيد لينين على أن: ( مبدأ الانتخاب واللامركزية ... مرفوض بشكل مطلق.. لا بل هما مضران بالعمل الثوري في ظل السلطة الاستبدادية)(35)( دون حرية سياسية .. ستبقى كل أشكال التمثيل العمالي كذبة بائسة، وستبقى البروليتاريا في السجن ...)(36) وهذا الميل في التأسيس النظري والسياسي، ورغم صوابيته في بعض اللحظات، إلا أنه أسس لبيروقراطية مؤسسة الدولة لاحقاً.. لذلك هل يمكن أن نقول بأن احتكار الحزب الشيوعي السوفيتي تمثيل الطبقة العاملة وقيادته الدولة والمجتمع، تحول في ظل ستالين .... إلى كذبة بائسة نتيجة لهيمنة السلطة الاستبدادية وغياب الحريات السياسية.؟؟؟!!!
ــ في مؤتمر لندن / نيسان من عام 1905 طرح لينين مشروعاً واستصدر عبر التصويت قراراً أكد فيه ( إن الأولية الكاملة للمبدأ الانتخابي الممكن والضروري في ظروف الحرية السياسية .. لكن .. الممكن حتى في ظل السلطة الاستبدادية بقدر أوسع بكثير/ مما في الماضي /)( ينبغي تطبيق مبدأ الانتخاب في منظمات الحزب من القاعدة إلى القمة) (37)ــ ( حرمت اللجنة المركزية، حق تعديل تركيب اللجان المحلية من دون موافقتها) (38)( تقرر ضمان حقوق كل أقلية بشكل دقيق ومحدد، هذه الحقوق التي تكرسها أنظمة الحزب) (39) ورداً على تمنيات المناشفة بالعودة إلى الديمقراطية البرجوازية : ( حين أناساً أكدوا تعاطفهم معنا تصدر عنهم هكذا إعلانات نقول: كلا، إن الإرهاب والتشيكا لا غنى عنهما إطلاقاً )(40). لندقق جيدا:ً إلى التناقض السياسي في سيرورة لينين السياسية. لكن المأساة أن المواقف التي عززت المركزية واستخدام القوه والأحادية الحزبية، تحولت إلى أسس سياسية لتعزيز البيروقراطية الستالينية. إن تأكيد لينين على لغة البنادق بديلاً عن لغة الحوار السياسي/ أدت إلى جملة من الممارسات العنفية بحق المعارضين السياسيين ومنها القضاء على حركة كرونشتاد / شباط 1921/ التي كان جوهر برنامجها يتمحور حول : إعادة الحريات ، الغاء احتكار السلطة ، إعادة كامل الحقوق للأحزاب الاشتراكية اليسارية والنقابات ، إجراء انتخابات سرية جديدة على أساس الاقتراع السري ، عودة الحرية الاقتصادية للفلاحين والحرفيين . (41) // ومع هذا تم القضاء عليها.
ــــــ في سياق آخر يتراكب مع ما أوردناه يتضح بأن لينين اشتغل على بناء حزب أقرب إلى الشكل العصبوي ، صاغه التكتل البلشفي كانون الثاني عام 1912/ بكونه الممثل الوحيد للحزب .. ودعا إلى نموذج منظمة ممحورة حول جهاز تنفيذي يضم عدداً محدوداً من الأعضاء .. يكون له حق التدخل في كل لحظة باسم كل منظمة. ويكون العمال الطليعيون وحدهم مدعوون لتأليفه) (42)
ــ لقد قاد بوغدانوف الشخصية البلشفية .... هجوماً على لينين، واتهمه بخلق قيصرية حزبية أقام فيها ديكتاتوريته الخاصة.. مما أدى إلى طرده من التكتل البلشفي في تموز من 1909 (43)
ــ ولاحقاً أعلن لينين بأن التوفيقيين أمثال تروتسكي، الذين يحاولون التقريب بين البلاشفة والمناشفة، لم يعد لديهم أيضاً ما يجمعهم بحزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي) (44) ومنذ ذاك الوقت لم يتردد لينين بإطلاق وصف الجريمة والخيانة على كل من يحاول التقريب بين الطرفين ، ووصف تروتسكي بيهوذا الصغير .. ومارتوف بنمام حقير وكائن خسيس... (45)
