أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جورج كتن - انسداد الأفق السياسي الفلسطيني _ يا كرسي ما يهزك ريح















المزيد.....

انسداد الأفق السياسي الفلسطيني _ يا كرسي ما يهزك ريح


جورج كتن

الحوار المتمدن-العدد: 919 - 2004 / 8 / 8 - 12:45
المحور: القضية الفلسطينية
    


وصلت الحالة المأساوية في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى حد الفلتان الأمني وفوضى السلاح ومحاولة اغتيال معارضين والتعدي على القانون وأخذ السلطة بيد مسلحين ملثمين وارتكاب حوادث خطف وتدمير مرافق عامة وإلغاء اجتماعات سياسية بقوة السلاح وقتل سجناء في مستشفى...كنتيجة طبيعية لانسداد أفق الحل السياسي.
إذ بعد تراجع الجهود الأميركية لتنشيط عملية التفاوض، فإن الاتحاد الأوروبي الطرف الآخر في اللجنة الدولية الرباعية الأقرب لتفهم المواقف الفلسطينية تحول لإضافة المنظمات الفلسطينية المسلحة إلى قائمة الإرهاب، وبات أميل لتصنيف كل العمليات المسلحة وليس الانتحارية فقط، كعمليات إرهابية يجب إيقافها، والاتحاد الآن يهدد بقطع الصلة مع الرئاسة الفلسطينية ووقف تمويل السلطة التي تدفع رواتب لأسر ما لا يقل عن ثلث السكان، إذا لم تقم بالإصلاحات المطلوبة كخطوة على طريق استئناف العملية السياسية.
وتكاد تقطع الجسور مع الأمانة العامة للأمم المتحدة الطرف الثالث في اللجنة الرباعية، بتهديد مندوبها ووصفه بأنه "مرتزق وغير مرغوب فيه" وأن تقريره "مؤامرة على زعيم ورمز الشعب". وهو التقرير الذي رأى أن السلطة تسير نحو الانهيار بعد رفضها التوجه لوقف العنف، واتهمها بالفساد وعرقلة الإصلاح الأمني والمالي والشلل في مواجهة تدهور حكم القانون. ولم تمض أيام، حتى أتت الأحداث لتثبت صدقية التقرير.
عسكرة الانتفاضة أدت أيضاً لخسارة رأي عام إسرائيلي بألوانه المتعددة يؤيد الانسحاب من الأراضي المحتلة، كما أدت لتصاعد الدعم للحكم الشاروني داخل المجتمع الإسرائيلي ولعدوانه على الشعب الفلسطيني. خسارة الدور العالمي والرأي العام الإسرائيلي الضاغط على حكومته، ليست مسألة ثانوية مع انعدام الدور العربي، وتوازن قوى مختل بشكل واسع بين المسلحين الفلسطينيين والآلة العسكرية الإسرائيلية، الذي لا تضيف إليه أي شيء الأوهام الفييتنامية ومثال جنوب لبنان، إذ لسنا في الزمن الفييتنامي كما أن فلسطين ليست جنوب لبنان بالنسبة لإسرائيل.
وتكمل الخسائر على المستوى العالمي والإقليمي خسائر بشرية ومادية يومية مكلفة، وأوضاع معيشية مزرية بلا أمل إلا بالمزيد من الآثار السلبية للعسكرة على الشعب والقضية، إذ يتحول رصاص المسلحين الملثمين إلى رصاص للجنازات والمسيرات، للرفض أو للقبول، ضد الفاسدين ومع الإصلاح أو مع الفاسدين وضد المعارضين...، أي كل شيء ينبع من فوهة البندقية فيما عدا مقاومة مثمرة للاحتلال تؤدي لنتائج سياسية.
اندلاع الصراعات بين مراكز القوى في "فتح" والسلطة، سلط الأضواء على السياسات الخاطئة للتيارات المختلفة، وأهمها تيار الرفض السائر وراء شعار ثبت فشله منذ نصف قرن: "كل شيء أو لا شيء" الذي يقود للانتحار السياسي، وهو التيار الذي توفرت له الفرصة لإعادة العسكرة نتيجة إعاقة الحل النهائي في كامب ديفيد 2، ليعيد الأوضاع لنقطة الصفر، متجاهلاً 5 حروب عربية وتجربة عمل مسلح فلسطيني طويلة، مما أتاح لليمين الشاروني الانقلاب على العملية السياسية وتدمير منجزاتها وقطع الطريق على إمكانية استئناف العملية السياسية بضغوط شعبية فلسطينية إلى جانب الدور العالمي والإقليمي.
التيار الرفضوي الفصائلي يقف حالياً موقف المتفرج على الصراعات مع إبداء الاستعداد للوقوف إلى جانب الرئاسة لاعتباره أن معارضيها يسعون لإعادة الأوضاع لسكة الحل التفاوضي من وراء طرح شعارات الإصلاح ومحاربة الفساد، فالإصلاح حسب الفهم الفصائلي هو "تشكيل قيادة وطنية موحدة" توزع السلطة محاصصة بين الفصائل لتكون فتح-الرئاسة إحداها. وهو مطلب قديم تجد الفصائل الآن أن فرصة تحقيقه أفضل، نتيجة حاجة الرئاسة لحلفاء ضد معارضيها.
ساهمت سياسات تيار "فتح" والسلطة المتجمع حول مؤسسة الرئاسة بدور أساسي في تدهور الأوضاع، إذ أدارت السلطة بالاعتماد على شراء الولاء بالمال والتعيينات، فالمتفرغ والموظف هو الموالي"الثوري"، وأمسكت الرئاسة بيديها كافة الأجهزة والخيوط، لتدير السلطة كما كان يدار العمل الفلسطيني أيام الفاكهاني وتونس، مشددة على الشعار القديم "يا جبل ما يهزك ريح" الذي بات يعني في السلطة ضمناً "يا كرسي ما يهزك ريح"، حتى لو عصفت الأنواء بمجمل القضية والشعب وحولتها إلى حطام، طالما أن "الرمز" باق على أنقاض المقاطعة.
