أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أوري أفنيري - قحط في تكساس















المزيد.....

قحط في تكساس


أوري أفنيري

الحوار المتمدن-العدد: 933 - 2004 / 8 / 22 - 09:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


القصة معروفة: في أحد الأيام، جاء أحد مساعدي المرحوم ليفي إشكول، رئيس الحكومة آنذاك، وصرخ والرعب يدب في قلبه: لقد حدث أمر جلل، جاء القحط!"

"أين؟" سأله ليفي إشكول والخوف يختلج في صدره، "هل حدث ذلك في تكساس؟"

"لا، بل هنا عندنا!" أجابه المساعد.

"إذن لا تهتم لذلك!" قال له إشكول مهدأ من روعه.

منذ أيامها الأولى، ومصير دولة إسرائيل متأثر إلى حد كبير بما يحدث في الولايات المتحدة. وكما يقال "حين تعطس أمريكا تصاب إسرائيل بالزكام".

هذا الأمر صحيح بشكل خاص فيما يتعلق بالانتخابات الأمريكية. يمكن لهذه الانتخابات ألا تقل أهمية بالنسبة لإسرائيل عن أهمية الانتخابات لدينا، لأن من يسكن في البيت الأبيض يقرر مستقبلنا بألف شكل وشكل. إلا أن لهذه الانتخابات وجها هاما آخر: الأشهر التي تسبق الانتخابات في أمريكا تشكل ما يشبه موسم الصيد بالنسبة لإسرائيل.

الافتراض الأساسي هو أن نفس أي مرشح للبيت الأبيض لا تسوّل له أن يقف في وجه المؤسسة اليهودية في فترة الانتخابات. اليهود منظمون بشكل جيد ولديهم محفزات قوية، ويشكلون كتلة سياسية ناجعة. إنهم مستعدون للتبرع بأموال طائلة، وكل ذلك يمنحهم قوة ضاربة تفوق قوتهم العددية.

يوجد في الولايات المتحدة، من الناحية العملية، مسلمون أكثر مما يوجد يهود، ولكنهم غير منظمين بشكل جيد، ومحفزاتهم السياسية ضعيفة واستعدادهم للتبرع بمبالغ طائلة يكاد يكون معدوما. أما التزامهم بالمسألة الفلسطينية فلا يكاد يذكر أمام التشدد الذي يؤيد فيه اليهود دولة إسرائيل. لقد حازت الجالية اليهودية هناك مؤخرا على تعزيز لا يستهان به، يتمثل بعشرات ملايين المسيحيين المتطرفين الذين يدعمون دولة إسرائيل دون قيد أو شرط.

على أساس ذلك، تخطّط حكومة إسرائيل خطواتها الأكثر إثارة للمشاكل في فترة الانتخابات الأمريكية. فكلما قل الفارق بين المرشحين، تتعاظم قوة جاذبية فترة الانتخابات في أعين المخططين الإسرائيليين.

لقد أعلن دافيد بن غوريون عن إقامة دولة إسرائيل من جانب واحد، في شهر أيار من عام 1948، عندما رشح الرئيس هاري طرومان نفسه من جديد لمنصب الرئيس الأمريكي، وكان وضعه صعبا للغاية. لقد اتخذ بن غوريون قراره مخالفا بذلك رأي عدد من مستشاريه الأكثر خبرة مثل ناحوم غولدمان وموشيه شاريت، اللذان حذراه من مغبة معارضة الولايات المتحدة الشديدة لهذا الإعلان. لقد راهن بن غوريون مستخدما ورقة عدم قدرة طرومان على فعل ذلك في فترة الانتخابات.

كان طرومان، في تلك الفترة، في أشد الحاجة إلى المال. وقد منحه هذا المال المطلوب عدد من الأثرياء اليهود. وليعبر عن شكره، وخلافا لرأي جورج مارشال، وزير الخارجية، وبالأخص لرأي جيمس فورستل القاطع، اعترف طرومان اعترافا فعليا بإسرائيل. (أما ستالين فقد اعترف بها من ناحية المضمون).

منذ ذلك الوقت وحتى الآن، يكرر هذا النهج نفسه مرارا وتكرارا. لقد أمرت حكومة الوحدة الوطنية آنذاك الجيش بفتح الهجوم عام 1967، بعد أن حصلت على الضوء الأخضر من الرئيس لندون جونسون، الذي كان يحذوه الأمل في إعادة انتخابه عام 1968. والبقية معروفة: كانت السنة التي تلت حرب الأيام الستة سنة حاسمة إذ كانت سنة الانتخابات في الولايات المتحدة، ولذلك امتنعت الولايات المتحدة عن الضغط على إسرائيل لتعيد المناطق التي احتلتها. تنبع أغلبية مشاكلنا الحالية من ذلك الفشل التاريخي.

