أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - توفيق أبو شومر - الإعلام ولغة الهعخع !















المزيد.....

الإعلام ولغة الهعخع !


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 3071 - 2010 / 7 / 22 - 11:02
المحور: الصحافة والاعلام
    


قلتُ في إحدى محاضراتي:
إنني أعتذرُ لكم في البداية، لأنني سألتزمُ الحديثَ باللغة العربية الفصحى!
نعم هكذا انقلبتْ الموازين، فقد أصبح الحديث باللهجات الدارجة هو الأساس، وصار الحديث باللغة الفصحى استثناءً وخروجا عن القاعدة!
نعم أصبح الحديثُ بالفصحى نشازا في آذان معظم أهل اللغة من الصغار والكبار، وصاروا عندما يسمعون شخصا يلتزم الفصحى ، يظنون بأنه أحد الذين بعثوا من القبور ، أو أنه ممثلٌ سيقول أقوالا لا يمكن أن تتحقق!
فالنشء يتعلمون في مدارسهم اللغة العربية الفصحى ، على يد كثير من معلمي اليوم باللهجات الدارجة للمعلمين، وكأنها لغة أجنبية، يتعلمونها لغرض النجاح في الاختبارات المدرسية فقط، وليس لممارستها في حياتهم العامة والخاصة !
إنها أكثر التحديات التي تواجه العالم العربي، إن بقي هذا الاسم ينطبق عليه، ويبدو أننا مقبلون على عصر إزالة هذه التسمية التي لم تعد تلائم العصر.
نعم فقد تولى إعلامُ اليوم مهمة وأد اللغة العربية، وتحطيم مبادئها، وهزيمتها ودحرها لتعود من جديد إلى حروف وجمل في الكتب الصفراء والمراجع اللغوية العتيقة المملة!
فأكثر وسائل الإعلام ( العربية) انتشارا، لم تعد ترى في تسميتها تلك سوى شعارٍ عتيق لا تفتخر به، ولا يهمها من أمره شيئا!
وظلت القنوات الفضائية تُجبر مذيعيها الالتزام بالحد الأدنى من اللغة في نشرات الأخبار فقط، وقامت قنوات أخرى بإزالة هذا الحد الأدنى وحوّلت الأخبار إلى برامج تسلية باللهجات العامية ، وفق لكنة دارجة المذيعات المصبوغات في استوديوهات التجميل في القنوات الفضائية، وكأن الجمل الفصحى سوف تجرح شفاههن المصبوغة، وتُزيل تأثير مكياجهن الجميل، في عيون المشاهدين !
وتخلصتْ كثير من القنوات الفضائية من آثار اللغة العربية الفصحي، فأستغنت عن برامج [اليوم] ( بالنهارده) وعن [مع السلامة] (باي) و[نعود إليكم] ( هاي) !
أما عن الحوارات فحدّث ولا حرج، فلم تعد للغة العربية الفصحى صلة بمعظم الحوارات التي تُدار في معظم القنوات الفضائية، لدرجة أن الحوارات الثقافية والأدبية خضعت للمؤامرة الكبرى ، وهي طمس هذه الفصحى!
نعم إن بقاء الفصحى أمر خطيرٌ يهدد وجود كثيرين ويعيد النشء العربي إلى أصولهم ، ويجرجرهم إلى جمالياتها الأدبية فيعشقونها ، ويسعون لإحياء أمجادها، وهذا أمرٌ خطير في ألفية محو وإزالة كل القوميات، التي تهدد مصير الألفية وتقضي على تجارها وسماسرتها ومسوقيها !
وإذا كان الأمر كذلك فلا بد من إزالة هذه اللغة والقضاء عليها بطرقٍ عدة:
أولها أن يتولى تدريسَها أساتذةٌ ومعلمون فاشلون، لا يجيدونها ، وقد يحقدون عليها أيضا، فقد استمعت إلى ندوة أدبية في جامعة واسعة الشهرة نظمها قسم اللغة العربية، وعندما استأتُ من الأخطاء الكثيرة لأحد المتحدثين ، سألت عنه، فقالوا لي إنه أستاذ النحو والصرف في الجامعة المشهورة !
وثانيها أن يقوم مسؤولو المناهج المدرسية بالمشاركة في المؤامرة على اللغة، عندما يختارون من اللغة أصعب الأشعار وأكثرها جمودا، ويختارون من النصوص، ما يُنفّر الطلاب ويجعلهم يشمئزون من لغتهم، ويحولون قواعدها وصرفها إلى محفوظات ، يختبرون الطلاب في حفظها وتكرارها ، ويجعلون من (شواذ اللغة العربية) طرائف للسخرية كما اعتاد أحدهم أن يردد دائما القول الشاذ المشهور عن ناقته، كلما سمع متحدثا يلتزم اللغة الفصحى، فيقول: إنه من أصحاب؛
" تركتُها ترعى الهعخع"
أو أن يستشهدوا ببيت الشعر المشهور: وقبرُ حربٍ بمكانٍ قفرِ .. وليس قربَ قبرِ حربٍ قبرُ