ـــــ أما فيما يتعلق بالتحريفية فإن تاريخها طويل ومؤلم في الحركة الماركسية ـ اللينينية الستالينية،وانعكاساتها على الأحزاب السياسية الشيوعية وغير الشيوعية كانت كارثية، وما زلنا حتى اللحظة نعاني من نتاجها، ورفض الآخر بكونه تحريفياً تأسس على قاعدة تحويل الفكر لعقيدة تدعي امتلاك الحقيقية المطلقة، وأي خروج عنها، أو محاولة قراءتها بشكل جديد يعتبر من قبل أدعياء تمثيل الفكر الماركسي، اللينيني، الستاليني... بشكله العقائدي، تحريفاً وارتداداً وخيانة ... : (بداية تجسد هذا الميل في رفض لينين وتلامذته لأفكار الإشتراكية الديمقراطية بوصفها ميول برجوازية صغيرة. وتصلب عودها في معارك البلاشفة ضد المناشفة، وعلى أساسها كان يتم تبرير التصفيات الجماعية من قبل ستالين ومن جاء بعده، وكان بمقتضاها يتم لجم ومحاربة أي مظاهر فكرية مخالفة في أي حركة شيوعية عالمية وفي أوساط القيادات الشيوعية الحاكمة ( التجربة اليوغسلافية وخصوصاً محاولات تيتو التجريبية لتطبيق أشكال مختلفة من المجالس العمالية، وتلك الإدانة مهدت الطريق في أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات إلى عدد من المحاكم الصورية في أوربا الشرقية كان ضحاياها يوضعون في سلة واحدة ويوصفون بالمحرفين والخونة والجواسيس ... . وفيما بعد تجلت هذه الظاهرة عقب الانتفاضات القومية المناهضة للستالينية في بولونيا والمجر ووجهت موسكو إلى أمري ناجي القائد المجري تهمة التحريف، وأعدم في 1958 بسبب محاولته الرامية إلى خلق مجر محايد على أسس الاشتراكية الديمقراطية .. وبلغ الكابوس السوفيتي إزاء التحريفية أوجاً خلال ربيع براغ في 1968 فالأفكار المطروحة من القيادة الشيوعية التشيكية ولا سيما من قبل السكرتير الأول الكسندر دوبتشك الذي دعا في برنامجه إلى الغاء المركزية في الاقتصاد وإلى الانفتاح الأيديولوجي، وفضح الجرائم الستالينية ... وقد قوبل هذا التحول من قبل موسكو بوصفه تحريفاً يمينياً يمهد للعودة إلى الرأسمالية والقطيعة مع حلف وارسو وكان تدخل بريجينيف العسكري الذي أطاح بدوبتشك وزملائه النتيجة المنطقية ). (46)
لذلك يمكننا القول بأن: (مأزق الحزب في المعتقدات هو المأزق الأبرز والأشد وضوحاً ..... ولم تكن التطورات العملية للاقتصاد والمجتمع والسياسة هي وحدها المنحرفة عن الحقائق التي طالما جرى تأكيدها، بل أن سيطرة الحزب الأيديولوجية على منظومة القيم الاجتماعية كانت مهددة بالخطر. فديكتاتورية البروليتارية الممارسة من جانب حزب احتكاري، في مجتمع متجانس عقائدياً ومذهبياً، يستند إلى نظام للتخطيط ممركز مركزة عالية، يرتكز إلى إعطاء الأولوية الأولى للصناعة الثقيلة مع الزراعة المجمّعة، كانت تتعرض للاهتزاز جراء المناقشات العامة المبتعدة في كل الحالات عن الممارسات الثابتة والمكرسة أيديولوجياً، ولزيادة التعقيد كان القطاع الثقافي في البلاد يتمرد بصورة مكشوفة على المذهب الراسخ، وحتى الدين كان يهدد بالعودة ثانية). (47)
ــ لقد ارتبط مبدأ التكفير والتخوين والتحريف، واعتماد الحزب الواحد الممثل لقضايا المجتمع... بالدعوة والتلويح باستخدام القوة المباشرة: ( عام 1901 قال لينين من حيث المبدأ لم يسبق لنا قط أن جحدنا الإرهاب ولا نستطيع أن نجحده – وفي عشية الثورة البلشفية كتب في الدولة والثورة يقول انه حين يدعو إلى الديمقراطية إنما يعني تنظيما للاستخدام المنهجي المبرمج للقوة من قبل طبقة ضد طبقة، من قبل شريحة من السكان ضد أخرى/ أما بالنسبة للمعارضة السياسية لم يكن لينين مستعداً لأن يتحملها قط بل كان يقول / من الأفضل أن يتم الحوار بالبنادق بدلاً من مناقشة اطروحات المعارضة/ وقد أعلن على الملأ أن الديمقراطية بنظره تنطوي على ديكتاتورية