لقد اختل هذا الحساب مرة واحدة فقط. ففي عام 1956 شارك بن غوريون في العدوان الثلاثي الفرنسي-البريطاني-الإسرائيلي ضد الرئيس المصري جمال عبد الناصر. بعد أن احتل بن غوريون نصف شبه جزيرة سيناء في حملة كاديش، أعلن عن قيام "مملكة إسرائيل الثالثة". وقد كان متأكدا من أن الأمريكيين مشغولون بالحملة الانتخابية ولن يتدخلوا. لكنه أخطأ.

لقد كان الرئيس روزفلت، الذي رشح نفسه لفترة رئاسية ثانية، متأكدا من فوزه الساحق. لم يكن بحاجة إلى أصوات اليهود. وقد كان رجل مبادئ، لذلك فرض على بن غوريون أحد خيارين، إما الانسحاب من شبه جزيرة سيناء، أو التعرض إلى مشاكل مع الولايات المتحدة. (وقد حذر الرئيس السوفييتي بولغنين بنغوريون بدوره هو أيضا)، مما حذا ببن غورون إلى الإعلان عن سقوط "مملكته" بعد أربع أيام فقط من إقامتها. ولكن ذلك كان أمرا استثنائيا بالفعل.

أريئيل شارون الذي يرى في نفسه تلميذ بن غوريون (كما هو الحال لدى شمعون بيرس)، يحسب الآن الحساب ذاته. الرئيس بوش يدافع عن مستقبله السياسي. إنه لن يجرؤ على استفزاز إسرائيل في هذه الفترة. ومن الناحية العملية، يستطيع شارون، من الآن وحتى تشرين الأول، أن يفعل كل ما يحلو له.

خارطة الطريق الشهيرة التي وضعها جورج بوش ذهبت إلى الجحيم. (أرى في مخيلتي جورج بوش يململ: "خارطة الطريق؟ أي خارطة طريق هذه؟ إن الخارطة الوحيدة التي أحتاجها الآن هي خارطة الطريق إلى البيت الأبيض!") إن مطالتبه بتجميد أي بناء في المستوطنات، وحتى بهدف التزايد الطبيعي، قد تحولت إلى نكتة. لقد وجه شارون إليه صفعة علنية حين أعلن عن بناء 600 بيت جديد في مستوطنة معاليه أدوميم.

مبعوثان من مجلس الأمن ووزارة الخارجية الأمريكية (وعلى فكرة، كلاهما يهودي صهيوني) يتوسلون جاثمين على ركبتيهما أمام شارون ليفكك عشرات "النقاط الاستيطانية" التي أقيمت منذ توليه رئاسة الحكومة عام 2001. لقد وعد شارون بوش بذلك، مقابل التنازلات الكبيرة التي قدمها له بوش. وها هو شارون الآن يضحك منه بشكل علني.

إلا أن لشارون نية واضحة ورغبة في انتخاب بوش من جديد. إنه يخاف جون كيري، رغم أن تصريحات كيري حول النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني تبدو وكأنها نسخة طبق الأصل عن تصريحات بوش، ورغم أن جد كيري يدعى كوهين. تفيد التجربة الطويلة أنه لا توجد أية علاقة بين ما يصرح به السياسيون وبين ما يفعلونه. هذا هو الوجه الآخر لعملة الانتخابات.

لذلك من الممكن أن يقتنع شارون، رغم كل ذلك، بالقيام بأمر ما - بشكل عام - يتيح لبوش الإعلان عن التوصل إلى فرصة سياسية في الشرق الأوسط. ربما - من يعلم؟ - سيأمر شارون، قبل أسبوع من الانتخابات، بتفكيك ثلاثة كرافانات على تلة منسية في الضفة الغربية. يا للهول!



#أوري_أفنيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترتيب الفوضى
- الأوليغارخيون أو: البتول التي تدهورت إلى الزنى
- جلد الدب
- الرجل الطيب والسيدة العجوز
- حقا هناك قضاة في هاغ
- العدل، الغاز والدموع
- ذهب الزرزور إلى الغراب…-
- أضرار نفسية غير مرتجعة
- فليشربوا من بحر غزة
- طومي والجدة
- اغتصاب رفح
- بوشارون: العد التنازلي
- المسخ الذي تصدى لصانعه
- فأنونو: السر الدفين
- جلد شارون، وجلد بوش المرقط
- الأرز المر (2) أو: مسيرة الحماقة
- رسالة إلى عرفات
- ثلاثة جنرالات وقديس واحد
- كل الاحترام، يا أصدقائي
- روميو الفلسطيني


المزيد.....




- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...
- كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية
- مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للتحقيق مع الإدارة بعد اس ...
- عاجل | خليل الحية: تسلمنا في حركة حماس رد الاحتلال على موقف ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيّرة أمي ...
- بعد الإعلان التركي عن تأجيلها.. البيت الأبيض يعلق على -زيارة ...
- ما الذي يحمله الوفد المصري إلى إسرائيل؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أوري أفنيري - قحط في تكساس