أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - وجيهة الحويدر - انا مخلف الشمري.. من سجن الدمام العام احلم بيوم وطني اكثر انسانية














المزيد.....

انا مخلف الشمري.. من سجن الدمام العام احلم بيوم وطني اكثر انسانية


وجيهة الحويدر

الحوار المتمدن-العدد: 3133 - 2010 / 9 / 23 - 18:34
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


استيقظت على صوت اذان الفجر والنور ينازع الظلام ليحل مكانه في السماء بمسحته المعتادة، ويعبر بزنزانتي التي يشاطرني فيها عشرة سجناء، معظمهم مدانين بتهم ترويج المخدرات، وبعض منهم قتلة.
في هذا المكان الموحش السجناء مكدسين مثل السردين في اسرة موضوعة فوق بعضها البعض، لكي تسع الغرفة اكبر عدد ممكن منهم. سجن الدمام العام مكتظ جدا، حيث ان عدد النزلاء فيه يزيد عن سعته الافتراضية بما يفوق الضعف.
اكاد اسمع نَفَس كل واحد من زملائي في الزنزانة، بينما كل منهم يحاول عبثاً ان يعاند النهار ويسرق بعض الوقت لنفسه ليبقى مستلقيا على سريره، ولكي يبعد جسده وذهنه لوهلة عن روتين السجن اليومي الممل.
لكن اليوم ليس مثل سائر الايام، فهو اليوم الوطني السعودي الذي تم فيه قبل اكثر من سبعين عاماً اعلان المملكة وتوحيدها تحت راية واحدة، "مملكة الانسانية" كما يروق للبعض ان يطلق عليها هذه الايام.
يتأمل نزلاء السجن اليوم في الحصول على وجبة خاصة وفاخرة بمرور هذه المناسبة، فالأكل الذي يُطبخ في افران السجن بات باهت الطعم ومرات سيء المذاق.
وانا مستلقي على فراشي شعرت بحركة السجين الملقب "بأبي عنتر" حيث يرقد فوقي في السرير العلوي. ابا عنتر سوري الجنسية، اُتهم بالتزوير وحُكم عليه بالسجن لمدة سبعة شهور ومن ثم الترحيل الى بلده. مدة عقوبته انتهت منذ سنوات طويلة، ولم يهتم احد بإنهاء اجراءاته القانونية، لذلك مازال قابعاَ في السجن ولا يدري متى سُيفرج عنه. يوجد الكثير من السجناء غير السعوديين الذين مثل حالة "ابا عنتر"، يقبعون في السجون بالرغم من انتهاء مدد حبسهم، لأنه لا يوجد احد خارج الاسوار يتابع قضاياهم.
نهض "ما جد" كعادته من سريره وصار ينادي كل واحد بإسمه من اجل ان يستيقظ لتأدية صلاة الفجر. "ماجد" صار له في السجن لأكثر من 25 سنة بسبب جريمة قتل اقترفها وهو كان شاباً يافعاً. لم يُنفذ حكم الاعدام فيه لأن القاضي ينتظر ان تحكم فيه ابنة القتيل. المضحك المبكي ان ابنة القتيل فتاة مختلة عقلياً ولا تفقه من الحياة شيئاً. "ماجد" في الاربعينيات وعليه ان ينتظر هذه الابنة اما ان تسترد عقلها او ان يتوفاها الله، وبالتالي يعرف "ماجد" مصيره، هذا ما حكم القاضي في قضيته منذ ربع قرن!
استيقظ كل من في العنبر وصاروا يهرولون بهمة الى دورات المياه في مبان مهترئة تكاد تسقط من طولها. كل صيانة هذه الزنزانات ومرافقها تأتي من جيوب النزلاء، ولا احد يدري اين تُصرف ميزانية صيانة السجون التي تدفعها الدولة، فهي مثل كل الاموال العامة التي تُسرق في وضح النهار وبدون ان يكون ثمة محاسبة.
لا اطيق ان اذهب الى الحمامات فهي تذكرني باليوم الذي وصلت فيه الى هذا المعتقل واجراءاتهم المهينة التي اتخذت ضدي. اجبروني على خلع كل ملابسي وتحسسوا جسدي بطريقة مقرفة، لكي يتأكدوا من عدم وجود اية مخدرات معي. هم يعلمون جيدا انني رجل بلا سوابق وسجين بلا تهمة. وان همي هو هم الوطن واهله. لا بد من ان تتم اجراءات مختلفة لمن هم مثلي من السجناء، لأننا اناس مسالمين ولا نحمل معنا اي اداة او مادة قد تسبب ضررا لأحد، فمكاني ليس هنا ولن يكون هنا ابدا.
توجهت مع السجناء الى المسجد لتأدية صلاة الفجر، المسجد داخل الاسوار ويشرف على نظافته عمال اسيويين هم اسياد هذا السجن، فكل طلبات النزلاء هم الذين يقومون بتنفيذها بالتعاون مع السجانين. فهم مثل "المافيا" المنظمة التي تبتز فلوس السجناء من اجل تلبية مطالب بسيطة كالسجاير والاطعمة وايضا تهريب اجهزة الجوالات، فما قيمتة عشرة ريالات خارج اسوار السجن يصبح مائة ريالاً داخلها.
اليوم المصلين ينقصهم سجين واحد فقد توفيى البارحة بسكتة قلبية كما قيل. كان نزيل في عنبر رقم (1)، في ذلك العنبر نسبة الوفيات فيه مرتفعة بسبب وجود جهاز تنصت فيه يبث اشعاعات تؤثر على الدماغ او تسبب خللا في ضربات القلب على حسب الاشاعة المتداولة بين عنابر السجن. عموما هنا لا توجد اية خدمات صحية تُقدم لأي سجين مهما كان يعاني من امراض مزمنة، لذلك من يمرض يبقى تحت رحمة الله بتعاطي "البنادول"، لأن اجراءات الخروج للعلاج تأخذ وقتاً طويلاً، ومرات يموت السجين قبل ان يصل الى مستشفى.
انتهيت من الصلاة وعدتُ ادراجي الى الزنزانة، وانا امشي في الممر اكاد احس بجدران السجن المتهالكة وهي تحكي لي عن رجال قضوا حتفهم هنا ظلماً، او زُجوا لسنوات طويلة في هذه الزنزانات بالرغم من انتهاء مدد عقوبتهم.
انا من كان يحارب من اجل اخراج كل مظلوم من حبسه، اجد نفسي الآن محبوساً بسبب قضية كيدية ومدبرة، حيث ألبسوني جريمة لم اقترفها، ولفقوا بي تهمة القاضي نفسه رفض ان يحكم فيها، فأين من ينصفني ويعيد لي حقي ويرد لي كرامتي...؟؟؟
في هذا اليوم الوطني ..انا مازلت احلم ان يأتي هذا اليوم مرة اخرى ويكون فيه ثمة سيادة للقانون وثمة محاسبة لمن يستغل سلطته لتصفية خصومه.
انا احلم بيوم وطني اكثر انسانية، وبوطن يسعنا جميعا بكل ألواننا واطيافنا...
انا احلم .. وسأظل احلم ان ارى حياة كريمة لجميع المواطنين وان يعاملوا سواسية..
انا احلم وسأبقى احلم ..لأن الحياة بلا حلم مثل هذا السجن موت يجره موت، وخيبة تجرها خيبة...



