أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة الفلاحي - كانت لي مشاريع أحلام















المزيد.....

كانت لي مشاريع أحلام


فاطمة الفلاحي
(Fatima Alfalahi)


الحوار المتمدن-العدد: 2962 - 2010 / 4 / 1 - 15:15
المحور: الادب والفن
    



عُلقتْ أحلامنا ، حين عصفت صواريخ العم سام ،سماء بغداد الجميلة ، وباتت غربانه تنعق في كل صوب وناحية . بعد شهرين من العصف الجوي بشتى صنوفه ، لم ننسَ أن ننسق أولويات مشاريع أحلامنا ، وفقاً لمقاييسٍ إتفقنا عليها في فترة معينة ،غير محسوبة على زمن الحب والحرب. جاءني بوعود غامضة ، وأعتذارات بوجعٍٍ لذيذ،أضيئ به مساءاتي الحاضرة بغيابه ، كنت أعيها قبل أن يغادرني ،ليعود لدراسته في مدينة ليس من زمني ، غربية الملامح ..
وصار يومي الخميس والجمعة الحد الفاصل بإلتقائه . وأختصر شوقي له بقراءة رسائله العتيقة ، حيث لاجديد لي منه .
هكذا كنت أقضي إحتساب أيام بعده عني ، ولم أناقشه عن يومه فلم أستحدث مشكلة معه ؟ وطال الغياب ، المشحون بالتغيير الكامل في كل صفاته وتفاصيله ..أحاول خلق الأعذار له ، التي بنيتها على أساس أعذار أمه أو أخيه الأكبر .. أعود لنفسي وبعضاً من أمل ،عساني ألتقيه ..
أشارت لي والدته بالرحيل له ، كي لا أتهم بالتقصير ، إصطحبتني هند أخته التي تدرس بمدينة تبعد عنه بساعة من الحلم اللذيذ ، لأفيق على ضجيج وقهقهات طلبة ، يسرحون بعالم نتي خاص بهم ، ترجلتُ السيارة وجلةً ، دلفنا رواق جامعته ، دون أن تسأل أياً كان عنه ، أوقفني أحدهم ، أجابته :هي بصحبتي ، أسرعت بخطاها كأنها تسابقني بعشرٍ ، أستدارتْ صوبي : تجدينه هناك ، أرجو أن لا تذكريني أمامه .. سأنتظرك خارجاً .
حملت قلبي بيدي ، لأنه ترك أضلعي من شدة الهلع والضربات، فلم أجده في المكان الذي أشارت إليه .
أستوقفني أحدهم ، عن من تبحثين ؟
- أبحث عن سامر .
- اليوم لم يأتِ .. هل أنت أخته ؟
- لا . بل قريبته ، كنت قريبة من هنا .. وأحببت رؤيته وإيصال سلام والدته وقلقهم عليه .. لاأعرف لِمَ شرحت الأمر ، ألأني أريد معرفة سر تجاهله لي ... لاأعلم هي مجرد أرهاصات مررت بها .
- متزوجة .
- لا
- طالبة جامعية
- نعم
- أين ؟
- في مدينة أقصى الشمال ، أخترت أبعد منطقة كي أبعد سطوة أفكاره المرسومة بلحظات على إستنتجاته لما أتحدث به .
- للأسف نحن بالقطبين ، كوني برفقتي لتشربي معي القهوة ولترتاحي بعض الوقت من عناء السفر ، وسأخبرك كل شيء .
- لِمَ الأضطراب ، ألستِ جامعية ؟
- لم يكن ردي عليه سوى نظرات متوسلة لمعرفة كل شيء ،وأي شيء عن سامر .
- شربت القهوة برشفتين ، كنت بحاجة للصحو ، ومعرفة ما يجري.
- أي أختصاص تدرسين ؟
- هل لك أن تخبرني عن تواجده ؟ لأنجز ماعلي فعله وأرحل ، يوجد من ينتظرني بالخارج ، كي نعود سوية قبل حظر التجوال.
- هل توعديني بأن نلتقي مرة ثانية ..؟
- دون أي تفكير بمساومته لي ومقايضتي ، أجبت بنعم
- قال هو يسكن معها .
- مع من؟
- مع الأستاذة نهلة .. يقال أنه تزوجها .
- ووهنت ساقاي ، هل لك أن تفصح أكثر .
- لِمَ إرتباكك؟ كل قسمات وجهكِ ترتجف .. هل أخطأت ياترى ؟ هل يخصكِ أمره بشيء ؟
- لا
- سأقول لكِ ماأعرفه منه شخصياً ، أنه أحبها منذ وصوله وهما لايفترقان ، سيتزوجها . وما أعرفه أنا.. هي جميلة شقراء ، حبيبة أغلب الأستاذة ،وبمجهودها أصبح من الطلاب المتميزين بدرجاته.
- تركتهُ دون أن يكمل ، أحمل جسدي المدمي ، وذاكرتي الضريرة،
غير المعترفة بوفائي له .
خرجت من أسوار الجامعة ، وقلبي مازال يقطن أسوارها.
تنتظرني بقلق ... ماأن رأتني هند أسرعت صوبي لتمسك بي ، وكأنها حددت وقت غيابي عن الوعي ..
رأيت بعض أركان الغرفة ، سألتها هل وصلنا ؟
قالت: لا بل نحن في سكن الطالبات ، أتصلت بالأهل وأخبرتهم سنبقى بعض يوم برفقة سامر .. طلبوا مكالمته ، تحججت برجوعه للجامعة ، وحين عودته سيتصل بكم .
أشحت بوجهي وسيلان دموعي وحنقي وإرتجافات أعضائي بعيداً عنها .
- كان حرياً عليكِ أخباري ؟
- لن تصدقي عنه أي شيء .
- سأردها له ، وإن كان عذابي .
وصلنا وكانت والدته تنتظرنا على أحر من الجمر ، لمعرفة لِمَ لمْ يعد يشتاق حضنها .؟
أخبرتها هند بما أخبرتها ، تركتهم وبجعبتي أمالي المحبطة.
أبعدني المرض ستة أشهر عن العالم الخارجي وعملي .. خلال مرضي عادني من الأهل والأقارب ، منهم من ينصح برقيّ ، ومنهم من يطلب أن أعرض على العرافين ، ومنهم من ينصح بعرضي على دكتور أمراض نفسية .
أحدى الزيارات ، أعادت لي بعضاً من الثقة بنفسي ، كانت زيارة صديقه المقرب .. طلب مني مسامحته ، على أساس أنه كان وصولياً فقط معها ، وأنه سيعود لي فأنتشيت.
حاولت في اليوم الثاني أنا أرى نفسي وأعود لعملي رغم القصف الجوي الذي طال البنية التحتية .
وجدت هزة جديدة تنتظرني .. وتحقيق إداري بشان غيابي ونقلي الى المنافي (أطراف المدينة) .
لم تحترم الإدارة جراحي رغم تقديمي لتقارير طبية ممنوحة لي وفقها الإجازة ، وتغير مزاج صديقتي الإدارية ، حين تبوأت مركز مدير الإدارة ، بدأت تعاملني بفائض من التجاهل الوظيفي للمناصب الدنيا .
كل ليلة يرسمني الأرق ويعجن تضاريس وجهي خوفاً وقسوة ،وارتسم أبتسامة ألبسها صباحاً ،حين أكون في مكان عملي ..
وبمرور الوقت تأقلمت على التغيير الجديد وتعودوا وجودي المختلف عنهم حد التناقض .
خرجت مسرعةً بعد إنتهاء ساعات العمل المخصصة ، كي أخلو لنفسي وكيف سأرد عليه حين أراه ،ولم يبقَ على وصوله لمدينتنا، التي تعرضت لقصف جوي إلا ساعات تفصلني عنه فقط آخر ساعات النهار.
طأت روحي شحنة من الكآبة.. رغم وصوله بالسلامة وإحتضاننا واحداً واحد ،ودس منديله الورقي بيدي .متعللاً بدراسته وأنشغاله بالامتحانات .
قال : أما تريدين إيصالك ، أحتاج لأدامة السيارة والعودة قبل ساعة الحظر ؟
هَمَ بالخروج دون إنتظاري ..فلم ينبس ببنت شفة طوال الوقت ، يشغل صمته عني بسب وشتم الوضع .
ما أن وصلنا للبيت ، مسرعةً دلفت غرفتي ،أغلقت الباب بأحكام لأنفرد بكلماته التي أنتظرتها بفارغ الصبر .. فتحت منديله ، وليتني لم أفتحه ..
- لتنسي أرتباطنا لاأريد تحميلك إنتظاري فترة أطول ،لأني بعد الدراسة سألتحق بالخدمة فليس لي وقت للزواج ،ولا أريد أن أظلمك خوفاً من أستشهادي .
___________________
المجموعة القصصية - حرائق حرب



