أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد الحق فيكري الكوش - محمد السادس و تجديد الوضوء السياسي -الأصغر- للمخزن!!!















المزيد.....

محمد السادس و تجديد الوضوء السياسي -الأصغر- للمخزن!!!


عبد الحق فيكري الكوش

الحوار المتمدن-العدد: 3023 - 2010 / 6 / 3 - 01:40
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


حاول الكثيرون إيجاد تعريف للنظام المغربي، أو كومة التاريخ المغربي الغامضة المسماة " المخزن"، و لعل روائز هذا النظام وتفاعلاته الكيميائية الغامضة في الجسد المغربي و تاريخه العريق، جعلت هذا النظام يبدو ك " حالة متفردة عصية عن البحث"،(1). و ربما مجرد دعاية لإحباط الباحث، وإعاقته نفسيا حتى لا يسبر غور هذه البنية المكناة مخزنا"(2).
المخزن اتفق عليه الباحثون من الشق اللغوي أي خزن-يخزن، جمع الضرائب، فالمخزن يشير الى المكان الذي كانت تجمع فيه الضرائب الشرعية و الموجهة الى بيت مال المسلمين. و اختلفوا في شق وظائفه و تعريفه كاسم لجهاز حكم، بل عجزوا عن وضع مقاربة نهائية حول سر انزلاق الدلالة الاسمية للمخزن الى دلالة سلطوية معقدة، تطلق على جهاز يمارس الحكم و تشمل جميع أيديه و أذرعه و سلوكه و ممارسته ووظائفه، تبدأ من السلطان الى أصغر جواسيسه "المقدم و الشيخ" ..
لإيجاد تعريف للمخزن، علينا أن نبتعد عن التعريف الأكاديمي(3) و نهرب منه، لأننا لن نجد الجواب، و يلزمنا دراسة أتفه رجاله و أخطرهم في نفس الوقت "المقدم و الشيخ" قد يبدوان كذلك بحكم قابليتهما لإنجاز كافة المهمات المخزنية الوضيعة و المنحطة، الى درجة أنهما يشبهان نترونات تافهة لخلية أمام جسد كامل، لكن لا وجود للخلية دونهما، جاسوسين بدون سلطة و لكنهما كل السلطة، و مع الممارسة التي تحولت الى تاريخ تطورت و تعفنت مهامهم الى درجة أنهم تحولوا الى أجهزة كومبيوتر معقدة و حقيقية، هي كل مادة جهاز "المخزن" الاستخباراتية، و كل نظرياته في الحكم وممارسته تعتمد السلعة الخام للمقدم و الشيخ، أجهزة سبقت اكتشاف أجهزة الحاسوب الحالية، تحفظ انساب و تاريخ مناطقها و ووظائف الناس و تحركاتهم و ضيوفهم و تحصي ممتلكاتهم و أنفاسهم.. وحتى النمل لا يترددان في الشهادة ضده بأنه يعد محاولة لقلب النظام لو طلب منهم ذلك ، وكل الوثائق تكون تأشيرتهم عليها مفتاح تسلمها و صدقيتها،..
تلك الجواسيس المنتشرة في كل بقاع المغرب و نترونات جهاز المخزن، تتحول الى أفعى حقيقية توفر السم الضروري لهذا الجهاز المسمى "المخزن"، الكوبرا التاريخية و العتيقة...
إن المخزن هو هاته الأفعى، التي في جميع حالاتها نائمة في لا وعي المغاربة، و نائمة في حقيقتها، و حركية في انتقالها و تنقلاتها و سريانها، نائمة لكنها تنتظر قدوم فريستها بدون عناء، فالقبائل و الأفراد المتناحرون..، و لو لم يتناحروا لوفرت لهم أسباب هذا التناحر لإطعام ذاتها الجائعة باستمرار، و لم يستهلك أي جهاز حكم في العالم مثل الذي استهلكته هاته الأفعى من بشر و حجر ...، هي دائما في انتظار قدوم فريستها، وهذا القدوم غالبا ما يكون بسبب صراع ما و لو كان تافها، وهنا تترك هاته "الأفعى" "المخزن"، أثرا دائما في جسد القبيلة و الفرد، و غالبا ما يكون اثرا لا ينسى ...
إنها أفعى صائمة لكنها لا تترك لفريستها أي حظ للنجاة، و أي حظ في العيش، إنها أفعى تعيش على أذنيها و على مكرها في الإيقاع بالفريسة، وعدم إفلاتها من أنيابها، و المغربي لم ينظر للمخزن إلا من هاته الناحية و هو لا يثق في البحر و النار و المخزن، و يتخذه مثلا فيما لا يمكن الوثوق فيه ....
إن المخزن من هاته الناحية، لفظ أطلقه الشعب على جهاز يخزن تاريخهم، وله جواسيس كالمطامير (4) يخزنون قمح صدورهم و شعير أنفاسهم، و المغاربة شعب يميل الى النكتة و خطير ودقيق في إطلاق الألقاب و الكنى ....