البروليتارية، حين ينتقدوننا على ممارسة ديكتاتورية حزب معين ... فإننا نقول: نعم إنها ديكتاتورية حزب واحد ،إننا مع مثل هذه الديكتاتورية ولا نستطيع أن نستغني عنها ) ويقول أيضاً ( إن تجديد العلمي للديكتاتورية هو السلطة التي لا تقيدها أية قوانين و لا تحدها أية قواعد والمستندة إلى القوة بصورة مباشرة ) (48) : لننتبه جيداً : هذا الموقف وما شابهه، أسس لبيروقراطية الدولة السوفيتية، و لتغول لسلطة الفرد، ولرؤية أحادية استبدادية لا حقاً .../ وقد تم استنساخ هذا الشكل من السلطة السياسية في كافة الدول التي دارت في الفلك السوفيتي،أو تماهت معها على مستوى الشكل السياسي السلطوي.. (وإن بأشكال ومستويات نسبية). ((أحادية حزبية تقود الدولة والمجتمع / تحت يافطة دولة العمال والفلاحين/ في ظل تأبيد قانون الطوارئ الذي يوقف العمل في الدستور، و.......)).
ـــ لقد كان حل الجمعية التأسيسية التي تشكلت بفعل انتخابات شاملة وحرة، طلقة على الديمقراطية، ليطلق من جديد حرية السوفيتات على أسس الثورة الدائمة ـ وبشكل لم تكن فيه السوفيتات تعبر عن التمثيل القومي، وضد الديمقراطيات البرجوازية القومية في سياق القطع مع الثورة البرجوازية،واعتماد ثورة ديمقراطية اشتراكية لا تعبر موضوعياً عن التحول الاقتصادي الجديد/ النيب/ الذي يفترض أشكالاً من الديمقراطية البرجوازية ... ومن الهام ذكر نتائج إحدى جلسات السوفيت التي تم فيها التصويت على اقتراح مارتوف بتشكيل حكومة مؤقتة تتمثل بها كل الأحزاب الروسية، وبعد خروجهم : تكلم تروتسكي قائلاً : لقد تبعت الجماهير رايتنا، وقيّض لانتفاضتنا الانتصار، والآن يقولون لنا تخلوا عن انتصاراكم، قدموا تنازلات، اقبلوا بمساومة. وأنا أسأل: مع من علينا عقد هذه المساومات؟ مع الجماعات البائسة التي غادرتنا للتو... أنتم مفلسون ... انتهى دوركم، مكانكم سلة مهملات التاريخ.. ورد مارتوف : إذاً في هذه الحالة سوف نغادر، وترك المنصة التي كان يشغلها دائماً ...وخلص المناضل البلشفي بأن الدوما وصلت نهايتها. (49)
وقد طالب لينين أمام اللجنة التنفيذية المركزية للسوفييت بتقييد حرية الصحافة، وهذا التحول يرتبط بمشكلة أعمق بموقفه من الحريات السياسية عموماً، وخلال المجلس المركزي للنقابات في نيسان / 1918 : قال لينين: كل من ليس معنا فهو ضدنا رافضاً بذلك أي اعتدال (50) في هذا السياق فإن لينين ينقلب في رؤيته السياسية التي دعا إليها متماهياً مع ترسيمات الانتقال ـ البرجوازية .. وتمسكاً وتماهياً بالماركسية، والتي طرحها في عام 1895( الدعوة لانتخاب جمعية تأسيسية .. الاقتراح العام ـ حرية التجمع والإضراب، حرية الصحافة والفكر والمساواة بين القوميات. أي برنامج ديمقراطي برجوازي كان الليبراليون يطالبون به... (51)
ورداً على (موقف بليخانوف الداعي للتحالف مع الليبراليين، /كان مارتوف يعتبر أن على الطبقة العاملة أن تدعم البرجوازية الليبرالية مقابل انتزاع وعود مناسبة/ قال لينين:نحن نظهر وجهنا لليبراليين بينما أنت تدير لهم ظهرك ، .. لينين يقف بالضد ( الليبرالية تنزع القناع بقدر ما تتقدم الثورة ) (52) وفي قضايا الإضراب قال : مثلما أن هذا الأخير كان يبدو عبثياً في نظام يملك العمال السلطة فيه، كان الاستقلال النقابي شاذاً، في حين أن السلطة البروليتارية كانت تتماهى مع سلطة الدولة .. وقد صوت المؤتمر الروسي الأول للنقابات / 1/ 1/ 1918 بتحويل النقابات إلى أجهزة للدولة السوفيتية (53) وقد حكم لينين بأن تنظيم الإضرابات كان معاكساً لمصالح الدولة البروليتارية (54)/ ....