بات معروفاً أن الاستبداد لا يمكن إلا أن يترافق مع الفساد، وقمع الإصلاح بذريعة أنه مطلب خارجي، واتهام المطالبين به بالتآمر والعمالة، فإذا تم القبول به بعد ضغوط داخلية وخارجية، يفرغ من مضمونه ليكون شكلياً أو جزئياً، بإجراءات يمكن إبطالها لاحقاً، كما حدث عند قبول استحداث منصب رئيس وزراء مع رفض إعطائه الصلاحيات، أو كما في التنازل الحالي لقريع عن بعض الأجهزة الأمنية تمهيداً لاستعادتها بتعيين أشخاص على رأسها من شلة الرئاسة. فإذا تبنى المجلس التشريعي مشروعاً للإصلاح يحدد صلاحيات الرئاسة ومجلس الوزراء ولمن تتبع الأجهزة الأمنية ويطالب باستقلال القضاء عن السلطة التنفيذية ليتمكن من مواجهة الفساد...، فإن الرئاسة تتجاهله منذ ما لا يقل عن سنتين. فإذا أصبحت الضغوط أكبر، توقع الرئاسة على وثيقة الإصلاح لوفد المجلس التشريعي دون ضمانة للتطبيق، فمن المعروف أن التواقيع لا تعني شيئاً، ففي "الديمقراطية الفلسطينية" الهيئات تقرر ما تشاء والقائد ينفذ ما يشاء، حتى لو شاخ ولم تعد ملكاته الجسدية تطاوعه للإمساك بكافة الخيوط، فإن هناك دائماً حلقة منتفعة محيطة به مباشرة، تقوم بتلقينه وتعكيزه وتلميعه، فنفوذها وامتيازاتها تعتمد على بقائه.
خاض الرئيس صرا عات عديدة مع كتل "فتح" إلا أنه هذه المرة في أضعف حالاته، في ظل فشل العسكرة وفقدان الدعم الخارجي الإقليمي والدولي والانسداد في الحل السياسي التفاوضي، واعتماد سياسة ركوب الحصانين: استنكار العمليات الانتحارية والدعوة للعودة للحل التفاوضي، وفي نفس الوقت تبني التنظيم المسلح لفتح، - إذ لم يعد ممكناً إخفاء ذلك بعد تظاهر عناصر من كتائب الأقصى مطالبة أجهزة السلطة بدفع رواتبها المتأخرة- وهي بالإجمال سياسة خطرة لتقطيع الوقت وانتظار المجهول في ظل التردي الفادح في مجمل الأوضاع.
استطاعت الرئاسة تهميش تيار المعارضة بإقصاء رئيس الوزراء السابق وإقالة العديد من مناصريه، إلا أنه عاد من جديد ليطرح نفسه كتيار لا يمكن شطبه، لا يقتصر على نخب بل يمتلك مرتكزات في إطار القواعد، فالصراع الحالي حول الإصلاح ومكافحة الفساد جزء من الصراع الحقيقي بين تيار الرئاسة المراهن على الحصانين والمتحالف مع أنصار العسكرة داخل وخارج "فتح"، وتيار الحل الواقعي الذي يراهن على خطة سبق أن طرحها "أبو مازن" – الذي أبعد نفسه حالياً عن الصراعات ورفض اتهامه بالوقوف على رأس تكتل-، تعتمد الحفاظ على ما تبقى من أوسلو والبناء عليه بدءاً من وقف إطلاق النار بالتفاهم مع المنظمات المسلحة وإلغاء الأجنحة العسكرية للفصائل لتتحول إلى أحزاب سياسية تشارك في العملية الديمقراطية، وضبط فوضى السلاح وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الانتفاضة بانسحاب إسرائيلي من المدن الفلسطينية، والعودة للتفاوض من اجل حل نهائي حسب خريطة الطريق، وهو الحل الوحيد الواقعي المدعوم دولياً، كبديل عن الحل الشاروني أحادي الجانب.
أما التوجه لحل أزمة الصراع الحالي فيفترض عقد المؤتمر السادس لفتح لإجراء انتخابات داخلية مراقبة من طرف حيادي لتقرير القيادة الفعلية للتنظيم، والقيام بإصلاحات شاملة تضع السلطة في يد حكومة قوية ومجلس تشريعي قراراته ملزمة وقضاء مستقل ورئاسة رمزية محترمة ليس لها حق تجاوز القوانين بذريعة الشرعية "الثورية"، فإدارة السلطة بالطريقة القديمة أصبحت ترفاً لا يمكن احتماله. بدون ذلك فإن الصراعات مرشحة للتصاعد ربما إلى حد الاقتتال الداخلي، وخاصة بعد تضعضع السلطة وانقسامها بين الأطراف المتصارعة.
فقط تحرك شعبي سلمي واسع، يستطيع أن يعيد الأمور إلى نصابها، فالمواطنون فقدوا على الأغلب القدرة على المزيد من الصبر على أوضاع معيشية متدهورة واعتداءات إسرائيلية وعسكرة عبثية وانفلات مسلحين ملثمين وصراع على النفوذ وشيوع الفساد والفاسدين...
المجتمع الصامت، لم تسمع احتجاجاته حتى الآن على الأوضاع المأساوية، هل سيبقى صامتاً ومتفرجاً على تصارع النخب الفصائلية؟ هل يستطيع تحمل المزيد من التضحية بكل شيء من أجل استمرار المعركة الخاسرة التي تخوضها لإثبات "وطنيتها"؟ أم أنه سيدفع باتجاه إنهاء العسكرة والتوجه لمقاومة سلمية مرافقة للعودة للتفاوض؟
هذا ما ستوضحه الشهور المقبلة، فالتحرك الشعبي أمر محتمل، فإذا حدث دون أن يجير لصالح أحد، سيضع حداً لانفلات الأوضاع ولترددات الرئاسة والفصائل والأطراف المتصارعة، التي يمكن أن تعيد النظر في مواقفها لتتوجه كافة الجهود لحل واقعي وإصلاح داخلي، ولرفع الأقنعة عن كافة الوجوه.



