أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سمير طاهر - من الحرب الباردة إلى الحرب الخفية














المزيد.....

من الحرب الباردة إلى الحرب الخفية


سمير طاهر

الحوار المتمدن-العدد: 2976 - 2010 / 4 / 15 - 14:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كانت الحرب الباردة متعددة الجبهات، لكن الجبهة السياسية، أي التنافس على مناطق النفوذ السياسي في جهات الأرض، كانت هي الأسخن. كان القطبان الرئيسيان في حرب عالمية بالفعل لكن من دون أن يتواجها مباشرة وإنما من خلال أنصارهما في البلدان المختلفة.
فجاءت الحروب بين الدول، الانقلابات، صعود اليمين هنا أو اليسار هناك الى السلطة، التصفيات الدموية بين الحركات السياسية أو حتى في داخل الحركات نفسها، هي وسائل ذينك القطبين في التنافس الدولي. أما الجبهات الأخرى المساعدة فكانت اقتصادية وثقافية وغيرها. وبذلك فرضت تلك «الحرب» آثارها المختلفة على معظم الدول، ومعظم المجتمعات، بهذا الشكل أو ذاك وبهذه الدرجة أو تلك.
يذهب البعض الى ان غياب منظومة الدول الاشتراكية وتفرد اميركا بالقوة العالمية هو الذي تسبب في اجتياح الليبرالية الاقتصادية والعولمة لعالمنا. غير إن العكس في رأيي هو الصحيح فظهور العولمة هو الذي اقتضى اختفاء المنظومة الاشتراكية، فالأخيرة كانت تقف حجر عثرة في طريق التطور الحتمي للرأسمالية.
وعلى هذا فحتى لو كانت الدول الاشتراكية ما تزال موجودة اليوم فان الحرب الباردة ما كانت لتستمر بالأساليب المذكورة نفسها وبالأسلحة نفسها، والدول الاشتراكية ما كانت ـ بالتالي ـ لتحمل من الاشتراكية سوى اسمها (كما هو الحال اليوم في الصين)، وهذا يعود الى ان التطور المادي للرأسمالية تجاوز المرحلة التي كان فيها الانسان يطور الآلة الى مرحلة غدت فيها الآلة تطور نفسها بنفسها، فالآلة اليوم تفرض تطورها فرضاً على منتجها. لا أحد بمقدوره اليوم إيقاف المنتجات عن التطور الدائم بل واليومي في عصر غدا فيه التطوير المستمر هو التعبير المرادف للمنافسة بين المنتجين والوسيلة الرئيسية لهذه المنافسة. ان خواص هذه المرحلة تختلف كليا عن المرحلة السابقة لها: فالصراع اليوم لم يعد ـ كما كان في عصر الحرب الباردة ـ بين أيديولوجيات وإنما بين قدرات اقتصادية، والمعيار لم يعد "من الذي يمتلك الحقيقة" إنما معدل النمو.
ولهذا فان الفشل والعزلة اللذين تعاني منهما دول مثل كوبا وكوريا الشمالية ليس مردهما عِتق الأسطوانات الثورية الدائرة في تلك الدول وانتهاء عصر الأوليغاركيات الحزبية وحسب، وإنما مردهما الفشل الاقتصادي بالدرجة الاولى، بدليل أن تلكم الاسطوانات وذلك النمط من الحكم ما يزالان يشتغلان في الصين ومع ذلك لا تعاني الصين من عزلة أو فشل حيث انها انخرطت بكل طاقاتها في عملية التحديث الاقتصادي والمنافسة الصناعية.
من ضمن ما يمكن استنتاجه من ذلك هو انه لا قيمة للأفكار إن لم تكن ذات جدوى في الواقع المعاش، وليس بمقدور أي خطاب سياسي (سواء تجسد في دولة، أو حركة، أو زعيم، أو فكر) أن يفرض وجوده محليا أو دوليا إذا كان يقف على اقتصاد ضعيف، أو تنمية خاملة أو بؤس اجتماعي أو تخلف ثقافي.
لقد ولّى عصر «الجماهير الثائرة» بعد كل ما صنعته ثوراتها من ديكتاتوريين وما سببته من كوارث منذ الثورة الفرنسية الى الآن، ويجري الاعتماد اليوم على الجماهير المتعلمة، المتنافسة معرفيا ومهنيا، في بيئة دولية متنافسة معرفيا واقتصاديا.
ان عالما كهذا كان من المستحيل وجوده في ظل حرب ايديولوجية عقيمة دعيت ذات يوم بالحرب الباردة، كما إنه من الصعب وجوده اليوم في البيئات المتخلفة ثقافيا، ومنها بيئتنا العربية!