لكن المكانة التي تشغلها البيروقراطية في النظام ، تبرر عملاً مطلبياً للمنظمات العمالية، // لماذ!! وأين السر في//؟؟ مطالبة عمالية فعالة من دون ممارسة الإضراب .. إن النقابات العمالية فقدت استقلالها حيال الدولة، وباتت تتماهى أكثر مع الحزب الموجود في السلطة..)(55)، ....يوجد نوع جديد من التعارض في المصالح بما يتعلق بشروط العمل في المنشأة بين جمهور العمال والقيادة / إن دولتنا ليست عمالية / بل عمالية ـ فلاحية مصابة بتشويه بيروقراطي، لذلك لا يمكن الاستغناء عن النقابات للدفاع عن مصالح البروليتاريا المادية والمعنوية.. يجب أن تضطلع النقابات بالنضال ضد التشويهات البيروقراطية للجهاز السوفيتي. وبعد إدخال السياسية الجديدة النيب ، كرر لينين ، أنه يوجد نوع من التعارض في المصالح بما يتعلق بشروط العمل .. / وإنه ينتج من ذلك بالنسبة للنقابات / الواجب المطلق المتمثل بالدفاع عن مصالح الشغيلة .. ، والتقويم الدائم لأخطاء الأجهزة الاقتصادية وتجاوزاتها حين يصدر عن تشوه بيروقراطي لجهاز الدولة) (56) ويمكننا التأكيد بأن هذه الأشكال ما زالت حتى اللحظة تمارس من قبل الأحزاب الشمولية ذات الميول الحزبية الأحادية، التي تدمج كافة المؤسسات المدينة وتوظفها لتأبيد سيطرتها السياسية، على قاعدة الاحتواء والاحتكار...
ـ وفي سياق تجذير الموقف الثوري طالبت لجنة فيبورغ البلشفية بطرد ستالين وكامنييف بسبب الموقف من الحكومة المؤقتة(57)... لينين: يجب عدم دعم الحكومة الجديدة, الحكومة المؤقتة رجعية وجهاز سيطرة للملاكين الكبار والبرجوازيون.(58) وأكد على ضرورة اتخاذ اللجنة المركزية قرار طرد / كامنييف وزينوفييف لأن التردد جريمة .(59)
ـــ وقد أبدى لينين في المؤتمر الثامن للحزب / آذار 1919/ : على المنظمة الشيوعية أن تتأكد من السيطرة السياسية الكاملة داخل السوفيتات والإشراف العملي على كل نشاطاتها ) (60)وفي ذات المؤتمر أكتشف لينين تعبير /الحزب الشيوعي القائد / وأعلن أن ديكتاتورية الطبقة العاملة يمارسها الحزب البلشفي / وأكد في كتابه مرض الشيوعية الطفولي إن ديكتاتورية الطبقة العاملة تتحقق بقيادة الحزب الشيوعي(61).( السوفيتات أجهزة للسلطة ..إنها تعمل بوصفها سلطة ). (62)
ــ ووفقاً لشهادة تروتسكي : عندما أقر مؤتمر السوفيتيات إلغاء عقوبة الإعدام فإن لينين صاح ( حماقات، حماقات، أثمة اعتقاد: ثورة من دون إعدامات )(63) وللعلم فإن لينين هو من اقترح في شباط 1920 إلغاء عقوبة الموت وطالب في عام 1921 بالحد من صلاحيات التشيكا في الوقت الذي نادى بالقمع الأشد صرامة للنشاطات المنشفية . وبعد ثلاث سنوات من كتابته الدولة والثورة اعترف لينين علناً : أنه ارتفعت على أنقاض المجتمع القيصري دولة عمالية مشوهه بيروقراطياً ). (64)
ـ في تموز 1924: في المؤتمر الخامس للأممية الثالثة قررت إحدى الأطروحات المتبناة ( بلشفة المنظمات الشيوعية ...، ويجب أن يكون الحزب ممركزاً وألا يسمح لا بتكتلات ولا باتجاهات، وإن يكون مصهوراً في قالب واحد (65)/// كان حظر التكتلات الذي تقرر في المؤتمر العاشر في آذار من عام/1921/ يستهدف في المقام الأول مجموعة كولنتاي وشليابنيكوف، التي صممت القيادة الشيوعية وعلى رأسها لينين أن تسكتها عن طريق الإكراه والعسف(76))/ وهذا نراه في الأحزاب الشيوعية العربية التي تعتمد النص اللينيني كعقيدة أسست لمحاربة واجتثاث كافة التلوينات النظرية والسياسية داخلها.