#وجيهة_الحويدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لن اذهب الى البحرين هذا العيد!
- الى متى ستستمر الاعتقالات التعسفية للحقوقيين في بلدان -الشيو ...
- وجيهة الحويدر تجوب العالم دفاعاً عن المرأة السعودية
- التوحش والتوحش المضاد في المجتمع السعودي (5)
- التوحش والتوحش المضاد في المجتمع السعودي (4)
- التوحش والتوحش المضاد في المجتمع السعودي (3)
- التوحش والتوحش المضاد في المجتمع السعودي (2)
- التوحش والتوحش المضاد في المجتمع السعودي (1)
- شهرزاد الافغان!
- السعودية ..اكبر سجن نساء في العالم!
- -أمرأة مسترجلة-
- لا تجعلوا الناس ينتظرون كثيرا للحصول على جرعة الموت او الذل!
- يسألونني...متى أكف عن المطالبة بحقوق المرأة السعودية؟
- أينما ...
- قمة العشرين بين الجياع الجدد والجياع القدامى!
- -لو عرضت علي الجنسية السعودية لقبلتها بسرور-
- -نعمل معا من أجل طفولة آمنة-!
- حين لا نحمل ما يكفي من الحب ...
- دعاة حقوق الإنسان الحكومية وعاظ السلاطين الجدد!
- أقسى وأطول حصار عرفه التاريخ ولم يغطه الإعلام العربي أو الغر ...


المزيد.....




- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - وجيهة الحويدر - انا مخلف الشمري.. من سجن الدمام العام احلم بيوم وطني اكثر انسانية