ويغفلون في المقررات بدائع أشعار امرئ القيس والمتنبي وأبي نواس وأبي العلاء وشوقي وجبران وحافظ وطرائف ابن النديم وغيرهم وجمال الخطب النثرية، ويخضعونها لرقابة مفتشي الألفاظ والجمل من المتطرفين المشاركين في المؤامرة، وهؤلاء يرون في جماليات اللغة وبدائع الحكم تهديدا لهم ،لأن فيها تفتيحا للعقول وتوسيعا للمدارك، ويرون في أشعار الغزل الجميل إثارة للعواطف والغرائز الجنسية الممنوعة والمحظورة!
هكذا إذن يمرُّ مسلسل فصل النشء عن لغتهم الجميلة ، فقد تمكّن منها المتآمرون وأصبح الحديث بها من وجهة نظرهم (تملقا وزيفا) يشير إلى زمنٍ خيالي مجهولٍ يسبب نفور السامعين والمشاهدين ،أما الحديث باللهجة الدارجة عندهم هو الأكثر صدقا وواقعية لأنه يصدر من القلب !
ووصل الأمر بأن المرأة العربية أصبحت تعتقد بأنها لن تحظى بالجاذبية والسحر، إلا إذا تحدثت بالدارجة الهلامية، وأنها إذا نطقت الفصحى، فالعاقبة وخيمة، لأنها تشعر بأنها أصبحتْ منفِّرة، مع العلم بأن أروع أشعار الغزل، وأحلى قصص العشاق ظلت تكتب طوال العصور باللغة الفصحى، وكان سكان الأندلس الأصليون يستعينون بالشعر العربي لنيل رضى محبوباتهم !
نعم إنه المنطق المقلوب في إعلام اليوم الذي ينفذ أخطر المؤامرات على ما تبقى من هذه الأمة ، إن واصلتْ الحياة !
وأسهم الفنُ الرخيص في إزالة ما بقي من اللغة الفصحي ، وصارت الفصحى مجالا للتندر والسخرية والاستهزاء، ولم تقم الدول العربية بإنتاج فنون جميلة بهذه اللغة الفصحى، وأصبح كل من يُسوِّق عملا فنيا بها، يعتبر عمله خسارة، إذا كان ناطقا باللغة العربية الفصحى ، فالربح الوفير هو فقط للأفلام والأغاني الرخيصة من أمثال أفلام (صايع بحر) وأغاني ( حبيتك يا ابن الكلب)!
واكتفتْ جامعة الدول العربية بإصدار ( توصيات) بالالتزام باللغة الفصحى في وسائل الإعلام ، بينما يعتمد مسؤولو الجامعة العربية أنفسهم في لقاءاتهم ومناقشاتهم وإعلامهم اللهجات الدارجة.
ومن الغرائب والعجائب التي لا يمكن تفسيرها بغير نظرية المؤامرة، أن اللغة الفصحى لم تستفد من التقدم التكنلوجي السريع في تكنلوجيا المعلوماتية، كما استفادت اللغات الأخرى، في مجال إعادة صياغة قواعدها ، وأساليب تعليمها، حتى أن الأجانب الراغبين في تعلم العربية، يقبلون على تعلم اللهجات الدارجة ، حتى يتمكنوا من فهم لغة الشارع والناس!
ومن الغرائب أيضا أن هناك مئات الكليات الجامعية التي تعلم اللغة العربية، ولم تتمكن بعد من صياغة برامج كمبيوترية محوسبة تُمكن الطلاب من الاستفادة من هذه اللغة، بعد غربلة نحوها وصرفها، وترجمتها إلى عدة لغات، وصياغة برامج عديدة بلغات عديدة لتسهيل تعلمها ونشر ثقافتها بين اللغات الأخرى!
وإذا أضفنا إلى ما سبق؛ أن اللهجات الدارجة العربية، ليست متشابهة فقط ، بل إن كثيرين من العرب لا يفهمون الدارجة في دول عربية أخرى ، فإننا نكون قد أوشكنا على إزالة كل آثار الفصحى الجميلة، وإعادتها إلى معاجمها وكتبها الأولى، لتوضع في متاحفنا الجميلة، لكي نجعلها أثرا من الآثار، ونقشا من النقوش الحجرية، نقود إليها السائحين من كل بقاع الأرض، ونشير إليها قائلين:
انظروا هذه (كانت) لغتنا.... طبعا نردد القول:
That was our language
Voila notre langue



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشامي والمسيري هل نضيع تراثهما؟
- إسرائيل هي بطل كأس العالم في كرة القدم
- قصة قط الشيخ عبّاس
- نوادر عن الأحزاب والتطرف
- كتاب نصف السماء وقتل النساء
- التاريخ الفلسطيني بالمقلوب
- شكرا يا إسرائيل
- دعوة اليهود للهجرة من فلسطين
- ألفية القدم، لا القلم
- الإعلام يغتال أطفال فلسطين
- شخصيات إسرائيلية تصف إسرائيل
- إسرائيل تغرق في البحر 1/6/2010
- لقاء حصري مع برنارد لويس 30/5/2010
- صحافة التطريز
- معلمو حل الاختبارات
- إسرائيل تشبه كوريا الشمالية
- لفتة دعم لشومسكي
- من يوميات منكوب
- قصة أبي البدع
- المطارد غولدستون


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - توفيق أبو شومر - الإعلام ولغة الهعخع !