ـ أما التبعية التي تميزت بكونها شبه مطلقة من قبل الأحزاب الشيوعية الرسمية، والتي يقابلها هيمنة من قبل الحزب الشيوعي السوفيتي والأممية، فإن جذرها يعود بشكل أولي، إلى إعلان كارل كاوتسكي في 1920 / لا تحتاج الأممية الثالثة إلا أن يكون لها أعضاء يعترفون بديكتاتورية موسكو ليس في روسيا فقط بل كذلك في بلدانهم/(67). وبقي هذا الميل مكرساً عالمياً وإن تباين في بعض التجارب عند بعض الأحزاب الشيوعية حتى سقوط التجربة السوفيتية ، ووصول غورباتشوف إلى سدة السلطة .
ــ أما ما يثير الانتباه هو الموقف الذي صرح به لينين إلى غوركي بخصوص المثقفين ( أن أهمية المثقفين تنخفض في حزبنا ـ فلتذهب بهم الريح الطيبة، هؤلاء القذرين، الحزب يتخلص من الفضلات البرجوازية الصغيرة ، العمال يضعون يدهم على الأمور ... ) (68)
ـ ورغم تحذير لينين من: أن الرفيق ستالين الذي أصبح أميناً عاماً قد حصر في يديه سلطة لا حد لها، أنا لست على ثقة في أنه سيعرف ... كيف سيستخدم هذه السلطة بما يكفي من الاحتراس ... ومن جهة أخرى، لا يتميز الرفيق تروتسكي بكفاءات بارزة وحسب... بل هو شخصياً أكفأ . (69) / . فإن ستالين تغلب على تحالف تروتسكي، كامنييف زينوفييف بقوة تحالفه مع بوخارين وبقوة التغيير السلبي الذي طرأ على الحزب ... 1924ـ 1925، ثم نفى تروتسكي بعد فصله من الحزب إلى آلماتا في كانون ثاني عام 1928، وفي 61/ 2 / 1928 تم تسليمه وثيقة عزله عن الحياة السياسية. 1936/ تم إعدام كامنييف وزينوفييف،وقتل تروتسكي في المكسيك، وأخرج بوخارين من المكتب السياسي . و بعد استقرار السلطات بيد ستالين، تم التنكيل بآلاف الحزبيين، وساد نظام أوامري، بيروقراطي، وتقلص المناخ الديمقراطي، وسادت عبادة الفرد .. وهذا يشكّل التتويج الطبيعي لسياق التحولات السياسية التي أسس لها لينين ومارسها بشكل مباشر ستالين وفق أشكال سياسية بيروقراطية، وأحادية حزبية ذات لون واحد تنبذ التنوع والتعدد وتفرض سياسة القوة والإرهاب السياسي داخل الحزب والمجتمع، وهذا ساهم موضوعياً في بناء شكل خاص من أشكال الدولة الأحادية الكليانية البيروقراطية يقودها ويقود المجتمع حزب واحد. وحتى عندما حاول خروتشوف إعادة الاعتبار لضحايا الإرهاب الستاليني بعد أن وصلت ذروتها في 1953 // فقد تم في: /1/ 10/ 1962/ تنحيته بقرار أجمعت عليه اللجنة المركزية ،مما يعني ويدلل على تأصل البناء السياسي الستاليني وتجذره في القاع السياسي، الذي أصبح سمة عامة لكافة التجارب التي اعتمدت الاشتراكية شكلانياً( رأسمالية دولة واقعياً)، حتى وإن بدت بعض التجارب السياسية ميولاً للخروج عن هذا السياق. لكنها لم تزل خاضعة نسبياً لهذا الإرث التاريخي الذي لم يزل يمسك بتلابيب الحاضر.