المخزن تعريف قدم من الثقافة الشعبية الماكرة، و يجب فهمه من الأسفل قبل فهمه من الأعلى، انه الجهاز المرتبط بالمكر، و ووظف المكر للتحكم في مكر الأفراد و القبائل(الحضري و البدوي ف، الفاسي المراكشي، الصحراوي، العبدي، الدكالي، الرحماني، المراكشي... ثم عناصر مهمة الأمازيغي الإفريقي، اليهودي الخ... و هؤلاء معروفون بمقالبهم)،، بل حتى سلوك أفراد هذا الجهاز فيما بينهم يحضره "المكر" و "المكر المضاد"....
لكنه في الحقيقة بتصرفه الحربائي و الماكر ليس إلا جهازا خائفا، و في حالة خوف مزمن، و لهذا زرع عنصر الخوف في ذهنية الأفراد و القبائل، انه ينتج الخوف حتى يقهر "عقدة الخوف" عنده ..
إن هذا التعريف يبق أيضا مرحليا، و لكل مرحلة مخزنية مميزاتها، قد نضيف عناصر أخرى لهذا التعريف و نمدده، أو ننقص منه عناصر و نظيف أخرى...
كل تاريخ المخزن المغربي، تاريخ ماكر، و هنا نحن أمام مصطلح يجب تناوله من وجهة ممارسي الحكم، إنها الميكيافيليلية المغربية التي يجب عزلها عن الميكيافيليلية الحديثة، و كلمة المخزن هي مرادفة الميكيافليلية لكنها غير موثقة إنها "أعراف شفوية "، و يجب الاعتراف بان" المخزن" ليس كل ممارسة سلبية" او الصاق كل ما هو سلبي بهذا الجهاز....
ولهذا هناك تحامل أكاديمي في تعريف المخزن، إذ يغََُيَب الباحث أو تغيب عنه "المقاربة الشعبية للمخزن من وجهة نظر الإنسان المغربي أو رعايا الجهاز المخزني الذين استهدف حكمهم" ، فالمخزن خرج من أحشاء المجتمع المغربي في لحظة من تاريخه، أصبح يحظى بمشروعية مسجلة عبر التاريخ، وراسخة في مخيلة الجماهير"(5)، انه نموذج حكم من انتاج المغاربة و له عمر يجعله "شيخ" أجهزة الحكم في العالم ...
كما يتعمد تغييب العنصر المرحلي أيضا أو يقوم بتعميمه و يحولها الى أحكام قيمة ن كما ذهب الى ذلك بعضهم فيراه "يرعى الفوضى الاجتماعية، و يستغلها لصالحه كما يقوم بتأجيج العداءات و الحروب و النزاعات بين القبائل ليعزز و وظيفة الحكم بينها) (6).
إن كلمة مخزن كلمة بسيطة قبل أن تتحول الى مفهوم فضفاض لجهاز ثم كلمة تعني " مجموع أرض المغرب و هيئاته الإدارية و التراثية الاجتماعية و على سلوكه و مراسيمه"، (7)
إن الصراع بين القبائل و المخزن هو صراع طبيعي بين جهاز الحكم و عناصر حكمه، في وقت كانت تميل فيه القبائل الى الاستقلال عن هذا الجهاز، الذي شكل عبئا ضريبيا في نظرها، أكثر مما هو عنصر وحدة وطنية ...
هل المخزن اليوم هو مخزن الأمس؟ ثمة تغييرات إستراتيجية و بزوغ مفاهيم أكاديمية جديدة، و ظروف دولية أخرى، ناهيك عن التطور الهائل و التغيير الحاصل في ذهنيات الشعب المغربي؟
المخزن هو نفسه المخزن القديم بطقوسه، هو جهاز الحكم في المغرب، لكن ثمة طارئ استراتيجي، في عهد محمد السادس، لم تعد للأفعى أنياب كما في السابق، لقد شل السم كل القبائل و الأفراد، و لم يعد لهاته "الكوبرا" حاجة أن تغرس أنيابها في جلود أفرادها و قبائلها، ومن منهم لم تلدغه هاته الأفعى، ومن منهم من وجد نفسه ذات يوم أمام قدره المحتوم، أن يكون طعاما لهاته الكوبرا العريقة و المخيفة، ؟
الفريسة اليوم متوفرة، و عنصر الخوف صار خارجيا أيضا، و تم تجاوزه، شبه إجماع على ضرورة وجود هذا المخزن بلائحة مطالب حقوقية و اجتماعية ودستورية و قضائية ...
صرنا اليوم أمام مخزن واضح، يهرول الجميع لخدمته، مخزن يتحرك كما في السابق يوزع على الأوفياء المناصب و الوظائف و التشريفات " " في المقابل و تماشيا مع تطبيق البيعة فإن كل صاحب و وظيفة عليه أن يبرهن بأنه يستحقها، اذ عليه الوفاء، وفاء لا تشوبه شائبة، في حين أن كل خيانة تجر على صاحبها الإبعاد وفقدان وظيفته "(8)
هناك ثلاث عناوين بارزة في العشرية الأولى من حكم عهد محمد السادس:

عملية تجميل لوجه و أطراف المخزن : تمثلت عملية تجميل الوجه مباشرة بعد تربع الملك على العرش، و تعيين ناطق رسمي للقصر الملكي، سيتم حذفه فيما بعد، ثم حاليا مصحة التجميل لإجراء عملية تجميل غايتها تناسق إطرافه ( الجهوية)، ستصاحبها عملية تدليك أطراف وجسد المخزن و إرقاصه على إيقاع موازين العالم ...
تجديد الوضوء السياسي الأصغر للمخزن : ولأول مرة يستعمل الملك "الماء النقي و الصابون" في غسل أطراف المخزن أو بعبارة أكاديمية أوضح "القانون و المؤسسات " للشروع في صلاة الحداثة، ( طي صفحة الماضي وما اصطلح عليه بسنوات الرصاص و الجمر، المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان هيئة الإنصاف و المصالحة، مدونة الأسرة، ديوان المظالم ، مشروع حداثي للمملكة، التنمية البشرية، تقرير الخمسينية، الحكم الذاتي ، عودة مجموعة من المغتربين و المنفيين، إطلاق سراح مجموعة من المعتقلين السياسيين....)

الاغتسال السياسي الأكبر للمخزن : و تجلى في الانتقال الديمقراطي، وهو مشروع الاغتسال الذي توقف مع وقع العمليات التفجيرية للدار البيضاء، ليتم إقفال صنبور الماء، دون أن تكتمل عملية الاغتسال الأكبر ....
_______________________________________________________________
1- هند الوالي عروب ، مجلة وجهة نظر/، العدد الثامن والثلاثين (باحثة -نائبة رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرباط)
2 - المصدر نفسه
3 – نقرأ مثلا في مجلة وجهة نظر/، العدد الثامن والثلاثين يقول الدكتور عبد اللطيف حسني في مفتتح القول المعنون ب " المخزن حي لا يموت"، و الذي يؤكد فيه بأنه" كالهواء و الماء ، لا لون له و لا طعم و لا يمكن الإمساك به، غير أن نتائجه المادية على أرض الواقع تبقى ملموسة، إنه المخزن الضارب بجذوره في عمق الماضي المغربي و المتحكم في مساره التاريخي، فخلف الشعارات الصاخبة ، و خلف كل مظاهر العصرنة التي يعيشها المغرب و المغاربة في الوقت الراهن، يبقى الثابت المتأصل الذي يحكم و يتحكم في كل ما نعيشه هو المخزن". وقد حاول مجموعة من اللباحثين أمثال روبير مونتاني، هند الوالي عروب، ادريس بنعلي، ميشو بيلير، بيير بورديو،... الاحاطة بمفهوم جهاز المخزن، وامتداده ووظائفه.... و لعل زئبقية ايجاد و تعرف هذا الجهاز تعود الى العامل الزمني و عمر الجهاز الذي راكم مجموعة من التعاريف و بحكم ان العناصر المكونة له متعددة الاثنيات، انه تحالف "ماكر" بين "مكر" مجموع عناصر المغرب ..
4 – المطمورة: حفرة يطمر فيها القمح ، الشعير ، أي يخبأ، و طمرها أي مَلأها.
5 – ادريس بنعلي، الدولة وعملية إعادة الإنتاج الاجتماعية بالمغرب، في جدلية الدولة والمجتمع بالمغرب، افريقيا الشرق 1992، ص 217.
6 – عبد الله العروي، مجمل تاريخ المغرب، الجزء II ، المركز الثقافي العربي، 1994، ص: 209-210
7-Micheaux Bellaire, l Administration au Maroc, bulletin de la société de géographie d Alger, 1909. 2
8- Pierre Vermeren, le Maroc en transition, la découverte, Paris 2001, p43



#عبد_الحق_فيكري_الكوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أغلقوا المطارات و أحضروا الأقنعة، انها -أنفلونزا الصهيونية- ...
- يمكن لمصر ان تتصرف بنفس الجنون الاسرائيلي فيما يخصل نهر الني ...


المزيد.....




- استمعوا الى تسجيل سري بين ترامب ومايكل كوهين عرض في المحكمة ...
- ضجة تصريح اتحاد القبائل -فصيل بالقوات المسلحة-.. مصطفى بكري ...
- من اليوم.. دخول المقيمين في السعودية إلى -العاصمة المقدسة- ب ...
- مصر.. مصير هاتك عرض الرضيعة السودانية قبل أن يقتلها وما عقوب ...
- قصف إسرائيلي على دير البلح يودي بحياة 5 أشخاص
- مقتل 48 شخصاً على الأقل في انهيار أرضي بطريق سريع في الصين
- ذكرى التوسع شرقا ـ وزن الاتحاد الأوروبي في جيوسياسية العالم ...
- كييف تكشف تعداد القوات الأوكرانية المتبقية على الجبهة
- تقرير إسرائيلي: قطر تتوقع طلبا أمريكيا بطرد قادة -حماس- وهي ...
- مصدر عسكري: القوات الروسية قصفت مستودعا للطائرات الأوكرانية ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد الحق فيكري الكوش - محمد السادس و تجديد الوضوء السياسي -الأصغر- للمخزن!!!