لكن هذا لا يعني «موت السياسة» في الساحة الدولية، إنما يعني ان السياسة أخذت مكانها الطبيعي بوصفها تعبيرا عن المصالح الاقتصادية التي هي الأساس. ربما يلزم هنا التذكير ببعض الأمثلة على ذلك: اعتراض فرنسا وروسيا على حرب العراق (2003) لأنها كانت تعني خسارة الدولتين عدة مليارات من صفقات موجودة وأخرى موعودة مع نظام صدام حسين، وليس لأن الدولتين كانتا صاحبتي مبادئ!؛ دعم الصين لحكومة السودان في قضية دارفور حفاظا على استثماراتها الضخمة هناك؛ اعتراض روسيا على معاقبة إيران حفاظا على استثمارها النووي معها.
ان هذا الطابع المصلحي الصريح للسياسة الدولية بات معروفا، ولهذا فلا يكفي أن «تناشد» دولة دولة أخرى، بواسطة اللغة السياسية المعلنة، بأن تنصرها في قضاياها إذ يتطلب ذلك أن تشفع هذه المناشدة بمكسب مادي، أن "تشتري" وترشي تلك الدولة. أقرب مثال على ذلك هو «مناشدة» السعودية لروسيا بالتخلي عن تعاونها النووي والعسكري مع إيران "حفاظاً على الاستقرار في المنطقة"، بينما يكمن وراء ذلك عرض سعودي بمليارات الدولارات قيمة أسلحة واستثمارات روسية في السعودية تعويضا عما ستخسره روسيا من تخليها عن شريكها التجاري!
فاليوم تدور في كل القارات حرب خفية، حرب لا تغزو فيها الجيوش وإنما المنتجات، ولا تجري على الحدود وإنما في الأسواق. في هذا الصدد تمكن ملاحظة اعتماد الولايات المتحدة على القوة بشكل رئيس، وكثيرا ما تلجأ الى العنف السياسي لمعالجة أزماتها الاقتصادية الداخلية (حرب العراق نموذج على هذا). فيما تعمد روسيا الى العكس فتستخدم الاقتصاد لتعزيز مكانتها السياسية، و"المناشدة" السعودية الدسمة خير مثال.
حين كانت إدارة بوش الابن ترقب نجاح الروس (أعدائها القدماء في الحرب الباردة) في هذا الأسلوب وتصاعد مكانتهم الدولية فانها كانت تلجأ الى لغة القوة مرة أخرى فتخطط لنصب صواريخ في الدول القريبة من روسيا! في رأيي المتواضع إن كل من يفكرون بالاعتماد على القوة والعنف، ربما يحققون بأسلوبهم هذا منافع وقتية ولكنهم على المدى البعيد سيكونون بالتأكيد من الخاسرين. وإدارة بوش الابن مثال بسيط!
لقد تغيرت الحياة البشرية، وفقد السلاح امتياز الحسم، ولم يعد أحد يخشى البلطجة. إن من يلجأ ـ في عصرنا هذا ـ الى العنف وسيلة لتحقيق وجوده هو كمن يترك ساحة المعركة الحقيقية ويذهب للقتال في مكان آخر!
(نشر في جريدة السفير)



#سمير_طاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول هزيمة اليسار العراقي .. شكراً لعبد الله خليفة !
- محاربة الارهاب بالفساد
- كلهم يستغلون دم مروة الشربيني
- الملتحي
- العراق 9 نيسان 2003
- العراق في وادٍ ومؤتمر ستوكهولم في وادٍ آخر
- هكذا تجري الانتخابات الاميركية!
- غباء الطغاة
- موقع لكشف الحقيقة
- أثر الأساليب التعليمية في شخصية الفرد العربي
- دعه يخطئ، دعه يتعلم !
- عن سعدي يوسف و الفلوجة


المزيد.....




- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...
- انفجار ضخم يهز قاعدة عسكرية تستخدمها قوات الحشد الشعبي جنوبي ...
- هنية في تركيا لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة مع أردوغان
- وسائل إعلام: الولايات المتحدة تنشر سرا صواريخ قادرة على تدمي ...
- عقوبات أمريكية على شركات صينية ومصنع بيلاروسي لدعم برنامج با ...
- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سمير طاهر - من الحرب الباردة إلى الحرب الخفية