00000000000000000000000000000000000000000000000000000000
المراجع:
30ـ مارسيل ليبمان ـ اللينينية في ظل لينين (ج 1) /13/.
31ــ ذات المصدر /21/.
32ـ ذات المصدر /23ـ24/.
33ـ ذات المصدر /33/.
34ـ ذات المصدر /35/.
35ـ ذات المصدر /70/.
36ـ ذات المصدر /70/.
37ـ مارسيل ليبمان / اللينينية في ظل لينين ، الجزء الأول /47ـ49/.
38ـ ذات المصدر / 47ـ48 /.
39ـ ذات المصدر /15/.
40ـ مارسيل ليبمان / اللينينية في ظل لينين ، الجزء الثاني /79/.
41ـ ذات المصدر /65/.
42ـ مارسيل ليبمان / اللينينية في ظل لينين ، الجزء الأول /56ـ 57/.
43ـ مارسيل ليبمان / اللينينية في ظل لينين ، الجزء الأول / 59/.
44ـ ذات المصدر / 59/.
45ـ مارسيل ليبمان / اللينينية في ظل لينين ، الجزء الأول / 63/.
46ـ زبيغينو بريجنسكي ــ الإخفاق الكبير /66/.
47ـ ذات المصدر /76/.
48ـ مارسيل ليبمان / اللينينية في ظل لينين ، الجزء الثاني /79/.
49ـ ذات المصدر / 43/.
50ـ ذات المصدر / 70ـ 78/.
51ـ مارسيل ليبمان / اللينينية في ظل لينين ، الجزء الأول /69/.
52ـ مارسيل ليبمان / اللينينية في ظل لينين ، الجزء الأول/ 72ـ77/.
53ـ مارسيل ليبمان / اللينينية في ظل لينين ، الجزء الثاني /181/.
54ـ مارسيل ليبمان / اللينينية في ظل لينين ، الجزء الثاني / 81/.
55ـ ذات المصدر / 81/.
56ـ مارسيل ليبمان / اللينينية في ظل لينين ، الجزء الثاني/183/.
57ـ مارسيل ليبمان / اللينينية في ظل لينين ، الجزء الأول /156/.
58ـ ذات المصدر/ 170/.
59ـ ذات المصدر / 190/.
60ـ مارسيل ليبمان / اللينينية في ظل لينين ، الجزء الثاني /98/.
61ـ مارسيل ليبمان / اللينينية في ظل لينين ، الجزء الثاني /99/.
62ـ ذات المصدر/100/
63ـ مارسيل ليبمان / اللينينية في ظل لينين ، الجزء الثاني /144/.
64ـ ذات المصدر / 146ـ183/.
65ـ ذات المصدر /265/.
66ـ ذات المصدر / 116 ـ 117/ .
67ـ ذات المصدر /266/.
68ـ مارسيل ليبمان / اللينينية في ظل لينين ، الجزء الأول/126/.
69ـ نذير جزماتي / المعسكر الاشتراكي... /5/.



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عتبة الهدم الديمقراطي (قراءة في التجربة السوفيتية) القسم الث ...
- عتبة الهدم الديمقراطي (قراءة في التجربة السوفيتية) القسم الأ ...
- قراءة في الاقتصاد السوري في ضوء التقرير الاقتصادي للحزب الشي ...
- العلمانية في سياق الممارسة
- أشياء من الذاكرة
- بحث في بعض إشكاليات الشباب
- موضوعات الحزب الشيوعي السوري : مدخل لنقد اليسار الرائج
- غزة بوابة لتحولات إقليمية جديدة
- الأزمة اليونانية: الحلقة الأضعف بوابة لتّغيير
- أزمة اليسار : فكر أحادي واقع مستعصي
- إقرار مشروع الضمان الصحي وغياب دور نقابة المعلمين
- الصحافة العربية ( ملاحظات أولية)
- إشكاليات الإعلام الرسمي
- واقع الإعلام في اللحظة الراهنة
- أن تكون يسارياً
- هل بات مفهوم الثقافة عائماً وملتبساً
- تناقضات رأس المال
- أوهام مواطن عربي
- إشكالية اليسار الماركسي مقاربة الواقع اللبناني
- نهايات عربية


المزيد.....




- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - معتز حيسو - عتبة الهدم الديمقراطي (قراءة في التجربة السوفيتية) القسم الثالث