#فاطمة_الفلاحي (هاشتاغ)       Fatima_Alfalahi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -لأنهم أولادي جنسيتي حق لهم-، التمييز ضد المرأة ،إمراءة من ا ...
- الافاعي الفضية تتراقص فوق الجبال ، من كَلِمُ لا يَنفَد .. اش ...
- فرو الثعلب لم يعد دافئا ، من كَلِمُ لا يَنفَد .. اشعار لماو ...
- -الإنسان يمكن هزيمته، لكن لا يمكن قهره- ... أرنست همنجواي ، ...
- وسماء الزمرد قد تطهرت من جيوش الغبار ، شعر لماو تسي تونغ من ...
- سماسرة ..قصة
- المرء في فكر يكتنزه الورق – قرأت لهم
- اطفال الطلاق ، سوء التغذية والتقزم من امراة من الشرق -المراة ...
- النخبة
- بوابة
- عاد ..ولم يعد
- عمالة الطفل ، العنف ضد الطفل –امراءة من الشرق –المرأة السوري ...
- الأعراف
- خبئوني من الضوء العدواني، الذي يحرق ولا يدفىء.. آل برونتي – ...
- السيدة ولاء انهكتها الخيانات الزوجية.. امراءة من الشرق- المر ...
- بغداد
- ثنائية الخير والشر في فكر يكتنزه الورق – قرأت لهم
- كابوس
- إنني أخلق عالما روائيا لا ينتمي لي. لست إلها ؛ إنني مجرد أدا ...
- الوقت في فكر يكتنزه الورق – قرأت لهم


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة الفلاحي - كانت لي مشاريع أحلام