#جورج_كتن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخارج يطرق أبوابنا
- المثقف والحوار الكردي –العربي
- بين الإرهاب والحكم المطلق والسلفية والإصلاح السعودية إلى أين ...
- طلال سلمان والعروبة المقاومة
- جمع الأصفار العربية
- اشكالية الممارسة الديمقراطية في حركة القوميين العرب
- خطاب سياسي عربي، زوبعة في فنجان عراقي
- لكي لا تنزلق الحركات الأصولية للفشل والانهيار
- قراءة في المبادرات نحو شرق أوسط أفضل
- نثمن تخلي رياض الترك عن الأمانة العامة
- حزب ديمقراطي كنموذج مصغر لنظام ديمقراطي قادم
- مزيد من الحوار حول المسألة الكردية العراقية
- حلاً إنسانيا للمسألة الكردية العراقية
- نحو قطع آخر خيوط أوهام الأيديولوجيا وجهة نظر حول مشروع موضوع ...
- هل نشهد نهاية الديمقراطية الإسلامية؟
- تفكيك السياسة الخارجية الأميركية
- أولوية النصوص على الوقائع! ماذا تبقى من الماركسية؟
- نحو أحزاب ديمقراطية تزيح حزب -ما العمل- المركزي والشمولي
- المخاض العسير- لعراق ديمقراطي عقبات وحلول
- وثيقة جنيف والنخب العدمية


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جورج كتن - انسداد الأفق السياسي الفلسطيني _ يا كرسي ما يهزك ريح